كتاب كامل يتحدث عنها !!! ... قلتها بلهفة مع تسارع نبضات قلبي بسعادة ... أسرعت الى كوخي مغلقا الباب خلفي ... تأخذني قدماي الى القبو و حيث يكون ذلك الحائط .
فردت قدماي على أرضيته جالسا أمام حائط الرسوم ... غير مبال صلابتها و برودتها ... أصبحت أقرأ صفاحاته بعناية و دقة تامة ... واضعا تركيزي في كل حرف ... لا أريد أن أسهو عن أي معلومة فيها .
مرت ساعات نهاري الأول بسرعة ... كنت مستمتعا كثيرا و متشوقا في أن واحد ... بقيت في تلك الليلة جالسا مكاني أمسك بكتابي ... أسافر في عالم أخر مع كل بداية سطر جديد و انتهاء أخر ... كأنني أمسك شيئا ثمينا لن يتكرر مرة أخرى في حياتي .
كانت تلك الكلمات الغريبة مكتوبة با اللغة الهيموغريفية القديمة و هي لغة سكان بالا الأصليين القدامى ... حيث أنها تم تغييرها مع مرور السنين ... ليهجرها أبنائها و تصبح لغة لا يعرف عنها شيئ سوى جدارياتها التي حافظت عليها مع مرور ذلك الوقت الطويل .
كما أضاف الكتاب ... أن ما يميز بالا عن باقي المناطق و هي كثرة النتوؤات الصخرية و جبالها العالية وسط غاباتها ... و شواطئ بحارها الصحراوية ... الطقس البارد ليلا و شديد الحرارة نهارا.
ما هذه المدينة !!! أربعة فصول في يوم واحد من النهار ... لو لم أرى بنفسي هذه الجداريات و ما قرأته لقلت أنه ضرب من الخيال لا يمد للواقع بصلة .
أكملت قرائتي لكتابي بينما أبحث عن أي سطر يتحدث عن تلك الكهوف التي رأيت رسوماتها في كل مكان ... حتى وصلت إلى الفصل الذي يتحدث عنها ... إعتدلت في جلستي أمدد ظهري للخلف في إستعداد تام لقرائتها ... كانت بالا من أغنى مناطق مثلث المدن الثلاث قديما ... حيث كان أرضها كنزا حقيقيا ... لم يعرف أبنائها الحاليين قيمته بعد.
كانت بالا في ذلك الوقت مطمع لكثير من المناطق المجاورة و خاصة الفقيرة منها ... مع تزايد حالات الجوع الشديد و نقص سبل الحياة ... في منتصف القرن الثاني من إكتشاف تلك الثروة اللامتناهية ... أصبحت حالات السرقة كثيرة أغلبها من المناطق المجاورة.
اضطر الكثير من الباليين تخزين ثرواتهم و مؤنهم داخل كهوف ضخمة ... صممت تلك الكهوف باحترافية هندسية من الباليين أنفسهم ... بحيث لا تمتلئ إلا بعد قرون من التخزين فيها ... هندسة تجعل من تلك الكهوف تحرك جدرانها بمجرد إقترابهم منها ... مع بقاء ذلك سر يتوارثونه جيل بعد جيل.
يوجد في بالا ثلاث كهوف رئيسية بين مدنها الثلاث أحدها تحت أرضها الرملية ... كا خندق يوصل كل الكهوف ببعضها في ممرات ضيقة و متشعبة تحت الأرض ... لا يحدد مكانها إلا من ترعرع و عاش فيها لسنوات طويلة ... أو إعتاد على زيارتها بين كل فترة و أخرى ... و الكهف الأخر تحت مياه البحر و أمواجه العالية ... و لا يمكن الدخول اليه الا عن طريق باب صغير صمم بجانب كهف الغابة ... على أن يتم حراستهم من الداخل ببعض من الحيوانات المفترسة و المتوحشة... لضمان عدم اقتراب اللصوص منها .