جزء4

48 35 8
                                    

إنتهى من رحلة تقليب أوراق  دفتره في أحد الصفحات

الفارغة و إستوقف عليها إصبعه منحني المفصل كما لو

كان قد كسر من قبل و شفي على إستقامة  مائلة بضع

درجات إلى اليسار،  مثلا إن كان يريد أن يأشر لصفحة27

فسيتجه منحى إصبعه إلى الصفحة26  .تأملت فيه ماريا

مطولا تنتظر أي ردة فعل يخرق حاجز الصمت الذي أطبق

على الآذان .

ماريا: (بتعجب ) نعم كيف أساعدك ؟

ليل إقترب من قفل الزنزانة  الذي كان بحجم  اليد رماديا

فاتحا لامعا كما لو أنه قد صنع لتو ثبته كي لايتحرك

ولحرصه الشديد زاد من إحكام  قبضته حتى لا يتسنى له

الحراك ولو لإنش واحد تجنبا لأدنى صوت قد يفتعل من

إحتكاكه  بما يحيط به من معدن ، خاصة وأن طبيعة

السجن عاكسة لصوت صانعة  لصدى لإتساع مساحته

وإرتفاع جدرانه . فتح القفل وببطئ وحذر دفع القضبان

لتتباعد   ، صنع فجوة بحجم عشرين سنتيم وأشار  لماريا

أن تخرج  ، ترنح خطوتين إلى الخلف ليفسح لها مساحة

ضئيلة كما لو كان فتح لها سجنا ليضعها في آخر يصنعه

هو بهالته المهيمنة ،من الجيد أن ماريا سريعة البديهة

نزعت كعبها العالي على عجل وتركت  وراءها قبعتها

المعجوقة بالدونتال المنسدل  وبحذر تام رمت أول ساق

خارجا كان سهلا للغاية على تلك الأطراف الهزيلة أن تمر

من شق بذلك الحجم أبقت رأسها للأخير وصبت كل

تركيزها عليه مخرجة فكها الصغير أولا بعد أن صنعت

ميلانا بسيطا من ثم تدخلت يداها تجمع شعرها الأشعث

المنسكب خلفها  كي لايعلق بتلك المصامير العشوائية

التي تطوق بعض القضبان المهترأة ،أخرجت آخر شعرة

دون إصابات تحمست الآنسة كطفل خرج من الروضة

إستدارت بجموح حتى إصطدم حلمها بالحرية  ببطن  

ليل الذي   كان أصلب من الجدار رفعت رأسها بتذمر 

لتلمح ردة فعله عيون قاتمة للغاية لا أثر للحياة

فيهما ،بخضوع تبعت خطاه ذلك الرجل الذي ظهر من

العدم من الواضح جدا أن قيمة معطفه بالنسبة له أثمن

من حياة الناس .

القيود ليس من الضروري أن تكون أصفادا وسلاسل هناك

قيود تكبل روحك قيود الخوف و الهيمنة.

كان الشرطي يراقب كل شئ بصمت من ثم نزع زيه الرسمي وإرتدى سترة تكسوها الأتربة  وتلوثها رائحة التعب والعرق حمل كيسا قماشيا ممتلئ بقطع خشب وضعها على ظهره وسار متقدما وكان اول من خرج أغلق الباب من ثم فتحه مجددا بعد برهة  قائلا:

لقد تبعت  الجاني كما أمرت ،إنها أم الطفلان الذي تبنتهما عائلتك كما توقعت لكن جمع  الأدلة لإحالتها للعدالة  لازال ضربا من الصعوبة من الصعب جدا أن تحارب وهم الخيال ومن المستحيل أن يعترف القضات بالقدرات الخارقة الطبيعة .

ايا يكن إستمر في المراقبة ،سأصل قريبا إلى الموقع إن أردنا النصر  فعلينا إمساكها قبل الحمات وإلا سيختل التوازن سيفقد الشعب ثقتهم بالحكومة لن يشعروا بالأمان مجددا بوجود رجال الأمن بل سيكسب الأجانب الغرباء الذي جلبهم الأمير لمملكتنا ثقة الشعب وحبهم ،بعدها بلا ريب الأمور ستؤول إلى ثورة شعبية فالنظام الحكومي الجديد  الذي أنشأه الملك والعاجز عن الإمساك بالجاني الذي يقتل الارواح بعشوائية دون ترك أي دليل منذ ثلاثة أشهر بالتأكيد لن يكون محط  ثقة بالنسبة للشعب الأعزل.

الخيال الذهبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن