"لكل بداية حزينة نهاية مفرحة"
كانت هذه هي الجملة التي تتكرر في أيامي قبل أن تأتي تلك الليلة التي أخذت حياتي الى مسار مختلف عن ما اعتادت عليه .
اسمي نائلة عمر ... عمري تسعة عشر عاما ... أنا الابنة الكبرى لعائلتي المكونة من ... ... أبي عمر الجاحد الأناني المحب لنفسه ... وأمي فاتن عرف عنها طيبة القلب التي جعلتها تكرس حياتها لأجلنا... لطالما كنت الأقرب اليها من الجميع ... و أختان اناث و أربعة ذكور.
كنت أرغب في اكمال دراستي لألتحق با المعهد الطبي و أصبح طبيبة أطفال ,أنا طبيبة و ذلك الشقي معلم للغات الأجنبية.
مهند!!! ... شقيقي الذي يصغرني با عامين ... فتى مشاكس له قلب طيب ... لا يمر يوم في بيتنا دون أن تتعالى أصوات شجارنا بسبب أو بدونه ... لينتهي بنا الأمر محتجزين في غرفنا .
اعتدت الاستيقاظ كل صباح على رائحة الخبز الطازج و البخور التي تداعب فتحات أنفي ... لأستقيم من مكاني با ابتسامة تشق وجهي و أذهب للمطبخ لمساعد والدتي و تجهيز وجبة الإفطار لوالدي المتبجح قبل ذهابه في رحلة عمل طويلة الناتج عن عمله في البحرية .
مرت تلك الفترة على بيتنا كما لم تمر من قبل ... سكون ... استقرار ... و طمأنينة ... كان هناك هدوء غريب لم يسبق لنا عيشه من قبل .
حرمنا والدي من الدراسة و الذهاب الى المدرسة بحجة خوفه الشديد علينا ... في الوقت الذي كنا نقاسي فيه أشد أنواع العذاب النفسي و الجسدي .
لا أعلم اذا كان يستخف با عقولنا أو أنه يريد ارغامنا بعدم الدراسة و التعلم فقط ... لغاية دفينة في نفسه لا يعلمها أحد سواه .
و لكن كان لأمي رأي أخر في هذا !!!
فقبل خروج والدي و رحيله بثلاثة أيام ... ذهبت والدتي الى المدرسة و أكملت جميع اجرأت تسجيلنا فيها ... لنصبح طلابا فيها و بشكل رسمي .
كانت تلك اللحظة من أسعد اللحظات التي مررنا بها في حياتنا و التي حلمنا با عيشها و لو ليوم واحد ... كنت أقف كل يوم قبل الظهيرة أنتظر مرور الأطفال من أمام بيتنا و هم عائدون من مدارسهم يحملون كتبهم و أغراضهم و يرتدون الزي الخاص با مدرستهم ... لأبتسم فرحا لذلك المشهد الذي يتكرر كل يوم أمامي و من دون أن أشعر با الملل أو أفكر في ترك تلك النافذة قبل أن يختفوا عن مرأى عيني.
بينما يذهب مهند بعد المدرسة كل يوم الى السوق برفقة اخوتي الصغار ... لبيع ما جنيناه من أرضنا ... و قبل عودتهم الى البيت يتجهون الى السوق لشراء حاجياتنا من أقلام و دفاتر و طعام ... كأننا ذاهبون في رحلة طويلة و بلا عودة .
من يعلم !!! ربما تطول رحلتنا فعلا ... و لكن ما هو أكيد أنه مهما طال الليل ستشرق شمس يوم جديد باعثتا فينا الأمل لنعيش يوما سعيدا .
أنت تقرأ
سلسلة حياتي
Non-Fictionسوف نتقابل مجددا يا مهند , و في تلك اللحظة سأسألك عن سبب فعلتك تلك.