جزء 2

49 40 18
                                    

يصفع القمر الشمس ويجبرها على الغروب يسحبها من

ثوبها الأحمر الزاهي القصير  إلى أن يطمس  بفستانه

الأسود  السماء و يقتلع بعض النجوم البراقة  ليعوض بها

جمال النور، من  ثم يحدق  بالفتى الذي يتأمله .

جهاد : أمي القمر جميل كالعادة لكن أعتقد أن  الشمس

مبهرة أكثر كوقار تماما فاتنة ،ساطعة و  لا ترحم ...

(متذمرا) متى يعووود أود أن نلعب ....(يرمي بصره

ناحية أمه التي تبعد عنه بضع إنشات توضب أشلاء

الصحن الذي قفز هاربا من يدها المرتجفة تحمل قطعة

تارة وتسكب دمعة تارة ،يميل الصغير رأسه تعجبا لما

يبكيها إنكسار صحن يفكر قليلا و  يسقط تركيزه على

الأشلاء.

جهاد:(بصوت مرح وعيون لامعة) أووو فهمت حزينة لأنك

كسرتي صحن وقار لكن ليست مشكلة حينما يعود  رفقة

أبي كما أخبرتني، سنقتسم مافي صحني...ليست مشكلة

أبدا لا بل  سأسعد إن تقاسمنا كل شئ .

رحيق : (بحزن تكمل لملمة فوضى مجزرة الصحن و

المشاعر ) نعم حينما يعود...

تقف  لتحضر طاولة الطعام وتتفقد النافذة من حين

لآخر ، لزم الأمر بضع دقائق حتى جهزت العشاء حدقت

للمرة الأخيرة من النافذة كأنها تودع الأمل  ثم إتجهت

صوب مقعدها تحمل  شعورا ثقيلا مبهما ،وبعد أن إعتدلت

في الجلوس حملت سكين مدبب الرأس وشوكة تقطع

بهما شريحة من لحم الدجاج على طريقة الأرستقراطيين

عجزت عن إبتلاع أول لقمة رغم  كونها  مكتملة النضج

طرية ومبللة بصلصة الخضار زكية الرائحة، إلا أنها

إلتصقت بحلقها تسده كصخرة أقسمت أن تسرق أنفاسها،

قامت بسرعة تضرب صدرها وتسعل، في ذات الوقت

سقط كرسيها مسببا دويا على الأرضية الإسمنتية  .

جهاد :(بفزع)أمي أنتي بخير؟

رحيق :(تسكب كوب ماء وتومئ برأسها) بأفضل حال 

( حملقت يمينا يسارا توزع بصرها لعله يلتقط عذرا  

للمغادرة ) الماء على وشك النفاذ أكمل طعامك ريثما

أحضر جرة ماء  ( وهي ترتدي معطفها رمت بضع قبلات

في الهواء وأرفقتها بكلمة )أحبك .

‌غادرت رحيق المنزل على عجالة تجوب الشوارع باحثة

عن شبه إبنها تنظف الأزقة المبتلة الضيقة بمعطفها

الطويل الرمادي المنسدل  ، كان الوقت متأخرا وبالكاد

هناك وجود لحركة في الشارع عدا ظلها الطويل الذي

يلاحقها مخيفا الخفافيش وكل قطة وكلب لمح إمتداده ،

بينما تتلعثم خطواتها وتحتسي شفاهها شراب الحسرة

ويلسع وجهها نسمات الليل الباردة لمحت أحد المطاعم

مفتوحا فهمت  تستقي معلومات تطفئ قلقها  ،النادلات

كنا يتجمعنا حول إحدى الطاولات الدائرية المصنوعة من 

خشب الزان موحد اللون اللامع  و   ما إن إقتربت منهن

حتى سمعتهن يقلن: من الجيد أن الجنود ذهبو

سريعا ،نعم نحمد الرب أن الجميع كان فطنا وأخفوا

أطفالهم في الوقت المناسب لذلك لم يكن هناك ضحايا

كثر،عدا طفل الساحة المسكين أمه جنت من هول ماحل

به ،أسمعتن بأطفال المسرح يقال أن متسولا وجده

مذبوحا  ،المساكين أين أمهاتهم حينما ذبحوا؟بعض الأشخاص

لايستحقون أن يرزقوا بطفل.أمسكت صدرها  الذي كان

يعتصر ألما وهرعت تركض باحثة عن صبي ليس لها لكنها مجبرة على تربيته تسير في الأزقة بتيهان تهذي بجملة  إنه ليس طفلي ليس طفلي  لها تخفف من وقع ألمها،طالت

ساعات بحثها إلى أن بزغ الفجر حينها إستسلمت وعادت 

تجر أطنان الندم وتنسج جملا قد تكون عذرا  تخبره لأبيه واخيه  اللذاي سيعودان في عطلة الأسبوع، فتحت الباب

وصعدت الدرج تتكأ على الحائط حينها سمعت جهاد

يحادث أحدهم .

الخيال الذهبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن