السادس عشر ( الجزء الثاني)

4.4K 194 36
                                    

ازيكم عاملين ايه
جاهزين؟؟
يلا نبدأ


صمتت برهة تستوعب ما قد قيل وسألت لربما أخطأت السمع:
_ أنت قلت حاجة؟
_ بقولك أنا كتب كتابي على منة يوم الجمعة الجاية

ضمت ملامح وجهها في استياء وأخذت تقترب منه وهي تقول:
_ أنت بردو بتعيد العبط نفسه تاني؟ أنت اهبل ولا شكلك كده؟! بتهزر صح! هزار سخيف ومش مقبول ومتهزرش معايا هزار زي ده تاني

زفر في ضيق وهتف:
_ لا يا شاهستا أنا لا بهزر ولا بعبط؛ أنا بقول اللي هيحصل


هجمت عليه وأخذت تضربه بكلتا يديها على صدره وكتفيه وهي تصيح:
_ هو ده العقاب صح؟ عايز تعاقبني بالشكل ده صح؟! اللي هو تفرحني الأول إنك هترجعني وبعد كده تقولي كل شروطك ومن ضمنها انك تتجوز عليا علشان تهني مش كده؟!!

أمسك بيديها حتى تكف عن ضربه وصاح:
_ بس بقى اهدي وبطلي اندفاع وضرب وخليني افهمك


افلتت يديها عن يديه وعقدت ذراعيها أمام صدرها وهتفت في سخرية:
_ اه سوري اتفضل فهمني؛ يعني اديني معاد الفرح و وقولي مكان القاعة يمكن أنا عددت مني ونسيت أسأل عنهم!

_ شاهستا، منة مصدر قلق بالنسبالي من زمان وانتي عارفة ده كويس؛ منة معاها فيديوهاتك اللي ورتهالي كلها وورتها لأهلي ومن زمان وهي بتهددني بيهم؛ يإما اتجوزها أو تفضحني في نص الحي ودلوقتي الفضيحة مش ليا لوحدي؛ انا مش عايز حاجة زي دي تظهر ليكي علشان مش هنعرف نرجع... شهرة منة هتساعدها في ده هي عايزة تفضحنا على السوشيال ميديا كمان؛ واحنا يا شاهستا ناس كافية غيرها شرها وعايشين في حالنا ومش عايزين الناس تدخل في حياتنا وكل واحد يكتب كومنت اشنع من اللي قبله في حقي أو حقك ويفضلوا يشككوا في أخلاقنا؛ الناس مش بترحم يا شاهستا بجد مش بترحم، وانا مش هتحمل نظرات الناس وكلامهم عننا سواء هنا في الحي ولا هتحملها على السوشيال ميديا ولا عايز أبقى ترند، انا راجل كل المعروف عنه على السوشيال ميديا فيديوهاته وهو بيقرأ قرآن والناس تشير؛ وانا بصلي في مسجد الحسين واللي يعرفني عارفني بالسمعة الحسنة؛ ليه بقى ابص ألاقي اللي يسوى واللي ميسواش بيتكلم عني وعن مراتي أم ولادي ويقعدوا يقولوا كلام ميرضيش ربنا!!
ومنة شخص معروف وعندها متابعين كتير وكمان كليتها هتساعدها تعملي صك صحفي بجد، قالتلي هجرب فيك مشروع تخرجي؛ ماهو أكيد ده ميرضكيش!

_ ماشي متفقة معاك إن اللي هي هتعمله شيء فعلا فظيع بس الحل إنك تعملها اللي يريحها وتتجوزها! الحل يعني إنك تعمل كده!

أخذ زفيرًا طويلًا ثم هتف:
_ لا، أنا مش هتجوزها اصلا جواز حقيقي كله على ورق لحين ما أخد منها الفيديوهات اللي معاها وبس

_ وهي بقى هبلة أول ما تتجوزها هتقولك خد أهي!
_ لا، عندي خطة علشان اعرف اخدهم منها واتأكد كمان إنها معهاش نسخ تانية


بدأ كلامه يضايقها بشكل أكبر وعليه أخذت تهز ساقيها في توتر و غضب وتحدثت:
_ وايه هي بقى الخطة دي اللي مش هتنفع إلا بجوازك منها!

_ ماهو لازم علشان اكون معاها
_ وليد بطل استفزاز أنا مش موافقة
_ والله!
_ والله، وفي ألف طريقة تانية تخليك تاخد منها الفيديوز من غير جواز وزفت

_ زي ايه؟ اديني طريقة من الألف دول
_ مش جاي معايا حاجة دلوقتي بس هنقعد وهنخطط وهنفكر وأكيد هنلاقي حل غير ده

_ شاهستا مفيش وقت؛ أنا عايز أخلص منها ومن تهديدها وبعد كده اشوف هعمل إيه مع أهلي علشان نقدر نرجع تاني نعيش مع بعض وفي كذا حاجة محتاجة تتظبط وبعدين أنا وافقت على الجواز لو جيت دلوقتي قلت لا هتنتقم مني جامد ودي واحدة زبالة مش متوقع ممكن تعمل أيه و...


قاطعته صارخة:
_ صح واحدة زبالة مش متوقع ممكن تعمل ايه، عايزني بقى أنا اسيب جوزي مع الزبالة دي وأبقى مطمنة كمان صح؟!

_ حبيبي أنا الراجل فوقي
_ لا بردو، أنا معرفش ممكن تعمل هي إيه دي بت دماغها مش سالكة وانت يا حبيبي عمرك ما هتتوقعها.


استدار موليًا لها ظهره وتحدث:
_ شاهستا، أنا هتجوز منة ومفيش حل تاني


أمسكته من ذراعه حتى تجعله يلتفت لها وتحدثت ما إن التفت:
_ لا يا وليد وأنا رافضة الجواز ده وهندور على خطة بديلة
_ معنديش والجمعة خلاص كلها يومين وتجي، عندك خطة في يومين تخلي الفيديوهات معانا؟!

زفرت في ضيق وصاحت:
_ يوه يا وليد بطل تضغطني بقى!
_ والله انا اللي مضغوط وعلى أخري؛ و اوعي تفتكري إني يوم ما استبدلك هبص لمنة تمام، أنا وهي مننفعش بكل الطرق
_ بص يا وليد أنا هقول من الآخر، لو هتتجوز منة يبقى تطلقني؛ وكفاية اوي لحد هنا، أنا من ساعة غلطتي وأنا عمالة اتهان مرة في شرفي ومرة في سمعتي وكل شوية أنت تختبر صبري والموضوع ده بقى مأزمني نفسيا بجد وحاسة إني مضغوطه وعايزة اعيط، كفاية لحد هنا يكفي إنك مسامحني أنا اعصابي مش مستحملة

تنهد ورد:
_ مش هطلقك يا شاهستا
_ يبقى مش هتتجوزها
_ لا، هتجوزها ومش هطلقك

_ وليد قولتلك متهزرش معايا
_ مش بهزر صدقيني
_ هطلقني يا وليد، مادام هتتجوز عليا وبالأخص الكلبة دي يبقى هطلقني؛ أنا مش هستحمل اشوفك مع غيري ولا كرامتي هتسمحلي أقبل ضرة وتبقى منة كمان! وبردو كفاية اختبارات لكرامتي اللي اتخليت عنها كلها وانا معاك

_ غني للصبح بردو مش هطلقك ومش كل حاجة بكيفك يا حبيبي، مش كله بمزاجك.
مش انتي اللي قررتي ترجعي! مش انتي اللي قررتي كل حاجة من بداية علاقتنا! يبقى تستحملي

_ بتعاقبني بالشكل ده علشان خدت قرار الرجوع؟! مانت كنت موافق ولا أنا عملت حاجة غصبن عنك كمان!

_ لا كنت موافق بس القرار جيه من عندك ماكنتش عايز نرجع دلوقتي، ودلوقتي انتي عايزة تطلقي وأنا مش عايز مش بمزاجك بقى كل حاجة أنا مش ماشي بأوامرك!

_ مش هسمح لك تتجوز عليا يا وليد مش هسمح لك تلمس غيري وأنا على ذمتك
_ وأنا مش هلمس غيرك وبقسملك بده إني مش هاجي جنبها

_ أنا واثقة فيك، بس مش واثقه فيها، وحتى إن ضمنت لي إن مفيش تطورات بينكم هتحصل مش عايزاها حتى تحط أيدها عليك أو تحضنك أو تلمس ايدك حتى وده من حقي؛ وده انت مش هتعرف تضمنه ليا علشان انت مش متوقع أي حركة منها إذا كانت عملت حركات من دي في الجامعة وفي الشارع وفي قلب بيتك قصاد مامتك مرة، يا ترى مش هتعملها وأنت معاها في شقة لوحدكم!

_ شاهستا، ايه مشكلتك في لمسة أيد! ما أنا متجوزها علشان ميبقاش فيه حرمانية في الموضوع بس نيتي إني عايز اخد منها اللي يخصني واربيها على اللي بتعمله معايا

_ ترضى راجل غريب يلمس أيدي؟!
_ حرام
_ لو كان ربنا محللي زيك، ترضى؟!
_ ربنا مش محلل علشان ماينفعش
_ هو إيه اللي ماينفعش؟!
_ طبعي مختلف عن طبعك ودي الطبيعة اللي خلقنا ربنا بيها؛ بمعنى فيه حاجات تقدر تتقبلها المرأة بحكم طبيعتها وحاجات ميقدرش عليها الرجل بحكم طبيعته

عقدت حاجبيها في استغراب وهتفت:
_ أنت بتقول إيه؟! وطبيعتي عادي تقبل ضرة؟!

_ اه لأن غيرك قبل كتير وعاش مع ضرة والتانية من قديم الأزل؛ خدي بالك أنا بتكلم عن طبع المرأة اللي اتخلقت بيه مش بتكلم عن طريقة تفكير شاهستا وشخصيتها ورأيها في موضوع معين، أما الرجل بطبيعته اتخلق بصفات مختلفة عن الست ومن أهمها إنه غيرته نارية بجد عنها بمراحل يعني لو كان في مثنى وثلاث للراجل والست اتجوزت غيره ممكن يقتلها هي وهو مثلا

_ والله هو ده كل ما في الأمر؟ ربنا خلى الست تخص راجل واحد بس إنما أباح للراجل عادي إنه يتجوز غيرها تلاته علشان بس غيرته النارية؟!

_ ربنا ليه حِكَمه في كل حاجة بيحللها او بيحرمها بس من وجهة نظري إنه مش ده بس السبب، في أسباب تانية واضحة وهي تعزيز المرأة أصلا، يعني حتى بعد  يوم القيامة والحساب إن دخلت الجنة الست ملهاش حور عين، هي مش بيفرق معاها أوي الحاجات دي اللي يهمها أنها تتزين وتلبس الحلي والمجوهرات وتبقى أميرة في نفسها وده بردو بيعود لطبيعتها اللي خلقها بيها ربنا.. سبب تاني علمي؛  الست هي اللي بتحمل زي ما حضرتك حامل كده وشايلة عيالي، ولو كان يجوز إنها تتجوز اكتر من واحد هل ياترى هنعرف ابن مين اللي في بطنها ده!! بجد عك كل واحد هيقعد يقول ابني وحاجة تقرف، وهيبقى فيه لغبطة في النسل ومش هيكون فيه استقرار؛ متقوليش بقى موجود الDNA واللي هو لسه طالع امبارح ده، يعني الناس زمان جدا كانت هتعمل إيه! وحتى إن كان في طريقه طبية وقتها تحدد ابن مين ده، معتقدش إنه يليق بيها تبقى قاعدة كده وعايزة تعرف ابن مين اللي في بطنها ده! وده بردو بيرجع لطبيعة الست اللي هي النقطة الأولى اللي اتكلمت فيها؛ لأن الست هي اللي مخلوق ليها رحم ويمكن ده العضو الوحيد اللي مفيش زيه في جسم الراجل.
عموما ربنا ادرى بخلقه وهو عارف كويس إيه اللي يناسب طبع كل  منا واكيد له حكم تانية مش بالضرورة نكون فهمنها

خطت عدة خطوات ناحية الأريكة وارتمت عليها وهي تتأفف في ضيق وهتفت:
_ توهني بقى في طبيعة الراجل والست علشان أنسى النيلة اللي أنت عايز تعملها، وعمتا يا وليد أنا متفقة مع كلامك كله واللي من ضمنه إنك قلت أنا بتكلم عن طباع المرأة مش عن شخصية شاهستا، وزي ما في رجالة بطبعها غيورة اوي فيه لا بردو كتير و حوالينا ولا بيغير على مراته ولا زفت يبقى ده شخصيته مختلفة ورأيه كمان مختلف قِبل بحاجات ورفض حاجات وهو حر، وكذلك أنا رافضة الفِكْر ده ومش هخليك تتجوز عليا بالأخص إني مفيش عيب واحد فيا يذكر حتى.

_ شاهستا انتهينا بقى


نهضت فجأة وصاحت:
_ لا يا وليد لا بردو، اسمع بقى لو اتجوزت عليا البتاعة دي هجيلك في نص القاعة قصاد الجميع ونفس المأذون اللي جوزك ليها هيطلقني منك وإلا بقى باباك وعمك يشوفوا حل

_ قول كلام على قدك يا شاطرة
_ مش مصدقني صح؟ ما انت ضمنت حبي ليك وتعبي في فراقك، بس ثق يا وليد هتخلى عن كل ده وهعمل كده فعلا

_ متقدريش
_ بطل استفزاز
_ ماشي، ابقي اعملي كده...  حرفيا الموضوع مش عايز غيرة ولا ناقصه مشاعر؛ أنا قرفان وعايز اخلص من تهديد البت دي أنا كل يوم بحلم إني مفضوح قصاد الجميع بجد، حرام عليكي ليه تعيشيني الإحساس ده وكل ده بسببك انتي اللي خليتي السافلة دي تمسك علينا حاجات زي كده وأنا عيلتي على اخرها كمان، وعايز اصلح كفاية تعب وعدم استقرار بقى ولا انتي حابة الفضيحة؟ يعني هتفرحي أما يقعدوا يقولوا عليكي زانية ولا هتحبي إن كل شوية حد يقول على الزفت ده عشيقك وكلام عك والناس تاخدنا محتوى علشان يلموا ريتش!
شاهستا أنا بعمل ده علشانك قبلي وعلشان ولادنا كمان انا بدفع عنك الأذى، و المجنون بس اللي يطيق إن واحدة بتأذيه بالشكل ده وعمالة تهدده ويسمح لها تلمسه أو يسمح لنفسه إنه يقرب منها حتى! كله بالعقل يا بنتي فكري شوية

_ يعني ده آخر كلام عندك؟

أطرق...... تابعت:
_ ماشي يا وليد، خدت القرار؟! استحمل بقى اللي هيحصل

كان هذا آخر ما قالته ثم حملت حقيبتها وخرجت من الغرفة، فنادى عليها في صوت عالي لذا توقفت عن السير فتحدث:
_ انتي رايحة فين كده؟
_ مروحة
_ لا، الوقت متأخر متروحيش لوحدك، يا تباتي هنا وأبات معاكي، يا اوصلك البيت؛ ها تختاري إيه؟

ردت دون تفكير:
_ اوكيه وصلني البيت
_ تمام يلا

خرجا من الشقة وأثناء سيرهما ناحية السيارة تحدث:
_ شاهستا، أنا مش عايزك تزعلي أنا والله بعمل ده ليا وليكي قبلي؛ ارجوكي بلاش تكتمي في نفسك كده وتزعلي نفسك علشان التافهة دي أنا عمري ما هبص لها، ثقي فيا شوية

_ متتكلمش معايا خلاص مش خدت قرار؟! خليك عند قرارك بقى وانا هوريك هعمل إيه
_ شاهستا وقفي تهديد بقى، انتي إيه عايزة تبوظي كل اللي بخطط له؟

فتحت باب السيارة وارتمت داخلها وأخذت تربط حزام الأمان في ضيق، دخل الآخر وبدأ يضع المفتاح حتى يقود وينطلق وتابع:
_ أنا الغلطان يعني علشان قولتلك هعمل إيه؟ ما أنا لو في دماغي أي حاجة ماكنتش قولتلك أصلا ولا كان هيفرق معايا!


انطلق وأخذ يركز في القيادة، فردت هي:
_ واللي هي ايه بقى خطتك دي إن شاء الله؟ تجيب منها عيل علشان توافق تديك الفيديوز!

_ ما تتكلمي عدل بقى يا بنتي الله! أنا اجيب عيل من دي؟! يا شيخة قولي كلام يتعقل طيب؟! تاني افهمي أنا مش هاخد الفيديوهات منها برضاها أصلا علشان مش هيحصل

_ اومال هتجبها ازاي؟!

تنهد ورد:
_ هقولك هجبها ازاي...

                ******
_ أزيك يا أسر عامل إيه؟

تحدثت عاليا مع أسر عبر الهاتف تسأل عن حاله، فرد الشاب:
_ انا الحمدلله كويس يا عاليا وانتي عاملة إيه، كله تمام؟
_ تمام الحمدلله؛ قلت أما اتصل أسأل عنك، كنت نايم ولا حاجة، قلقتك؟

_ نايم! ولو نايم اصحالك مخصوص

ابتسمت في رقة يشوبها خجل وردت:
_ طب الحمدلله إني مقلقتكش
_ يا ستي انتي اقلقيني ولا اعملي اللي انتي عايزاه فيا براحتك


ابتسمت وهي تضغط على شفتها السفلى وردت:
_ طب خلاص روح نام بقى عندك شغل بدري

_ عاليا
_ نعم
_ هو احنا هنكتب الكتاب امتى؟


ارتمت على سريرها في فرحة عارمة وردت في ابتسامة:
_ مستعجل اوي ليه كده؟
_ يعني بصراحة لسبب ما
_ ممكن أعرف؟

تنحنح ورد في خجل:
_ اصل بصراحة يعني أنا
_ أيوة سمعاك
_ أنا بَ..بَ

اعتدلت فجأة وجلست على السرير بعدما كانت مستلقية وتحدثت في شيء من نفاد  الصبر:
_ أيوة كمل قول

تنحنح تارة أخرى واجاب:
_ بح..

اتسعت عيناها من أثر الفرحة التي طرقت باب قلبها و ارتسمت ابتسامة عريضة على شفتيها وردت:
_ كمل بقى قول، قول
_ بحلم بكوابيس كتير بليل الفترة دي فكنت عايز اكتب الكتاب علشان اقدر أسهر معاكي براحتنا في إطار شرعي وكده


عبس وجهها وتحدثت في نبرة صوت حادة:
_ أقفل يا أسر، أقفل يا أسر علشان أنا عندي مرارة واحدة وخايفة عليها

عقد حاجبيه في استغراب وهتف:
_ إيه ده في إيه؟
_ انا مالي انا بتحلم بكوابيس ولا نيلة؛ حد قالك إني الرقية الشرعية!! روح اقرأ الاذكار يا أسر ولا المعوذات

تعجب من لهجتها والتي تغيرت كليًا ورد:
_ عاليا انتي بتتحولي ولا ايه انا عملت إيه بس؟
_ يا عم بلا تعمل، يلا روح نام ورايا شغل البيت من النجمة تصبح على خير

أنهت المكالمة، نظر في شاشة الهاتف متعجبًا من طريقتها معه وحدث نفسه متسائلًا:
" الله! هو إيه اللي حصل هي زعلت ليه؟
                 *******
ودخل علي غرفته حتى ينام فوجد زوجته ريناد تجلس على السرير تضع يديها فوق رأسها تتاؤه، فتعجب من رؤيتها بذلك الحال؛ وعليه جلس جوارها وتحدث:
_ إيه ده مالك؟ انتي كويسة؟
_ الصداع هيفرتك دماغي يا علي

_ ليه يا حبيبتي ألف سلامة عليكي
_ بسبب بنتك شاهستا، شاهستا ناوية تجبلي جلطة يا علي

زفر في ضيق يبدو أنه سئم الحديث عن الموضوع ذاته ورد:
_ ليه بس يا ريناد، لو تكبري دماغك منها!

اغتاظت منه وصاحت:
_ أكبر دماغي منها؟! أكبر دماغي منها ازاي يعني؟! مش بنتي دي ولا هي بنت مين!

_ بنتك بس كبرت خلاص ودورنا معاها من تربية واعتناء خلص؛ هي عدت السن القانوني وحامل واتجوزت خلاص بقى هي ادرى بشؤونها!
_ لا يا علي أيًا كان شاهستا لسه صغيرة؛ صغيرة أوي على أنها تفهم إن الولد ده مش مناسب هي مبسوطة بس في الأول علشان بتحبه لكن بعدين هتكتشف حجم المصيبة وهي فرق المستوى الواضح جدا، أما تطلب منه فلوس النادي اللي بألوفات ولا كورسز الرقص ولا ولا... هو مش هيقدر يكفي مصاريفها يا علي لازم تفهم ده

_ أنا فاهم يا ريناد وعارف بس هي اللي اختارت ووقت ما تحس بده وتطلب الطلاق يبقى براحتها بردو.
ريناد البنت حامل وأنا خايف عليها من الزعل ده انا مش عايزها تنتكس تاني؛ خليها معاه مادام مرتاحة!


زفرت في ضيق وهتفت:
_ ماشي سبنا من مستواه المادي؛ خلينا في أهله في المنطقة الشعبية المعفنة اللي عايشين فيها؛ احنا ازاي ننساب دول يا علي ازاي!
أهله ناس همج ولسانهم طويل وآخر مرة أنا اتخانقت مع عمه ده؛ راجل طول عمره بالجلابية وعايش في زمن غيرنا.
حتى اولادها دول اللي هي فرحانة بيهم أما يتولدوا هيجلهم صدمة ثقافية واجتماعية وحضارية وكله؛ ايه الفرق الشاسع ده! أب عايش في منطقة نائية زبالة حرفيا؛ وأم في التجمع وحياتها كلها هاي؟!
شاهستا لازم تتطلق يا علي لازم والاولاد دول احنا اللي هنعتني بيهم وألف مين معجب بشاهستا وعنده استعداد يربي معاها الأولاد كمان.

_ طب ممكن تأجلي بردو الكلام ده لبعد الولادة! الكلام
ده بيزعلها وبيأثر في نفسيتها وانتي عارفه الحامل بتبقى عاملة ازاي، انتي اما كنتي حامل كنتي متعبة


نظرت إليه وأشارت إلى نفسها هاتفة:
_ أنا كنت متعبة يا علي؟
_ يا حبيبي يعني كل الحوامل كده أقصد
_ بحسب
_ يلا ننام بقى يومنا طويل بكرة علشان فرح أمير انتي عارفة وسيبك من شاهستا دلوقتي


نظرت إليه في ضيق، ثم استلقت على الفراش وغطت رأسها وجسمها، نظر إليها وتمتم:
" ربنا يهديكي يارب"
                *****

ومع اقتراب الساعة الثانية عشرة بعد منتصف الليل، كانت شاهستا تجلس على سريرها تفكر فيما قاله لها وليد حول خطته والتي لم تقنعها، أو ربما لأنها لا تريد أن تقتنع.
وأثناء شرودها في تلك الأمور، سمعت صوت باب الغرفة يدق، وعليه تحدثت في صوت عالي:
" ادخل"

دخل الفتى وهو يبتسم، يحمل بذلتين انيقتين وتحدث وهو يعرضهما لها:
_ إيه رأيك؟ ألبس البدلة دي ولا دي بكرة؟

ضربت بيدها على رأسها و تحدثت:
_ اوف، نسيت خالص إن بكرة فرحك سامحني والله أنا في دوامة مشاكل

_ الله يعينك كفاية عليكي وليد
_ آسفة يا أمير بس يعني...
_ سيبك، المهم جهزتي فستانك ولا نسيتي؟
_ ماما طلبت لي واحد اونلاين من فترة علشان قولتلها مش فاضية لأي shopping
_ حلو اوي


قامت من مكانها وأخذت تقترب منه ووضعت وجهه بين كفيها وتحدثت في نبرة صوت تحمل في طياتها الحنان:
_ حبيبي، انت ليه رافض تحل مشكلة جومانة؟!

زفر في ضيق، تابعت:
_ أمير أنا مش بقولك اتجوزها وعيش معاها بس على الاقل اعمل حركة كده روح اطلبها من أهلها وبعد ما الجواز يتسجل بس طلقها ومش مهم البيبي هي هتنزله

_ شاهستا انتي بتقولي إيه؟ طب ومراتي اللي هتجوزها بكرة دي! سها مش هترضى

_ قولها إن دي لعبة بس كلها يومين وهتخلص علشان تصلح غلطتك اللي في الماضي دي وتعرف تعيش حياتك المستقبلية معاها بدون مشاكل

_ لا يا شاهستا مش هترضى وهتزعل

أبعدت يديها عنه وتحدثت في نبرة صوت تحمل قليل من الضيق:
_ ماهو يا أمير مش طبيعي بردو إنك تعمل كده في البنت! يا أمير أهلها ناس صعبة وحرام عليك تسبها تواجه كل ده لوحدها؛ ما أنت غلطان في جزء بردو!

أطلق زفيرًا طويلًا وهتف:
_ حاضر يا شاهستا هشوف موضوع جومانة ده بس ممكن مش دلوقتي، لاني عريس والمفروض افضل جمب مراتي مش اروح اتجوز عليها يعني!

ابتسمت وقبلته من خده الأيمن وتحدثت:
_ ماشي يا حبيبي تسلملي عيونك

ثم تراجعت للخلف خطوة واحدة وبدأت تمعن النظر فيما يحمله وتحدثت وهي تشير إلى يده اليمنى:
_ البدلة دي أحلى من دي

نظر إلى البذلة وقال:
_ كنت حاسس بردو إن دي أحلى فعلا؛ ماشي يا حبيبي تسلمي هروح اجهز باقي الحاجات بقى وبعدين أنام

_ وانت زنقت نفسك ليه كده؟
_ يعني بصراحة كنت مشغول اوي انتي عارفة إن التصوير مش بيستنى انا واخد اجازة يومين بالعافية وبعدها لازم أنزل المقر تاني
_ ربنا معاك

_ thanks, يلا هروح أنا بقى
                 *****
وفي صباح اليوم التالي، بالأخص مع العاشرة صباحًا، استيقظ وليد من نومه على صوت هاتفه، ففتح عينه وأمسك بهاتفه ونظر إلى شاشة الهاتف والرؤية مشوشة أثر الاستيقاظ توًا، فوجد المتصل أمير، فاستقبل المكالمة هاتفًا:
_ ألو السلام عليكم
_ ألو يا وليد وعليكم السلام
_ ازيك يا أمير، معلش بس لسه صاحي من النوم
_ ولا يهمك آسف إني رنيت في وقت بدري، بس كنت عايز أطلب منك طلب
_ اتفضل

_ أنا فرحي النهاردة

ابتسم وليد ورد:
_ بجد! ألف مبروك
_ الله يبارك فيك، وحقيقي نظرا لشغلي وكده محددتش المعاد إلا من قريب؛ يعني أنا عارف إن معاد الفرح كان قرب وكده ولكن المعاد جيه فجأة أما فضيت بس
_ تمام

_ كنت عايزك تيجي الفرح
_ بس يا أمير انت عارف إن والدتك ممكن تعمل مشكلة

_ لا، ملكش دعوه بيها اوعدك إنها مش هتتكلم حتى وأنا هعرفها إن أنا اللي عزمك

_ وانت عايزني اجي الفرح ليه يعني يا أمير؟
_ عايز اقولك على حاجة بعد الفرح... ثم إني بصراحة مش عايز شاهستا تبقى زعلانة هي هتبقى فرحانة أما تشوفك هناك

_ هشوف كده وهرد عليك
_ لا لا بالله عليك حاول تيجي هستناك متتأخرش، يلا هقفل علشان بس ورايا تحضيرات
_ ماشي يا حبيبي، عايز أي مساعدة؟
_ Merci, أنا بس عايزك تيجي
_ حاضر مش هزعلك، ربنا يتمملك على خير يارب
_ شكرا، باي
_ مع السلامة

               ******
واستقيظت شاهستا مبكرًا رغم أنها نامت متأخرة حتى تتهيأ لزفاف أخيها وما إن أفاقت وغسلت وجهها وهكذا، حتى وجدت رسالة قد ارسلت لها عبر تطبيق "واتساب" من معلمة الدين تقول لها فيها" السلام عليكم يا شاهستا، متى موعد المحاضرة الثانية وذلك لأن اليوم هو معادها وإن شئتِ فأتمنى ألا يكون المعاد بعد صلاة المغرب نظرًا إلى انشغالي في ذلك الوقت".

فردت الفتاة عليها  بمسجل صوتي تقول فيه" وعليكم السلام، أنا كمان مشغولة بليل، بس فاضية حاليا لو حضرتك فاضية بردو ياريت ناخد المحاضرة دلوقتي أفضل اونلاين على زووم زي المرة اللي فاتت"
وعقب مرور دقائق، استمعت المعلمة إلى المسجل وعليه وافقت و اجتمعت مع الفتاة عبر البرنامج المشار إليه أعلاه وفتحت المعلمة الصوت وتحدثت:
_ ازيك يا شاهستا، سمعاني كده؟
_ أنا الحمدلله تمام، آه سامعة حضرتك
_ طب كويس، افتحي بقى الكاميرا وانا كمان هفتح علشان نبدأ درسنا

_ حاضر

فعلت الفتاة كما طُلِب منها ولما تهيأ لها الأمر قالت:
_ بصراحة أنا كنت حابة إن درس النهاردة يبقى عبارة عن إجابات لأسئلة أنا جمعتها من السوشيال ميديا و بعض الفيديوز وكده والأسئلة دي علقت في ذهني وكنت حابة أسأل فيها

_ حلو أوي اسألي أنا معاكي وإن شاء الله افيدك


أخرجت الفتاة ورقة الأسئلة التي كانت تحملها في حقيبتها وبدأت تطرح على معلمتها سؤالها الأول وهي تقرأه مما دونته في الورقة:
_ دلوقتي أنا فاطرة في رمضان بسبب عذري الشهري هل يجوز إني آكل واشرب في أي مكان براحتي لأن معايا رخصة ولا حرام؟

_ مكان عام تقصدي وفيه ناس وكده؟
_ بالظبط، أنا في الجامعة مثلا واشتريت أكل وكده وقعدت آكل

_ فهمتك، بصي أنا هجاوب برأي الفقهاء مش رأيي أنا في الموضوع، وهكلمك ببساطة خالص علشان الأمور توضح أكتر... اللي يفطر يا شاهستا لعذر معين سواء بقى مرض أو حيض لا يجهر به حتى لا يُتّهَم في دينه، الناس مش عارفه إنك عندك ظروف، انتي جميلة ماشية ما شاء الله بحجاب وبلبس طويل وفجأة بتاكلي في نهار رمضان! طيب هتقوليلي ملناش دعوه بحد كل واحد في حاله، هقولك ماشي بس الاطفال الصغيرة اللي ممكن تشوفك أو الجاهل في أمور دينك هيبدأ الطفل يقول ماهي طنط الكبيرة أهي فاطرة واللي مش فاهم حاجة هتديله فرصة يقولك لا حول ولا قوة الا بالله مبقاش فيه خوف من ربنا والبنت فاطرة أهي اومال بقى حرام حرام! فاهمة يعني كمان هنشيع ظاهرة إن عادي الفطار في نهار رمضان ونلاقي أي حد بيفطر كده وده مش مطلوب.
معاكي رخصة من الأفضل تسري فطارك ده في نفسك ولا تجهري بيه انتي حتى إن عندك طفل صغير في البيت لو شافك بتفطري مش هيفهم مشكلتك وهيقلد والأطفال بتلقط، فلا نتجنب كل ده أفضل

_ تمام شكرا كنت بفطر قصاد الجميع زمان ...... ابتسمت ثم تابعت:
_ بقينا حد تاني بقى

ابتسمت المعلمة وردت:
_ الحمدلله الحمدلله أسأل الله لكِ الثبات
_ أمين يارب، السؤال التاني بقى، انا عارفة إن لازم الزوجة تطيع زوجها، ايه بقى الحالات اللي متطعهوش فيها، ولا مفيش؟

_ لا فيه، أولا لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، زوجك بيطلب منك متصوميش رمضان لسبب ما، أو عايز يفطرك بالعافية لأجل رغباته مثلا، هنا طاعته مرفوضة طبعا، انتي محجبة وبتلبسي اللهم بارك لبس حلو ومحتشم، هو جيه قالك بلاش فلح والبسي ده علشان مثلا احنا خارجين خروجة مهمة وعايزك تباني وتظهري وكده في الحالة دي بردو ارفضي، رايحة تصلي فرض معين وهو طلبك يبقى لا ترفضي وتصلي بما إنه فرض ومثلا مفيش وقت بينه وبين  الفرض التاني إلا قليل

_ طلبني ازاي؟ ماهو لو عايز يكلمني مش الدقيقه دي اللي هضيع الدنيا!
_ أحب الأعمال إلى الله الصلاة في وقتها وبعدين أنا مش قصدي طلبك للكلام اقصد طلبك لغرضه

_ آه ، سوري فهمت... سؤال بقى بما إننا جينا في الحتة دي، أنا صايمة مثلا بس مش فرض، سنة يعني مثلا يوم الاتنين الخميس كده..
_ حلو
_ وهو طلبني افطر ولا حرام؟
_ لا مش حرام، تفطري في الحال مادام ده صيام نافلة أما لو فرض ترفضي

_ طب ما أنا عايزة اصوم حابة اتقرب إلى الله اكتر بالنوافل دي!

_ لا، في أوليات طبعا، انتي لو فطرتي لأجل طاعة زوجك كأنك صومتي وليكي الأجر والثواب كامل إن شاء الله، انتي متعرفيش مدى احتياجه ليكي فحرام منعه

_ طب واشمعنى في رمضان لا؟ ما يمكن بردو محتاجني؟!

ابتسمت المعلمة وردت في ابتسامة بسيطة جميلة:
_ لأن في رمضان هو كمان المفروض صايم اصلا


ابتسمت الفتاة وضربت على رأسها وردت:
_ معلش الغباء حضر بس
_ ولا يهمك، كملي..

_ اوكيه، دلوقتي أنا و زوجي اختلفنا في أمر ما، وهو رأيه غلط تماما وأنا رأيي اللي صح وهو مش راضي يقتنع بوجهة نظري، في الحالة دي اعمل إيه اسمع كلامه ورأيه اللي هو الغلط ولا أمشي بكيفي أنا ورأيي أنا؟

_ هطرح عليكي بعض الأسئلة
_ اتفضلي
_ اديني مثال بسيط عن الموضوع اللي انتوا اختلفتوا فيه
_ هتفرق؟
_ اه طبعا، فرضنا عايزك تتجاري في تجارة حرام أو تأكلي ورث حد أو تأكلي مال يتيم مثلا، هنا طبعا رأيه ده لا يؤخذ في الاعتبار حتى، فهماني؟!

_ لا لا ولا أي حاجة من ده كله لأني طبيعي هرفض أسمع الكلام، مثلا مش عايزني اشتغل ورأيي الصح لأننا بقينا مش لاقيين ناكل أو مداينين

_ كان في شرط في عقد الزواج إنك تشتغلي بعد الجواز؟
_ لا
_ متشتغليش
_ بس ازاي؟ نشحت؟
_ بتقعدي معاه تعرضي المشكلة عليه مرة والتانية، ومرة بتكلمي حد من أهلك يفوقه وحد من أهله يفهمه إنه يا يسد هو ويصرف لأن القوامة واجبة عليه؛ يا يسيبك تشتغلي وتساعدي علشان الديون لازم ترجع لأصحابها، رفض بردو ومفيش فايدة منه ولا عايز يشتغل ولا يسد ولا أي حاجة ولا حتى عايزك تخرجي، في الحالة دي بتطلبي الطلاق، لأن ببساطة انتي ملكيش دخل في المشاكل اللي هتيجي من ورى الديون دي ولا قدر الله ممكن يوصل الموضوع للقتل، وانتي مش في غنى عن نفسك مع واحد مش عارف يوفر ليكي الأمن ولا عارف يدير أمور بيته، بعد نصايح ومحاولات باءت بالفشل انسحبي من الميدان كله.
أما هتخرجي للشغل غصبن عنه هتبقى فيها مشكلة كبيرة وممكن يمد أيده عليكي ولا يهينك ويوصل الموضوع لنقطة وحشة، فمن الواجب سماع الكلام

_ سؤال كمان، مخنوقة ونفسيتي وحشة جدا وطلبت منه أخرج ورفض، وفي إمكانية اني أخرج من وراه اعمل كده؟
_ لا طبعا، الأمور مش بتيجي كده يا شاهستا، قالك مفيش خروج يبقى مفيش خروج
_ مانا زهقانة!

_ زهقيه معاكي، زني على دماغه متبطليش طلبات، افضلي قوليله أنت فين وارجع أقعد معايا وطبعا هو عايز يقعد مع صحابه هيقولك انزلي علشان تحلي عنه لأن الرجالة بتكره الزن

_ مقالش، مصر إني أفضل في البيت وأما عرف إني بزن قفل التليفون مثلا!
_ لا متخرجيش بردو مش صح خالص لأن لو عرف هتبقى مشكلة أكبر، وحاولي معاه بطرق تانية أما يرجع

_ بردو مفيش فايدة؟!

ابتسمت المعلمة وردت:
_ ماينفعش يا شاهستا مش هقولك يجوز تخرجي من ورى جوزك

ابتسمت شاهستا واردفت:
_ تمام، اللي بعده... إيه هي الحالات اللي يجوز فيها أمنع نفسي عن زوجي؟

_ ولا أي حالة غير في الحالات المرضية، عندك العذر الشرعي أو مريضة جسديًا، فيما عدا ذلك حرام

_ هو مثلا جاف مش بيقولي كلام حلو ولا حنين معايا، حتى أما بطلب منه كده بيرفض، يرفض يقولي انتي جميلة أو شكلك حلو النهاردة، الكلام ده اللي كل الستات بتبحبه فقفلني منه!

_ لا بردو لا يجوز منعه
_ مانا مش طيقاه!
_ حلي معاه مشكلتك لكن منعه حرام، يكفي يا ستي يكون قدام ربنا انتي قايمة بوجباتك كلها وهو لا لأن ده واجب عليه وإن حصل تقصير منه فإنه يعملك حاجة نفسك فيها فهو آثم، حابة تبقي آثمة زيه؟!

_ فهمت، تمام آخر سؤال بقى قبل ما السيشن تقفل
_ قولي
_ عندي مثلا فرح وطبعا زيي زي البنات بحط ميك اب بلبس هيلز كده ممكن كمان ارقص مع صحابي وهكذا، ده حرام؟

_ طبعا وبلا شك حرام، أولا التزين اللي هو وضع الميك اب وغيره بيكون قصاد ناس معينة بس وهقولك مين هما اللي اتذكروا في الآية القرآنية، كمان الهيلز بيلفت الانتباه فبلاش منه وبلاش الفساتين الضيقة وكمان الرقص لا، كل ده مباح في حال إن الفرح معزول بمعنى مكان للسيدات ومكان للرجال طول ماهو مختلط يبقى حرام اي راجل يشوف الميك اب بتاعك حرام تظهري قصاده باللبس اللي محدد جسمك ده وكمان مينفعش ترقصي للعامة يعني! ارقصي مع صحابك في الحنة وسط بنات بس وهكذا اما الفرح المختلط ياريت نتجنب الظهور فيه بمثل هذه الأشياء والآية القرآنية بتقول يا شاهستا بسم الله الرحمن الرحيم
"وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"

اعتقد الآية واضحة لمين اللي يجوز اظهار الزينة له، وهبعتهالك اهو في الشات علشان تقرأيها،  وبعولتهن أي ازواجهن يعني جوزك وعليه فسري الباقي يعني ابن جوزك أبو جوزك وهكذا، البعل هو الزوج.

_ فهمت، بشكر حضرتك جدا ولولا ضيق الوقت لكنت سألت اكتر وإن شاء الله المحاضرة الجاية نكمل نفس الأسئلة دي

_ العفو أسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتك وأتمنى أكون فيدتك، في رعاية الله..
               *****

كانت منة تجلس في غرفتها مغلقة جميع الأنوار و حتى قد حجبت نور الشمس عن طريق الستائر والتي وضعتها بإحكام على نوافذ الغرفة والبلكون، تسند رأسها إلى خشبة سريرها، وفي يدها صورتين، صورة حبيبها السابق المتوفي و زوجها المستقبلي.. تنظر إلى صورة هذا تارة والآخر تارة أخرى وقد ابتسمت لصورة حبيبها وتحدثت:
"أنا بودعك الوداع الأبدي خلاص.. أنت عارف إني حتى الآن محتفظة بِحُبك جوا قلبي وصورتك مش بتفارق ذهني؛ بس خلاص يا رامي دي سنة الحياة ولازم أقبل بيها أنت مت زي ما كلنا هنموت وأنا لازم أعيش واتجوز وأحب... عارف هقولك سر، أنا اختارت وليد بالذات علشان هو شبهك فيه منك كتير وعلشان انتقم من شاهستا اللي فرقت بينا واخدتك مني، هي كانت السبب في موتك هي اللي فضلت توقع بينا وأنا يارتني صدقتك يارتني..."

أطلقت زفيرًا طويلًا ثم أزاحت النظر نحو صورة وليد وابتسمت له وتحدثت:
" انت بقى هتبقى مستقبلي كله هنعيش مع بعض وهنخلف أول طفل بنوتة هتاخد لون عيونك العسلي ولون شعرك الفاتح... أنا مش عايزاها تاخد مني حاجة يكفي إنها تبقى شبهك وبس.
عارف... أنا متحمسة أوي ليوم الجمعة الجاية علشان هيكون أول يوم لينا يا حبيبي وفي الحلال زي ما كنت حابب، يعني هي كانت بتعمل ايه علشان تتعلق بيها؟ بتسمع كلامك؟ حاضر وانا كمان هسمع، بدلعك كتير وبترقص لك؟ حاضر وانا كمان هعمل كده وبعرف.. أنا مش هخليك ناقصك حاجة"


تركت الصورتين جانبًا ثم قامت من مكانها ونظرت إلى نظيرتها في المرآة وأخذت تتحدث:
" خلاص يا موني شكل الدنيا هتضحك لك، شكل سعادتك هتتردلك من جديد، شكلك هتعيشي حياة سعيدة بقى وكفاية تعب..."


                ******
_ ألو ازيك يا فايز

تحدث مصطفى مع فايز عبر الهاتف وبدأ حواره معه أولًا بسؤاله عن حاله، ورد الشاب:
_ أنا كويس يا عمي الحمدلله، اتفضل
_ كلمت وليد ونبهته عن حالة منة؟
_ اه

_ وقالك إيه؟
_ للأسف مردش عليا أنا رنيت تلات مرات ومفيش رد، هو حضرتك متأكد إن ده رقمه؟
_ مش عارف هو ده اللي جابه عمر
_ طب اتأكد منه اكتر جايز وليد غير رقمه ولا حاجة

_ منة معاها رقمه الحالي هروح اخده منها بحجة إني عايز ابارك لوليد وكده
_ طب حلو
_ هو أنت هترن عليه وهتحكيله كل حاجة في التليفون؟
_ لا، هرن عليه اخد بس منه معاد ونتقابل ونتكلم براحتنا
_ حلو، أقفل اطلع أطلب من منة الرقم وهرجع اكلمك تاني
_ تمام يا عمي خد راحتك...

               *****
كان وليد يتناول الغداء مع أسرته وأخيرًا قد عاد يتناول معهم الطعام بعد فترة انقطاع وذلك كان بسبب وجود عمه محرم في المنزل أما اليوم فقد غادر مع إشراق الشمس ليباشر عمله في بلده، وأثناء الطعام تحدث شعبان موجهًا كلامه إلى ابنه:
_ وليد
_ نعم يا بابا
_ اتغدى بقى وصلي العصر وانزل المحل

تنحنح الفتى ورد:
_ أنا عندي مقابلة عمل النهاردة  في مدينة نصر و بعدها هروح فرح معزوم وكده فمش هقدر أنزل الشغل النهاردة اعذرني

زفر والده في ضيق وهتف:
_ يعني يا وليد كان الشغل معايا عملك ايه؟ بدور على شغل بره ليه؟ مانت كده مش هتعرف تشتغل معايا بقى لو ارتبطت بشغل جديد


فرد الشاب بأسلوب أكثر تهذيبًا:
_ بعتذر يا والدي ولكن الشغل اللي جالي لقطة وفلوسه حلوة وأنا قريب ربنا هيرزقني بطفلين محتاجين مصاريف كتير وكنت محتاج راتب كبير علشان أقدر اصرف عليهم؛ ثم إني درست كل ده واتقنت اللغة علشان أقدر اشتغل بيها يعني وأنا حابب المجال

_ ماشي ومرتب المحل كان وحش؟
_ لا يا والدي العفو، كان حلو وكان مكفيني بس أنا محتاج أكتر وكمان زي ما قلت لحضرتك كنت عايز اشتغل باللغة وكده

تدخلت شهد هاتفة:
_ سيبه على راحته يا شعبان ولو في وقت كان فاضي يبقى يروح المحل يبص بصة

ثم وجهت حديثها إلى وليد:
_ وانت بقى هات من راتبك ادخلك جمعية حلوة اوي مع أم عواطف وهتبقض قبل ما مراتك تولد علشان مصاريف الولادة و تديها بردو فلوس لو هتجيب لبس للعيال حاجة، أنا نفهم في الأصول بردو

_ مانا من فترة بعتلها مبلغ على فودافون كاش علشان لو هتجيب حاجة ليهم فعلا أو ليها كمان مصاريف العيادة والكشف

_ دفعت كام؟
هتف والده

_ خدت للدكتورة اللي بتابع معاها ٥
_ هو إيه اللي ٥؟
_ خمستلاف يعني يا بابا
_ ده بالعلاج؟
_ لا، بالعلاج خدت ١١

نهض والده وصرخ:
_ انت عبيط يا ابني ولا إيه؟؟ ١١ الف ليه هي رايحة تولد؟ وحتى إن هتولد متاخدش كل ده!


اختض الشاب من ردة فعل والده ورد في قليل من التوتر:
_ يا بابا هو في إيه؟ يعني هي الحياة غالية في التجمع والدكتورة بتاخد فلوس كتير لأنها بتعملها فحص شامل و بتابع معاها أول بأول و تقريبا عايشة ليها بترد على أسئلتها دايما حتى إن في نص الليل يعني الاهتمام بيها عالي فأكيد المبلغ المدفوع هيكون عالي بردو! والدكتورة سألت شاهستا عايزة دوا مصري ولا مستورد وشاهستا قالتها إيه الافضل قالتها المستورد فالدوا بتاعها غالي لأنه مستورد على كلامها إنها بتدفع معايا كمان ومادام لأجل صحتها خلاص

_ اه ويا ترى أكلها وشربها عليك بردو؟
_ لا، قالت أنا باكل مع أهلي فمش لازم تاخد مني

نظر إلى شهد ووجه حديثه إليها وهتف:
_ شهد، أبقي شوفي عيادة هنا ولا هنا إن شاء الله حتى تكون في الجيزة، البت دي تتابع فيها؛ دي عايزة تخرب الواد ... وأنا عامل أقول مش مكفيه المرتب ليه، اتاريها بتاخد كل شوية ١١ ألف

تحدث الشاب معترضًا:
_ بابا بعد اذنك سبها تتابع في المكان اللي ارتاحت فيه مش مشكلة
_ لا، هي تعيش على قد فلوس طليقها، انت مش علي أبوها مش كل حاجة اتس اوكيه، لازم توفر علشان تعمل لنفسك حاجة، بيت ولا تشتري عربية ولا أي نيلة، كل التكاليف دي ملهاش لازمة والدكاترة هنا زي الفل هي بس العيشة عندها اللي صعبة

_ يا بابا يعني هي كل يوم هدّب المشوار من التجمع للجيزة وهي حامل! حرام بجد، الدكتورة هناك جمبها وقاعدة على قدها، وبعدين أنا ممكن استرخص في كل حاجة إلا صحتها.
لو روحت قولتلها اللي حضرتك قولته ده هتقولي خلاص بابا هيتكفل و أنا مش عايز كده؛ لاني يوم ما اتقدمت عليها وأنا عارف إنها مرتاحة أوي وقلت لنفسي إني لازم اكفيها مادام هاخدها مينفعش إني انزّل من مستواها وهي مش بتطلب فلوس تتفسح بيها، هي عايزة فلوس علاج و دكتورة و لبس عيال وأنا أكيد مش هقولها خدي علاج رخيص!
أنا في مقدرتي يا والدي كنت شايل فلوس وهنزل اهو شغل حلو وراتبه حلو وإن شاء الله مفيش زنقه ولا حاجة وهقدر اديها اللي هي عايزاه و اشيل بردو من الفلوس

_ ليه هو مرتبك كام؟!
_ هيدوني ٢٠ الف كبداية هما عايزين حد fluent في اللغة، ادعيلي اتقبل بقى

_ اللهم صل على النبي، حلو المرتب
تحدثت شهد في فرحة

وتحدث والده:
_ كلهم هيخلصوا عليها صح؟
_ أكيد لا يعني متقلقش أنا عارف هي بتودي الفلوس فين

_ والله ولا انت عارف حاجة وهي بتستغفلك تاني وعمالة تستغلك وانت زي البتاع


اغتاظ الشاب من كلام والده معه بذلك الشكل وعليه تحدث:
_ كلت، هقوم ألبس علشان ألحق أروح المقابلة وبعدها الفرح

وبعدما نهض الشاب، تحدثت شهد مع شعبان:
_ من امتى وانت بتسترخص يا حاج! أنا افتكر مرة ماكنش معاك وكنت عادي تستلف علشان خاطري وعلشان خاطر توفرلي أحسن حاجة وهو الله اكبر شغلك و سلسلة المحلات بتاعك شوية!

_ مش بسترخص يا شهد وانتي عارفة؛ بس البت دي مستخصر فيها العمى بعد اللي عملته وشايفها مش مقدرة؛ يعني هو طلقيها وهي عارفة ظروفه وكمان لسه شاب قدمها متخرج تقوم تطلب منه ب ١١ ألف؟ هي بتستغله

_ مش هو عارف المبلغ وراضي؟
_ أيوة
_ ومش هي فلوسه يا حاج؟
_ أيوة
_ خلاص بقى كل واحد حر في فلوسه وهو مش بيصرفها على الحرام لا سمح الله، وأنا عارفه هي لا قصدها تستغله ولا حاجة هي مفكرة إن كده رخيص أصلا وقليل؛ هي واحدة زي دي بالڤيلا اللي عايشة فيها دي؛ هتتخيل إن ال ١١ ألف دول مبلغ كبير؟!
                *****
وحل الظلام وبدأت شاهستا في تجهيز نفسها في غرفتها حتى تتهيأ لزفاف أخيها وامسكت بأدوات الزينة حتى تضع منها ولكنها سرعان ما تذكرت كلام المعلمة وعليه تركتها تارة أخرى واكتفت فقط باخفاء الهالات السوداء اثر تعب الحمل والتي لم تكن موجودة بكثرة و بعض الحبوب أيضا قامت بإخفائهم؛ وبدت بسيطة وجميلة كما هي وارتدت فستانها ذو اللون الازرق والذي أظهرها بشكل جميل وجذاب...
وكان وليد قد انتهى من مقابلة العمل وطلبوا منه أن ينتظر الرد و لسوء حظ فايز أنه كان يتصل بيه أثناء المقابلة لذلك لم يرد عليه؛ وبسبب انشغاله و تركيزه في معاد الزفاف، لم يعد الاتصال على ذلك الذي طلبه أكثر من مرة....

