الفصل الثامن عشر✿ «كبرياء»

102 5 18
                                    

أعلنت الاستعلامية بهبوط طائرة قادمة من الامارات العربية المتحددة لأرض مصر، خفق قلبها بشدة وهي تشد يديها ببعضهما وتكاد تبكي من شوقها له، ابنها الوحيد الذي صارحها وبشكل غير مخطط له منها مسبقًا بأنه قادمٌ اليوم لرؤيتها

لم تتمالك نفسها حين سمعت ذلك فركضت مرتدية أول ما لمست يدها من ملابسها تركض بسرعة كادت أن تطير على أثرها حتى وصلت والأن يظهر أمامها أناس من مختلف الشعوب الاسود والأبيض المسيحي والمسلم ذو الثقافة المتحررة ذو تفكير متقيد وبين هذا وهاك ظهر هو يرتدي نظارة شمسية أسرع بخلعها وهو يلوح لها لتنتبه له على الفور وتركض متخبطة بين زحام البشر حتى وصلت لذراعيه التي تلقفاها في ضمة قوية

حين استقرت رأسها على صدره اُطلق سراح دموعها وهي تتمسك به وبشدة تقبل صدره وكتفه بقبلات متفرقة فبدت كطفل تاه وسط الزحام لينتشله أبوه من تيهه

أمسك رأسها ليلثم جبينها بشوق وحب وقليل من الاعتذار على طول الغياب، وجه نظرها له وقال: وحشتيني أوي يا أمي عاملة إيه؟
قبَّلت يده وقالت بدموع: بخير ومبسوطة إنك جيت طولت الغياب، وحشتني أوي يا يزيد.

شعر ببعض من الندم وتأنيب الضمير فأعاد رأسها مرة أخرى بين ضلوعه وقبَّل أعلاه وقال بصدق: وعد إني مش هسيبك تاني، هاخدك معايا نعيش في دبي أنا خلاص جهزت حالي فاضل أنتِ بس تكوني موجودة.

ابتسمت براحة بعد سنوات مضت واشتاقت لهذا الشعور لينتشلها قوله: بس لازم أصلح حاجات قبل ما نمشي، حوار شهد وبُعدها عن أمها اللي راحت اتجوزت عيل ما يعلم بحاله إلا الله، دي فوضى مش هتستمر كتير.

هزت رأسها واثقة بقدرته على فعل كل هذا، فهو الرجل الوحيد الذي تبقى لها الأن، حين شعرت بأنه قد يُفسد من أبيه ولو كان هذا مجرد احتمال ضعيف الحدوث أمرته بالسفر والابتعاد عن أشرف وتكوين نفسه بالخارج كشخصية ونواحيه المادية من مسكن ومال وما شابه

لم تلاحظ نظراته التي تدور في كل أنش من المطار إلا الأن فقالت في تساؤل: في حاجة يا حبيبي بدَّور على حاجة؟
نظر لها متسائلًا: هو فين بابا مجاش معاكِ؟

دقَّ قلبها برعب كيف نست هذا الأمر كيف ستقول له أن والده قد سُجن أمس!
----------❥

بعد طول صمتها الذي سبقه طلبها بأن يذهبا سويًا لأي مكان مخصص للجلوس كي تعرف مصارحته بما تحمل في جعبتها من حديث لم تضعه في الحسبان

وضع رأسه بين يديها يمرر أصابعه بين خصلات شعره السوداء يسأل ذاته لمَ تسوء أكثر؟ زواج عمته من شاب يوجد فرق سبعة وعشرين عامًا بينهما ثم هروب شهد فارةً منهما ثم والده الذي حكم على نفسه بأن يقضي عليه ذاك الخبيث، لا يعلم إن رآه ماذا سيفعل وما بيده فعل شيء فعمته ليست طفلة صغيرة ليركض وراءها مُلَملِمًا عواقب أفعالها.

وهَوى القلبُ في هَواهَاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن