جزء8

45 27 10
                                    

الشيخ القاضي(حمل من مكتبه خنجرا صغيرا بحجم مقلة الإصبع حاد الرأس دائري المقبض ثم حركه على بسطة كفه صانعا خدشا إنحدرت منه بضع قطيرات من الدم ...دم بخيل كصاحبه، إستعملها كحبر لتدوين توقيعه على ورقة الحكم وعلى عجل حرك لسانه قائلا ) تعلن المحكمة عن عقوبة الإعدام  حرقا  للمتهم  .

تصفيق تصفيق  الجميع يصفقون ببلاهة كما لو كان عرض سرك حقيرا ،الثعلب كان يتفقدني بنظراته المقرفة يريدني أن أقطع شفتاي غيضا أو أن أنهار أمامه باكيا ....سأهديك عكس ماتبتغي سأصفق أصفق وأضحك كما لم أفعل يوما .

بعد أن أصدر الحكم إنسل الحضور واحد تلوى الآخر حتى بقي في القاعة ليل الذي كان يوضب ملفات أوقعها  و المحامي الثعلب الذي كان يتأمل ليل .

المحامي الثعلب:(بإستغراب ) هاي ماذا تفعل لقد حكم على موكلك بالإعدام لتو هل فقدت  عقلك ؟   عليك أن تتفاجأ  أن تبكي وتترجاني.

ليل: ( يجمع أوراقه ينظمها ويدسها في حقيبة كتفه  الجلدية وبهدوء تام قال) أنا ....وأنت وكل شخص وكل حضر الجلسة ....على يقين تام بأن الأمور ستنتهي عند هذا الحد  ، الإعدام هو الإحتمال الوحيد ...كنت أعلم أنه لا فائدة من الدفاع عنها لكني إرتأيت أن أتشبث بآخر ما بصمه الأمل على قلبي   حتى لو كان نوره كاذبا .....

المحامي الثعلب (بتذمر وهو يضع كفيه على خصره): هيا يا رجل لاتكن باردا هكذا عليك أن....

يقاطعه ضابط الأمن الذي كان ينتظر خارج القاعة .

ضابط الأمن(بحزم) :أيها السيدان علي غلق القاعة فلتعجلا بالمغادرة .

يغادر ليل أولا ، كان كتفاه مائلان كم لو أن أذرعا  تسحبه إلى الأرض .يلحق ضابط الأمن راكضا بليل بعد أن أحكم إغلاق القاعة .


ضابط الأمن(حاول التربيت على كتف صديقه لكن يده إنحنت معارضة ، فهذه المصيبة أكبر من أن ينقص ثقلها بضع لمسات )

إنها مكيدة ،كانت النتيجة واضحة قبل المحكمة حتى ،إتهموا إمرأة بريئة وألفقوا التهمة عليها ليشتتوا أنظار الشعب نحو القاتل المجهول الذي عجزت الحكومة عن إمساكه ،نسبوا هذه الجريمة  التي لا شك أنها من فعل القاتل المجهول لماريا المسكينة.

آمنت بالعدالة ،إفترضت ...أنه  يمكن للقضات أن يكونوا عادلين  حتى لو عارضوا الأوامر.

كيف تشعر ؟

(صمت ليل  طويلا ثم نطق بحزن ) بالظلم ....رغم أني من سلمتها بإرادتي التامة  للأمن  ،ظنا أنني أحقق العدالة .....لكني إكتشفت لتو أن   العدالة ظالمة  .

توقف ليل عن السير فجأة فتح محفظته ورمى أوراقها في نافورة كانت أمامه تفصل مفترق طرق .

(قفز زيد  في النافورة يجمع الأوراق بفزع)

مادهاك ياليل هذه الأوراق مهمة .

ليل سمح لنفسه بالجلوس على الأرض في منتصف الشارع ،ذلك الذي يخشى أن يحتل الغبار ردائه أكثر من خوفه من أن يسلب أحد روحه هاهو الآن يغرق في أتربة الممر يتلمسه يحمله ويمسد به عيناه لعله يعميه ويريحه من قبح العالم .

ليل( متأملا معصمه بحزن)

هل قلت  مهم  يا زيد؟ ماعاد هناك شئ مهم حتى روحي التي أعرضها للموت الآن ...

يسحب خنجر القاضي الذي خبأه في جيب معطفه الداخلي ويوجهه ناحيه معصمه........







الخيال الذهبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن