تُعلق الأمور بما أعتدنا على مزاولتها
كانت الروتينية أحدى الكلمات التي تمثلت في قولي هذا، لطالما ارتبطت لدي بمعاني الملولة ليس لكوني مللًا منها؛ بل لكوني أعتدت أن أستمع لعديدٍ من الأناس يسخطون مللًا منها، ولذلك وكلما ذُكرت كان شعور الملولة هو ما يطغىرغمًا عن كوني ما كرهت روتينية أيامي أبدًا، كنت وبغرابة بالغة أسعى لاستمراريتها؛ ربما لأعتقادي أن الروتينية في يومي هي ما تحكم زمام أموري
ومؤخرًا وبطريقةٍ لم أعهدها كنت أكره الروتينية البالغة بي، مللت من كل شيءٍ يتكرر أمام مرآي، حدما فعلت أمورًا عديدة لم أعهدها بي قبلًا؛ كالنوم ليومٍ كامل لأن لا أعيش يومًا آخر أعرفه جيدًا
مللتُ كذلك من كل الأُناس مؤخرًا، مللت كل الأتصالات الواردة في كل الأوقات، كرهتُ تلك المحاولات البائسة التي تصدر منهم -عائلتي- أنا غاضبٌ أن صح وصفي وكان سبيل تفرغتي هو السخط من أيامي
أحمل بي عتابًا بالغًا، أود بشدةٍ لو أن أنفض ركامه بصخبٍ أمام عينيك أبي، أن تسمح لي ولمرتي الأولى أن أخبرك عن معاني غضبي الذي أسرفت في بناءه بي
ولكنك كنت أنانيًا على الدوام أبي، متعاليًا على وجه التحديد، لم تنصت الي مرةً، لا تعترف بخطئٍ منك قد صُدر، لا تقبل أصابع الأتهام والعتاب الموجه إليك، تجعلني أشعر على الدوام أنني أُبالغ في عيش غضبي، وأن الخطأ يكمن بي فإن رجلٌ مثلك لا يصدر منه هفوةً
ولذلك ظلت أيامي تسير بغضبٍ بليغًا بي، ظللت ساخطًا على الدوام، مُشتتًا لا أعي ما أُوده في غضبي حتى، وكأن التعبير عن الغضب أمرٌ طارفًا لي والعيش معه أصعب مما يمكنني فهمه
أود أن أتلقى اعتذارًا لكنني عندما لاقيتك أخي تنتظرني عند مركبتي، حيثما ظللت تتودد الي قولًا معتذرًا عما جرى، دفعتك بقسوةٍ بليغه ثم صرختُ بك راحلًا، لست وكأنني من تمنى ذلك منذ رحيلي
وأن ذلك قاسٍ، حادثني ديميتري برفقٍ عن فعلتي خشيةً من أن أفيض غضبًا به كذلك، وقد وعيت في قوله أنه يُعاتبني على فعلتي لكن مالم أعيه لما قد أُعاتب؟
أولم تختار يا أبي أن نصل لحدٍ بالٍ كهذا؟ لما كان علي التفهم دومًا موقفك في حينٍ كنت أنت لا تحاول؟ ذلك ليس مُنصفًا بتاتًا، لم تحاول حتى في الأسبوعان المنقضيان أن تُصلح ما بيننا
لم تأتي الي سائلًا عن أحوالي، لم تُفكر حتى أين كنت أمكثُ في ليالٍ شديدة البرودة كهذه، لم أتلقى أتصالًا واحدًا منك! أتصدق؟ لم تدعي حتى أهتمامًا بائسٌ لي وإن ذلك مؤذٍ تمامًا، وما يؤذيني أكثر أنني أرغب في أهتمامٍ كهذا منك أبي ..