في ثالثه بعد مُنتصف الليل، كُنت أسند رأسي حيث كف يدي أحدق بالستائر المرتدة بعبثية بفعل الرياح العابرة وبعضٌ من الثلوج وجدت لها سبيلٌ حيث الداخل، بدوت في حيني هذا وحيدٌ لا يأنسني أمرٌ عدى زجاجات الخمر الفارغة مثلي
رويدًا حتى شعرت بحركة هادئة حولي ولم أكترث كثيرًا فقد كنت منغمسًا بالتمني والرجوات؛ لأن أضحي أمرًا خفيفًا لا يثقل كاهله شيءً كحبيبات الثلج أمامي مثلًا، وقليلًا حتى أستمعتُ لشهقةٍ خائفة تُصدر
"أخفتني تايهيونغ" حادثتني مارفين بخشيةٍ بالغة قبل أن تلين ملامحها فتهدأ "لما مازلت يقضًا؟" ولذلك تنهدت واضعًا رأسي بين يداي أعكف نفسي عن أبصارها المتمعنه إلي
وعندما أطلت بالصمت متجاهلًا أمرها أقدمت إلي تحرك المقعد بجانبي جالسة "هل أنت بخير؟" حانية الصوت كمن تشعر بذات صدري، كمن تشعر بكمدي قبلي تخاطبني
وأظن أنها وإن أدعت قسوةً مُجارية الجميع هنا فإن شعور الأمومة بها لتربيتي سيظل قائمًا لا ينضب يعيدها لنهجها سابقًا، ذلك الشعُور والذي لم تشعر به أمي
"هل أبدو؟" ولذلك صمتت هي قبالي أبدو في حيني هذا بائسًا حدما لم تجد هي كلمةً تلقي بها لي فأضمد، أو كمن لا تعي بعد لأي عزاءٍ شهدته بي قائمًا يجب أن تتلي أسفها وتعيرني بعضًا من دمعها لأبكي به
"أشعر بفتورٍ يغلبني" وأعتقد أن رنتي قد جسدت كل حرفٍ من كلمات قولي "لما؟" أستطيع أن أجسها تسند رأسها بجانبي مرززةً أنظارها حيثي
"لما؟ لأسبابٍ عديدة لا أحصيها وبعضٌ منها لم أعد أدركه مخذولٌ خائبًا، أنا وإن جُسد شعوري هذا لكان ككفيفٌ كُسرت عصاه التي تدله في أحدى الوديان، أو كأصمٍ مبتور اليدين طُلب منه إفادة لحادثته، ميؤوس منه تمامًا وما يزيدني في خيبتي سبرًا أنني ما كدت أكتفي لأن ينتهي الأمر بكل هذه الوحشة
أشعرتي بذلك قبلًا يا مارفين؟ أن شعور سعادةٍ لا يكسوها كسرةٍ ما صعبًا لك بل مُحال، وأن الحياة تقف بجنودها ومن على الأرض أجمع يصرخون رفضًا لسعادةٍ بائسة تعنيك؛ وكأن بهجةٍ عابرة تعني لهم وغًى قد تبدل أحوالهم لأوحشها، تشعرين ولشدة أعتمال الخيبات بك أنك أشد ثُقلًا من السماء، والسعادة لك هي الأرض والتي ما كانت لتلمسك إلا حين فناء الكون
ويكمن غليلي من كل ذلك في كوني جاهلٌ؛ كيف للأحوال أن تبدل بعضها البعض لتحكي مآسٍ بهذه السرعة! وأنني كنت حريصًا أخشى حتى الظل لأن لا يلقى لأحدهم علمًا، وأنني كنت أصون مابي لكي لا تؤذي بهجتي أحدهم ورغمًا عن كل هذا؟ لم أصب، ولذلك تحديدًا كنت ميؤوسٌ منه" شاركت أدمعي قولي آسيةً حُزني البليغ