الفصل الثالث ✿ «صديقتي الصدوقة»

163 14 32
                                    

مرت الليلة السابقة ليوم الذهاب إلى النيابة لتقديم إبلاغ ضد أسر حسين المحمدي لمحاولة اعتداءه على فتاة في عمر الثاني والعشرين، لم تستغرق الإجراءات مدة كبيرة لوجود المتهم والشهود وتسجيل تصويري للحادثة.

وتم الحكم على المتهم بثلاث سنوات سجن، تواصلت شهد مع أمها وأخبرتها بنتائج القضية، ورغم أن حقها عاد لها إلا أن والدتها كانت ترغب في أن يقضي سنوات أكثر من تلك ولكن ليس بيد أحد فالقانون قانون وحكم القضاء لا أحد يستطيع تغييره.
----------❥

تسارع في الأحداث
مرت سنتين من دراسة شهد الجامعية واليوم هو أخر يومٍ لها في كلية الطب. فقد أنهت سبع سنوات مشقة وتعب ورغم حصولها على مجموع يدخلها تخصص كبير إلا أنها أصرَّت على تخصص الأطفال فهي تريد بقدر الإمكان أن تجعل مهنتها نبيلة هادفة لشئ جيد.

"يــاه أخيرًا خلصنا مش مصدقة إن السنين الكبيسة دي عدت على خير. " قالت تلك الجملة نادين وهى تتمطئ على فراشها بأريحية فقد تعبت كثيرًا حتى حصلت على مجموعٍ يدخلها التخصص الذي تتمناه ألا وهو "الجراحة" فهي ترى نفسها في هذا المجال وقد كان، ففي  العامين الماضيين أثبتت لنفسها أنها تستحق ذلك المجال وتدعو الله أن يوفقها في عملها كما الدراسة.

ابتسمت شهد لها فهي أكبر شاهدة على مشقتها فقد كانت كالأسد يلاحق فريسته حتى يحصل عليها ويُشبع رغبة الجوع بداخله، فقالت شهد وهي تتمدد بجانبها وتربت على رأسها قائلةً بنبرة حنونة: تستاهلي الفرحة والراحة دي يا نادين تعبتِ أكتر ما أنا شخصيًا تعبت، وحابة أقولك إني اتبسطت معاكِ اوي سبع سنين كانوا من أحلى السنين اللي عيشتها عمري ما هنسى جدعنتك معايا ووقفتك جنبي من أول سنة لنا هنا مع بعض، أنا عمري ما هنساكي أبدًا.

أنهت حديثها بعَبراتٍ هبطت من عينيها بينما نادين نظرت لها بتعجب وقالت بمرح كي تنسيها حزنها الذي لا داعي له: إيه يا شيخة إيه يا شيخة اللي بتعمليه ده؟ محسساني كإني هسافر وأسيبك أنا قاعدة هنا على حجرك ومش ماشية ومطرح ما رجلك تروح هروح معاكِ، أنا لا يمكن أسيبك يا شهد انا عمري ما كان ليَّ صاحبة شبهي ومريحاني زيك عمري ما كان ليَّ صاحبة عاشت معايا لوقت طويل، على طول بيزهقوا ويمشوا وأنا مقدرة كده بردو أنا شخصية صعبة حد يتحملها على المدى البعيد باختصار كده محدش استحملني بجد غيرك فإزاي عايزاني أسيبك يا شهد، أنا لو قدرت أبقى معاكِ طول العمر هبقى، ده أنا كل يوم بدعي ربنا إنه ميحرمنيش منك يا شهد.

عندما أنهت حديثها أجهشت في البكاء وشاركتها شهد فقد تأثرت بنبرة صوتها وحديثها الذي حمل بين طياته مشاعرً جياشة فاحتضنتها بقوة وهي تمسد على ظهرها وبادلتها الاخرى بعناق اقوى، مرت ثوان، تحررت نادين من عناقها وهي تمسح دموعها بقوة فهي لا تكره في حياتها أكثر من البكاء!

وهَوى القلبُ في هَواهَاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن