الفصل الثالث والعشرون

52 4 0
                                    

🎶هل ما يزال بإمكانك رؤية قلبي؟🎶

-_________________-

"-امم... هل... أنت بخير ؟"
قالتها تسنيم بحذر لصديقتها الجالسة مقابلة لها خلف طاولة الطعام المستديرة الأنيقة والتي تفصلهما..

جالستين بذلك المطعم الفخم أو" مركب الأحلام" الذي يفضله أسامة والذي أرهبها طوال الأيام السابقة لتساعده على لقاء يارا التي تستند هذه اللحظة في استرخاء تام على كرسيها الوثير تستمع لألحان تلك المغنية الحالمة فتحلق شاردة  في عالم خاص بها قبل أن تفرقع تسنيم فقاعتها العازلة من حولها..

كان قد مر أسبوعان بالضبط على انهيارها الأخير وعودتها فورا للمنزل رفقة والدها الذي كاد يجن قلقا عليها بسبب صمتها البارد طوال طريق العودة الطويل حتى وصلا لبيتهما وحينها تنازلت لتخاطبه أخيرا تقول بصلابة:" انتهى كل شيء.."

ومن وقتها عادت يارا لحياتها وعملها وقد بدت مختلفة بطريقة ما .. لا تعرف تسنيم التي لاقتها يوميا تقريبا خلال الأسبوعين الماضيين ماهيتها...

ردّت يارا بهدوء أجادت رسمه على ملامحها :" ولم لا أكون؟"

لأسباب كثيرة في الواقع لعلّ أبرزها العلاقة الغريبة والشرارات الكهربائية العالية التي تراها بينها وبين شقيقها... تهرّب كليهما من التحدث عن الآخر ونظرة أسامة الغامضة نحوها بعد أن أوصلاها لبيت أقاربها ثم اصطحبها راحلا دون كلمة واحدة رافضا بقوة إجابة أيٍّ من أسئلتها وهي لن تكون تسنيم المحمودي ابنة أبيها بحقٍّ إن لم تكتشف سرّهما.

عادت لمراقبة يارا بملامح متعقدة بحيرة كمحقق يقف أمام قضية مستعصية وقد كانت يارا كذلك فعلا..
كمتاهة لا تبلغ لها نهاية حتى تستحيل منافذك سراباََ.
لم يكن هذا التعبير الشاعري من إبداعها بالطبع بل أنها سرقته خلسة من بين شفتي أخيها المكتئب منذ فترة عازفا عن أي شيء غير عمله الذي يغرق نفسه فيه ليل نهار لذا هي رحّبت فعلا بمساعدته حين جاءها منذ أيام طالبا عونها ليتمكن من اجتياز أسوار ملكة الجليد القاسية صاحبة المتاهة التي علق بها دون إرادته حسب قوله...

انتبهت لها يارا أخيرا فقالت بابتسامة لم تصل لعينيها الساكنتين المتعلقتين بقائمة الطعام :" ما رأيك بأن نجرّب شيئا مجنونا غير ما اعتدناه .. ربّما... لا.. امم. ما رأيك بمقرونة بفواكه البحر و..."

"لن أمانع أبدا.. فأنا أعشقها.."
لم يكن الصوت الرجولي الذي أجابها بمرح يعود لتسنيم قطعا.. عرفته دون أن ترفع عينيها حتّى..
أدركت وجوده الذي زلزل الأرض تحت قدميها كما بعث الإعصار الذي هبّ بقلبها...

تقبضت بقوة مغمضة العينين لبرهة قبل أن ترفعهما نحوه...
فتسقط في أسر عينيه..

أسامة المحمودي... آخر من رغبت برؤيته وهي تبدأ رويدا رويدا في لملمة شظايا جليدها..

وقد حل ربيعك بروحي! حيث تعيش القصص. اكتشف الآن