عندما يبلُغ بك الحُب قممه

21 2 0
                                    

لا يعي المرأُ أموره سوى عندما يدعوه موقفًا لأن يفعل
لطالما ظننتُ أن نباهتي في تصيّد الأمور وملاحظتها تقيني، وأن أدراكي لعديدٍ من المواضيع وأخذي من كُل بحرٍ قطرةً تحميني

وأن الوعي المتشكل في المعرفة كافٍ، لم أكن أعلم أنني ساذجٌ لذلك الحد في قناعاتي هذه، كان يجب لأحدهم أن يخبرني سلفةً أن للوعي مراحلٌ وفضّلتها التي تشكِّله هو العمل

وأن أقتناء الوعي ووضعه في رفوف النسيان حتى يأتي حينٍ ينفض من رفوفنا ركام أغبرتها فيستدعي وعينا بها ليست سوى سذاجةٌ بالغة لا تعيها الا في حينٍ لا يسعك به الوقت لأن تدرك خطأك، فتظل خائبًا بعدها.

في أحدى أيامي وفي فتره ضحاه تحديدًا وأعتقد أن هذا الوقت من كُل يومٍ هو الأحن لي، حيثما كنا نجالس بعضنا عند أحدى القاعات الفارغة والتي أعتدنا الأرتداد لها مرارًا

حيثما كان يحادثني عن أمورٍ عديدةً وكُنت أنا أحادثه بعيناي التي لا تعرف من الجمل شيءً لتشكلها سوى بلاغةً تامةً في الحُب ومعانيه

كُنت أبصره بعينٍ بصيرةً تمامًا، أرى من بين عينيه وضحكاته، من بين أهدابه وفراغات أصابعه حُبي يتشكل فوقه، أراه بعينانٍ حالمتان لا يعميها أعجابٌ قد يمحي كل ملامح الواقعية في رؤياي له، أراه بحُبٍ يتشكل أبتداءً من أصغر أموره فأكبرها، من عيوبه حتى محاسنه فأُحبه في كل لقاءٍ أكثرُ من سابقه

أتمعنه وأصغي حيث أحاديثه وأدرك كم كان لأحاديثنا وقعًا مختلفًا؛ ليس لي فحسب، فحتى هو أرى كم كان يتجرد من معاني الصمت ويحادثني كمن لم يتحدث يومًا

"أوهٍ كدت أنسى" طرأ لي أمرها فجأةً لألتفتُ باحثًا بين حاجياتي عنها "بالحديث عن كعك بارمبراك تلك الليلة، عليك أن تتذوق ما أُحب لتحبه أيضًا" تبسم لقولي بدفئٍ بالغ يكاد إن فر أن تذوب له ثلوج أيرلندا بأكملها

"هل حان الهالوين مُجددًا؟ لما لم تُخبرني بخدعةٍ أم حلوى؟" هزلًا في قوله يحادثني وتبسمت وسعًا، وأن هزله أفضل هزلًا قد قيل لي قبلًا

"هل أعددتها بنفسك؟"بينما يلتقط أحداهما أفصح وشردتُ لسؤاله مفكرًا "نعم" حدق حيث عيناي يكسوه الغروّ واضحًا "حقًا! هي مُتقنه تمامًا" تبسمت لأطراءه بهجًا، وشعرتُ حينها بشيءٍ ينزاح مني ويفر اليه ليقبل حلّو الحديث من فاهه ولم يكن شيءً عدى خُلدي ورغباته القائمة في كل حينٍ نكون نحن به

"خُدعة، والدتي من فعلت" قهقه لقولي وقهقهتُ بيني لرغبتي الهوجاء في أن أستمع لأطراءٍ منه "صُدمت كذلك لا أذكر أنك تجيد الطهو" ألتقط قطعةً أخرى بين كفيه "أستطيع أن أردت" حدق اليّ قبل أن يومئ مبتسمًا رغمًا عن الكعك في فمه. 

سكُون حيث تعيش القصص. اكتشف الآن