طريق القطار الواسع الذي يقطع بطن الحقول
الذهبية ...إنعكاس لون غروب الشمس ينعكس على
أطراف سنابل القمح اللازوردية ...نسيم الصيف الحارق
الذي يلفح الوجوه .. رائحة الأبدان التي تلتهب حرا
والنفوس التي تشتد غيظ ...صافرة القطار التي تزأر
منذرة العابرين لسكته إبتعدوا فوحش الصفيح البخاري
قادم ، يدنو القطار ثانية بعد أخرى من المحطة بهية
الطلة ، تتدلى من سقيفتها الهرمية الآجورية الحمراء
عناقيد عنب كثيفة تلامس بعضها الأرض بينما بعضها
طحن تحت أقدام المارة ،تعبر سكة القطار منتصف
المحطة وتشقها لفلقتين يترامى على طرفيها مقاعد
خشبيةخشنة الملمس بنية فاتحة تفوح منها رائحة
الحطب العتيق .
أحد الكراسي الذي يتقدم طليعة مدخل المحطة
يغزوه تآكل بارز كسرت زاوية مسنده اليمنى عندما كان
يتسلقه جهاد وليل للهو قبل ثمانية عشرة سنة حينما تأجل
موعد القطار وإضطروا للإنتظار ساعة إضافية في عز
الحرارة الجهنمية ،كان ذلك كاليوم تأنيب والدهم لهما
وإحمرار وجنتيه خجلا وإنحنائه طويل المدى معتذرا من
مسؤول الصيانة في المحطة و حضن أمهم رحيق الذي يلف
أكتافهم خوفا من أن يضيعوا في
زحمته كل شئ محفور في ذاكرتي عنك ياليل و ياجهاد
لايسعني أبدا حذفه مهما حاولت .
كنت شاردا أقرأ مادون من ذكريات أمنا في الدفتر
حتى سحبني ليل من ساعدي وهرول بإتجاه باب القطار
شد بكلتا يديه على خصري ورفعني ثم قفز خارجا نحو
الرصيف في ذات اللحظة التي إرتطمنا بالأرض إنطلق
القطار نحو وجهته التالية وقف ليل بخفة وباشر يطرد عن
ثوبه الغبار بيده اليسرى و مد باليمنى ليعينني على
النهوض ثم رمقني بنظرة إستغراب وقال بفضول:
_ مالسحر الموجود في ذلك الدفتر الذي تقرأه حتى جعلك تغوص
شاردا في تفاصيله رغم أني ناديتك عدة
مرات منبها إياك أننا بلغنا المحطة إلا أنك كنت تغوص
تماما في اللاوعي .
أنت تقرأ
الخيال الذهبي
Fantasyهذه قصة منقذكم أحذب الضمير مفقوع البصيرة جرئ اللسان ، أتى كريمكم الذي سيهدر آخر أيامه لإنقاذ أول أيامكم في هذه الحياة ،العالم القاسي الذي طحن أحلامي وذرها رمادا أمام قبر كرامتي ،أتيته منتقما و إني لمنقذكم فمجدوني .