الفصل السابع ✿ «زوج أمك»

162 14 45
                                    

تحت الأضواء الخافتة تشاركه تلك الرقصة الرومانسية كأنهما حبيبان ومر زمن دون رؤية بعضهما واليوم اجتمعا، نظرت له بثبات عكس تلك المشاعر التي داهمتها بعد مرور أربعون سنة على فترة مراهقتها وقالت: خلينا نقعد عشان نعرف نتكلم براحتنا.

ابتسم بهدوء لها وقال: وفيها إيه لما نتكلم وإحنا كده؟ مش مرتاحة؟
مطت شفتيها بضيق جالٍ علي قسمات وجهها وقالت: أنت عارض عليَّ الجواز وأنا قبل ما أرد عليك بالرفض أو القبول أحب أسألك أنت راجعت قرارك ده قبل ما تقوله؟ يعني فرق سن سبعة وعشرين سنة، وإني عندي بنت وكلام الناس عننا كل ده مفكرتش فيه؟

زفر بهدوء ونظر لعيناها بتمعن وقال: شوفي يا ناهد أنا كل ده مش هاممني أنا بحبك وانتهى الموضوع حكاية بقى كلام الناس فالناس مش بتبطل كلام أصلًا، ثم إني هثبت لك إنك أهم من كل الناس، أنا بحبك وبصدق وبوعدك إنك هتبادليني المشاعر دي وطالما وعدت هوفي.

شعرت بقلبها دقاته تتصاعد فكلامه كفيل بسرقة قلبها وبجدارة ولكن ترفض هي تلك المشاعر رغم كلامه المقنع ولكن حتى الأن متمسكة بمبادئها رغم سقوط بعضها.

ومع انتهاء الموسيقى أبعدت يديه وقالت بانهاك: أستاذ أسر لو سمحت ممكن أروح عشان تعبت النهاردة وعايزة أريح؟

ضحك أسر بشدة وقال: نفسي أفهم إيه حكاية أستاذ وحضرتك معايا؟ أولًا أنا أصغر منك تاني حاجة إحنا هنرتبط قريب أكيد مش هتقولي يا أستاذ أسر بعد كده، ده أنا مقولتش لك حضرتك.

لم تستطع منع صدور ابتسامة بسيطة، أخذها أسر من يدها وسارا نحو السيارة الخاصة به وأوصلها لمنزلها، كادت أن تهبط من السيارة ولكن أمسك يدها بنعومة رغم تمسكه بها وبشدة وقال بصوت رخيم: اوعديني إني هشوفك تاني.

ارتجفت اوصالها ليترك الأخر يدها حين شعر بتلك الرجفة، فتحت ناهد باب السيارة وهبطت منها مهرولة إلى غرفتها ومنذ ذلك الحين وهي بداخلها ولم تنم إلا عند اقتراب السادسة صباحًا.

دوى صوت رنين هاتفها في الغرفة وما كان الاتصال سوا من مدير أعمالها الذي أيقظها من نومها مبلغًا إياها أن الساعة تعدت الحادية عشر ظهرًا ولم تأتي حتى الأن وهذا شئ غريب عن عادتها، فناهد الباشا تتميز بالنشاط والإلتزام وتأخرها اليوم يكاد أن يكون أمرًا مريب!

غسلت وجهها في حمامها الملحق بغرفتها ثم هبطت للطابق الأرضي حيث سفرة الإفطار، نادت على خادمتها لتضع الطعام فلبت طلبها وفرشت الأطباق على السفرة وكادت أن ترحل لولا طلب ناهد بأن تقف لتسألها: هي فين شهد، مش هتفطر معايا؟

ردت عليها الخادمة بأدبٍ وقالت: لا يا ناهد هانم الأنسة شهد خرجت من البيت من بدري قبل الساعة سبعة تقريبًا عشان تلحق معادها في المستشفى وقالت إنها هتتأخر النهاردة في الشغل وهتتغدا برا مع صاحبتها.

وهَوى القلبُ في هَواهَاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن