مُتعبٌ
أنه لمن المُتعب تقبل سير الأمور، لمن المُهلك محاوله لوك ما لا يمكننا أن نستسيغه، يجتاحني تعبٌ فضيع، تعبٌ مهلك، تعبٌ وإن نزع من خلدي وعلى الأرض سقط لمالت! لهلك الجميع كهلكتي وجزعوافلما أخترتني يا إلاهي لأن أضحي؟ لما وددتني أعيش بحزني ذلك طويلًا؟ لم أكن بذلك السوء لأُهلك، لم أكن حتى بتلك القوه لأحيى طويلًا هكذا فإن قول أيامٍ تؤول للمضي قد أفترني! قد جزعت سقم الأيام ومضنتها، نال مني حقًا قولٌ لا أدركه
وإنه لمن المُحزن أن أدرك ولكني أدركت
أدركت بأن المأساة تكمن بي، والخطأ في حياتي يعيش فيّ أنا، وأنه وإن رحت فوق القمم ألهو، أو عند البحار أشكو، فالمعضلة هي أنا! الأماكن والأشخاص لا يسلون شيءً كان بين الترائبُ يملك مناطًاعدت من بعدك خائبًا يا حبيبي أنا من كان يظن أن بلقياك أُشفى
عدت من بعد رؤياك بالعبَر غريقٌ أنا من كان يظن بك النجاةُ تكونأنها محاولتي الأولى فما بال مفوجوعٌ لذلك الحد؟ ما بالي واهيٌ فاترٌ لا أقوى شيءٌ؟ ما بال القول من فاهك يخدشني أنا من ترعرع بين بيادقٍ من سموم القول، ما بال الرفض منك يجرحني أنا من عاش لا يعرف معنى القبُول!
عدت من بعدك يا حبيبي سقيمٌ، من بعدك كنت مريضٌ، عدت من بعد لقياك بجبالٍ من الخيبات، عدت من بعدك وعيناي تغرقها الدموع ولأول مرةٍ يا عزيزي لا ألقاك في أحدى الأماكن تنتضرني وبأحضانك تحفني، لأول مرةٍ لا أراك تستوطن أحدى أركان طريقي وتأتي لتنهي معضلتي، لأول مرةٍ يا حبيبي أنت تبكني، ولا أظنني قد عرفت البكاء قبلًا أنا من تستعير البحار من دمعه ملوحتها!
في ليلتي تلك يا حبيبي أدركت من الوعي حصصًا قاسيات، أدركت مدى غربتنا ومدى قسوة القول في أفواهنا وعلقته، أدركت مدى ثخانه الحواجز بيننا وأبكاني من بين ذلك كثيرًا فكرة أن ما كنا به بات ماضيًا، وأن حبي وذكراي لك بات باليًا تحيطه الغبرة.
مرت أيامٌ عديدة رتيبه، يضمرها التكرار ويعويها الهجران، أيامًا عديدةٌ أسقمني البكاء بها، أفترني الإكتئاب ومحاولات النجاة التي تنوح ضعفها، أتعبتني الآمال الواهية والدعوات العائدة الخائبة
في أحدى مساءات أيامي الخاوية، خرجت من مطبخي بكوب قهوةٍ أضاهيه فتورًا، برداء أستحمامي القطني الناعم أسير برويةٍ بعدما أستحممت لمرتي الخامسة كالنشاط الأنساني الوحيد والذي يسمح لي القيام به
فتحت أبواب شرفتي على مصراعيها تلفحني الرياح العاتيات ويرتجف بدني بردًا لها، أستوطن أريكتي أقابل الفراغ في روحٍ مني تشكوني، تستنجد بي، تدعوني لأنقذها من الضياع، تحكي لي بصوتٍ خدشته غلظة الأيام عن مدى تفاقم الأوجاع بها، عن مدى رثاء السنين ولوعتها، وكنت لأنهزامها منصتٌ، لأنهزامها كنت أنا مخدوشٌ يؤذني قيح جروحي، كنت لأقوالها متأثرٌ متصدعٌ أبكي عوزها وقله الحيله، أبكي على الأقدار العليله والأختيارات الخائبة، أبكي حد الصداع، حد النحيط والدنف