تشبث جهاد بذراع توأمه بينما قاومه الآخر كمن يطالب بتحرير أرضه من الإستعمار وبعد نضال قصير الأمد إنتهت معركة الشد والفرار بعد أن إستسلم وقار معلنا خضوعه .
وقار :(واضعا رأسه على كتف جهاد منهكا راضخا له)إرحمني تعلم أني لا أطيق من يحضنني أو يلمسني حتى .
جهاد :(بإستغراب حتى إرتفع حاجباه حاليكا السواد وإنثنت جبينه شديدة السمرة ) قبل برهة كنت تنططي ظهري كحذوة حصان وتتشبث بعنقي كرضيع يخشى أن يفلت أمه .
وقار: (بنبرة حزينة منكسرة)ماهي الأم؟
جهاد:(بعفوية مسندا رأسه على رأس شقيقه)هي التي تنتظرنا في المنزل.
وقار : (مبتعدا عن شقيقه،بنبرة جادة)وماهو المنزل؟
جهاد:(ضاما يديه إلى منتصف فخذيه موجها نظره ناحية شقيقه بخجل)هو المكان الذي يشعرك بالدفئ.
وقار؛(بحزم) :بعد كل هذه السنين التي عشتها أعتقد أني فهمت سبب تعاستي أخيرا،لم أجد بعد المكان الذي يشعرني بأني إنسان.(صمت مفكرا لبرهة من ثم أكمل كلامه )حسنا ذلك الشئ الذي نعته بالمنزل والذي نتوجه إليه الآن لم يشعرني سوى بالبرد ينغرز في كل شبر من جسدي لذا عد إليه بمفردك أنا لن أعود بل سأرتحل باحثا عن مكان يشعرني بالإنتماء نعم المنزل بالنسبة لي هو حيثما يكون والدنا لاغير .
جهادناظرا إلى شقيقه بعيون واسعة غارقة في الدموع تهطل منها سيول الحزن والأسى .
ذلك بسببي صحيح لأن أمي تعتني بي بقدر أكبر، أنت تكرهني أليس كذلك .
مسح دموعه على عجالة سعل عدة مرات ليستعيد نبرة صوته التي سرقها الخجل من ثم أكمل قائلا:حسنا حسمت قراري إبقى أنت و أنا من سأذهب .
ودون سابق إنذار ركض جهاد مبتعدا عن شقيقه ،يلاحقه وقار محاولا تهدئته فيعبران أزقة حييهم الضيقة كلما توغلوا ضاقت وإزدادت تشعبا كمتاهة تعشق تخبئة وافديها ،إستعان صغيرنا المتهور بشتى التعرجات والمداخل عابرا الحشود صادما ذاك متعثرا في الآخر لتنهال الشتائم عليه : إنتبه ألم يربيك والداك،يال وقاحتك فلتنتبه،هل أنت أعمى ليرد هو صارخا باكيا:أعتذر بشدة ،مكملا ركضه بلا وجهة، كل الجلبة التي أحدثها عرقلة ممشاه حتى شارف وقار على مسك ذراعه حينها إصطدم ببائع الحطب الذي كان يعبر الشارع و إندثرت حطباته تحتضن الأرض وكل ما قاربها ، حملق البائع بالصبيان وقد إنقلبت ملامحه البريئة ذات عيون السجق والأنف العملاق إلى هالة غضب ساخطة بدأت تصطك أسنانه وقبل أن يفتح فاهه أوقفه منظر لين قلبه ،إحدى قطع الحطب ألحقت الضرر بكاحل وقار فهم يطمئن على حاله معتذرا ، وقار الذي طمئن البائع أنه لا مشكلة حدق بنظرة خاطفة إلى شقيقه الذي سيطر عليه الذهول .
وقار :(مبتسما مادا يده يرتجي المساندة من شقيقه ويعينه على الوقوف)لنعد إلى منزلك.
جهاد :(بتوتر)أنا ... هو ..أنا...آسف ..(ينسحب راكضا مبتعدا).
وقار :(متقززا متأففا )أوه كم أكره الغباء والأغبياء .
ثم قام ينفض عنه الغبار مسندا نفسه على الجدار جارا كاحله المتورم ،وبخطوات عرجاء يكمل الطريق إلى المنزل.
وقار:(محدثا نفسه)لا أفهم ....لا أفهم أبدا تلك المشاعر،التعلق ،المنزل ،حب الغير ،البكاء ،الإندفاع دون خطط ،التصرفات العشوائية...ياله من غباء كل المشاعر ماهي إلا غباء منهك ومؤذي .
قاطع شتات أفكاره يد لامست جبينه ينبعث من دفئ كفها حنان ساذج ،إستدار وقار بهلع ليرى صاحب الكف ويسأل عن مبتغاه .
سيدي بائع الحطب أهناك خطب ما؟
دنى البائع من وقار وأصر على حمله وإيصاله للمنزل قائلا:
صغيري إسمح لي بإيصالك للبيت .
كلا ياسيد حال قدمي ليس بالسئ و ما انا بحاجة لسند يعينني .
انفض وقار على عجل مغادرا ، يخطو خطوات ثم يلتف يراقب بائع الحطب إن كان يتبعه وسرعانما بهت أثره حينما عبر شارعا منعرج المنعطف ،حالته كانت أشبه بمن يخفي كنزا يخشى عليه من أن يكشف ،البائع الذي لازال متسمرا في موقعه كان يراقب الطفل بحدقتا فضول جاحظة يتمعن بحرص شديد في كل تفصيلة وحركة وايماءة من ثم دس يده في جيبه مخرجا علبة بيضاوية الشكل سوداء معدنية صغيرة الحجم ثبتها على أذنه .
ايها المفتش ...لقد وجدتها إنها كما كنت تعتقد تماما.
عظيم، لاتفلت فريستنا .
أنت تقرأ
الخيال الذهبي
Fantasyهذه قصة منقذكم أحذب الضمير مفقوع البصيرة جرئ اللسان ، أتى كريمكم الذي سيهدر آخر أيامه لإنقاذ أول أيامكم في هذه الحياة ،العالم القاسي الذي طحن أحلامي وذرها رمادا أمام قبر كرامتي ،أتيته منتقما و إني لمنقذكم فمجدوني .