جزء 3

48 37 2
                                    

تبقت  خطوة تفصلها عن مدخل الشقة لامس عظم ترقوتها الأيسر   إطار الباب المصنوع من خشب البلوط الفاتح داكن  الخطوط التي وسمت بآثار الزمن ، كان متفرق الألياف متشقق الركن العلوي بينما يشاع عنه  متانته،  كرحيق تماما يفترض أن تكون بصلابة شجرة البلوط وشموخها لكن يال الوهن فهذه الليلة  بترت جأشها المتماسك و سحقته وأحالته هشيما،أرخت أذنها تسترق ماجال من حوار و زفت لدموع طريقا على  تضاريس خديها الخشنة شريطة أن تهطل بصمت...!!

جهاد :(بنبرة مبتهجة ونظرة مشرقة يداعب شعر أخيه الذي يتوسد فخذه )  الحظ هو من يحميه  يحظنه يدفيه.

وقار:(يحدق بعيون شبه مغمضة تعبة سارحا في بريق عيني شقيقه ) أنت سيد الحظ ؟ لاسيد الحظ قوي  يفني كل مايلمسه ويحيله رمادا بينما أنا وأنت لا قدرة لدينا عدا أننا أبناء أمنا ....  (يسعل ).

جهاد :(برعب و بلكنة سريعة  ) ألزال حلقك يؤلمك هل أحضر لك عصير الليمون ماذا عن حلوى العسل ليل  قال لي ذات مرة أنه مرطب فعال للحلق ...(بتوتر يرفع رأس توأمه ويسنده ببطئ و رفق على الوسادة القطنية ذات الغلاف الأزرق المطرز بخيط  مصفر فاقع)

وقار:(يمسك كتف جهاد ويشده ليسقط  على صدره ثم يلفه بحضن يعوض دفئ بطانيات العالم بأسره) لا عليك ،أخبرتك أن أمنا ضمدته جيدا ...ليست مشكلة .

جهاد(يشهق باكيا) أنا أريد العودة للبيت لا أريد أن نستعمل كطعم  لما تبقى من حياتنا .

وقار(يربت على ظهر شقيقه) يوما ما سنعود  (يتثائب) لننم وحسب ...غدا سأجبر الشمس أن تكون أكثر إشراقا لأجلك.

جهاد(بنبرة متقطعة) ماذا...لو لم تشرق الشمس .

وقار(مغمض العينين ) ومن يحتاجها...هناك دوما بدائل.

حل الصباح وقد إكتشفت أن الثقل الذي كان ينطتي ظهري طيلة الليل لم يكن غولا كما وسوست مخيلتي بل بطانية الصوف التي نسجتها أمي رحيق ،أشعر بالحرج كلما تذكرت أني نمت على صدر وقار معتقدا أني أحميه من الوحش الثقيل بينما كنت أنا الغول الثقيل  ...كم أشعر بالخيبة أردت أن أكون بطله ولو لمرة ... كنت أحدق بحلقه المضمد وأتسائل  إلى متى ستواصل أمنا حمايتنا من ثم تذكرت حلوى العسل من أين أحصل على حلوى العسل حتى لسعت أنفي رائحة فطائر الزيت وباشرت معدتي  تركل بتذمر ...أوه نعم تذكرت لم أشبعك بالأمس و  لذا إستسلمت منسحبا ببطئ من الأريكة  وضعت وسادة لتعوض مكاني و حرصت أن أغطيه جيدا ،تسللت على الأصابع أتقفى مسك الرائحة ،كانت تنبثق من المطبخ تشجعت وإقتحمته معلنا عن جوعي و كم أني بحاجة إلى خمس فطائر على الأقل  لأرضيه لكن فمي تصلب في وضع الذهول .

كانت المرة الأولى التي أرى فيها أمي رحيق تبكي بحرقة ، لا بل أول مرة ألمح دمعتها إعتقدت أنها فيض  الحنان والغضب ولا محل لمثل هذه المشاعر ،أمي
تبكي يالها من معجزة .

المعجزات تقع...... و حلمي أن أكون معجزتكم ...

الخيال الذهبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن