الكلِمات تصنع أغلالًا

18 1 0
                                    

أشعر مؤخرًا أنني أعيش في أيامٍ قد أصابها العقم بشكلٍ بالغ، لم يعد يذهلني شيءً بها ولم تعد هي في واقع الأمر تحاول أذهالي، أعيش ومنذ دهرٍ طويل ذات اليوم لمراتٍ لا تُعد وبخيباتٍ لا تُحصى

حياةٌ أنضاءٌ بالية، لا يعتليها خيرٌ ولم يقصدها تجديدٌ ولذلك كنت أجسني أموت لمراتٍ عديدة في يومي، تتسلقني الصعاب ثم تنقضي وأنني لازلت عالقٌ بها لا أنقضي ولا أجاري حتى سير الأيام ولا يكاد يلاقني طرفًا من الأعتياد

وأنه لمن المُتعب العيش مُعلقًا بحياةٍ كهذه، وأن تسير في أيامك وأنت تحمل ضغائنٌ وهناك من يحمل ناحيتك أضعافٌ، أن تحيطك المعاضل وتتمكنك ويبيت الأمر أشد سوءًا أن كانت معاضلك في عائلتك، وضغائنك التي لا تنضب تُصدر منهم

وقد بت أعتقد مؤخرًا أن أسباب بأسي تكمن في كوني كنودٌ لا أكاد ألوك واقع أمرهم، مازلت راغبًا بهمسات رضًا منهم، بعناوين قبول ونصوص أنتماء، آمل وفي أملي هذا قد شُيد سقف آمالي عاليًا وكان واقع الحال من بغضهم ما يهدم سقوفي فوقي؛ كلما أدركت أن لا شيء بي يرضيهم كانت أعمدي تنهار رويدًا رويدًا

لاشيء بي يرضيهم ولست قادرًا حتى أن أُجبر أحدهم فيرضى، ولم يعد بوسعي مؤخرًا القيام بسرحيةٍ هزله أزيف بها حقيقة النفس بي لأن يلاقني حُبًا أو طرف رضًا، لأن يصادفني حنوًا أو طرف لين؛ لعل بذلك تذوب ضغائني فأضمد، لعل بعد ذلك ينتابني عتابًا عن كل ضغينة أعتملت بي حيالهم ولكنهم لا يجيدون سوى تعزيز شعوري البغيض.

وإن وقع العائلة في حياة الفرد لا يشابه وقع أحدٍ آخر، أذ أن العائلة في واقع الحال هي معاني الكون التي ستُزرع بنا، يمكننا وأن نظرنا أعمق لمرةٍ في واقع عائلة أن ندرك كيف يرى المرأ من خلالهم العالم، كيف تخيل له العلاقات ومقاصد الأُناس، أن ندرك من أحاديثٍ عابرة بين أفراد العائلة كيف يرى المرأ منهم نفسه

وأنني ولطالما كانت محاولات سعيي تشيد أبتغاءً بأن لا يدركني الكون من تأطيرهم، وأن لا تغلب وحشتهم عالمي، وأن لا تتسلل نظرتهم لحقيقة النفس بي، ولكني؟ وكلما سُئلت عن أصل الروح بي وجدتني أستعير منهم تعاريفًا موحشاتٍ عني، أراني أقف في دواوين أقوالهم أتلوها على مسامع العالمين

وكم كان كيان النفس بي موحشًا مشوهٌ تمامًا، لم أعد قادرًا حتى في خلوتي أن أستشف طرفًا حقيقيًا بي، وكأن الحقيقة في مغارتي قد فقدت مناطها، أو وكأنما الروح بي لم تجد متسعًا تملأه فكل ركنٌ بأحاديثهم كان مجبولًا

كنت مُغربًا بي لا أملك حيزًا الا وقد نفيته قبل أن ينفر هو، أنفي الأمور خشية الأعتياد، خشيتٌ من أن أستيقظ يومًا بعد مزاولة الجدا فاقهٌ تعزوني أمورٌ عديدة، ولكن روحي التي تأبى وتنفر والتي كانت الغُربة مرامٌ لها وجد من الحياة مرأبٌ

سكُون حيث تعيش القصص. اكتشف الآن