"كل شيء جاهز ولم يبق سوى مجيء العروسان"
وكانت تلك المقولة هي الأكثر صدقًا على الاطلاق، بالفعل كل شيء نُظِم ورُتِب بشكل أنيق و متناسق وجُهزت حديقة الڤيلا ولم ينقصها أي شيء حتى تستقبل المدعوين داخلها، تناسق الألوان مع الموسيقى الهادئة و البالونات المضيئة بالإضافة إلى الانوار البسيطة ولافتة للانتباه، كل ذلك كان سببًا في إسعاد الجماهير الوافدة اليوم من  المحافظات المختلفة حتى تهنئ المخرج المشهور  و زوجته عارضة الأزياء الجميلة ووالده الغني عن التعريف...
وقد وصل وليد الڤيلا وصف سيارته وسار نحو الدخول، فعارضت طريقه منة والتي قالت:
_ إيه ده انت كمان معزوم؟

وضع يده في جيبه ونظر إلى  ما ترتديه في قرف وهتف:
_ أيوة، إيه اللي انتي لابساه ده فين الطرحة؟
_ بعد الجواز حاضر، قولي بعد الجواز عايزني ألبس إيه وهلبس

لم يهتم بأمرها كثيرًا وسار كما هو نحو الداخل، فسارت بجانبه حتى تدخل برفقته، كان سيصرخ في وجهها حتى لا تسير بجانبه ولكنه سرعان ما تذكر أين هو، وذلك عندما رأى المدعوين يسرون بجانبهما نحو الداخل وكلهم ذوات مناسب عالية، لذلك أسرها في نفسه وسار بجانبها صامتًا..

كانت شاهستا تقف بجانب والدتها ترحب بالمدعوين، وبينما هي تستقبلهم وتبتسم لهم، رأت عن بعد، منة تدخل الڤيلا وبجانبها يسير وليد. كان وليد يسير بجانبها ناظرًا في اتجاه آخر، بينما هي تسير بجانبه وهي تبتسم للجميع وتلوح بيدها لأصحابها، تضايقت شاهستا بشكل كبير وامتلكتها الغيرة، لذلك خطت خطوات سريعة تجاههما، ثم توقفت معرقلة طريقهما وتحدثت موجهة حديثها إلى منه وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها:

_ ايه اللي جابك هنا يا منة؟

_ أمير عزمني

_ كدابة، اطلعي بره يلا، أنا أخت العريس وبقولك بره

_ وأنا بقولك العريس نفسه هو اللي قالي تعالي


تأفف وليد غير آبه لتلك المحادثة وهتف موجهًا حديثه إلى منة:

_ هروح أنا اقف مع الرجالة اللي هناك دي
ابتسمت له واردفت:
_ ماشي يا حبيبي روح


ذهب، تتبع أثره شاهستا في غيظ، ثم نظرت إلى منة التي كانت تبتسم بشكل أكبر ناظرة إليها في شماتة وتحدثت:

_ اخدته منك زي ما اخدت عمر منك زمان فاكرة؟! وكتب كتابنا كمان يوم  عيشي بقى في قهر أربع خمس ست سنين كمان


تنظر إليها شاهستا نظرة مليئة بالانتقام والشر، ضحكت منة وامسكت ببعض من خصلات شعرها والقتها في وجه شاهستا وهي تسير في شموخ وثقة، مما جعلها تجن وتفقد السيطرة على نفسها لذلك ركضت خلفها ودفعتها بقوة، صرخت منة ووجدت نفسها داخل حمام السباحة والجميع ينظر إليها..

صاحت شاهستا في غضب يشوبه توعد:

_ وديني مانا ساكتالك سامعة...

وانتبه وليد والذي كان يسير حتى يقف مع الرجال إلى صريخ منة وكذلك انتبه الجميع، والجدير بالذكر أنه كان يريد أن يتجنب أي مناوشات لذلك ذهب ولكن لم يسلم الأمر حتى.. 


ينظر الجميع إلى شاهستا تلك الواقفة أمام حمام السباحة وقد أدركت للتو فعلتها و أدركت أن أعين الجميع تنظر إليها، فابتسمت لهم وتحدثت في صوت عالي:
_ لا لا enjoy زي ما انتوا؛ هي حاجة وقعت منها بس في ال pool ونزلت تدور عليها

تعجب الجميع وعقدوا حاجبيهم في استغراب و امتلأت أعينهم بالعديد من الأسئلة، أما وليد فقد ابتسم غير مصدقًا تصرفات تلك المجنونة.
وأسرع كلًا من ريناد وعلي حتى ينقذون الموقف الحرج الذي وضعتهما فيه ابنتهما، خرجت منة من المياه وقد خرب كلًا من  تسريحة شعرها و وزينة وجهها بالإضافة إلى فستانها الأنيق والذي ملئ بالمياه.
اخدت ريناد من زوجها الجاكيت الخاص به ثم خطت نحو منة خطوات سريعة، وتحدثت معها ما إن وقفت أمام وجهها:
_ بليز بلاش فضايح خلينا لبعد الفرح المكان فيه ناس مهمة و أمير ومراته زمانهم جايين

تتحدث معها في هدوء وبصوت خفيض وهي تضع حول كتفيها الجاكيت ثم تابعت:
_ يلا معايا تعالي ارتاحي جوا

أبعدت منة يد ريناد عنها وأخدت تقترب من شاهستا وعنياها ممتلئتان بالغضب الشديد، ترمقهما بنظرات حادة مليئة بنيران حارقة أثر الغضب وما تعرضت له قبل قليل. وأثناء اقترابها منها، عرقل علي والد شاهستا طريقها وتحدث في رجاء:
_ منة بليز هدي الدنيا وبلاش فضايح اكتر الجميع بيبص علينا ولو انتي اتكلمتي معاها هي هتتكلم وهتبقى مشكلة كبيرة

ابتعدت عن طريقه هو الآخر وأخدت تكمل الطريق نحو شاهستا، نظر إليها وقد اتصل بالأمن فورًا حتى إذا صار شيء، اخرجوها في الحال.

ولم يبق بينها وبين شاهستا سوى بضع السنتيمترات، فظهر وليد أمامها من حيث لا تحتسب وجدته يعرقل طريقها و يتوسطها هي و شاهستا، عقدت حاجبيها في استغراب وتكلمت:
_ انت واقف بتحميها بدل ما تزعق فيها؟ دي رمت الست اللي هتكون مراتك كمان يوم في البسين وانت هو ده رد فعلك؟

_ منة، مش عايزين نفرج الناس علينا كفاية كده، كأنك اتشنكلتي ووقعتي محدش خد باله أنها زقتك، يلا اهدي كده واستكيني ومتبوظيش فرح الراجل مش عاجبك تعامل الناس دي روحي بيتك ومتحضريش فرحهم.

نظرت خلفها فوجدت الحراس يقفون في كل مكان حولها حتى إذا حاولت أن تأذي شاهستا، فنظرت إلى وليد تارة أخرى وقالت:
_ أنا من فرحتي بشوفتك نسيت أسألك إيه اللي جابك هنا؟ ومين اللي عزمك وايا كان مين عزمك ليه جيت؟

_ أمير

بدأ صوتها يتعالى:
_ والله! وانت من امتى وانت بتسمع كلام أمير؟ وليه تيجي اصلا

_ وطي صوتك

صاحت بصوت أعلى:
_ مش هوطي زفت

فردت شاهستا:
_ لا انتي هتوطي صوتك وإلا الأمن هيرميكي بره يا حلوة

صرخت منة وهي تتعود لها:
_ انتي يا بنت انتي هجيبك من شعرك دلوقتي وأقسم بالله

قبلما تنطق شاهستا حدق لها وليد عينه وتحدث:
_ شاهستا بس أوعي تردي
_ انت مش شايف بتعمل ايه؟

_ خلصنا مترديش

ثم وجه حديثه إلى منة وتابع:
_ وانتي صوتك يوطى علشان مقلش منك انتي كمان، أنا واقف في وسطكم يبقى تحترموا نفسكم

ردت في غيظ يشوبه غضب:
_ انت مش شايف بتعمل أي

_ ششش يلا معايا يلا أمشي قدامي

أمسكته شاهستا من ذراعه وتحدثت:
_ انت رايح فين؟
_ اوعي، روحي يلا شوفي الناس وشوفي الفرح بتاع اخوكي اللي بيبوظ ده

ابتسمت منة ونظرت إلى شاهستا نظرة مليئة بالفرحة والانتصار وهي تسير بجانب وليد وذلك لأنه قد ترك شاهستا وقرر أن يخرج من المكان كله لأجل منة ومعها، تتبع اثرهما شاهستا وتمتمت في غيظ شديد يكد يفتك بقلبها
" في ستين داهيه"

ولما خرج وليد معها تركها ركب سيارته، أسرعت ناحية السيارة وتحدثت:
_ نتقابل بكرة عند المأذون يا قلبي
_ روحي يا منة البيت وملكيش دعوة بشاهستا
_ حاضر يا حبيبي ولا فرقالي مادام انت معايا

تحرك بالسيارة وتركها، وعليه اتجهت الأخرى نحو سيارتها وفتحت الباب وقبلما تركب، نزعت عنها جاكيت علي الموضوع حول كتفيها وألقته على الأرض وتمتمت:
" بلاش قرف أنا ميلقش بيا ألبس الزبالة بتاعتك يا علي يا سيستاني"

ودخلت السيارة وانطلقت... وعقب مرور دقائق، قد عاد وليد تارة أخرى إلى الڤيلا وذلك بعدما تأكد أنها رحلت، وصف سيارته ودخل...

وقد تركت شاهستا الجميع في الخارج ودخلت بهو الڤيلا حتى تهدأ وتستكين، حيث أخذت تحفز نفسها قائلة:
" Relax يا شاهي اهدي
كله تمام، كله تمام"

_ شاهستا

فناداها من خلفها، وعليه التفتت في سرعة ولما رأته كتمت ابتسامتها عنه ولم تظهرها له، وخطت خطوات سريعة نحوه وقالت:
_ عرفت منين إني هنا؟
_ والدك قالي
_ جايبهالي وجاي؟
_ محصلش أنا شفتها في طريقي بالصدفة وأنا داخل وهي اللي مشيت جنبي

_ شفت مش قولتلك هتعمل حاجات مش هترضي حد؟ وده قبل ما تتجوزها وهي عمالة تكيد فيا كده، تخيل بقى أما تتجوزوا هتعمل فيا إيه؟

_ ارجوكي بلاش زعل انتي حامل وأنا حتى الآن عمال احاول ومضغوط كفاية

قبلما ترد، أقبلت عليهما الخادمة وهتفت:
_ مدام، أمير بيه وصل هو والهانم مراته

ابتسمت شاهستا وكذلك وليد وردت عليها:
_ تمام جاية أهو


خرجت برفقة زوجها إلى الحديقة، وكان أمير قد دخل بالفعل، ابتسم وليد ما إن رأى العروسين ولكنه سرعان ما غض بصره عن سها وذلك لأنها كانت ترتدي فستان مفتوح وكاشف لبعض من مفاتنها وبدأت الأغاني الأجنبية تشتعل في الإرجاء وأخذ العروسان يرقصان في وسط الساحة والأمر أصبح أكثر اختلاطًا حيث أن النساء يقفن بجانب الرجال دون أدنى فواصل، وبعضهن يرقصن امامهن ومنهن من احتضنت الرجال كنوع من أنواع الترحيب وبدأت كؤوس الجعة ( الخمر) تظهر، حينها أدرك وليد أنه في المكان الخطأ الذي لا يناسبه على الاطلاق، وعليه نظر إلى زوجته وتحدث في أسف:
_ للاسف أنا لازم أمشي الجو ده مش مناسبني خالص ومش حاسس بأي أريحية، ابقي بلغي لأمير سلامي؛ و أوعي تختلطي بالعالم ده انتي توبتي..

نظرت إلى الحزن والأسف اللذان شكلا ملامح وجهه واطرقت شاعرة بالخجل...

سار وليد بعيدًا عن الجميع متجه نحو الخروج و داخل رأسه يدور ألف حديث وحديث ومن ضمنهم شعر بالندم الشديد لأنه تزوج من هذه الفتاة دون أن يكون لديه علم كامل بتاريخ أسرتها وطريقة تعاملهم مع الآخرين، وشعر لوهلة بالأسف على طفليه من اختياره لهما هذه العائلة، ولكنه قرر أن يصلح خطأه ويضم ابنتهم له ولعالمه حتى يحفظ لطفليه والدتهما من الضياع وسط هؤلاء، وقد أصبح الأمر ضروريًا واضطراريًا بعد ذلك الذي رآه ولم يكن لديه الخيرة حتى وإلا ضاعا طفليه وسط هؤلاء الناس؛ أي أن الأمور خرجت عن مجرد مشاعره بالحب جهة شاهستا أو هل سيستطيع أن يسامحها أم لا، فتغير تفكيره توًا و أصبح يشعر بالمسؤولية بشكل أكبر جهة طفليه ورفض بشدة تركهما يترعرعان وسط هذه العائلة. ولم ينس أن يدعي لهم بالهداية والصلاح وأن يدعي لنفسه بالثبات....
              ******

وقد جاء اليوم الموعود، وهو يوم زواج وليد من منة وبعدما ارتدى بذلته وتجهز ولم ينقصه أي شيء سوى أن يذهب إلى ڤيلتها حتى يكتب كتابه عليها، اقترب منه والده وتحدث وهو يربت على كتفه:
_ انت متأكد يا وليد من اللي انت عايز تعمله ده؟
_ أيوة يا بابا وإن شاء الله الموضوع كله مش هياخد يومين هاخد منها الفيديوهات واخليها تبعد عني أنا مش فاضي ليها أنا ورايا اشغال ومشاكل عايزة تتحل

_ وأنا هثق فيك علشان عايزين نخلص ولأن الخطة بتاعتك عجبتني....


وذهب الفتى برفقة والديه وركبوا جميعهم السيارة وهم الآن في طريقهم إلى ڤيلا منة في التجمع الخامس.

كان مصطفى ينتظرهم في منزله وقد احضر المأذون مثلما طلبوا منه ودخل عليه فايز وكان يسير نحوه في خطوات سريعة وتحدث:
_ يا اونكل فيه مشكلة صغيرة
_ ايه هي يا فايز؟
_ أنا كلمت وليد امبارح كله مردش عليا ومقدرتش اروح البيت من غير معاد
_ تقصد إنك لسه مقلتلوش حاجة عن مرضها؟
_ بالظبط كده

_ خلاص متشلش هم وقوله بعد ما يكتب كتابه عليها هو جاي انهاردة وهتقابله
_ تمام، هي فين منة؟
_ فوق مع الكوافيرة بتاعتها في الأوضة
_ وعمر؟
_ جاي في الطريق
_ ربنا يعدي اليوم على خير
_ يارب، أنا نفسي قلقان


وارتدت منة فستان الزفاف والحجاب وكانت هذه هي المرة الأولى في حياتها التي ترتدي فيها حجاب على رأسها.
أخذت تطوف في الغرفة لا تصدق مقدار السعادة التي تشعر بها، تنظر إلى نفسها في المرآة وقد دمعت عيناها من فرط السرور.
توقفت أمام صورة والدتها وتحدثت معها:
" النهاردة أنا هتزف لاكتر شخص بقالي شهور بحارب عليه وخدته؛ حبيت اعرفك لأنك ديما كنتي بتقولي عليا فاشلة ودايما كنتي شيفاها هي الشاطرة اللي كله بيحب يشوف إنجازاتها، قال يعني كده بتشجعيني أفلح واذاكر وكده؛ مامي أنا خلاص خدت حبيبها منها وانتصرت عليها وحققت نجاح كبير، درجاتي الترم ده حلوة و كمان هتجوز الإنسان اللي كان بقالي فترة بحلم بيه بعد ما قالي في وشي أنا مستحيل ميت مرة؛ مسبتوش غير ما حققت المستحيل ده... وعلى فكرة مش مهم الوسيلة لأن الغاية ديما تبرر الوسيلة ودي كانت وجهة نظرك في الحياة؛ وانا مشيت بيها...

وقد وصل وليد و أسرته الڤيلا، ودخلوا جميعهم و حيّ بعضهم البعض.
بدأ المأذون يعد الأغراض حتى يكتب عليهما الكتاب وجلس وليد ووضع يده في يد مصطفى والد منة وهو لا يستطيع أن ينظر حتى إلى عيناه، وطوال الوقت كان فايز يرمي وليد بنظرات عديدة حتى يفسر من حركاته و طريقة تحدثه ما يشعر به وما يسره داخله؛ وقد علم في الحال أن الشاب لا يطيق الجلوس ومن يجلس في ذلك المجلس أجمع وكان ذلك ظاهرًا جليًا عليه وعلى والديه.

فتحت منة باب الغرفة وبدأت تسير في ابتسامة عريضة ثم جاورت والدها و أعطت موافقتها للمأذون.
أخذت تمضي وتبصم وهو الآخر والأهالي لا يبتسمون حتى وبالأخص أهل وليد

" بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير"
كان هذا آخر ما قاله المأذون قبل رحيله.
نهض وليد ناظرًا في ساعة يده وتحدث:
_ يلا علشان الوقت

اقترب منه فايز وقال:
_ استاذ وليد ممكن شوية بس من وقتك
_ مين حضرتك؟
_ لا

نقطتها منة وذلك بعدما خافت من حديث فايز مع وليد لربما يخبره بالعلاقة التي كانت بينهما؛ حقًا لم تكن سوى علاقة صداقة ولكنها كانت تخشى غضب وليد في ذلك اليوم بالأخص، تعجب فايز وسألها:
_ ليه؟
_ مش وقته بيقول احنا متأخرين..
ثم التفتت إلى وليد وتابعت:
_ يلا يا وليد

تحركا وعرقل طريقهما مصطفى وتحدث مع وليد:
_ وليد، منة أمانة معاك أوعى تزعلها

رمقه الشاب في غيظ ورد:
_ طبعا يا عمي طبعا

ثم حدث ابنته:
_ أنا مش عارف انتي ليه مخلتيناش نعمل فرح كبير ليكي؟
_ مش مهم بقى يا بابا أنا المهم عندي أكون مع وليد
_ يلا

قالها وليد وهو يتجه نحو باب الخروج، تبعته وكذلك فعل والديه

وبعدما خرجوا جميعهم إلى الحديقة تحدث وليد موجهًا حديثه إلى منة:
_ روحي انتي مع السواق بتاعك الخاص الشقة اللي قولتك عليها
_ بردو مصر إننا نقعد في الشقة اللي في المعادي دي؟ ما تخلينا نروح الشقة اللي عندك في الحي؟!
_ لا، أنا أجرت الشقة اللي في المعادي دي ليكي، اتفضلي روحي معاكي اللوكيشن بتاعها عقبال ما اوصل انا أهلي بالعربية

_ طب ما والدك يسوق وانت تيجي معايا في عربيتي؟!

_ لا، علشان عندي بكرة مشوار مهم وعايز العربية أنا هروح اوصلهم البيت وهاخد العربية واجي
_ ابقى روح مشوارك بتاع الصبح ده الغريب العجيب بعربيتي!
_ هو انا أعرفك يا ست انتي علشان اخد عربيتك؟!

تفاجئت من كلامه معها بتلك الطريقة وسكتت حتى لا تحدثت مناوشات أكثر في أهم يوم في حياتها وقررت ألا تعانده كثيرًا حتى تكسبه وقالت:
_ ماشي هروح استناك أنا في الشقة متتأخرش عليا


ركب هو والديه السيارة وانطلق.
كان والدها يتابع الأمر عن بُعد بجانب فايز والذي حدثه:
_ تفتكر أي اللي ممكن يحصل يا فايز؟
_ مش عارف؛ بس وليد مش مريحني
_ أنا عمتا مخلي رجالتي تتابع منة علشان اطمن إنها بخير؛ وانت يا فايز لازم نتكلم معاه بقى
_ ماهي منعتني يا اونكل!
_ معلش حاول تاني يا ابني أنا خايف عليها ومش عارف أعمل إيه معاها...
               *****
ووصل وليد منزله في حي الجمالية وخرج والديه من السيارة وتحدث والده معه عبر نافذة السيارة بعدما خرج:
_ أبقى خلي بالك بقى وانجز لازم نخلص من التهمة دي
_ حاضر

وظل يتبع أثر والديه حتى اختفيا عن نظره، فالتفت إلي عجلة القيادة وأمسك بها ولكنه سرعان ما اختض وذلك بعدما وجد شاهستا تجلس على الكرسي الذي يجاوره في السيارة، وصاح يعبر عن الخضة التي جعلته يشعر بها:
_ الله أكبر عليكي الله أكبر عليكي قطعتي لي الخلف

ردت في برود:
_ وانت عايز تخلف تاني! كفاية عليك ولادي، بعدين مالك شفت عفريت؟
_ إيه اللي جابك هنا؟ انزلي يلا روحي قبل ما الوقت يتأخر عليكي

_ مش نازلة في حتة هو أنا كنت جاية علشان انزل ولا إيه؟!
_ آه منك آه، يلا يا شاهستا انزلي يلا مش هينفع كده بجد
_ مش نازلة أنا جاية معاك

صاح في ضيق:
_ جاية معايا فين هو أنا رايح اتفسح؟؟ انزلي بقى خليني اخلص بقى

صاحت هي الأخرى:
_ مش هنزل مش هنزل مش هنزل

أخذ يقلب كفيه ويطلق زفيرًا والآخر في ضيق يستغفر ربه ثم قال:
_ طب يلا يا ماما ربنا يرضا عليكي، انزلي وبطلي جنان عايز اروح للبت دي علشان نحلص بقى

مطت شفتيها في اعتراض ثم نظرت إلى سقف السيارة

_ شاهستا

ردت عليه وهي لا تزال تتأمل السقف:
_ مش هنزل مش هنزل وفر كلامك وطاقتك

ثم التفتت إليه وتابعت:
_ وإلا شيلني ارميني بره العربية بقى !

وعقدت ذراعيها أمام صدرها وتابعت:
_ أنت اللي جبته لنفسك يا أرنوبي
_ طب انزلي يا شاهستا علشان بدأت افقد اعصابي وهتعصب
_ أفقدها واتعصب اعملك إيه يعني!
ردت في برود..

صاح:
_ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم... يارب العالمين يارب العالمين يارب العالمين

كانت لا تهتم تنظر إلى المارة من نافذة السيارة غير مهتمة لصياحه، تابع في صياح أشد:
_ طب وبعدين يعني؟؟

التفتت إليه وردت:
_ عايزني أمشي و اعدي اليوم؟
_ ياريت كلك نظر
_ تيجي معايا الأول شقة بابي

_ شاهستا أنا مش ناقص عبط
_ والله ده اللي عندي
_ هروح شقة بابي انيل إيه أنا؟؟
_ تعالى وهتعرف، هو ده شرطي الوحيد علشان اسيبك في حالك

_ شاهستا أنا من امبارح مانمتش وحرفيا تعبان وعايز ارتاح؛ أنا أصلا هروح أنام

ابتسمت وهي تقول:
_ ومن امتى وانت بتشوف معايا تعب؟ تعالى معايا وأنا هريحك على الآخر هخليك متحسش بأي تعب خالص بعد كده

عقد حاجبيه في استغراب وهتف:
_ إيه هتموتيني ولا إيه؟
_ some thing like that
_ يا ستير يارب وبتقوليها في وشي؟؟

_ خد بالك أنت اللي بضيع وقتك
_ أنا عارف أنا عارف هو أنا هخلص منك النهاردة إلا أما انفذ كلامك! أما نشوف اخرتها معاكي..

انطلق بالسيارة في غيظ وضيق بينما هي ابتسمت في خبث...
                ******
بعدما سمعت بنبأ زواجه من سها ولم تتوقف عن البكاء لحظة، يُذْكَر أنها تبكي منذ يومين حتى احمرت عيناها وجفت دموعها و انتهت. والجدير بالذكر أنها طوال هذه الفترة تفكر حتى تصل إلى الحل الأنسب وبالفعل قررت..  في نفس الوقت سمعت صوت هاتفها يصدح فردت وكانت المتصلة ابنة خالتها ألفت والتي قالت ما إن استقبلت مكالمتها:
_ إيه يا جومانة اخيرا رديتي؟؟
_ ألفت أنا خلاص جبت أخري وقررت اسمع كلام وليد وأولي راجل المهمة دي
_ انتي اتجننتي صح؟
_ لو ده جنان فأنا موافقة، قال يعني اللي أنا فيه ده عقل! أنا هعرف وليد كل حاجة، سلام مش هقدر اسمعك لاني مش عايزة أي رأي أو كلام يأثر على قراري

أنهت المكالمة سريعًا ولم تعط لها فرصة للرد وقررت أن تنفذ ما تنويه...
                ******
دخلت منة الشقة الخاصة بها هي ووليد منذ الآن، و اخذت تتحرك بين أركانها ترى حالها وحال الأثاث بها، والابتسامة لا تفارق شفتيها، ثم بدلت ملابسها وارتدت ملابس خفيفة متهيأة لزوجها ثم وضعت زينة كاملة وأخذت تتطلع إلى جمالها في المرآة وتحدثت:
" إيه كل الجمال ده يا بنتي! وليد النهاردة بتاعك لوحدك"
                  ******
كان وليد غارقًا في نومه، لا يرتدي سوى ملابسه الداخلية، أما هي فكانت مستلقية بجانبه لم تنم ولم يغفل لها جفن، رفعت رأسها وأخذت تتطلع إلى ملامح وجهه أثناء نومه وتحدثت:
"بقى انت بتتجوز عليا أنا لا ومين منة؟! أنا هوريك، ههد حيلك وهخليك في غيبوبة ديما"

نهضت من جواره واستقامت فوقع نظرها على بذلته الموضوعة على الكرسي، فاقتربت منها في هدوء وتحدثت:
" زي ما أنا عمري ما هلبس فستان زفاف غير ليك أنت كمان مش هتلبس بدلة العريس دي  غير ليا"

وابتسمت ثم أخذت تلف بضع من خصلات شعرها حول إصبعها وتابعت:
"يا عيني يا موني كنتي فكراها ليلتك يا قلبي؛ سلامتك يا عمري.."

خرجت إلى المطبخ ثم أحضرت المقص واقتربت من قميصه الموضوعة على ذراع الكرسي وامسكت به ثم أخدت تقطعه حتى خربته وأصبح لا يصلح للارتداء مرة أخرى وكذلك فعلت في الجاكيت والبنطال وبعدما خربت البدلة كلها تابعت حديثها وهي تلقي نظرة إلى ذلك النائم:
" أما نشوف أما تصحى هتمشي من هنا  بإيه؟!"

وفي تلك الأثناء صدح صوت هاتفه والذي جعله يقلق ويبدأ في الاستيقاظ، اقتربت من الهاتف حتى ترى من يتصل فوجدتها منة والتي كان يسجلها على هاتفه باسم " بلاء عظيم" ابتسمت وضغطت عدم الاستقبال وتمتمت:
" غوري يا بت انتي مش فاضين لك"
وكان هو قد استيقظ وبدأ يجلس على الفراش وتحدث:
_ مين اللي كان بيتصل هاتي التليفون وريني
_ هي

زفر في ضيق وهتف:
_ الساعة كام؟ قولتلك تعبان وعايز انام
_ كمل نومك
_ هكمل هناك بقى علشان متحسش هي بحاجة

_ على راحتك

بدأ يحاول أن يفيق ثم خطى خطوات بطيئة نحو بذلته فرأى ذلك الذي أصابها لذا شهق في خضة وصاح:
_ إيه ده!! إيه اللي حصل في بدلتي ده؟!

أمسك بالقميص وأخذ يطالعه بعدم تصديق لما طرأ عليه وصاح:
_ مين اللي عمل في قميصي كده؟

ردت في ثقة:
_ تلقاك أنت وانت بتقلعه اتعافيت عليه وقطعته ولا حاجة!
_ لا والله! داخل حرب أنا؟ أنا متعافتش على حاجة أنا؛ أنا متأكد

تركه ووجد حال البنطال والجاكيت كحاله، فصاح مرة أخرى:
_ انتي
_ نعم؟
_ انتي اللي قطعتي البدلة بتاعتي كده صح؟ علشان معرفش أخرج مش كده؟

نظرت إلى السقف ولم ترد، عض على شفته السفلى من الغيظ وأخذ يصيح:
_ يارب العالمين يارب العالمين، أعمل فيكي إيه بس اعمل فيكي إيه؛ هتجننيني هتجننيني

بدأت تطالعه بنظرات بريئة كأنها لم تفعل شيء وتحدثت في رقة يشوبها أسف:
_ يا أرنوبي أعمل إيه بس بحبك طيب!

_ انتي مش احنا اتفقنا إني هاجي معاكي وهتخليني امشي؟! بتغدري ليه؟ هو انتي يهودية؟!
_ لا،  أنا عاشقة
_ الهمني الصبر يارب... ألبس إيه أنا بس ألبس إيه دلوقتي ولا أعمل إيه؟! 

اتجه نحو الطاولة التي تجاور السرير حتى يأخذ هاتفه ولكنه لم يجده فصاح مرة أخرى في غيظ:
_ فين الزفت التليفون؟
_ معايا
_ هاتيه بسرعة يلا
_ لا، عايزه ليه؟
_ انجزي يا شاهستا علشان أنا قسما بالله على أخري، انجزي

ولما رأت كل ذلك الغضب قد ظهر عليه، رمت الهاتف على السرير وهي تصرخ:
_ اهو خد التليفون أهو، علشان تتصل بأسر تقوله يجبلك لبس صح؟

أخذ الهاتف وتحدث في ابتسامة حتى يغيظها:
_ اه صح
_ ألهي يارب ما يرد يارب ما يرد ولا حد يعبرك؛ دعوة مظلوم يارب دي

وبالفعل حاول وليد تكرارًا الاتصال بأسر ولكنه لم يجب في كل مرة وعليه نظر إليها في اندهاش وتحدث:
_ يا بنت المحظوظة من بؤك لباب السما ولا إيه مش راضي يرد فعلا مع إن ده مش معاد نومه!!

ابتسمت وردت في شماتة:
_ احسن أحسن فرحانة فيك أوي بجد

نظر إليها في برود وسكت وأثناء ذلك الصمت صدح صوت هاتفه فحسبه أسر لذلك نظر في سرعة ولكنه وجد المتصل جومانة، استقبل المكالمة هاتفًا:
_ ألو السلام عليكم
_ وعليكم السلام، وليد كنت عايزة اشوفك حالا مسألة حياة أو موت بجد، بنت عمك اللي هي أنا في ورطة محدش هيحلها غيرك....
                *****
قولوا توقعاتكم وشاركوني ارائكم ولو حد عنده أي سؤال ديني أو استفسار في شئ معين يبعتلي خاص سؤاله وأنا هخليه من ضمن الفقرة بتاعت المعلمة وشاهستا واللي مش عايزني اعرفه يبعت لي سؤاله على صراحة عندي الاب واللينك بتاعه على صفحتي الشخصية ولينك صفحتي بره  في الوصف
شكرا
لقاؤنا يوم الجمعة إن شاء الله دمتم بخير
سلمى خالد احمد

الجعة يشوبها الأخلاق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن