لا زلت أتذكر ذلك اليوم الذي أضاء كل شئ أمامي بعد وصولي الى الحقيقة التي كنت غافلا عنها رغم محاولاتي المتكررة للوصول اليها ... قد أبدو أني نسيت ألم جرحي ذلك الألم الذي لم أعد قادرا على كتمانه أكثر ... أحيانا أرغب في تدمير كل شئ أمامي حتى قلبي الضعيف هذا ... و أحيانا أخرى أريد الصراخ حتى تتمزق حنجرتي من قوته ... و لكن ... ما الفائدة ...دائما أحاول اخفاء هذا الألم و الضعف حتى على مهند الذي لم أعتد على اخفاء شئ عنه .
بعد انتهاء المهمة أخذ رامي مهند و السيد عمر الى منزله لعلهم يرتاحون قليلا خاصة بعد كل الأحداث التي شهدوها , بقي سامي و رجاله في ذلك السرداب لدفن جثة شادي و بقية الجثث حتى لا تنهشهم ذئاب الليل .
بعد شروق الشمس و انتهاء مهمتنا ...بقيت أنا و رجالي نجمع الجثث المرمية في كل جانب من جوانب ذلك السرداب القذر ... قضينا نصف النهار في جمعها من خارجه لأدرك لاحقا أننا كنا محاصرين و نحن في داخله بأكثر من خمسة عشر رجلا ... و لكن تم القضاء على أغلبهم و فرار البقية .
كنت أريد حمل أحد الجثث و أخذها الى المكان المخصص بها و دفنها مع البقية ... حتى سمعت صوت ارتطام شئ با الأرض ... أدرت وجهي لمكان الصوت حتى رأية شيئا جعل ذاكرتي تعود بي للأكثر من عشر سنوات للخلف ... لذلك اليوم الذي غير مجرى حياتي للأبد ... جلست على ركبتي غير مبال بذلك الجسد الذي لازال على كتفي ... و أنا انظر الى ذلك الشئ انها نفسها ... أجل انها هيا .
انتشل أحد رجالي الجثة من بين يدي بعد أن لاحظ الرعشة التي استولت على جسدي ... أخذته بسرعة من الأرض لأخذ حقيبتي و أخرجت سلسلة الفأس الصغيرة التي وجدتها في فناء بيتي قبل أن أرحل ... شعرت للحظة أن الدم توقف عن السريان في عروقي و اجتاحني صداع رهيب في مقدمة رأسي ... مسحت بيدي حبات العرق الباردة التي تجمعت في جبهتي ... لم أظن يوما بأنني سأجد ما أبحث عنه هنا في هذه المدينة ... عرفت الأن من وراء ذلك... و لكن لما!!!؟ ... ما الذي فعلته عائلتي لهم!!!؟ ... علي أن أكتشف ذلك بنفسي.
جمعت أغراضي و اتجهة الى الباب بنية المغادرة ... حتى استوقفني صوت أحد الضباط قائلا (لقد وجدنا أحد المجرمين لا يزال حيا) ... ركضت مسرعا لتأكد من ذلك بنفسي و قلبي يدق فرحا عندما رأيته يلهث و صدره يعلو و يهبط ... أمسكت با يديه أتحسس نبضه و كلي أمل بأنه سيكون المفتاح لكل الأسئلة التي تدور بعقلي ... طلبت من أحد رجالي مرافقتي الى الكوخ و مساعدتي في نقل ذلك الجريح لمعالجته هناك ... بينما البقية اتجهوا الى مقبرة المدينة لدفنهم فيها .
في منتصف الليل وصل الطبيب الى الكوخ بعد أن أحضره سامي , دخل الطبيب الى أحد الغرف لمعالجة الجرح المصاب و سامي أمام الغرفة في انتظار خروج أحد منها , بعد مرور نصف ساعة خرج الطبيب من الغرفة و يديه ممتلئة با الدماء بينما يزيل حبات العرق من على مقدمة رأسه قائلا:
أنه بخير لا تقلق ... فقد الكثير من الدماء و لكننا سيطرنا على ذلك ... و هو تحت تأثير المخدر الأن .
سامي :
شكرا لك .
أوصلت الطبيب عند الباب و جلست على الكرسي المقابل لعلي التقط أنفاسي و أريح رأسي من التفكير .
مع طلوع فجر يوم جديد استقيظت على ألم في رقبتي ... يبدو بأنني غفيت على الكرسي في الليلة الماضية ... استقمت من مكاني متجها الى غرفة ذلك النائم من ليلة البارحة .
فتحت الباب لأجده لازال بنفس الحال التي تركته بيها ... اقتربت منه بهدوء بينما أراقب تنفسه ... أمسكت معصمه و ضغط على أوردته لأتحسس نبضه ... زفرت الهواء با راحة بعد أن استشعرت ضربات قلبه و انتظامها ... لازال حيا يبدو بأنه نائم .
خرج سامي من الكوخ الى المدينة لشراء بعض الأغراض , و قبل أن يستيقظ ضيفه الذي يتوقوا الى التحدث معه و الاستمتاع قليلا .
ما هذا المكان !!!؟ أين أنا !!!؟ سامي ... سامي!!! أين أنت ؟ هل انتهت العملية !!!؟ رامي ... أبي أين الجميع ؟ أمشي بخطوات متثاقلة على صوت السلسلة التي تحيط بقدمي ... هل تم خطفي !!!؟ أم أنني أضعت طريقي ... هل هذه الحياة الأخرى التي تأتي بعد الموت !!!؟ ... أنا ميت !!! ... لما لا يجيبني أحد ... تحركت من مكاني أكثر أبحث عن أي شخص و لكن لا يوجد لهم أي أثر ... ترى الى أين ذهبوا .
و لكن مهلا... مهلا ... ما هذا الشيئ الذي يخرج من الباب؟... نزلت على ركبتي اقرب نظري أكثر لذلك الشيئ ... انها دم... فتح ذلك الباب قبل اكمالي لجملتي لتسقط جثة فوقي كل ما رأيته كانت مغطاة با الدماء ... و يوجد ثقب في منتصف جبهتها .
سااامي!!! لا أرجوك ... لا لا تمت
كان رامي جالسا بجانب سرير مهند :
هل أنت بخير!!!؟
مهند بلهث :
على الذهاب من هنا ... سامي يحتاجني.
أنت تقرأ
سلسلة حياتي
Non-Fictionسوف نتقابل مجددا يا مهند , و في تلك اللحظة سأسألك عن سبب فعلتك تلك.