الفصل الحادي والعشرون

59 3 0
                                    

هل كان علينا أن نسقط من علو شاهق ونغادر الحياة كي لا نموت؟

🔸🔹🔸

لكلٍّ منّا نصيب من الخوف يولد معنا.. ولا أحد معصوم منه.
منّا من يهاب الخسارة ومنّا من يخشى اختبار شعور التّخليّ وآخرون يخشون الظلام وهناك من يخاف من القطط والحشرات...
أمّا هي فكان رعبها الأوحد هو الموت..
فأي سبب دفعها لمعانقته بأذرع مفتوحة وكأنه الخلاص؟
أهناك شيء أكثر رعبا وأبشع من الموت؟

*****
"أنا بخير هنا يا سلام فلا تقلقي عليّ لكن العمل يشغلني . أعدك أن أتصل بك ما أن أجد وقت فراغ وحتى حينها توقفي عن هذه  التخيّلات."

ابتسمت سلام لصورة صديقتها الظاهرة على شاشة الحاسوب مواجهة لها وقالت بتردد :"
أنا لا أتخيل.... أنا أنا حقا خائفة يا يارا. لا أعلم لم أشعر بشبح الموت يلاحقني هذه الأيام."

تأففت يارا بنزق وقالت :" سلام أنا حقا مشغولة. كفي عن التصرف بهذه الطريقة.. أنت بخير ولا وجود لأي أشباح ولا لأي مترصد.. من يعرفك أصلا؟"

ارتعشت شفتا سلام وأرجعت خصلات غرتها خلف أذنها بأنامل مرتجفة ثم قالت وهي تخفض عينيها لألا تلحظ ابنة عمها دموعها :"
حسنا يارا.. أنا فقط... كنت أمزح.. لا عليك.. سأراك لاحقا. "

في الجهة الأخرى لم تكد يارا تسمع همهمات سلام حتى أطفأت شاشة الجهاز اللوحي أمامها بضيق وعادت للتركيز على شاشة حاسبها تصحح الخطأ الذي قامت به وعطل عمل برنامجها..

هي في أسوأ أوضاعها حاليا وقطعا لا ينقصها تفاهات سلام...
ستحدثها لاحقا وتتفاهم معها..

تعرفها نقية الروح والقلب وستراعي حالتها.

ما أن اختفى وجه يارا من أمامها حتى أسندت سلام رأسها على كلا ذراعيها المضمومتين تحتها وسمحت لبعض دموعها بالانهمار فمالت شفاء تحضنها بمواساة وهي تلوم يارا على قسوتها والتي هجرت والدها والآن سلام...

تخللت خصلات الشعر الأسود الكثيفة وقالت بودٍّ:" يارا مجنونة سلملم... هل ستغضبين منها وأنت أكثر من يعرفها؟ لا بدّ أنها تعاني  وقد تشاجرت مع والدها.... أنت تعرفين مدى تعلقها به و.."

رفعت سلام رأسها ببطء ثم قالت بهدوء وتفهم:" أعلم يا شفاء.. أنا فقط اشتقت لأختي التي كانت تفهمني من نظرات عيني واشتقت لعمي أيضا... الحياة دونهما سيئة جدا وسامية لا تتورع عن مضايقتي كما أنني.. حسنا... أنا فعلا أشعر بشيء سيء يترصدني.."

وقد حل ربيعك بروحي! حيث تعيش القصص. اكتشف الآن