ازيكم عاملين ايه
جاهزين؟؟؟
يلا نبدأ
وما المشكلة؟ قرر أن يذهب معه حتى يفهم ما في الأمر لربما يصب الأمر في مصلحته، أخبر أسر أنه سيكون بخير وجعله يذهب مع خطيبته ووالدتها دونه، وذلك تم بعدما أقنعه لمدة طويلة من الوقت، وعليه ركب سيارة الدكتور مصطفى ذاهبًا معه إلى حيث لا يعلم، وبينما السيارة تسير كان يلتفت حوله ناظرًا من النافذة حتى يفهم إلى أين يتجه؟ وعقب مرور دقائق ليست بكثيرة ولا قليلة، توقفت السيارة أمام فندق ضخم يبدو عليه الفخامة والأناقة، خرج الدكتور بعدما فتح له أحد رجاله الباب وسار متقدمًا عن وليد وعمر اللذان يسيران خلفه، وخلفهم عدد لا بأس به من الرجال الذين يحاوطونهما، دخل مصطفى الفندق وأخذ يسير في بهوه، وكلما خطى بيمينه خطوات إلى الداخل، حيّاه أحد العاملين في الفندق في اجلال ووقار، ظل هكذا حتى وصل إلى إحدى الطاولات والتي كانت أكثرهم أناقة وجلس على الكرسي المتمركز واضعًا ساق على ساق وجلس وليد على الكرسي الذي كان يقع أمام كرسي مصطفى، وجلس عمر على الكرسي الذي كان يجاور كرسي عمه. وما إن جلس الجميع حتى جاء النادل وهتف في ابتسامة عريضة: تحب تشرب إيه يا باشا؟؟
ابتسم مصطفى واردف: حط أكل عايزين ناكل
_ تحت أمرك يا فندم
التفت مصطفى إلى وليد وهتف: تحب تأكل إيه يا وليد ؟
ابتسم ورد: لا شكرا أنا مش جعان
_ قول بس متخافش الحساب عليا
ابتسم وليد بسمة خفيفة وهتف: حيث كده بقى أنا حابب أطلب بيتزا بالفراخ كبيرة
ابتسم مصطفى واردف: بس كده هي دي كل طموحاتك؟؟ أطلب اطلب أنا اللي هدفع.. اتمنى
فرك جانب لحيته ورد في ابتسامة بسيطة: هو حضرتك فاكر إني مش بطلب كتير عشان مكسوف ؟؟ اطلاقا، أنا خلاص طلبت أصل أنا اكلي بسيط بليل
_ ماشي..
قالها وأخذ يطلب من قائمة الطعام ما يود هو وابن أخيه، وما إن انتهى حتى ذهب النادل والتفت مصطفى تارة أخرى إلى وليد وهتف: معلش عارف إني فجئتك
ثم نظر إلى عمر واردف: ممكن تسبنا شوية لوحدنا يا عمر؟
نظر إليه عمر في برود، ثم قام ذاهبًا في صمت..
_ بص يا وليد انا ممكن ارفعك لسابع سما..
قالها ووضع أمامه ورقة بيضاء
نظر إليها وليد في استغراب وهتف: إيه دي؟
_ شيك على بياض، اكتب فيه الرقم اللي يخطر على بالك
_ مش فاهم
_ وليد، أنا أقدر اشغلك في أكبر شركات ترجمة، شركات عالمية بعد تخرجك. هشتري ليك ڤيلا وهكتبها باسمك، هعمل أي حاجة تتمناها وتعوزها
قبل أن يكمل قاطعه وليد مستفسرًا: أيوه كل ده يعني مقابل إيه؟؟
_ تتجوز منة.. يا وليد منة مش بتحبك ولا انتوا مناسبين لبعض أنا عارف ده كويس، بس انت بالنسبالها ممنوع، والممنوع مرغوب فلما تبقى معاها هي هتزهق وهتسيبك وساعتها هطلقها أو هتفسخ خطوبتك معاها أيا كان بقى هتوصل علاقتكم لفين، بس هتكسب وظيفة كبيرة وڤيلا وفلوس وعيش حياتك بقى يا عم
_ ممكن أسأل حضرتك سؤال ؟؟
_ طبعا
_ هو أنا ملاحظ إني من ساعة ما جيت وحضرتك عمال تقولي اطلب أكل براحتك أو اتمنى اللي نفسك فيه وخد فلوس ووظيفة ووو، هو مين اللي فهم حضرتك اني ناقصني حاجة ؟؟ مين اللي كدب عليك وقالك إني نفسي في أي حاجة ومش بتجيلي؟؟! أنا راضي الحمدلله كامل الرضا بحياتي دي وبحالي ده سواء المادي أو المعنوي فمش محتاج اصلا أي حاجة من اللي حضرتك بتطرحها عليا دي، وفر فلوسك لبيتك وبنتك يا دكتور، ومتشغلش بالك بمستقبلي لأنه في حفظ ورعاية الله لأنه الوحيد اللي يعرف فيه إيه..
زفر مصطفى واردف: يعني واحد بيجيله فرصة شغل أحسن وحال أفضل ويرفض؟؟! ده جنان بقى ده ولا ايه ؟؟
_ يا فندم انا مش عايز أبقى غني أنا حر..
وضع مصطفى يداه على الطاولة واقترب من وليد وهتف: بص.. أنا حاولت بالذوق بس شكله مش جايب نتيجة، أنا بنتي مش أحسن حاجة وعندها مرض نفسي بتعاني منه ورافضة كل العلاج وماصدقت إنها اتحسنت من فترة قليلة، والفترة دي حاسس إنها هتصاب بانتكاسة كبيرة بسببك فأنا مش هسمح لده يحصل أبدا خليك فاكر ده..
عقد حاجبيه في استغراب وهتف: وأنا مالي يا فندم؟ هو أنا اللي مرضتها؟؟!
_ مانا مليش دعوه هي عايزاك انت، حتى يا أخي خليك جمبها لحد أما تبقى أحسن، ساعدها تبقى أحسن
قاطع حديثهما، مجيء النادل وهو يحمل الطعام ويضعه على الطاولة، ينظر وليد في صمت إلى الطعام الذي يوضع، حتى شرد إلى مكان بعيد..
انتهى النادل من رص الطعام وهتف في ابتسامة: حاجة تانية يا فندم ؟؟
_ لا لا حلو اوي كده
ذهب النادل، ليلتفت مصطفى تارة أخرى إلى وليد وهو يهتف: ها قلت إيه يا بني؟؟!
*****
_ أدخلي يا حلوة يا متربية يالي هتجيبي لابوكي العار على آخر الزمن
هتفت هدى محدثة زينة وهي تفتح باب شقتها، وما إن دخلت حتى غلقت الباب في قوة وشدتها من شعرها وهي تصرخ: هو انتي مش لاقية حد يلمك ولا اي يا بت انتي ها؟؟؟ مش لاقية حد يلمك؟ مش خايفة من حد يعني ولا فارق معاكي حد؟
تصرخ زينة من شدة الألم وتمسك يد والدتها محاولة أن تبعدها عن شعرها: سيبي شعري يا ماما سيبي بيوجع بجد، أنا عملت أيه انا؟؟؟
تصرخ أمها المنهكة والتي تتحدث وهي تنهج: عملتي ايه ؟؟ يعاملك ربنا ويزملك يا بعيدة، مش بقيتي في كنف راجل يا بت؟؟ ها بتعملي اي مع وليد؟ روحتي توقفي معاه وتمثلي إنك تعبانة يا سافلة يا قليلة الرباية انتي...
تصرخ بصوت أعلى: يا ماما سيبي شعري يا ماما يا ماما هفهمك سيبي بقى
وبينما هدى تمسك بشعرها وهي تصرخ، طرق أحدهم باب الشقة، تركتها هدى في ضيق وهي تهتف: رجعالك هتروحي مني فين؟؟
ثم اتجهت ناحية الباب وهتفت: مين ؟؟؟
ليرد الطارق سريعًا: أنا أسر يا طنط
_ ثواني يا حبيبي
قالتها وهي ترمق ابنتها في انتقام وهتفت: خطيبك يا رخيصة قومي غوري في داهية ظبطي شعرك والبسي طرحتك عدل عشان تقابليه..
ثم صاحت بنبرة أكثر حدة: اتحركي
تبكي زينة في ألم وأخذت تبحث عن حجابها الذي اختفى أثناء المعركة وهي لا تتوقف لحظة واحدة عن البكاء وتلك الشهقات المتلاحقة، وأخيرًا وجدته مرمي على بعد عدة أمتار، حملته وذهبت إلى غرفتها.
فتحت هدى الباب وهتفت في ابتسامة مصطنعة، بالفعل مصطنعة لأنها كادت أن تقتل ابنتها منذ وقت قصير: تعالى يا حبيبي..
دخل أسر مبتسمًا وهتف: أسف عارف إني كنت معاكم ومقولتش إني هاجي، بس انا بعد ما رجعت عربية عمي شعبان الجراش قلت أطلع أقعد مع زينة شوية واهو بالمرة نحدد معاد الخطوبة إذا أمكن
همت بالرد: وماله حبيي نقعد ونتفق. وانا شايفه بقى لو اتفقنا نكتب الكتاب علطول عشان تكونوا براحتكم بعد كده
تعلم جيدًا أن ابنتها لا تحبه رغم ذلك تود أن تعقد قرآنها عليه! اعتقادًا منها أن ذلك سيجعل ابنتها في حال أفضل، حيث تكوين أسرة واستقرار.. ولكنها لم تسأل نفسها قط من أين سيأتي ذلك الاستقرار؟! هل من فتاة اعماها الحب عن رؤية أي شيء آخر؟ أم من فتى يتم خداعه؟! في الحقيقة المسألة معقدة للغاية ليست كأي شيء.. الزواج لا يتم بين أي مذكر وأنثى بل يتم بين اثنان مؤهلان ومسؤولان.. كما أنه لابد أن يتم على نور ووضوح جميع النقاط الخفية لكلا الطرفين
ولكن هدى كانت تفكر مثلما يفكر البعض ( أن الزمن ومرور الوقت سيجعل ابنتها تنسى وتقبل بالأمر الواقع وتتقبل أسر كزوج)..
والآن سنسمع العديد من الأصوات واختلاف الآراء وربما تسمع نفسك وهي تؤيد رأيين مختلفين تمامًا وذلك بسبب الصراع الذي ينتابك
وتطرح بعض من الأسئلة على نفسك والتي يمكن أن تكون متناقضة..
هل ما فعلته هدى صحيح؟ هل هذا هو الحل الأنسب لنزع حب وليد الذي أذهب بعقل ابنتها؟
أم لا؟؟ هل ترى أنها لابد من أنها تصارح أسر؟ صعب أليس كذلك ؟؟ بالطبع يصعب على أي أم فعل ذلك... هدى لم تكن في صراع من البداية، هدى اتخذت قرارها نيابة عن ابنتها، هدى رأت أن هذا هو الحل الأنسب لجعل ابنتها مستقرة ألا وهو الكذب واستخدام العنف والقوة ضد الفتاة، حتى أنها لم تفكر في الأمر كثيرًا كأنه قرار عادي وسهل.. لذلك بينما انت في صراع تفكر في أي فعل يجب على هدى أن تقوم به، اتخذت هي قرارها.. لذا لا تشغل بالك وتهدر وقتك في محاولات فاشلة مثل محاولاتك لتغيير بعض الفكر والقيم والمعايير التي تأصلت في عقول البعض..
ولكنك ربما ترى أن والدتها على صواب لذلك لم نختلف كثيرًا.. جيد ولكن من الأفضل ألا تهتم بشؤون الناس لأنك إذا فعلت مهما فعلت لن تدركهم، ولا تسعى محاولًا في تغيير الكون وإصلاحه، اصلح ذاتك أولًا. لربما إذا اصلحتها جيدًا وباردت بنفسك لن تتكرر هدى والمسؤولون عما حدث لمنة ثانيةً... .
****
_ بص حضرتك أنا هوضحلك كل ما في الأمر..
هتف وليد بعدما استغرق بعض من الدقائق في التفكير، ليرد عليه مصطفى في أمل: ها قول سامعك
_ أنا كل اللي طالبه بس من حضرتك إننا نأجل الكلام أو أي حاجة في الموضوع ده لحد أما اخلص امتحانات، امتحانات نص السنة ادامها اسبوعين وأنا لسه المناهج متقفلتش وفي مناهج والله ما اتفتحت ودي آخر سنة وأنا كل سنة بطلع بامتياز ماعدا سنة أولى جبت جيد جدا فمش هخيب بقى السنادي. بعد اذنك ابعد بنتك عني عايز اذاكر وهي كمان خليها تذاكر وناخد هدنة كأننا في حرب عادي. أنا طلقت شاهستا عشان اذاكر بعد اذنك
زفر مصطفى في ضيق وهتف: ماشي هحاول اسكت منة عنك الفترة دي، بس اياك تكون بتكدب يا وليد
_ خالص والله عندي مذاكرة اد كده
وبينما هما يتحدثان ينظر إليهما عمر في اهتمام كبير لدرجة أنه شرد بهما وسافر إلى الماضي، ليستحضر مشهد من الذاكرة قد مر عليه اربع سنين
عودة إلى الماضي (فلاش باك)
_ سبت شاهستا؟
هتف مصطفى، ليرد عمر والذي جفّت عيناه من كثرة البكاء: ايوه يا عمي سبتها زي ما أمرت
_ برافو عليك، كده بس تقدر تكسب عمك وفلوس عمك.. وزي ما وعدتك شغل حلو في أفضل مكان والڤيلا اللي باسمك هيكونوا عندك من بكرة، وخليك بقى مع منة وانسى شاهستا دي خالص
رفع إليه عمر عيناه الممتلئتان بالدموع وانزلهما تارة أخرى دون أن يرد عليه، ربت عمه على كتفه وذهب، ليتبع عمر أثره في غيظ يشوبه انكسار وقلة حيلة وتمتم: فينك يا بابا؟؟
خرج عن شروده مكتفيًا بتذكر ذلك المشهد وأخذ يرمق عمه في شر وقرف وتمتم: الصبر بس يا عمي هاخد حقي منك الأول وبعد كده الانتقام هيكون منك انت وبنتك شديد..
قام وليد من مكانه وهتف في ابتسامة: فرصة سعيدة يا دكتور مصطفى وزي ما قلت لحضرتك بقى، خلي منة تنساني الفترة دي عندي امتحانات وبعدين نبقى نشوف الموضوع ده
ابتسم مصطفى واردف: تمام نعتبرها استراحة محارب ليكم كلكم عشان الامتحانات، بس متنساش بعد الامتحانات لينا كلام تاني
ابتسم له وليد ابتسامة بسيطة تعبر عن مدى الإحباط الذي يشعر به وأخرج محفظته من جيبه وجلب منها بعض من المال ووضعه على الطاولة أمام مصطفى الذي سرعان ما نظر إليهم وهتف في ابتسامة مستفسرًا: إيه الفلوس دي؟؟
_ تمن البيتزا اللي طلبتها
ابتسم مصطفى وهتف في سخرية: أيوه بس أنا عزمتك عليها.. وبعدين انت حتى مفتحتش العبلة ولا اكلت منها
ابتسم وليد ورد في ثقة: مش مهم أكون أكلت منها، يكفي إني طلبتها..
ابتسم له مصطفى في اعجاب بشخصيته بادله وليد الابتسامة نفسها وهتف: عن اذنك
قالها وذهب، تابع مصطفى أثره وأخذ يحدث نفسه في ابتسامة: لا بس طلع عنده عزة نفس عالية. مكنتش أتوقع إن واحد زيه يكون زاهد بالشكل ده عن كل اللي عرضته عليه لمجرد إنه يفضل عزيز النفس!!
******
_ ولما انتي عارفة كل ده عنه موافقة تتجوزيه ليه؟؟
هتفت ريهام الجالسة على سريرها في غرفة نومها تحدث ابنتها جومانة التي ردت في جدية وثقة: اه أنا عارفة إنه مش بيحبني وإنه مش أخلاقي نهائي بس أنا مش فارق معايا كل ده، أنا كل اللي هاممني مستقبلي المهني في التمثيل والإخراج هو هيديني الفرصة دي علشان أنا مش هعرف اخدها لوحدي لكن أما ابقى متجوزة محدش هيقدر يتكلم معايا ولا حتى عمي محرم ده، أما اشتهر واخذ خطوات كتيره في المجال ده ساعتها بقى أبقى أطلق منه.. من الآخر يا مامي هو جواز مصلحة هو عايز بطلة لافلامه حلوة ومجتهدة ومش تطلب منه فلوس كتير لأنه لسه بيبدأ، وأنا عايزة حد يسندني ويدخلني المجال..
_ ماشي بس انتي قلتي إنه بيعرف بنات كتير وعلاقاته اكتر مش هترتاحي معاه
_ ما يعرف، أنا مش فارقة معايا أنا بس معجبة بيه وفرحانه بالمكان اللي هيوصلني ليه، غير كده مش مهم..
اطرقت.. ثم عادت إلى الحديث مرة أخرى: وعادي يعني يمكن أما نتجوز نحب بعض ويبقى فيه مشاعر بينا وكده، أصله عاجبني أوي يا مامي وبعدين ما وليد هياخد أخته
_ أيوه بس أخته مش زيه
_ مامي I can fix him
اطرقت ريهام واكتفت بالنظر إلى ابنتها في قلق غير مطمئنة لهذا الموضوع
لتكمل جومانة: ماما قولي بقى لبابا علشان العريس عايز معاد عايزين نتجوز قبل اطلاق اول إعلان للفيلم الجديد اللي أنا هكون بطلته...
********
_ بالله عليك يا سيد تسيب شعري وحياة أمك يا شيخ
تصرخ علا والتي تحاول أن تفلت شعرها الذي تشبثت به أصابعه
ليصرخ وهو يجرها خلفه من شعرها: تعالي ده انا هوريكي انتي لسه شفتي حاجة..
ليتدخل زوج هالة( عماد) محاولًا أن يدافع عن الفتاة: ليه ليه ماسكها كده هي عملت ايه بس سبها متمسكهاش من شعرها كده
ليصرخ سيد بنبرة أكثر حدة: ملكش دعوه انت خليك في حالك بدل ما اعورك واخش فيك السجن
تصرخ هالة أيضًا في خوف وتوتر: عملت ايه لده كله يا راجل انت سبها منك لله
يصرخ محمود وباسم في فزع ورعب بسبب كل تلك الأصوات الصاخبة والمنكرة والتي لا تناسب عمرهم بالمرة
ظل سيد جارًا إياها خلفه في ثورته العارمة وصراخه الذي لم يتوقف للحظة، وعليه أسرع جميع الجيران بفتح أبواب شققهم حتى لا يفوتهم المشهد وسأل أحدهم الآخر هاتفًا: هو في يا أبو حسن، مال سيد بيضرب مراته ليه؟؟
ليقلب أبو حسن كفيه في ضيق ورد: لا حول ولا قوه الا بالله، سيد قفش مراته مع عماد ابو محمود لوحدهم في الشقة....
وإلى متى سنظل تاركين آذاننا للإشاعات؟؟؟ وإلى متى سنظل نقوم بدور المفتي فيما لا نعلم؟؟ وإلى متى سيظل الحديث عن الغير كالعلكة في أفواهنا؟؟
جرّب أن تدع الخلق للخالق، لترتاح انت والخلق...
*****
كانت تبكي في غرفتها لا تتوقف دقيقة واحدة عن هطول الأمطار الهابطة من عينيها، تسأل نفسها وما هو ذنبها الذي تعاقب عليه؟ فقد كانت كل طموحها هو أن تتعلم الأمر الذي تُهدد به من بين الدقيقة والثانية، ومن له الحق في حرمانها من أبسط حقوقها؟؟ هل يحق لوالدها أن يفعل ذلك لمجرد أنه والدها والمسؤول عنها وعن مصاريف تعليمها؟؟ أم أنه من الضروري أن يفعل ذلك لأن ذلك يعد حق ابنته عليه؟؟؟
العديد من الأسئلة والتي تبدو إجاباتها بديهية للبعض ولكنها سبب مشاكل العديد من البشر..
فكرت هنا كثير. هي ببساطة لا تود ذلك الزواج والذي تراه سجنها الذي سيقيد حريتها.. ولكن ماذا تفعل وسط مجتمع ذكوري لا يسمع صوت المرآة؟؟! تود أن تخبر والدها فكرت كثيرًا أن تفعل ذلك ولكنها خائفة من رد الفعل.. ربما يصدق والدها جاسر، وربما يسلم آذانه لمحرم الذي سينتهز الفرصة بشتى الطرق، لا تعتقد أن الأمر بسيط ربما بالنسبة لك وللبيئة المحيطة بك هو كذلك ولكنك لا تعيش مع هنا ولا تدرك حجم مصيبتها لذلك لا تعتقد أن الجميع يفكر مثلك ويجب أن يتصرف كتصرفك...
لذلك استبعدت هنا فكرة أن تخبر والدها خوفًا من ردة فعله، عظيم ولكن ماذا بعد؟؟ هل ستترك نفسها في تلك المصيبة؟؟ هل ستستسلم ببساطة وتتزوج به؟؟ لا هي لا تقبل ذلك حتى ولو بنسبة واحد في المئة وعليه لم يتبق أمامها سوى خيار واحد وأخير حتى تنقذ نفسها...
******
كان وليد داخل سيارة الأجرة ( تاكسي) عائدًا إلى المنزل ينظر من النافذة شارد الذهن، صدح صوت هاتفه، ليُخرجه عن شروده ويجد أن المتصل زوجته والذي كان يسجلها ب( رفيقة الدرب). استقبل المكالمة وهتف في تعب: السلام عليكم، ازيك يا حبيبتي عاملة إيه ؟؟
أجابت في تذمر: حبيبتك!! واضح واضح إنك بتحبني أوي يا أستاذ وليد
_ ليه بس حصل مني إيه زعلك؟؟
زفرت في ضيق وهتفت: ده انت كمان متعرفش!! ده انت مش ملاحظ!!
ابتسم واردف في هدوء: معلش يا حبيبي اعذريني عندي أنا المرادي والله بالي مقلوب ومش مركز خالص
ردت في خضة: ليه بس يا حبيبي مالك ؟؟ هو حصل حاجة تانية ولا إيه ؟؟
_اه حصل
_ حصل إيه يا وليد قولي
_ ابو منة قابلني بنفسه
انتفض جسدها في خوف وهتفت في توتر: إيه ليه؟؟ كان عايز ايه ؟؟
_ مالك خايفة كده ليه؟؟
اطرقت تهدئ من روعها.. ليهتف هو في تعجب: شاهستا ألو ؟؟
_ معاك يا حبيبي
_ مالك في حاجة ولا إيه ؟؟
_ قلقانة يا وليد بجد عايزة نتجوز بقى على خير، أنا مش عارفة هما ممكن يعملوا ايه علشان ياخدوك مني
_ متخافيش محدش يقدر اصلا
ابتسمت ابتسامة خفيفة كناية عن خوفها واردفت: عارفة يا حبيبي وواثقة فيك..
اطرقت برهة ثم عادت إلى الحديث مرة أخرى: كان عايز إيه بابا منة ده؟
_ اتجوز بنته
_ إيه ؟؟؟ هي لسه عايزة تتجوزك؟ طب ماحنا قصدها أطلقنا هي عايزة إيه تاني مننا؟؟
زفر في ملل واردف: مش عارف انا زهقت بجد.. شاهستا هو مين رامي عياش ده؟؟ وايه علاقته بيا؟؟
ردت في ثقة: راجل زبالة كان عامل نفسه بيحب منة وهو بيخونها مع طوب الارض.
رد مستفسرًا: أيوه بس منة قالتلي إنك انتي اللي اخدتيه منها ايه معناه الكلام ده؟؟
_ يا حبيبي كان بيبصلي وهيموت ويرتبط بيا وأنا كنت بهزقه وروحت قولتلها مصدقتش وبعد ما اخيرا شكت في الموضوع عمل حادثة ومات، ليه وليه بقى، أنا السبب في موته أنا اللي اخذته منها أنا اللي اتبليت عليه..
زفر في ضيق كأن الحديث لا يروق له: وبعدين؟
_ بس كده من ساعتها وهي مش طيقاني
_ هو أنا فيا شبه من الشاب ده؟؟
اطرقت برهة تفكر.. ثم هتفت: مش فاكرة شكله اوي بس جايز نفس لون العينين والرسمة بتاعتها شوية يعني، ليه السؤال الغريب ده؟؟
_ عشان الهانم ديما بتقولي انت شبهه
_ سيبك منها دي مجنونه واصلا سمعت إنها كانت بتتعالج عند دكتور نفسي
_ تعرفي عندها ايه؟؟
_ لا ولا يهمني حتى إني أعرف
شرد بعيدًا تاركها تتحدث، وعندما لاحظت أنه لا يستجيب معها هتفت في استغراب: وليد!! وليد! انت معايا ؟؟
خرج عن شروده على صوتها وهتف في استجابة سريعة: اه يا حبيبي معاكي، بصي أنا قربت على البيت اوي هقفل بقى وهطلع أنام ساعتين عشان أنا بقيت زومبي لا أنام وهصحى بإذن الله الفجر أصلي وألم الدنيا عشان هسقط بالشكل ده وربي
_ ماشي حبيبي ربنا معانا يارب، احنا كمان ورانا فرح بعد الامتحانات علطول مبنهزرش
ابتسم واردف: اهو أنا نفسي الامتحانات تخلص بقى في اسرع وقت عشان اللي جاي بعده ده، مستنيه على نار وربي
ابتسمت في خجل وردت في ابتسامة بسيطة: احترم نفسك بعد اذنك
_ الله!! هو أنا عملت حاجة ؟؟ إلا قوليلي مكسوفة؟؟
ابتسمت في خجل ولم ترد..
لينظر وليد عن طريق الصدفة إلى مرآة السيارة يجد السائق ينظر إليه مبتسمًا ومصغيًا باهتمام إليه، عبس وجهه في سرعة وهتف في جدية: يلا سلام هرن عليكي بعدين عشان الناس سايبة السواقة ومركزة معايا، نفسي كل واحد يركز في حياته يمكن حال الدنيا يتصلح وعجلة الاقتصاد تمشي..
******
_ وحضرتك لو وافقت بكلامه يا دادي ؟؟
هتفت منة الواقفة في بهو الڤيلا تحدث والدها وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها في تذمر وعدم الرضا
_ يا منة يا حبيبتي ادام انتي هدفك تتجوزيه رغم إني شايف إنه أقل بكتير من مستوانا، يبقى لازم تسبيه على راحته شوية مش كل حاجه عافية عافية عشان ميكرهش نفسه ويعند اكتر، كده كده هو خلاص طلق عدوتك زي ما كنتي بتسعي، فاضل بقى تكة صغيرة وهو إنه يرجع يتقبلك، حاولي بكل الطرق تبقي كويسة معاه وأكيد الموضوع ده هيجيب نتيجة
اطرقت وأخذت تسير للأمام بضع خطوات تفكر.. ثم هتفت وهي لا تزال تسير: تفكتر يا بابي إنه ممكن يحبني؟؟
اقترب منها وربت على كتفيها في حنان واردف: وليه لا يا حبيبي؟ بس انتي اتعاملي معاه باسلوب كويس وهو اكيد هيغير تفكيره تجاهك
التفتت إليه وهتفت: لا يا دادي لا مستحيل يحبني، هو متدين اوي وأنا مستحيل ألبس الطرحة والكلام ده
_ خلاص اديكي قلتي بنفسك إنه مش مناسب يبقى نسبنا منه بقى
هتفت في جدية: اوعى يا دادي تقول قصادي الكلام ده تاني، أنا مستحيل اسيب رامي مرة تانية، أنا فعلا مستعدة البس الطرحة والنقاب كمان علشان أعيش معاه..
جحظت عيناه في عدم تصديق، هل هو يتحدث مع شخصيتين الآن؟ قبل قليل هتفت بكلام يتناقض تمامًا مع كلامها الحالي! لذلك تمتم في خوف: لا أنا لازم اقابل دكتورك في أسرع وقت..
*****
_ يا بنتي لو حد ضربك طيب قوليلي
هتف أسر الذي كان يجلس على أحد الكراسي الموجود داخل غرفة استقبال الضيوف في شقة زينة
لترد زينة والواضح على وجهها كل علامات الغضب والسخط: لا مفيش أنا كويسة وزي الفل
_ مش واضح نهائي
زفرت في ضيق وهي تهز ساقها الأيمن في توتر: ما خلاص بقى يا أسر مش موضوع متخانقة شوية مع ماما وعشان كده مخنوقة
_ إيه ده خير؟ اتخانقتوا ليه؟؟
_ مش مهم بقى مش عايزة افتكر
_ طب خلاص متزعليش نفسك الأم وعيالها مفيش بينهم خصام اصلا شوية وهتتصلحوا
_ اه أكيد
_ خلاص بقى افردي وشك الله!!
نظرت إليه متصنعة ابتسامة بسيطة على شفتيها، لينظر إليها في ضيق وتمتم: يخربيت السماجة
_ بتقول حاجة يا أسر ؟؟
_ لا يا حبيبي خالص، بقول أقوم اروح عشان شكلي مش مرغوب فيا هنا
قالها وقام من مكانه وهتف: يلا خديلي طريق علشان امشي
قامت هي الأخرى ووقفت أمامه وهتفت: انت زعلت ولا إيه ؟؟ اقعد يا أسر مش قصدي حاجة بجد
_ مفيش مشكلة تتعوض وكمان عشان الوقت
_ اقعد اقعد بس
قالتها وجلست هي، جلس هو الآخر وهتف في استغراب: مجنونة بأمانة انتي مجنونة
ضحكت واردفت: إلا صحيح هو وليد خلاص طلق ومش ناوي يرجع تاني لمراته ؟؟
اختفت ابتسامته وهتف في جدية وبنبرة حادة شيئًا ما: انتي إيه حكايتك بالظبط ؟؟ عمالة تتكلمي عن وليد بقالك كتير في إيه مالك؟؟ لا ومبسوطة أوي إنه طلق
هتفت في توتر: أنا ؟؟
ثم حاولت أن تتماسك لتظهر أمامه جدية: خالص، أصلي كل أما أعمل زيارة لأمه طنط شهد الاقيها هي وعمي شعبان نازلين شتايم في البت دي مش طايقنها وبيقولوا إنها مش مناسبة الشيخ عشان كده فرحت من قلبي إنه طلقها لأجلهم مش اكتر
رد في سخرية: لحظة، أنا اتأثرت قلبي اتقطع.. شراييني خلاص بتفك عن بعضها زي اللحمة المتجمدة أما تتساب على الرخامة بره الفريزر
تنظر إليه لا تصدق ما يقوله لذلك صاحت: انت بتقول ايه انت ؟؟؟ ايوه طبعا لازم تتأثر مش صاحبك ده ودول أهله ؟؟
صاح هو الآخر بنفس النبرة التي تحدثت بها: أنا اتأثر واعيط واتفاعل أما انتي لا فهمتي ولا انتي الفهم عندك اليومين دول يدوبك؟؟ يعني ينفع واحدة تتأثر قصاد خطبيها لأجل حال راجل تاتي بالشكل ده؟؟ هو انتوا مجانين ولا إيه ؟؟؟
_ الله!! مش قصدي أنا نيتي سليمة وقلبي على أهله
_ لا ياختي خلي قلبك على نفسك احسنلك
ابتسمت في خبث وهتفت: خلاص يا غيور انت
ابتسم هو الآخر ولكنه يزال غير مرتاح لها: خلاص ماشي سماح المرادي
وهنا قاطع حديثهما دخول هدى وهي تحمل صينية الشاي وهتفت في ابتسامة عريضة: منور الدنيا كلها يا حبيبي يا سيد الرجالة
ابتسم في فرحة وقام من مكانه في سرعة يأخذ منها الصينية وهو يهتف: يا سلام على الكلام الجميل يا حماتي يا سلام، إيه الجمال والطعامة دي!! ابقي اتعلمي من أمك حاجة للزمن ده الراجل ده عيل عبيط كلمتين حلوين قادرين يشقلبوا حاله وكيانه وسنينه والله
هتف موجهًا كلامه لزينة التي سرعان ما تمتمت: لو كنت وليد كان زماني عملت كل اللي اقدر عليه واللي مقدرش عليه عشان اخليك ملك زمانك والله
جلست هدى وهتفت في ابتسامة: ها يا حبيبي تحب الخطوبة تبقى امتى ؟؟
تنحنح مبتسمًا وهتف: أنا كنت بفكر نعمل خطوبة حلوة بعد الامتحانات
_ لسه بعد الامتحانات ؟؟ بص احنا نعمل خطوبة حلوة وعلى الضيق كده حاليا وبعد الامتحانات كتب الكتاب إن شاء الله بقى
_ إيه ؟؟ بالسرعة دي مالك مستعجلة على إيه ؟؟
صاحت زينة
نظر إليها أسر فقط، محاولًا أن يفهمها لتلاحظ هي تلك النظرات وتسرع بالرد: يعني إحنا لسه معرفناش بعض كفاية، محتاجين نطول الخطوبة اكتر يعني أقل حاجة سنة مثلا نتعرف وبعدها نتجوز
_ معنديش مشكلة
هتف في جدية
ترمقها هدى في انتقام تكاد تحرقها بنظراتها، وتمتمت: ماشي ماشي أما نشوف السنة دي، قال خطوبة سنة قال!!
