🌸 الفصل الرابع والعشرون - ج٢ 🌸

160 3 2
                                    


وقف عزيز بالغرفة المتصلة بغرفة العمليات يتجهز برفقة فريق من أكفئ الأطباء والممرضين قبل الدخول لإجراء أصعب عملية قد تمرّ في حياته... ليس لتعقيدها ولا لندرة الحالة.. والتي لم تكن من اختصاصه أصلا لكنه أبى سوى الحضور مع زميله الدكتور محمد والذي قابل طلبه الغريب بسماحة صدر...

لقد فكّر مرّات عديدة في التراجع... خاف وتوجس... لم يشفع له شهائده ولا منصبه أمام حبه لكنه لم يكن ليأتمن غيره على قلب محبوبته .

مرت الأيام سريعا منذ لقاءهما الأخير حيث اجتمع كلاهما بالدكتور محمد الذي حدد موعد العملية وطلب بعض الفحوصات الأخيرة..

ولم يلتقيا بعدها أبدا حتى الليلة الماضية حيث سهر - صدفة-في المستشفى ليتأكد من استقرار حالة أحد مرضاه..
ومرّ بالغرفة التي تشغلها هي وغيد... وقف أمام بابها طويلا دون حركة واحدة حتى فاجأته هي بفتح الباب دون أن يظهر على وجهها أي استغراب لوجوده بل أنها حيته بامتنان أحرجه وكأنه طبيب غريب عنها فهمهم ببضع كلمات جامدة ثم تحرك راحلا حين استوقفته هاتفة بلهفة من خلفه :"
أريدك أن تدخل معها غرفة العمليات!"

وحينها استدار نحوها ذاهلا :" لماذا ؟ أؤكد لك أن الدكتور محمد ماهر وجاد جدا في عمله و.. "
قاطعته باستعطاف :" أعلم.... لكن... لكن أنا لا أستطيع الدخول وسأطمئن.. أقصد غيد ستطمئن لوجودك.."

فأومأ موافقا قبل أن يسير مبتعدا...

*******


وقفت يارا على مقربة من تلك المرأة المنهارة غير عارفة كيف تتصرف... أتتركها وحدها أم تقترب وتساندها؟
حسم قلبها الصراع سريعا فسارت نحوها بتردّد حتى وقفت أمامها مباشرة..

لاحظت سُكينة في غمرة نحيبها ساقين طويلتين تلتفان بسروال جينز رمادي غامق تنتصبان قدّامها فرفعت عينيها ببطء لتلتقيا بعينين دافئتين ..
تأملت الملامح المنمنمة بفضول وسمعت صوتها يقول بلطف :
- مرحبا سيدتي.. هل أنتِ بخير؟

مسحت دموعها بظهر يدها في حركة عفوية وقالت بصوت مبحوح :
-أجل... لا تقلقي..
غير أن يارا جلست جوارها وأصرّت قائلة :
-يمكنك إخباري... اعتبريني مجرد غريبة تقابلينها لأول وآخر مرة.. تبوحين لها بما يثقلك ثم تفترق خطاكما أبدا!

اهتزت شفتا سكينة في بسمة صغيرة :
-اممم.. يبدو هذا كمشهد في رواية حالمة... لكن الأبطال في العادة ما أن يبوحوا تتعقد خيوط أقدارهم فلا تنفصم بعدها وكأنهم بكشف أسرارهم قد قيدوا أرواحهم بأغلال شفافة..

انعقد حاجبا يارا وكان دورها لتضحك هذه المرة بنعومة:
- أنتِ رومانسية جدا يا سيدتي.
-بل على العكس.. واقعية حتى النخاع!
(حين رأت علامات عدم التصديق ترتسم على وجهها تابعت معترفة) : صدقيني.. لقد مرّ فوق رأسي الكثير..

وقد حل ربيعك بروحي! حيث تعيش القصص. اكتشف الآن