ظلت لياليّ تتوارى بهدوءٍ يجعل من الأفكار تقتاتنِي شيءً فشيء، يومًا فيومان حتى تشكل أسبوعًا منذ ذلك اللقاء بيننا، وحيثما كنا نتقابل لدقائقٍ بالكاد تُدرك، لحظاتٍ هادئة جدًا ألتمس فيها معاني ندفات الوجود قبل إرتحالك والذي يجعل فاقتي إليك تزداد
حيثما كنتُ أقف متطلعًا قدومك في أماكنٍ عديدة؛ كأسفل تلك الشجرة في تلك القاعة الفارغة، في سطح البناية أو عند أحدى الممرات الفارغة، حيثما كان حديثي الوحيد عند لقياك هو الأفصاح عن بلاغة الشوق بي وعن كيفما كان لقياك يحدث العديد من الأمور بي
بالخفاء كنا نحتوي بعضنا البعض، بالخفاء أفرد لك ذراعي كمن يتلاقون بعد رحلةٍ طويلة عند مقالع الطائرات، أحتويك بين يداي كأحتواء السُدم للنجوم، وكفتوق الشهب بين المجرات يعتريني شعورٌ بليغ بالحُب، مُبهرًا في وقعك فيّ كنجمٍ في دروب النيازك
أحتويك وكم توحشني الدقائق التي تتلو لي فيها وداعًا بعدها، توحشني تبدل الأيام والأحوال وكيفما كان لقاءً كلقياك الدائم يبيت منقطعًا لا مُرززًا، أن تتبدل روتينية مجالستك لساعاتٍ لا تُعد فجأةٍ
"ألم يطرأ لك أن تناجيني بما يصدك عني بعد؟" حادثته بينما احتويه بين أحضاني أسرح خصلاته بلينٍ بالغ، أجس أنحفاض أنفاسه بيني "الا تود بعد يا تايهيُونغ؟ يمكنني أن أحمل من ثقلك شيءً أو أكون كتفًا يسندك في أضعف الأحوال، أخبرني عما يجعلك تحضر إلي ككيانٍ فحسب لا بروحٍ واعية، لا تدع من عقلي يشكو رياح الجهل تسيرني فيما لا أشتهي" أصريت في قولي لأول مرةٍ عوضًا عن محاولاتٍ بالية في سحب الحديث من أطراف فاهه، أود برغبةٍ واضحة أن يخبرني بما يقيد أطرافه ويجعل منه يلوح كدُمًا علقت بحبالٍ لمسرحية هزلة
وقليلًا حتى شعرتُ بهيأته تفارقني، يحدق بهدوءٍ حيث الأركان كمن يجمع من كل زاويةٍ حرفًا ليكون بها جُملة متقنه "الحقيقة هي" هادئًا لا يبصرني ينطق "هي مالا يمكنني أخبارك به" بنبرةٍ يسودها هدوءً كسر بي أمورًا عديدة حادثني، خيبةٍ طارفة منه أعوتني
وحل بيننا بعدها صمتٌ وجرحٌ، أبصر حيثه ولا يبصرني، أجابه بين رقة محياه حروبًا تنشد هلاكي، أبصره لمرتي الأولى بمعانٍ من الحُزن تغلفني، وددتُ بأن لا أفعل لكني فعلت
أخبرت نفسي مرارًا بأننا نسير في بوادر أمورٍ عديدة، وأن لا بأسٍ بالأسرار من حينٍ لحين، أخبر بذلك الحديث مرارًا لكن مقاصده لا تنتعلني، معانيه لا تصلني، لا يشابه وقعه أفكاري
وددتُ لو أن أكسو نفسي بمناشد التفهم وأخبرة مبتسمًا أنني سأنتظره لكن أليس الوقوف في نوافذ الأنتظار طويلًا ما يجعلنا نهوي في آمالٍ وخيبات؟