♥▄الـنـبـ«44»ــضــة▄♥
:
:
:فـي الـغـــــــد ...~
أمضت ليلتها نائمة طوال الوقت بفعل المسكنات...كانت تفيق أحياناً على بعض الأصوات...لتلمح وجهه المتجهم قريباً منها دائماً...لا يفارقها أبداً...فتشعر بالراحة...و الأمان لتعود و تغفو من جديد...
كانت تسمعه أحياناً يتحدث مع بعض الأطباء...أو الممرضات...و أحياناً يقف هامساً فوق رأسها...
لكن جميع حديثهم...و حديثه...كان مبهم لم تكن تعيه في وقتها...و لا تتذكر منه حرفاً واحداً الآن...و هذا الصباح بالكاد بدأت تشعر بتحسن...لكنها ارهقت من تلك التحاليل...و الإشعات...التي تنتقل بينها منذ ساعات...
و نقاشات الأطباء فوق رأسها معه...عن حالتها...هذا ما تكرهه...و كانت تُغرق نفسها بتلك المسكنات كي تبتعد عنه...رغم معرفتها أنها كانت تعاني من ألم غريب...
إلا أنها كانت لا ترغب البقاء في المستشفى...ممدة هكذا بلا قوة...لساعات...فكيف ستبقى فيها الآن لعدة أيام..!!
تكره هذه الرائحة...
تكره رقودها طوال الوقت على هذا الفراش الأبيض...
تكره تلك المسكنات التي تجعلها خائرة القوة...
لطالما كرهت المستشفيات...لتكرهها أكثر...و ترتعب منها...بعد تلك الليالي الطويلة التي كانت تراقب معاناة والدتها فيها...
و هي تخاف أن تفقدها في كل لحظة...فتحت عينيها...تحاول استيعاب الأصوات التي تسمعها...لتراهما يتحدثان قريباً من الباب...و قبل أن يخرج ذاك الطبيب...أخيراً بدأت تستوعب معنى حديثهم...لتدرك حالتها...
الدكتور بعتب / جرى إيه يا دكتور طلال ماتستهدي بالله و تتطمن..أنت عارف إن العملية بإذن الله بسيطة..و ناس كتير عايشا بدون مرارة و حياتها طبيعية..و أديك قطعت على الدكتور أحمد إجازته عشان يجي بعد بكره يعملها بنفسه عشان تبقى مرتاح أكثر و متطمن.......
كلمة (عملية) كانت كافية أن تجعلها تشعر بالخوف...و الدوار..! فلا ترغب أن تعرف عما بها أكثر...
لذا حين خرج ذاك الطبيب المسؤول عن حالتها...و رأته يقترب من سريرها...ليتفاجأ حين رآها أخيراً مستيقظة...راوية بصوت خفيض جعل صوتها همساً ضعيفاً يعذب قلبه أكثر / كنت رايح للمطار..ليه رجعت؟ يعني آخرتها خربت سفرتك!
رمقها بنظرة عميقة...مظلمة...كثيفة الأحاسيس...تتعاقب فيها المشاعر بقسوة...غضبه...حبه...خوفه...دهشته...
وقف صامتاً...غير قادر على الكلام...وهو يختنق بطوفان مشاعره المتنافرة...بعيداً عن إدراكها الثقيل...البعيد عنه...
لا يعلم كيف يعمل عقل هذه المرأة...بعد أن عرف أنها كانت تتحمل الوجع بصمت كل هذه الأيام..!
و الآن تفيق بعد كل ما مرت به...تتحدث هذا الحديث الذي لم يتخيله..!
لا تنتبه لرعبه..؟ لا تهتم لحالها..؟ لم تسأله ما بها..؟
و تسأله عن ذاك السفر الذي نسي أمره...و لا يعلم كيف تأتي على بالها هذه اللحظة...لتتجاهل كل هذا لتنشغل به..!!