*****
حل الظلام والناس نيام لا تسمع إلا صوت نباح الكلاب، ومع ذلك الهدوء الذي يعم منزل الحاج شعبان، يصدح صوت المنبه مع آذان الفجر. استيقظ وليد واغلق المنبه، وارتمى على سريره تارة أخرى في تعب وما إن غفل قليلًا، حتى استيقظ في فزع هذه المرة على صوت إقامة الصلاة وذلك لأنه اعتقد أنه غفل والصلاة فاتته. ولما سمع الإقامة اطمئن قلبه قليلًا ولكنه كان حزينًا لأنه لم يلحق صلاة الجماعة، ابعد الغطاء عنه وخرج من غرفته في عدم استيعاب لأنه لايزال منهك ويتمنى أن ينام كأهل الكهف. وبينما هو يسير في الصالة في بطء وملل، سمع صوت شهقات بكاء وأنين يخرج من غرفة أخته التي تجاور غرفته، توقف مكانه حتى يتأكد مما سمعه، لذلك اقترب من باب غرفتها ولصق مسمعه على الباب في لهفة يشوبها خوف، وتأكد أنه صوت أخته، لذلك لم ينتظر كثيرًا وقام بفتح الباب، ليجدها ساجدة بين يد الله وتبكي وهي تحدثه في سجودها.. حاول أن يفهم ماذا تقول ولكنه لم يفهم جيدًا، وذلك بسبب شهقات بكاؤها المتلاحقة والسريعة والتي أخفت أحرف حديثها، كما أنها كانت تتحدث بصوت خفيض.. ظل واقفًا في صمت يشوبه قلق. قامت من سجودها الأخير وجلست حتى تقول التشهد وتنهي صلاتها، وما إن قالت ( السلام عليكم ورحمة الله) الأخيرة حتى وجدت نفسها بين ذراعي أخيها داخل حضنه يقبل رأسها في حنان وهو يكرر: متخافيش ربنا سمعك واستجاب وجابني لحد عندك عشان أسمع مشكلتك واحلها..
ما إن قالها حتى اجهشت عيناها بالبكاء خافية رأسها داخل صدر أخيها الذي احتواها بكل حب. ظل الصمت لمدة بين كلا الطرفين، لا يفعل شيء سوى أنه يمسح على رأسها بيده ويكرر: شششش انا معاكي كل حاجة هتتحل اوعي تخافي..
وما إن هدأت، حتى أبعدها عن حضنه قليلًا وأخذ ينظر إلى عينيها وهتف: إيه يا روحي بتعيطي اوي ليه كده؟ إيه مزعلك وأنا اهد الدنيا على دماغه، أزالت دموعها بأصبعها المرتجف، ورفعت إليه عينيها التي يكسوها الاحمرار وتحدثت في صوت خفيض مرتجف: المذاكرة بس كتيره عليا وحستني مخنوقة فقلت اشتكي لربنا مش اكتر متقلقش..
ينظر إلى عينيها جيدًا، نعم نطق لسانها ولكن عيناها تكذب ما لفظه.. لذلك هتف: هنا.. أنا وليد حبييك صاحبك اللي بتحكيله كل حاجه فاكرة يا هنا اما كنتي بتعملي مصائب وانتي صغيرة وتجري عليا علشان اخبيها عن ماما؟
ابتسمت.. ليكمل وهو يضحك: لا وكله كوم وأما مسكتي البنت جارتنا في البيت القديم وعضتيها من كتفها واقولك عملتي ليه كده يا هنا تقوليلي أصلها تخينة وكتفها ملظلظ واستفزني فقلت لازم اعضها، كان اعبط مبرر ممكن أسمعه في حياتي..
ضحكت رغم عنها وذلك عندما تذكرت الموقف وهتفت في غيظ: وليد بس بقى مضحكنيش وتحول مأساتي إلى نكت
_يبقى متكدبيش وقولي مالك، عشان أنتي تقدري تكدبي على أي حد إلا أنا
اطرقت... ليتابع هو: يا بت انطقي الصلاة هتروح عليا
لا رد.. تابع تارة أخرى: انا سمعت امبارح أما رجعت البيت إنك وافقتي إن أسر يكتب كتابه عليكي، اه أنا استغربت ولكن قولت خلاص ادام هي موافقة يبقى تمام..
صمت لمدة ثوان وتابع: ولا انتي حد غصبك؟ ماهو يا هنا مستحيل بابا يجبرك على الجواز لأنه هيبقى عارف إنه باطل. قولي في ايه بقى حيرتيني معاكي
لا رد.. شعر بالضيق واليأس وهتف في ملل: خلاص يا هنا أنا عملت اللي عليا مش هجبرك تحكي بس متنسيش بقى إني حاولت ولازم تبقي عارفة إن ربنا اللي بعتني ليكي وانتي رافضة المساعدة دي، خليكي لحد اما مشكلتك تكبر اكتر أيا كانت نوعها، بس ساعتها مش هيبقى عندي ليكي حل بجد..
قالها وبينما يقوم حتى يرحل، أمسكت يده، تمهل ونظر إليها وهتف: أنا سامعك قولي
قالها وجلس تارة أخرى أمامها، نطقت أخيرًا هاتفة في صوت خفيض ونبرة صوت مهزوزة: هتصدقني.. مش هتبطل تثق فيا؟؟
عقد حاجبيه في استغراب وهتف في قلق: هنا متخوفنيش بلاش مقدمات لأنها ممكن تكون أكبر بكتير من حجم المشكلة ومتسبيش عقلي يستحضر حاجات ملهاش لازمة ولا داعي إنتي قولي علطول وانتي عارفه كويس حجم ثقتي فيكي، وعارفة إني هحاول اطلعك من أي مشكلة مهمها كانت ولو فيه غلط ارتكب نتحاسب بعدين..
تحدثت في بكاء: جاسر بيهددني عشان اوافق اتجوزه يا وليد وقالي وليد مش هيقف جمبك و هيبطل يثق فيكي
_ طب براحة ووقفي عياط، هددك بايه؟؟
تتنهد تحاول أن تهدأ: انت عارف إني مش بكدب يا وليد، عارف إني ديما بقول الحقيقة.. عامر شاب معايا في الدروس معجب بيا حاول كتير يتقرب مني لكني كنت بصده واقوله كلام يجرحه و أروى شاهدة، المهم اتفاجئت إنه جيه حفلة كتب كتابك اللي باظت دي، والله ما عزمته والله والله يا وليد، اصلا مش عقل إني اعزمه فرح اخويا والعيلة كلها حاضرة، المهم جيه يكلمني وقالي عايز اقابل باباكي وبتاع قولتله امشي وجاسر شافنا..
صمتت تبتلع ريقها وتابعت: راح قالي مين ده خوفت وقولتله صاحب وليد علشان مكنتش عارفة اقول إيه، آخر مرة كنت واقفة منتظرة اروى في الشارع راح جيه وقالي اجي امتى قولتله امشي ومش بفكر في الكلام ده وكده، وفجأة لقيت جاسر بيجرني وبيقول عليا مش محترمة يا وليد
قالتها وازداد البكاء نحيب واخذت تخفي وجهها بيديها.
وتابعت بعدما هدأت قليلًا: جرني في وسط الشارع زي اللي كأنه قفشها بتعمل عملة كبيرة، المهم هددني إنه هيقول لبابا وعمي محرم إنه شافني معاه وإنه قرب مني ومسك ايدي، وإلا اتجوزه يأما يقولهم ويحرموني من التعليم، أنا عايزة اتعلم يا وليد...
قالتها وأخذت تبكي بشكل هستيري وهي تهتف في صوت متهدج: وأنا اقسم بالله ما حصل، والله ما لمس ايدي والله يا وليد والله..
لم يتحمل أن يرى بكائها أكثر وأن يراها في تلك الحالة المزرية لذلك هم آخذًا إياها إلى صدره وهو يهتف: بس بس حبيبة قلبي بس أنا مصدقك والله من غير كل الحلفان ده أصلا، مصدقك وهربهولك ومش هخليكي تتجوزيه وهتكملي تعليم غصبن عنه وعن أبوه
هتفت متوقفة عن البكاء في فرحة: بجد يا وليد؟؟
_ بجد يا قلب وليد
******
وفي الصباح استيقظ الجميع وبدأ كلا منهما ينتبه إلى مصلحته من لديه عمل يذهب ومن لديه جامعة أو مدرسة يذهب وهكذا..
وكان مصطفى والد منة في المكتب الخاص بطبيب ابنته النفسي في تمام الساعة التاسعة صباحًا قبل مواعيد عمله في الجامعة، استقبله الطبيب أحسن استقبال وما إن تهيأ له الأمر حتى هتف: معلش يا دكتور جتلك في وقت مش مناسب
_ لا لا ابدا انت تنورني في أي وقت يا دكتور مصطفى
_ اشكرك
_ شكر على واجب، إيه أخبار منة؟؟
_ أنا هنا عشان منة اصلا يا دكتور
استغرق ساعة على الأقل يشرح للطبيب ما عانت منه ابنته وما لاحظه عليها منذ أن توقفت عن المتابعة معه، وأخذ ينتظر رد الطبيب والذي هتف في أسف: للأسف يا دكتور مصطفى دي كده متلازمة جوسكا واللي طبعا بدرجات لازم اشوف منة في أقرب وقت عشان اعرف بالظبط أشخص هي في أنهي مرحلة من المتلازمة
هتف مصطفى في خوف: إيه هي دي؟ وازاي ممكن تأثر على بنتي؟؟
_هقولك كل حاجة بس تحب تشرب إيه الأول ؟؟
*******"
_ يلا يا وليد كفاية نوم كده قوم أفطر وشوف مصالحك
تحدثت شهد في صوت عالي، ليسمع ابنها النائم في غرفته وهي تضع الطعام على السفرة. خرجت هنا من غرفتها وهتفت: صباح الخير يا ماما
_ صباح النور يا قلبي، إيه عندك درس بدري أوي كده؟؟
قالت ذلك عندما رأتها مرتدية ملابس الخروج
_ اه يا ماما وهرجع النهارده بعد العصر
_ طب اقعدي كلي لقمة
_ لا هتأخر بجد، بابا سابلي فلوس هشتري أكل من بره مع أروى
_ ماشي حبيبتي ربنا يكرمك يارب ويفرح قلبك وقلوبنا بأحلى الدرجات
_ امين يا ماما
قالتها وقبلت رأس والدتها وذهبت. عادت شهد مرة أخرى إلى وضع الطعام وهي تهتف تلك المرة باسم زوجها حتى يستيقظ، وأثناء فعلها ذلك، طرق أحدهم باب الشقة هتفت شهد: جاية يا هنا يا ترى نسيتي ايه المرادي
اقتربت من الباب وامسكت بالمقبض وما إن فتحته حتى رأت شاهستا أمام وجهها تهتف في ابتسامة عريضة: صباح الخير يا طنط
عقدت حاجبيها في استغراب لم تكن تتخيل تلك الزيارة وابتسمت كناية عن تعجبها وهتفت: صباح النور يا بنتي، اتفضلي
دخلت شاهستا وهتفت: إيه رأيك يا طنط في العباية بتاعتي نزلت اشترتها مخصوص عشان اكون شبه الستات هنا، دي أول مرة البس فيها عباية سودا
نظرت إليها شهد من أعلى إلى أسفل حتى تفصلها، العباءة تبدو في منتهى الجمال كانت ضيقة من ناحية الصدر ثم واسعة فيما يخص الجزء السفلي وكانت أكمام العباءة ضيقة ولكنها مزودة بأكمام إضافية واسعة وشفافة، بها القليل من الخرز والذي يبدو انيقًا، وقد لفت حجابها الأسود والذي كان يليق على بشرتها البيضاء بشكل جميل، وتضع على رأسها نظارة الشمس..
رمقتها شهد في اعجاب وهتفت في ابتسامة: بسم الله ماشاء الله زي القمر.. بس أبقي اشتري عبايات واسعة شوية كده على صدرك بدل العباية الماسكة دي لاحسن وليد يزعقلك
نظرت شاهستا إلى نفسها وهتفت: هو كل استايل العبايات اللى نازلة كده وبعدين ما الطرحة طويلة اهي ومغطية
_ هي إيه دي اللي طويلة ومغطية هو أنا يعني مش شايفة؟؟؟
ابتسمت واردفت: حاضر يا طنط المرة الجاية هجيب حاجة اوسع، بصي لوشي مفيش ميك اب ازاي! عشان وليد زعل آخر مرة فقلت مش هحط تاني. وبعدين حبيبي قالي إني قمر ومش محتاجة
ابتسمت شهد وهتفت: اه انتي هتقوليلي على ابني!! ده عليه كلام معسول وطريقة كده تخلي اللي واقف ينفذله اللي هو عايزه وبمزاجه
ابتسمت شاهستا وأخذت تنظر حولها هاتفة: صحيح هو فين يا طنط ؟؟
_ نايم يا حبيبتي أصله كان صاحي من الفجر بيذاكر
_ اه قالي إنه هيصحى يذاكر فعلا، انهي اوضته يا طنط؟؟
عقدت حاجبيها في استغراب وهتفت: ليه؟؟
_ عشان ادخل اصحيه
_ إيه؟ ازاي يعني ؟ فرضنا الواد نايم براحته
_ طب ما ينام براحته يا طنط هو أنا غريبة؟؟ أنا مراته
_ عارفة يا بنتي بس بردو
_ قوليلي بس أنهي اوضته
نظرت إليها في تعجب تارة أخرى وهتفت: دي
قالتها وهي تشير إلى غرفته، ابتسمت لها شاهستا واتجهت نحو الغرفة، وشهد تقف مكانها تفتح فمها في بلاهة لا تصدق ما تراه. دخلت غرفته، لتجده غارقًا في نومه ملتفًا بالغطاء. جلست جواره واخذت تلمس بأطرافها شعره في حنان وابتسامة لم تفارق شفتاها وهتفت في صوت خفيض: وليد.. وليد حبيبي اصحى
قالتها وأخذت تلمس لحيته وخده وهي لا تزال تكرر: وليد..
