الفصل الحادي عشر✿ «عمر جديد»

126 11 62
                                    

سُمع صوت احتكاك سيارة لم يبالي أحدٌ به كثيرًا عدا يوسف الذي لمح تلك المغرورة تدب قدميها على مدخل القصر مع ابتسامة اختفت على التو حين رأت أغراب في قصر آل البحراوي لترفع حاجبها الأيسر بتعجب وتساؤل خاصةً حين التقت أعينها بتلك العيون الفيروزية التي تعجبت من نظراتها لها فقال يوسف في سره وهو يحرك شفتيه بحركة شعبية: شكلها هتشتي مطاوي وسكاكين.

استمع حمزة لهمهمته الغير ملحوظة للجميع ليرفع رأسه من صحنه ليدرك وجود أروى التي تحدق مليًا بشهد ونادين وبالأخص الأولى.

قامت صفاء من مجلسها واحتضنت أروى وهي تقول: أروى يا حبيبتي منورة يا روح قلبي أهلًا بكِ في بيت عمك.

وقفت الصديقتان احترامًا لوجود الفتاة ذات النظرة المتعالية، تقدمت صفاء وهي تسحب أروى خلفها لتقف أمامهما وتقول: أعرفكم يا بنات دي أروى بنت عم حمزة.

حولت نظرها للأخرى تعيد كرتها وهي تعرفهما: أعرفك عليهم يا أروى دي نادين دكتورة جراحة عندنا في المركز ودي شهد صاحبتها دكتورة أطفال وبتشتغل عندنا برضو، بنتين زي القمر بس مش من هنا، جايين من القاهرة.

أومأت أروى وهي تتفحصهم من أعلى رأسهما لأخمص قدميهما بتروٍ ثم قالت بحاجبٍ مرفوع: أه أهلًا وسهلًا شرفتونا.

تعجبت كلتاهما من طريقة حديثها ومخارج ألفاظها التي خرجت ثقيلة متهكمة فمالت نادين على أذن شهد وقالت: هي مالها مرحبة بينا أوي بصدر رحب كده ليه؟
لترد عليها شهد بسخرية: باين عليها حبتنا خالص.

أُصدرَت منهما ضحكة خافتة لتنظر لهما أروى بسخط بالتأكيد هما تتحدثان عنها وبلا شك.
تحدث حمزة لأروى وبداخل فمه لقمة صغيرة لم تؤثر على مخارج ألفاظه: أقعدي يا أروى كُلي معانا دي حماتك بتعزك أوي.

نظرت له أروى بخجل وقالت بنبرة هائمة تعمد الأخر تجاهلها: أكيد لازم حماتي تحبني.
رفعت نادين طرف فمها للأعلى بتشنج فمنذ قليل كانت نظراتها فتاكة وإن كانت سلاحًا يطلق رصاصًا لفتكت أجسدتهما من حدة نظرتها.

سحبت أروى كرسيًا كانت تجلس عليه شهد قبلها ورغم وجود أطباق أمام الكرسي إلا أنها لم تعر اهتمامًا لذلك بل وما زاد الطينة بلة هو نداؤها لوصيفة التي لبَّت نداءها لتقول لها بنبرة أمرة ومتكبرة: شيلي الأطباق دي وحطيها في أي حتة وهاتي لي أطباق تانية تكون نظيفة عن دي.

اغرورقت أعين شهد من كلماتها الجارحة والتي قللت منها بعض الشئ، كاد حمزة أن يتحدث ناهرًا لها كعادة كل مرة تتفوه فيها بما لا يسره لتسبقه شهد بعدما مسحت دموعها قبل نزولها من جفنيها وضبطت نبرة صوتها ثم قالت: أستأذن أنا يا جماعة فرصة سعيدة وألف حمد لله على سلامتك يا أستاذ حمزة.

وهَوى القلبُ في هَواهَاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن