أي عزفٍ سيفوقك؟

32 2 0
                                    

الأدراك، كلمةٌ تحمل عديدٌ من المعاني والأفكار، تحمل عديدًا من الذكريات والأوقاع، مشاعرٌ لا تُحصى حُملّت بها كالقسوة والود، كالخوف والرغبة في أدراك الأدراك

وأنني؟ لطالما حملتُ بالوصف الأول مما سبق، لطالما كانت أدراكاتي قاسية تسودها الجرفة، حتى بت وفي كثير من الأحيان أسعى للجهل والهرب، لحدٍ تمنيتُ به عندما رأيتُ شهابًا -كأحمقٍ يظن الأستجابه منه- أن أضحي لغوبًا لا يفقهُ من الأمور شيءً؛ لكون الجهل وفي أمورٍ عديدة يضاهي نعيمًا عوضًا عن كونه نقمةً

وقد أخبرتُ أخي عن ذلك في ما مضى ولكنه أجابني بنبرةٍ يسودها العجب "أوليس ما يجعل من الأدراك مؤلمًا هو مدة أنغماسنا في جهلنا سابقًا؟ سيُلاقيك الأدراك بكُل الطرق لذا أختر أقربها أليه" ورغمًا عن الصحة الواضحة في قوله ظللتُ آبه برغبة أنسانية واهنة في عدم الترجع من الألم شيءً.

في عُتمه أحدى إجازات نهاية الأسبُوع، كُنا نجالس بعضنا عند فناء منزله الخلفي، نستلقي أرضًا ونُحدق للسماء أعلانا رغم الثُلوج أسفلنا، أستمع لوتيره أنفاسه الهادئة بجانبي

وقد كانت الساعة هي الثالثةُ فجرًا، الأرجاء باردٌ يكسوها حنينٌ عجيب، وكأنها ليست الأرجاء عينها بذكرياتي قبلًا، وكأنها ليست الأرجاء ذاتها في الصُبح أو قبل أمسٍ أو أي يومٍ كنا به معًا سلفةً

كانت تحمل بها وقعًا آخر، أحساسٌ آخر وصوتٌ أو طعمٌ رُبما وأن ذلك لا يُعقل! ألتفتُ برويةٍ لجانبه عندما لحظت أنتظام أنفاسه ظنًا مني أنه قد غفى لكن عينيه الواسعتان والتي تبدُو كبحارٍ أو مُحيطات كانت تُحدق اليّ بذات وقع هذه الليلة وأحساسها وصوتها ورُبما طعمها؟

زفرتُ برويةٍ لأنظاره الفاتره ولأضطراب خُلدي البالغ ولهذه الأحاسيس العديدة، أوكنتُ وحدي من يخالجه هذا الشعُور الغروّ من بيننا؟

أقتربتُ بهيأتي ناحيته أستطيع أن أحس بحرارة جسده أكثر وأكثر كلما أقتربتُ أليه، أقتربتُ حدما أختفت برودة الثلوج أسفلنا وحدما تدفق حرارة شعورٍ لم ألزمه قبلًا فطغت

أقربتُ لأقصى حدٍ قد نكون نحنُ به فتبسم، لحظتها فوق شفتيه، خافته هادئة بالكاد تُرى لكن ولقُربنا البليغ هذا فعلت

برويةٍ مررتُ يداي عليه أزيل شعره الناعم من فوق ملمحه، أستطيع أن أشعر بكم كان ناعمًا أسفل باطن كفي، خديه ناعمان مُزهران رافهٌ رقيقٌ، يكاد أن مرّ عليه اللينُ شكى قسوته عليه

دنا اليّ أقرب حتى بتنا نزفر عين النفس، حدما كاد يُصبح رمشه رمشي وعينيه تُغلق بين عيناي، مررتُ كفاي برقةٍ بالكاد تُجاري نعومة ملمسه، فوق خُصلاته والى خلف رأسه، فوق عنقه والى ظهره، مررتُها أحاول أن أستشعره تمامًا في فعلتي

سكُون حيث تعيش القصص. اكتشف الآن