أمسك يدها ملقيًا إياها بعيد عنه في ضيق وتقلب ناحية اليسار معطيًا لها ظهره، ضحكت واقتربت منه محتضنة إياه من ظهره وهتفت في صوت خفيض: وليد اصحى، وليد أنا بحبك..
انتفض مستيقظًا في خوف وجلس مكانه يستوعب ما يحدث وهو يهتف: انتي مين بتعملي إيه هنا؟؟
ضحكت في صخب من تلقائيته واردفت: انا منة
زفر في راحة واضعًا يده على قلبه واردف: خضتيني يا شيخة انتي
ابتسمت وجلست جواره وهتفت: معلش يا حبيبي، بس حد ينفع يصحى على وش مراته القمر دي ويقولها خضتيني؟؟
ابتسم واردف: معلش مانا مش متعود عليكي، اديني بس أربع خمس سنين أكون اتعودت
_اربع خمس سنين ؟؟ لا متقلقش هما يومين وهتكون اتعودت عليا، بعدين هو الرعد
بره ولا إيه ؟ إيه كل اللي انت متغطي بيه ده؟؟
ابتسم ناظرًا إلى نفسه وهتف: عشان بنام بفنلة بحملات مش بعرف أنام بأي لبس تقيل فبتغطى لاحسن يجيلي برد
نظرت إليه باسمة وهتفت مغازلة إياه: يا فنلاتك السودا يا عم بجد جامدة وشكلها شيك، عشان انا بكره الفنلات البيضة ام كت عريض دي
ضحك واردف: وأنا كمان مش برتاح فيهم
قالها ونهض من على الفراش وهتف: هروح اغسل وشي واجيلك، ولا اقولك تعالي ماما بره عاملة اكل أكيد حطت الفطار يلا علشان نفطر
قالها وقبل أن يخرج توقف لحظة كأنه لاحظ شيء وهتف ناظرًا إليها: إيه ده، أول مرة اشوفك لابسة عباية سودا
ابتسمت واضعة يدها على خصرها وهتفت: شفت حلوة فيا ازاي؟؟! قلت البس حاجة تليق بالحي، بطبق مقولة لكل مقال مقام
ابتسم واردف: قمر يا روحي بجد، أبقي هاتي منهم كتير..
قالها واقترب منها وهتف في ابتسامة ساخرة: بس يبقوا واسعين شوية يا روحي عشان ممسكهمش اقطعهم
_ هما ايه ؟؟
_ العبايات هيكونوا إيه يعني ؟؟
_يوه يا وليد هي كل الاستايلات اللي نازلة موضة كده
_ مليش دعوه يا قلب وليد، لو لقيت لبس تاني ماسك على صدرك بالشكل ده هزعل جامد اوي بجد اعتبريها آخر مرة
_ ماشي هبقى أخد بالي وأنا جاية الحي بعد كده
_ لا يا روحي، جوا الحي وبره الحي هو انا بقولك كده عشان الناس ولا ايه ؟؟ الناس تتحرق ولا فارقين معايا، أنا بقولك كده عشان ده لبس مش مناسب ومحدد جسمك ومينفعش بنت مسلمة تمشي بيه عشان حرام وذنوب جارية ليكي وليا عشان أنا ولي امرك دلوقتي يا قلبي.. أنا مش طالب المستحيل، كل اللي طالبه لبسك يوسع سيكا إيه بقى المشكلة؟؟
مطت شفتيها للإمام في اعتراض وعقدت ذراعيها أمام صدرها وهتفت: زعلت منك
اقترب منها وقبل جبينها في حنان وهتف في ابتسامة: ازعلي يا قلبي.. الموضوع ده مفيهوش هزار
ضربت برجلها على الأرض هاتفة: مستفز
_ شكرا، يلا عشان جعان
قالها وخرج وتابعته هي، اتجهت ناحية السفرة وجلست على الكرسي، بينما هو أتجه إلى الخلاء
وعقب مرور دقائق عاد وليد وجلس على الكرسي جوار زوجته وهتف محدثًا أمه: اومال فين بابا ؟
_ نايم ومش راضي يصحى عمال يقولي سبيني شوية
_ طب وعمي وعمتي؟
_ عمتك روحت انهارده الصبح الساعة سابعة وعمك لسه نايم هو وعياله ومراته
_ وليد ممكن اشوف شقتنا؟
هتفت شاهستا في فرحة
تنحنح وليد وهتف في توتر وهو ينظر إلى أمه: اصل يا حبيبي عمي نايم فوق فيها حاليا، هبقى ابعتلك صورها
_ لا هشوفها عادي بعد ما عمك يصحى
تنظر إليها شهد في استغراب من تلك الجرأة
وفي تلك الأثناء، طرق أحدهم باب الشقة، قامت شهد هاتفة: خليك انت جمب مراتك أنا هرد
قالتها ونهضت هاتفة: أيوه مين
_ أنا
سمعت شهد صوت امرأة غربية لا تعرفها
_ مين يا ماما ؟؟
_ مش عارفه واحدة
_ حاضر جاية اهو
فتحت شهد الباب لتجدها منة، هتفت محدقة عيناها: انتي!! انتي عايزة إيه وليكي عين تيجي كمان لحد هنا؟؟؟
نهضا كل من شاهستا ووليد في توتر وهتف وليد: منة منة، روحي استخبي في اوضتي بسرعة يلا
نظرت إليه وهتفت: اوعى تدخل بيها اوضة خليها تقول اللي هي عايزاه هنا في الصالة قصاد الاوضة عشان أسمع هتقول ايه
_ ماشي ماشي ادخلي بقى
_ اوعى تنسى، أنا مجنونة ولو معملتش اللي قلت عليه هطلع من الاوضة انت حر
_ يا ستي ماشي، أمشي بقى.
ذهبت هي جهة الغرفة بينما هو أتجه ناحية الباب الشقة وهتف: عايزة إيه ؟؟
_ مش هتقولي اتفضلي ؟
_ لا مفيش اتفضلي هو انتي تنحة؟! بقالي ساعة بطرد فيكي
هتفت شهد في صوت عالي
_ ماما اهدي بس ثواني بعد اذنك
هتف وليد. ثم وجه حديثه لمنة وهتف: ادخلي
دخلت.. خطى بضع خطوات إلى أمام باب غرفته كما طلبت شاهستا اللاصقة أذنيها على الباب تستمع..
اقتربت منه وهتفت: أقعد فين؟؟
_ هو هنا في المكان ده قولي اللي انتي عايزاه
_ واحنا واقفين كده ؟؟
_ بالظبط
_ كتك القرف
هتفت شهد في ضيق وأخذت تعقد ذراعيها أمام صدرها وترمقها في اشمئزاز، تجاهلتها منة كأنها لم تسمعها وهتفت في صوت خفيض: أنا جاية اقولك إني مستعدة اتغير عشانك مستعدة ابقى واحدة تانية، مستعدة أدخل دنيتك واتعرف عليها كل ده بمساعدتك ليا، ارجوك مد ليا يد العون زي ما بيقولوا
تسمعها شاهستا الذي اخترقت الغيرة قلبها كالسهم
فرك جانب لحيته واردف: مفيش مشكلة ممكن اعملك كورس ديني خاص تحضر فيه ماما اعرفك على ديني ودنيتي
ابتلعت ريقها وهتفت: بس كده؟؟؟ يعني عمرك ما هتحب تبقى زوج ليا بعدها؟ بعد ما ابقى إنسانة تانية تشبهك؟؟
لا رد..
عضت شاهستا على أناملها من الغيظ وتمتمت: هطلع اجيبك انتي وهو من شعوركم دلوقتي
_ مش بترد عليا ليه ؟
هتفت منة
_ اتغيري لنفسك الاول يا منة وبعد كده ابقي شوفي الناس يريحها إيه
_ الناس تولع، أنا مش فارق معايا الناس أنا بشوف إيه يريحني أنا، وانت مصدر راحتي يا وليد
_ يارب صبرني يارب مش قادرة
تتمتم شاهستا التي تموت بغيظها في الداخل
اطرق ثم هتف: منة أنا كنت كلمت والدك في الموضوع ده، سبيني اذاكر من فضلك
_ هديك وقتك كله بس اوعدني إنك حتى هتديني فرصة. طمني إننا بعد الامتحانات هيكون لينا فرصة نكون مع بعض. فرصة واحدة أخيرة ممكن ؟
نظر ببطء جهة غرفته متذكرًا زوجته التي هي في الداخل، ثم التفت إلى منة تارة أخرى وهتف: اجاباتي كلها هتكون بعد الامتحانات، مش هقول حاجة دلوقت ولا هقرر دلوقت
أغمضت عيناها تحاول أن تتماسك حتى لا تصرخ في وجهه وهتفت في هدوء: بس انا مش هقدر أبعد عنك كل المدة دي، على الأقل خليني اشوفك واسمع صوتك
_ إن شاء الله
اقتربت منه وهتفت وهي تنظر إلى عيناه: بص لعيني أرجوك مرة واحدة وابتسم
أنفاسها تتلاحق داخل الغرفة تكد تصرخ في انهيار..
رفع عيناه إلى الأعلى ناظرًا إلى السقف
_ أيوه بس أنا هنا مش فوق
_ منة، امشي كفاية كده يلا عشان عندي مذاكرة
_ نفسي اخدك معايا البيت وافضل ابوصلك بس
_يا بنتب هو حد قالك إني تحفة فرعونية ؟؟؟ ولا لوحة الموناليزا؟؟ إيه كل شوية عايزة ابصلك ده؟ إيه الملل ده؟؟
_ انت ليه مش مقدر اللي أنا حاسه بيه؟؟ أنا عايزاك عايزاك
_وانا مش للبيع والله وربي ما للبيع
دائمًا ما يصدمها بقسوته في ردوده عليها، الأمر الذي يرفضه عقلها لأنه قد كوّن محادثة من عنده ويود أن يستمع إلى كل حرف شكله في تلك المحادثة .. لذلك صاحت في ألم: طب قول كلمة حلوة طيب
_ كلمة حلوة
نظرت إليه في ضيق وهتفت: نفسي في مرة واحدة استغنى عن أفكار العنف اللي بتجيلي تجاهك بس أنت بتوصلني لمرحلة اني ببقى عايزة أصرخ منك وارزع دماغي في الحيطة
لا يرد عليها..
تدخلت شهد: ما خلاص يا تنحه انتي روحي بقى، انتي إيه مش بتزهقي؟؟
ألقت نظرها تجاه وليد كأنها لم تسمع شيئًا للمرة الثانية، وفجأة دون مقدمات التصقت بعنقه متشبثة به في قوة، ومن سرعة الحركة تراجع إلى الخلف مصطدمًا بالباب، ماسكًا بإحدى يداه المقبض حتى لا تخرج تلك المجنونة زوجته والتي بالفعل كانت تحاول أن تفتح الباب في غضب ولكن وليد كان ممسكًا بالمقبض أيضا من الخارج مانعًا إياها من الخروج حتى لا ينكشف أمرهما، وبيده الأخرى كان يحاول أن يبعد منة عنه التي التصقت به كالصمغ وهو يصيح: اوعي ابعدي عني بقولك اوعي
لا يستطيع أن يبعدها بيد واحدة ولا يستطيع أن يترك المقبض..
تدخلت شهد صارخة في غضب جاذبة إياها من شعرها: اوعي كده انتي لزقتي في الواد زي القرادة كده ليه
تأوهت منة من قوة الشدة تاركة وليد، ولم تعط لها شهد أية فرص بل اخذتها كما هي من شعرها وفتحت باب الشقة رامية إياها في الخارج وغلقت الباب في وجهها بقوة وهي تهتف: يلا غوري في داهية مش ناقصين قرف وسفالة
صرخت منة في جنان: ماشي والله العظيم لاوريكي، هوريكم كلكم
قالتها وضربت الباب برجلها في قوة وغضب ونزلت الدرج..
خرجت شاهستا من الغرفة في ضيق وأخذت تخطو خطوات سريعة نحو السفرة وحملت حقيبتها متجهة ناحية الباب حتى ترحل، أمسكها وليد هاتفًا: استني انتي رايحة فين؟؟ شاهستا استني
_ اوعى أبعد ايدك عني
صاحت في وجهه
_ ايه ده؟؟ أنا عملت أيه ؟؟
صاحت بصوت أعلى: بقولك ابعد ايدك عني يلا
_ افهم مالك الأول، مش هتمشي إيه زعلك طيب؟؟
_يا بنتي هي اللي علمت كده والله هو معملش حاجة
هتفت شهد
صرخت شاهستا في غضب وهي تدفعه بقوة بعيدًا عنها: اوعى اوعى مش عايزة اشوف وشك سيب ايدي
ابتعد عنها بعدما دفعته ناظرًا إليها في صدمة لا يصدق ما تقوله له.. فتحت الباب بقوة ورحلت وهي تركض باكية، استوعب ما يحدث حوله وركض خلفها ينادي: شاهستا ارجوكي استني.. شاهستا
وبينما هو يركض خلفها على الدرج نزل محرم بعدما سمع كل تلك الفوضى وأخذ ينظر إليه وهو يلحق بها وينادي عليها، نظر إلى داخل الشقة وذلك لأن الباب كان مفتوحًا وهتف في استغراب سائلًا شهد: هو في إيه ؟؟
ارتمت على الكرسي خلفها وهتفت: الصراع بينهم هيدوس على ابني...
خرجت من المنزل كما هي في ثورتها العارمة، ويتبعها هو وهو لا يزال ينادي عليها
رأتهما زينة والتي كانت تسير في الشارع جهة المنزل، لذلك شهقت في خضة هاتفة: هو رجع لمراته ؟؟
_ شاهستا افتحي العربية دي متسوقيش كده، شاهستا بالله عليكي
كانت تجلس في سيارتها مغلقة الباب بالمفتاح و نوافذ السيارة أيضًا، كان يدق على النافذة والباب حتى تفتح له. وضعت المفاتيح في محرك السيارة وانطلقت في قوة مصطحبة بغضب، ضرب على جبينه وأشار إلى سيارة أجرة وهتف: ورى العربية دي بسرعة بعد اذنك
وبعد مرور وقت يحاول أن يلحق بها أو حتى كي تهدئ سرعة السيارة... توقفت السيارة أمام ڤيلتها وخرجت منها في سرعة مغلقة الباب بقوة، وكذلك توقفت سيارة الأجرة أمام الڤيلا نفسها، خرج وليد ووضع يده في جيبه فلم يجد مال، ضرب على جبينه في ضيق وهتف: بص خليك مستني هنا راجع معاك وهحاسبك في الحي
_ ماشي يا شيخ ولا يهمك
ابتسم له وليد ورفع رأسه وعن غير قصد وقعت عيناه على ڤيلا منة والتي كانت تقع أمام ڤيلا شاهستا ليجدها تقف أمام الڤيلا تتحدث مع أسر والذي كان يبتسم تارة ويضحك تارة أخرى..
تجمد مكانه متمنيًا أن تنشق الأرض وتبتلعه حتى يرتاح من ذلك العذاب والغزي...
في كلام مهم، بنسبة كبيرة أوي مفيش بارت الخميس الجاي بسبب امتحاناتي عشان كده حاولت اطول في البارت ده، بإذن الله هحاول مطولش الغيبة بس فعلا غصبن عني
وبس كده متنساش تقول رايك وتوقعاتك واتفاعل اذا عجبك البارت وشجعني
دمتم بخير
# سلمى خالد احمد
أنت تقرأ
الجعة يشوبها الأخلاق
Misterio / Suspensoو كان خطئه الوحيد طيبة قلبه وعفته، الدنيا ليست المكان الذي يستحقه. الحقارة لم تعرف طريقه قط، والشك لم يطرق بابه حتى. فلما فعلوا ذلك به؟ ومن المسؤول عن الحال الذي وصل إليه ؟ هل تلك التي ستغير حياته السبب في ذلك؟ أم هي السبب في تدميرها؟ بالطبع الجمي...