نزلت من ذلك القطار لا أعلم من أين أبدأ أو الى أين ستقودني قدماي في هذا البلد ... لم يسبق لي السفر و الابتعاد عن عائلتي كل هذه المسافة ... بل لم يسبق لي أن صعدت قطارا ... لم تكن هذه الرحلة ضمن مخططاتي ... كان كل شيئ سريعا للغاية... حتى هيئ لي أن كل ما يحصل حلم قد أستيقظ منه في أية لحظة .
اتجهت الى المدينة بعد أن تأكدت خلو المحطة من أي شيئ يدل على الحياة ... بقيت أمشي بدون انقطاع حتى انتصفت الشمس في السماء و زادت حرارتها على رأسي ... خلعت سترتي و لففتها فوق رأسي كا عمامة رجال الصحراء... بعد أن أصبح جسدي يشتعل من حرارة الجو .
غربت شمس ذلك اليوم و أن لا أزال ضائعا في ذلك المكان ... تراودني شكوك عن قدومي في القطار الخطأ ... أو أنني أخذت طريق الصحراء بدلا من الطريق الذي دلني عليه جينيا ... بينما أنا كذلك تخللت رائحة قوية مجرى تنفسي ... رائحة محببة الى قلبي كثيرا ... تلك الرائحة التي حرمت منها لسنوات في مدينتي ... كونها منطقة جبلية .
البحر !!! ... تسارعت نبضات قلبي ما ان سمعت أمواجه يعلوا صداها با القرب مني ... وقفت أمام البحر نسماته الباردة تتخبط في أنحاء جسدي المرهق ... جلست أتأمل جمال تلك الليلة لا أريد للوقت أن يمضي ... أمضيت ما تبقى من ليلتي هناك .
مع شروق شمس اليوم التالي ... غادرت مواصلا سيري في نفس اتجاهي السابق ... مع استمراري في الراحة بين الفينة و الأخرى ... محافظا على عدم ارهاق نفسي أكثر .
وصلت قبل غروب الشمس إلى وجهتي ... بيت قديم وسط غابة كبيرة !!!... لا تبدوا الغابة خالية من الحياة... خاصة مع رؤيتي لبعض الحيوانات فيها ...لم تكن با المفترسة أو المرعبة ... و لكن على الأقل توجد مؤشرات للحياة في هذا البلد المهجور.
وقفت أمام ذلك المنزل ... تأملت تفاصيله القديمة بتمعن ... مستحيل أن يكون هذا عرينهم!! عصابة بهذه الشهرة با التأكيد ستكون عرائنهم أفضل من هذا !!! أم... أم أن هناك سرا خطيرا وراء هذا الباب !!!
وضعت يدي على مقبض الباب أديره بنية فتحه ... سحبت يدي قبل أن أفتحه بعد سماعي صوتا من داخله ... إبتعدت بسرعة من أمامه لأختبئ أعلى أحد الاشجار الضخمة المقابلة لذلك البيت.بقيت مكاني أراقب من هناك ... بدون أن يتحرك لي جفن ... محاولا عدم أصدار أي صوت ... لمحت رجلا ذو بشرة سمراء ... لديه عينان واسعتان و أسنان كبيرة بيضاء و بينها سن ذهبية تلمع مع انعكاس ضوء قمر تلك الليلة ... هزيل الجسد تكاد قدماه تقوى على الحركة .... يخرج من ذلك البيت و في يده صحن لم أعلم ما يحتويه لشدة بعد المسافة بيني و بينه.
دخل حجرة صغيرة يفصل بينها و بين البيت سور خشبي ... قبل أن يخرج مرة أخرى و يقضي ليلته جالسا على كرسي خلف ذلك السور .