part 36

18 2 12
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم
قل لي
قل لي لماذا اخترتني
و أخذتني بيديك من بين الأنام
و مشيت بي و مشيت ثم تركتني
إن كنت يا ملح المدامع تركتني
فأقل ما يرث السكوت من الكلام
هو أن تؤشر من بعيد بالسلام
أن تغلق الأبوب إن قررت ترحل في الظلام
ما ضر لو ودعتني و منحتني فصل الختام
حتى أريح يدي من تقليب أخر صفحة
تلك التي يشتد أبيضها فيعميني إذا إشتد الظلام
حتى أنام ... حتى أنام

-----------------------------------------------

العالم في أواخر عمره يبدو أنه يحتضر
فتهوي بك الأحداث إلى مكان ما ، لا يناسبك و لكنك إعتدت الوقوع حتى أصبحت عديم الشعور و كأن برودة العالم أجمع إجتمعت بداخلك كالسد المنيع الذي يمنع الإحساس ، ليصبح العام خريفًا بغير ربيع

لم يقاوم أو حتى يفكر في المقاومة و هو يسير معهم إلى تلك السيارة فيدلف داخلها بصمت دون سؤال حتى توقفت أمام المبنى الذي يحوي شقتهم و ما لبث أن علم باعث السيارة ، لقد كان مراقبًا منذ البداية

خرج من السيارة بخطوات سريعة ليصعد إلى أعلى و أول ما قابله هو عتاب مُنى الذي أوقفته تدرجيًا عندما أدركت حالته و فكرت في نفسها طالما كان وحيدًا دون أصدقاء أو رفقة ، دون عائلة تحبه و ربما يعتبر نفسه دون مأوى

إقتربت منه بتمهل تربت فوق كتفه بعطف أُمُومي و كأنما تعوضه خسارته فجلست بجانبه تحاكيه : كده تسيبني قلقانه عليك بالشكل ده و تخرج و كمان تتأخر كل ده ، للدرجه دي أنا مفرقش عندك

نظرة متفاجئة ومضت داخل عيناه قبل أن يجاوبها بصدق : أنتي أخر واحدة المفروض تقول كده يا مُنى و أنتي عارفه إنك اقرب ليا من أبويا و أمي

أنا بس متوتر و متضايق ، عارفه لما تبقى بتحبي حد و نفسك تشوفيه أوي بس في نفس الوقت مش عارفه تلاقيه و كل ما تحسي نفسك قربتي تلاقيكي أبعد مما تتخيلي ... أنا النهارده جريت لما حسيت إني ممكن ألاقيها عايشه قدامي بس ملقتهاش

محتار بين كلام واحد إنها ماتت و لو ده فعلا اللي حصل يبقى بسببي و بين أمل ضعيف إنها عايشه زي التايه لا عارف ارجع و لا عارف اتقدم

كاد يكمل و لكن الغصة التي تملكت منه أوقفته ليجد نفسه بين أذرع مُنى في عناق دافئ و هي تذكره بماضيها : طب ما أنا كمان نفس حكايتك بس بطل حكايتي يبقى إبني اللي معرفش هو فين دلوقتي عايش و لا ميت ، قولتلي قبل كده أخلي عندي أمل إنه عايش بس يا ترى لو زي ما أنت بتقول هلاقيه و لو لاقيته هيبقى فاكرني و لو فاكرني هيصدق إني بعدت عنه غصب و لا هيظلمني زي ما كتير عملوا

الدنيا مش عادلة يا بني ، يوم تفرحك بحاجه و اليوم اللي بعده تاخدها منك بس رب العباد عادل و عادل أوي كمان كل ما تحس نفسك تايه ... روحله و إدعيله ده اللي بابه مفتوح مبيتقفلش لو أبواب الدنيا كلها قفلت في وشك ، و يلا بقى نصلي سوا

الشرودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن