الفصل الثاني عشر (النصف الأول)

79 7 0
                                    

"أنا بِانتظارِ خطوَةٍ مِنكَ ، لأخطو لكَ بعدها خَمسينَ خطوة، مُدَّ يَدَكَ أكثر أَكادُ أمسِك بِها، قُل شيئًا لعَلّكَ تَكسِرُ سَبعينَ حَاجِزًا ."
                                       محمود درويش
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

وصلا أخيرا للقرية المقصودة فانضما لأعضاء  الفريق الذين كانوا بانتظارهما بصبر. 

وكما اتفقا من قبل قُسِّم العمل على فريقين عمِلا بالتوازي في نفس الوقت فبينما اهتم فريق يارا بتوزيع المؤن والملابس، اهتم فريق أسامة بتوزيع التبرعات المالية وحسن تقسيمها بعدل. 

وفي نهاية اليوم وبعد أن أنهوا عملهم واتجه كلٌّ لسيارته،استوقف أسامة يارا وطلب منها مرافقته لبيت ما يقع فوق ربوة منعزلة نسبيا عن باقي المنازل. 

رافقته بطيب خاطر وهي لا تملك سوى أن تثق به بعد كل ما عرفت عنه. 

 طرق الباب بخفة ففتحت له عجوز ضئيلة الجسد قصيرة القامة هتفت بفرح لرؤياه وعمدت لمعانقته بمحبة :" ولدي الدكتور طالت غيبتك!" 

همست يارا من خلفه باستغراب:" أتعرفها؟ ألم تخبرني أنها أول مرة يتم فيها التبرع  لهذه القرية؟!" 

لم تمنحه العجوز فرصة للإجابة فقد تجاوزته لتكبّل يارا بين ذراعيها تقبلها فوق وجنتيها أربع قبلات قصيرة متتابعة لكل وجنة ثم ابتسمت باتساع وهي تلمس خصلات شعرها قائلة بانبهار:" وتزوجت أيضا يا ولد! تبارك الرحمن فيما خلق! ما أجملها! "

ابتعدت عنها يارا قليلا وهتفت باستنكار:" لست زوجته.. أنا لا أقرب له من الأساس!" 

زمّت المرأة شفتيها بامتعاض أضحك أسامة وردت مغمغمة :" وكأنك ترقين لتكوني كذلك!"  ثم أشاحت بيدها بانزعاج وعادت لتقف جواره تسأله:" كيف حالك يا ولدي؟ وكيف هو عزيز؟ لم لم يرافقك؟ "

أمسك أسامة بيديها المتعرقتين بمحبة يقبلهما بتواضع وهمس لها مدللا :" ألا يكفي مجيئي ليفرحك يا سلومة أم أنني لست بمعزة الدكتور عزيز عندك ؟ لقد أحضرت لك دواءك وكل مستلزماتك الأخرى التي طلبتها. سيحضرها رفيق حالا." 

شددت على كفيه الذان يحتضنان كفيها بدعم وردت بامتنان:" حفظك الله لشبابك ورعاك أينما اتجهت. لولاك ما كنت لأصمد بعد وفاة ابني!" 

"استغفري الله يا سلومة. كله بفضله وقدره. إنما هي الأقدار التي ساقتنا إليك وجعلتنا وسيلة في طريقك! وبالمناسبة، الدكتور عزيز يبلغك سلامه وقال لك لا تعبثي بجدول طعامك كالعادة كي لا يعود ضغطك للارتفاع! "

كشرت - العجوز- سالمة وقالت مغيرة الموضوع:" هذا ما يفلح به. يرسل الأدوية ولا يزورني.. انتظر لحظة من هذه الفتاة التي أحضرتها معك يا ولد؟! لما لا تعرفني بها؟ "

لمس أسامة ما بين عينيه بيأس وقال مازحا:" وهل تركت لي الفرصة يا سالمة؟ عموما انها يارا ابنة الدكتور عزيز!" 

وقد حل ربيعك بروحي! حيث تعيش القصص. اكتشف الآن