Part 33

12 1 0
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم

قد لايكون الموت بتوقف النبض فقط ..
فالانتظار موت، والملل موت، واليأس موت .. وظلمة المستقبل المجهول موت .

-- غسان كنفاني.

"'"'"'"'"'"'"'"'"'"'"'"'"'"'"'"'"'"'"'"'"'"'"'"'"'"

قلبي الذي أودعتَه نبضَ الهوَى
‏لم يَمْحُ تلك الذكرياتِ ولا نَوَى
‏وعلامَ أُسْهِبُ في حديثِ صَبَابتي
‏ولأنتَ أدرَى بالفؤادِ وما حَوَى؟
‏ارجِعْ تَجِدْني مثلَما غادرتَني
‏ما ضَلَّ عاشقُكَ القديمُ وما غَوَى

إستيقظ قبل عدة دقائق و لكنه لازال جالسًا فوق فراشه ، يشعر بأن شيئا ما ناقص لكن لا يدري ماهيته
حاول التفكير بعمق و النتيجة واحدة .. الا شئ

ليستعيذ ربه مستقيمًا نحو المرحاض ليخرج بعد دقائق و هو يجفف وجهه بالمنشفه ثم يبدأ في صلاته و لأول مرة منذ فترة بعيدة كان يرتجف أثناء تلاوته بعض الآيات حتى بعد إنتهائه فقد ظل جالسًا لدقائقَ أخرى قبل أن يطمئن نفسه الهشّة و يتجه نحو الخارج

و على غير المعتاد كانت الفوضى تعم المنزل و الخدم منتشرون في كل زاوية و كلما مرّ أمام أحدهم يجده يهمس بما لم يدركه قبل أن يتوقف فجأة و هو يبصر الكثير من شظايا الزجاج التى بدت كبساطٍ للأرضية

ليستعيد ما حدث مساءً مما جعل أنفاسه تتوقف للحظة و كأن العالم بما حوى أطبق فوق صدره ، و لوهلة سأل نفسه أهو السبب في موتها أم خداع والده أعماه عن الحقيقة

فلم يتردد دقيقةً و هو يهرول نحو المصلّى ليرتمى فوق البساط الأخضر باكيًا يبوح بما يثقل كاهله : يارب أنا تعبت .. حاولت ألاقيها بس معرفتش و فضلت على أمل إنها عايشه و إني هشوفها قريب بس محصلش ..
دلوقتي لما ماتت هعوضها إزاي عن اللي شافته في حياتها .. هعيش إزاي و أنا شايل ذنبها .. يارب إرحمها و لو في أمل إنها تكون عايشه فإحفظها

أراد أن يُتابع شكواه و لكن شهقاته التي تخللت حديثه كانت تردعه عن إستكمال ما بدأه ، لم يعلم كم مضى من الوقت قبل أن يشعر بيدٍ صغيرةٍ تربت فوق كتفه ليستدير رامقًا ذلك الطفل بتشتت

ملاكُ رحمة ، هذا ما نطق به في سره و هو يتابع الطفل الصغير ذو العيون الخضراء التي ذكرته بها و ما زاده لُطفا هي ملامح وجهه التى تدل على إصابته بمتلازمة داون ، متلازمة الحب

و ما ساعده أكثر على الإطمئنان هو وقوف الطفل أمامه معانقًا إياه و كأنه يشعر بمعاناته و لم يتردد الأخر لحظة و هو يبادله

لوهلةٍ شعر بالأمان يغزو دواخله و كأنه يعرف ذلك الطفل جيدًا و ما لبث أن إبتعد الطفل مهرولًا ليستقيم ريان ورائه غير مبالٍ بمعالمه التي تدل على بكائه
و لكن فور خروجه من المصلّى لم يجد الطفل و كأنه لم يكن و ذهبت معها ضحكاته المبهجه

الشرودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن