جزء7

48 33 7
                                    

في المحكمة حيث يعم الصمت كما لو كانت أجواء جنازة

يحرص الجميع  فيها على إطباق أفواههم و خياطتهم كي

لاينبسوا بكلمة   ، و أمام الملئ يتوسد محامي الضحية

مكتبه المشيد على الركن الأيسر من القاعة كل  الرقاب

كانت تتجه نحو الأعلى  رافعة تلك الوجوه الصارمة التي

تترقب مكتب القاضي   العالي للحد الذي يتطلب صعود

سلم للوصول إلى منبره .

فتح باب القاعة الزجاجي  الضخم  لا ذلك لم يكن زجاجا

بل فسيفساء ، قطع  قد تبدوا لك للوهلة الأولى مجرد

لوحة فنية من أحجار صفراء حمراء زرقاء  متناثرة من ثم

ستبهر حينما تمعن التفكير وتحل اللغز فالفسيفساء تروي

قصة حضارة طويلة عريضة نحن في غنى عن ذكرها ،

يدخل القاضي كان شيخا تسعينيا أحذب الظهر طويل

الذقن صغير الفك غائر العينين خطواته أبطئ من سير

السلحفاة في أرض وعرة تطلب الأمر ربع ساعة ليقطع

المسافة من الباب إلى مكتبه والتي تقدر بتسعين سنتمترا

هذا يفسر تأخره عن ميعاد الجلسة بقرابة الساعتين .

ليل الذي كان ينطتي مكتب المعارض المنتصب على

الركن الأيمن والموازي لمنزلة محامي الضحية رفع يده  

حينما إعتدل الشيخ القاضي في وضعية مهيبة  موزعا

جسده الهزيل على أنحاء مختلفة من كرسيه القطني

الأحمر مستطيل مرتفع  المسند خشبي السيقان .

القاضي الشيخ:(بنظرة حادة رمقت ليل و إرتشقت على أنظار الحضور كسكاين غرزت بلا رحمة ) أأذن لك بالحديث يامحامي الإعتراض.

ليل :(يثبت كفيه على طرفي مكتبه ويباشر قائلا) وضعت

بين أيديكم ملفات الشهود التي تنص بلغة صريحة خالية

من أي نفاق أو ضغط ملقى عليهم أن موكلتي تندرج ضمن

الخط الأحمر للمرضى النفسيين أرفقت التقرير الذي بين

يديك بوثيقة طبية تؤكد الحالة التي فيها لذا يرجى أخذ

هذه  المعلومات بعين الإعتبار .

يقلب القاضي الملفات يستغرق مايزيد عن النصف ساعة

يدقق في  كل كلمة وسطر ، الضغط الذي كان مسلطا على

ليل طيلة تلك المدة جعلت جبينه ينصهر  ، قطرات العرق

ملئت سطح مكتبه بينما لزال يكافح ليبقي ملامحه جادة

الخيال الذهبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن