بحرٌ من الشعور

15 1 0
                                    

كتابٌ أنا
كاتبٌ أنا وبين يديك فهرسي
فعرفني علي، حادثني طويلًا عني، أشرح لي كيف أكون في عينيك، كيفما توصلك أحرفي، وكيفما تفهم نصوصي

كاتبٌ أنا
كتابٌ أنا وبين يديك تتجرد أغلفي
فأنظر لي، أمعن بي، شاهد رثاثه أوراقي وتعفسات أطرافي، حدق حيث حقيقتي وأدركني، ثُم غلفني من بعد ذلك بشيءٍ منك لأشبهك

كتابٌ أنا
كتابٌ أنا وأنت وحدك من يقرأني
كتابٌ أنا وأنت وحدك من يفهم لغتي
كتابٌ أنا وأنت الإهداءات والتي لأجلها تكتب أحرفي
كتابٌ أنا وأنت دواوين كتبي وحُفاظها

كتابٌ أنا وأنت ختامه
أم كتابٌ أنا وأنت بدايته؟

فإني أود أن أسطرك ببروزٍ، بخطٍ عريض أو بصفحةٍ لا تحوي سوى أسمك عليها، أود أن أضعك كنصٍ خالدًا بي، كقولٍ يهذى بأحرفه، كخطابٍ ينسى به كتابي ولا ينساك، كفقرةٍ وكلما شارف إنتهاءها أعاد قرائي بدايتها

كتابٌ أنا، ورقٌ وحبرٌ وصحف
خريفٌ أنا، مطرٌ وبرقٌ وغيم
ليلٌ أنا، بردٌ وريحٌ ونجم
بحرٌ أنا، موجٌ ومدٌ وجزر

نارٌ أنا فهلا أخمدتني بحضنٍ منك؟
شتاءٌ أنا فهلا أدفأتني بقول منك؟
حالكٌ أنا فهلا أعرتني نورًا منك؟

مريضٌ متعبٌ أنا ألا لي أن أستريح فوق كتفيك؟
عليلٌ أنا تغلبني الذكريات ألا لي أن أستكين بين ذراعيك؟

فإن الماضي يلحقني، يسعى ويصلي خلفي، يودني ميتًا منسيًا به وأظنني قد نسوت به حقًا، أظنني قد أموت به ويغلبني المنون خائبًا مهزومًا به يومًا .

نهضت بقسوةٍ فزعًا للمآتم فوقي، أشهق بقسوةٍ للمقابر حيث خلدي أمسكه فإذا به نازفٌ لهيف، تشجيه الأحلام، تمعمعه الذكريات المخدوشة، تشقيه الأصوات، الوجيه، المواقف التي تحملك بها، فحتى ذكراك في المنام كانت جارحةً يا أمي

أنزلت أقدامي بهيعه بدني وأرتجافه، بنغر دمعي وغلظته، أسير بترنح، بإضطرابٍ وإرتياع، خائفٌ أنا ولا أعلم لأي مكان قد آوي فحتى أحضانك خشيت أن يغلبها بؤسي فأعديك، حتى أكتافك خشيت أن يثقلها دمعي فأكسرك

جرجرت تخبطاتي تاركًا جانبه، أبحث بوهني بين الأرائك عن مسكني والذي لا يزيدني سوى حسرةٌ، فقد ظننت حقًا أنه وبرؤياك يا حبيبي سأشفى، ستعتزلني الآلام وتنقضي، سأعود وبين يداك سأعيش مجددًا، فما بال الأحزان تتمسك بي؟ ما بال الأتعاب لا تغرها من الأمور شيءٌ عداي؟ وما بال الأيام لا تكفيها دمعي ولا غلبه أمري؟

فسقط أرضًا أبكي خيبتي، أبكي لغوب فكري وإيماني به، أبكيك طويلًا يا أمي وأبكي قسوتك وقسوة وقعك وعمقه بي

سكُون حيث تعيش القصص. اكتشف الآن