الفصل الواحد والعشرون✿ «الأنسة شهد»

130 7 27
                                    

دخل الجميع يراها وأولهم نادين التي لثمت جبين شهد بعمق وعليه سقطت دمعة نابعة من قلبها تشرح فيها كم الخوف من فقدانها لتطبطب الأخرى على وجهها بلطف مع ابتسامة رُسمت على وجهها وهي تقول: متخافيش يا حبيبتي أنا بقيت كويسة.

لتوميء نادين بصمت لتقترب منها صفاء تضم رأسها لصدرها وهي تربت عليه وتقول: حمد لله على سلامتك يا بنتي حاجة زي دي عمرنا ما هننساها دي جميلة في رقبتنا.

قبّلت شهد يد صفاء وقال بصوت خافت متعب: متقوليش كده يا ماما أنا فداكم واللي عملته كان أي حد في مكاني يعمله.

ثم ابتسمت وترقرقت الأدمع بأعينها لتقول باختناق: أنا اللي عايزة أشكركم، لولا اللي حصل يمكن مكنتش هحس بقرب تيتا مني.

ليسأل حمزة: إزاي؟
نظرت له وقالت: شوفت تيتا بتقرب مني وبتلمس على شعري وبتصحيني وكانت بتبوس جبيني وايدي، كانت زي ما كانت وهي عايشة، كانت حنينة.

ارتبك حمزة وصار متخبط الحال وقال بصوت يرتجف: يعني حسيتِ بجدتك هي اللي بتبوس ايدك وجبينك.

لتوميء دون أن تلاحظ خطبًا في حديثه، لينقل حمزة بصره عنها حتى وقع صدفةً على يوسف الذي حدقّه بمكرٍ يعلمه بأنه قد فهم ليظهر الضيق على قسمات وجهه.

كسرت الصمت صفاء قائلة: أهم حاجة إنك كويسة، ألف حمد لله على سلامتك يا نور عيني.
قبّلت شهد يدها مع ابتسامة محبّة لتغمرها صفاء بين أحضانها وكذلك فعلت مع نادين بحنان يفيض ولا يزول.

وفي وسط انغماسهم أمسك يوسف ذراع حمزة يشدّه للخارج ليقفا في مكان بعيد نسبيًا عن الغرفة ليسأل يوسف الأخر وبدون مقدمات: إيه اللي حصل؟

مسح حمزة وجهه وهو يشعر بالخزي ممّا فعل وسرد عليه ما حدث ووجهه في الأرض ليقول يوسف بنبرة حازمة: مينفعش اللي حصل ده يا حمزة، ده شيء محرم في دينا بشكل صريح، أفكرك بحديث الرسول ﷺ: لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خيرٌ له من أن يمس امرأة لا تحل له.

السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: ما مست يد رسول الله ﷺ يد امرأة إلا امرأة يملكها.
ده مجرد سلام وخالي من الشهوة ما بالك بلمس بقية جسمها والتقرّب منها بشكل غير شرعي

أمسكه يوسف من ساعديها وقال بأسلوبه اللّين: افتكر يا حمزة قول الشافعية: ومتى حُرّم النظر حرّم المس.

مسح حمزة وجهه واستغفر في سره ثم قال: أنا عارف الكلام ده يا يوسف بس أنا بقالي كام يوم هنا على أعصابي ولما لقيتها فاقت محستش بنفسي وأنا بعمل كده، عارف إنه غلط بس مكنتش في وعيي!!

زفر يوسف كي يهدأ من روعه وقال: عارف إنك متقصدش وإنك خايف عليها وإنك بتحبها، وهي دي الحكمة في تعجيل الزواج، كل ما كان الزواج قريب كل ما الوقوع في الرذائل قل، أنا لغاية دلوقتي مش عارف السبب اللي منعك تتقدم لها لما ابن عمتها كان هنا! مفيش حد عاقل يضيع فرصة زي دي!

وهَوى القلبُ في هَواهَاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن