خبر كاذب !! كانت هذه الجملة تتوارى خلفها الكثير من الأحداث المخفية التي تبقى مجهولة حتى تطوى بين صفحات السنين حيث يشفى ذلك الجرح لتغلفه ندوب يبقى أثرها مدى الحياة.
أغلقت نافذتي المطلة على الفناء الأمامي للمنزل بعدما اعتدت على الوقوف أمامها كل ليلة عل طيفها يمر أمامي أو يأتيني عنها خبر يريح قلبي القلق و يجعل النوم يزورني بعد هجرانه الطويل لي ،لا أصدق سرعة مرور الأيام منذ ذلك اليوم المشؤوم .
مكثت على الكرسي القابع وسط الغرفة لأضع رأسي بين قدمي أسمح له با الغرق في أفكاره و الشكوك تعصف بداخلي لتحطم كل أمل متبقى عندي لأصبح جسدا بلا روح، أميل مع كل ريح تهب و بدون مقاومة.
دقت الساعة على الثانية عشر بعد منتصف الليل لأرفع رأسي لطرق الباب القوي ، تجاهلته في بداية الأمر غير راغبة في رؤية أحد حتى بدأ الخوف يتملكني بعدما زادت حدة ذلك الصوت على الباب حتى كاد يحطمه.
نظرت الى مكان غرف الأطفال بترقب خوفا من افزاعهم و اقلاق نومهم لأفتح الباب بسرعة ممتقعة الوجه قائلة :
لما كل هذا الازعاج ؟ ألم يخبرك أحد أن الناس في هذا الوقت ينامون .
عاد خطوات للخلف بفزع من نبرتي العالية تلك ليبتلع ريقه في ازدراء قائلا :
مرحبا سيدتي أسف على إزعاجك في هذا الوقت المتأخر و لكن لدي طرد يخصكم .
توقف عقلي عن التفكير في تلك اللحظة بعدما نظرت اليه في دهشة بينما أحرك عيني بين وجهه وبين ما يحمله في يده ليعطيني ما بيده بعدما اعتذر مجددا ليهم مبتعدا عن البيت حتى أصبح كل ما يقابلني منه ظهره ، دخلت الى البيت بعدما أغلقت الباب خلفي غير أني لم أرتح لذلك الطرد الغريب الذي وصلني في هذا الوقت المتأخر و بعد نهاية اليوم.
رميته بإهمال على الطاولة المقابلة للباب ثم عدت لكرسي و عقلي يحمل توجسه المعتاد لأرمقه بطرف عيني قائلة :
قلبي يخبرني بأن كارثة تستوطن داخله !! لم أعد أثق حتى بالهواء الذي يدخل الى جسدي .
اقتربت منه بحذر و مع كل خطوة تتزايد نبضات قلبي بعدما داهمني صداع رهيب لألتقطه بيدين ترتعش بقوة حتى أردفت قائلة :
يجب أن أرى ما في داخلك قبل عودة مهند لن أنتظره حتى يأتي .
ارتشفت الهواء بسرعة لأفتح الرسالة المعلقة على الجانب الأيسر للصندوق بينما أنتقل بعيني بين السطور و جفناي تأبى الحركة غير مصدقة لما رأيت .
سرت رعشة قوية دمرت كل ما في داخلي من قوة متبقية لأرمي جسدي على الأرض بعد أن شعرت با قدمي لم تعد تقوى على حملي لتخرج مني صرخة تلتها وقوعي على الأرض فاقدة لوعيي .
استيقظت في نفس الليلة على صوت شخص يناديني مرات عديدة لأفتح عيني في رهبة و ذعر بعد أن اهتاجت الوساوس عقلي مرة أخرى.
ربت مهند بلطف على يدي بفيهه المبتسم قائلا :
أنت بخير ؟
لم أتمالك نفسي حتى سحبته الى حضني بينما أنشج بقوة لأسمح لدموعي بالخروج لأناديها لعلها تسمع صراخي و تحضر لتريحني من هذا الوجع بينما اكتفى مهند بالتربيت على ظهري با يده عساه يستطيع جعلي أهدأ حتى يفهم ما حصل معي .
منظر فتت القلب ليجعله أشلاء ، هل انتهى كل شيء عند هذا المطاف ؟ هل سيبقى هذا الألم يرافقني طيلة حياتي ؟، توقفت بعد مدة عن ذلك لتعبي الشديد و لمعرفتي بعدم جدوى ذلك بينما أزيل دموعي الجافة بطرف قميصي قائلة :
بني أحضر لي كأس من الماء .
ليستقيم من مكانه بسرعة بينما يركض الى المطبخ لتلبية طلبي ، لم يستغرق الأمر منه كثيرا حتى عاد يحمل بين يديه كوبا من الماء البارد ليمرره لي قائلا :
تفضلي .
تناولته من يديه لأرتشف ماءه دفعة واحدة بينما جلس مهند بصمت أمامي كأنه ينتظر مني شرحا عما حدث حتى لو لم يقل ذلك ، أشرت با يدي الى مكان الصندوق دون أن أنبس ببنت شفة .
حرك عينيه حيث أشرت ليستقيم من مكانه في نية لإحضاره ليعود بسرعة الى مكان جلوسه بينما يقلب الصندوق و الرسالة المعلقة على طرفه بحيرة قائلا :
ما هذا ؟
تنهدت بألم قائلة :
افتحهم.
ليمسك بهم على عجل و يفتحهم ،استقام من مكانه بينما القلق و الرعب يعتريان وجهه قائلا :
من أين أتيتي بهم ؟
أجبته ببرود قائلة :
لم أجلبهم بل أتوا الي بمفردهم لو كنت أعلم بأنهم خلف ذلك الباب لما فتحته مطلقا .
ليركل الكرسي بقدمه بقوة حتى تهشم و تبعثرت أجزاءه في كل مكان بينما أعاد رأسه للخلف بعدما جلس على ركبتيه قائلا :
أرجوك ! أتوسل اليك أخبريني بأنها كذبة و ليست حقيقة .
نظرت في عينه مطولا لأشيح بنظري للجهة الأخرى ما ان شعرت بدموعي تنساب على خدي ليضرب الأرض بقبضته بغيض كالمجنون صارخا :
مستحيل !! هذا غير حقيقي ، انه حلم نعم انه حلم و سوف استيقظ منه بعد قليل .
بدأ يضرب نفسه بدون توقف لعله يستيقظ من هذا الكابوس الذي يزيد هواجسه في كل يوم حتى رمى بجسده على الأرض بتعب سامحا لتلك الدموع با الخروج من مكانها .
أنت تقرأ
سلسلة حياتي
Literatura Faktuسوف نتقابل مجددا يا مهند , و في تلك اللحظة سأسألك عن سبب فعلتك تلك.