لم يكُن من المؤلم لي أن أتلقى أنواعًا لا تُحصى من الأذيه
كان ما يؤلمني أن لا أحد يعزيه ألميعشت في حياتي لا أجيد من الأدوار شيءً عدى دور 'السجين' الذي يقضي حياته يدفع بشق النفس جزاء جريمته 'جريمة الوجود' وكنت أنت أبي القاضي هنا، والذي يصادف أن أحكامه تدينني كمجرمٌ -على الدوام- يستحق عقوبه لوجوده على قد الحياة
وكان جلادُك الذي يقيم عقوبتك المتلّوه على الدوام وينفلد، كنت يا أبي حذقٌ تجيد الأختيار في كل الأمور حتى في أمورٍ تبيدني بها؛ فلم يتخلف جلادك يومًا أو يتخاذل في أداء عمله قط
كان حزامه يجيد رسم جراحه بمهاره عالية، عيناه مُبهره ويديه ماهرة وكأنه ورث ذلك منك، وذلك ما جعل منك غيورًا خائفًا أن يتفوق تلميذك عليك، فظللتما تتناوبنان كلما سمحت الفرصة ليثبت كل منكما موهبته الفذّه، وكنت أنا كل لوحاتكم
ظللتُ أعيش أعوامي وأن أكبر ما أخشاه عيناك علي، أن أستمع لرنه صوتك وأنت تحكم علي كمجرمٌ يستحق عقابه، خشيت الريش واللوحات، خشيت أصوات الأسواط والجلّاد
ظللتُ أموت لا أعيش وأنا أدرك معنى واحد من الأذية وأتجاهل أذيةٌ تفوقها كالأعمى أو كمن يدعي العمى لأن لا ينحط لفجيعته الكُبرى، الى حينٍ لاقاني به الأدراك بقسوةٍ بالغة، لحينٍ لم يسعني الأدعاء به ففر.
في مساء يومِي والذي يسبق يوم رحيلي الموحش، وحيثما كنت أرجوهم كالحديث الوحيد الذي أجدته في أيامي القليلة الراحلة، حفظت معاني الألم المتدفقه في أجوبتهم وتعاريف الكسر والجرح البالغه منه
حفظتها حدما شعرتُ أنها ستُنقش فوق قبري حين مماتي كعارِي الذي سيلازمني حتى موتي، عاري كان في كونهم عائلتي وأن أسباب خذلاني التي ستحيك مميتتي يومًا تكمن بهم
واهٍ يال بلاغة الخُذلان بي ..
يال حزني عليّ ويال الشفقه العارمه التي تتلبدني عني في رجواتي لهم، ياله من حالٍ بالي الذي أنا به، حالٌ يفقدني أدراكي به لشده وحشته، حالٌ أرتفعت به خنقات قهري العارم تعريني عن وعيي لفرط الشعور القاهر بي؛ لكون رجواتي وأنزياح شتات كرامتي الباقية لا يحرك بهم ساكنًا! لا يلين فؤادهم لصوتي المجروح ولا تزعزعهم رناتي المهزوزهفصرختُ بقسوةٍ للا شعور الذي يبدونه لي، صرختُ بقوة لعل أحباطي البالغ يصلهم، لعل جرح صوتي يدركهم، لعل ما بهم يلين لمرة .. وكُل مرة لم تكن المرجوّه
ثم في حيني الذي فر به عقلي ورُزز الجُنون في أوصالي، قررت أن أرحل قبل أن أُّرحل قسرًا، أن أرحل أمام مرأهم وأجعل لأبي أسبابًا أُخرى يدينني بها