الفصل الثاني عشر✿ «الحل الوحيد»

141 10 46
                                    

في المشفى الموجودة بها صفاء.
كان يوسف يجلس على الفراش بجانبها ويمسد على رأسها وحمزة يجلس على كرسي خشبي خاص بالمستشفى يمسك يدها ونظره معلقٌ على وجهها الذي تخلله أثار العجز حيث التجاعيد البسيطة المحاوطة لثغرها وتحت عينيها.

وعند عينيها التي فُتحت تعلن عن استفاقتها، هبَّا الإثنان واقفين بترقب ينتظرون منها كلمة تطمئنهم بها على حالها فقد بلغ القلق منهما منتهاه، حين انتقلت ببصرها عليهما رسمت ابتسامة على شفتيها ببعض من الصعوبة لمرضها وتفوهت بكلمات تكاد لا تُسمع لصوتها الخافت: متقلقوش عليَّ أنا بقيت كويسة.

تراخت قدمي يوسف أرضًا ووضع رأسه بين أضلعها ودموعه تهبط بعنف، قد كتمها كثيرًا وكم كان ذلك مرهقًا له والأن حان دور حمزة بأن يتماسك قليلًا فقد أذرف من الدموع ما جعل عينيه يصيبها الجفاف وخاصةً أن أمه بدأت الدموع بالتسلل لجفنيها متأثرةً بصغيرها الأشقر ذي القلب الأبيض والنظرات الحنونة الدافئة التي تتلقاها منه بعدما رفع رأسه ليتأكد أنها بخير فتعمقت في لمعة زرقاوتيه ليلاحظ حمزة انصباب تركيزها معه فقال بمرح لينسي نفسه حزنه: أنا بقول أمشي شكلي منسي في القعدة دي.

ختم حديثه بضحكة خافتة لتنظر له بأعين التمعت اشتياقًا لرؤيى وجهه ومدَّت ذراعها نحوه ليستلقي بكامل نصفه العلوي على صدرها وهبطت العبرات بهدوء وقلب يصرخ من الخوف من أن يحدث عكس ذلك يومًا ما.

أما عنها هي وآهٍ من حالتها حيث رأت شريط ذكرياتها يمر أمامها وصور جدتها في كل مكان، تتذكر حين تذهب لها كل صباح لتيقظها فتدعوها جدتها بالاقتراب منها فتلبي طلبها وتريح رأسها على صدرها والأخرى تمسد على خصلات شعرها بحنان بالغ لتغوص في بحور دفئها وبدلًا أن ايقاظها يحلُّ النوم لتسمع صدى صوت أمها يصرخ بهما بأن تفيقا وفي دقائق تنام هي أيضًا بنعاس يغلبها ليفيقوا بعد سويعات ناظرات لبعضهن ثم تنفجر ضحكاتهم تملؤ المكان حياة لتقول جدتها:

"مطرح ما تكون الستات الضحك يملا المكان"
ليستمروا في الضحك غير عابئين بأحزان الدنيا ومشاكلها.

انفلتت منها شهقة عالية لم تكن تقصد اصدارها لينتبه الجميع لها فتسرع في اخفاء دموعها حين أدركت نظراتهم.

ولكي لا تُفتح لهم أبواب الأسئلة أسرعت لصفاء وأمسكت يدها وقبلتها قبلة جمعت مشاعر مختلطة بين الدفئ والقلق، لتمسد صفاء على وجهها الندي، قالت شهد بنبرة خافتة: ألف حمد لله على سلامتك يا أمي.

اقشعر بدنها أثر الكلمة وأحبت طريقة نطقها إياها، طريقة عميقة دافئة ومحبة صادقة، وليست الوحيدة التي داهمتها تلك الهالة من المشاعر فالشابان شعرا بها أيضًا، حاولت صفاء رفع جسدها قليلًا لتأخذها بأحضانها ففعلت شهد ذلك دون أن تسبب لها أي مجهود حيث لفَّت ذراعًا حول عنقها والأخر على ظهرها تمسد عليه لتبادلها صفاء العناق أحن وأشد
----------❥

وهَوى القلبُ في هَواهَاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن