الرابع و الثلاثون

4.3K 199 40
                                    


ازيكم عاملين ايه
في كلام مهم عايزة اقوله، اقرأوا علشان تفهموا الدنيا اكتر، لا تتجاهل كلامي وتجري على البارت، علشان شيفاك
حبايب قلبي، أنا مش قصدي ادايقكم او اثير الجدل على الفاضي، كل فعل وكل حدث في الرواية مدروس وانا عارفة أنا بعمل ايه، أنا بس محتاجة منكم صبر لسه الرواية طويلة ولسه أحداثها كتيرة، كملها علشان مع نزول آخر بارت تكون وصلتلك الفكرة بتاعتها كاملة، كل شخص في الرواية معاه رسالة والغرض توصلها ليك بشتى الطرق وانت ليك كل الحق تقبلها أو تفرضها. هنا في موضوعية أنا مش بفرض عليك رأيي، فكر انت بنفسك واحكم الأحداث و الشخصيات ادامك. تاني اصبروا عليا وأنا بإذن الله مش هزعلكم.
النقطة الثانية: انا داخل عليا امتحانات وممكن بنسبة كبيرة مقدرش انزل الخميس الجاي، فممكن انزل في يوم تاني غير الخميس بحيث أما افضى، أو بعد ما اخلص امتحانات خالص لسه مش عارفه ظروفي إيه، وهنزلكم على الفيس بردو لو فيه بارت ولو في جديد هقول على الفيس.
شجعوني وعرفوني رأيكم دايما
جاهزين؟؟؟
يلا نبدأ


_ طولتي أوي في تربيتك ليا، بس المهم إنك رجعتيلي، انا بجد كنت بتعذب يا شاهستا من غيرك، حاولت كتير إني افهمك وجهة نظري بس انتي رفضتي إنك تسمعيها

ضربت بيدها على الطاولة في عصبية وردت:
_ أيا كان سببك اللي لا يعني لي أي أهمية مكنش ينفع تسبني وانا بتحايل عليك وبصرخ علشان تفضل معايا وكان لازمك درس يعرفك معنى القهر اللي عيشته بسببك انت وهي
_ خلاص قلت اتعلمت واتربيت وكل حاجة
_ كنت فاكر إنك هتسبني وهترجع تلاقيني عادي مستنياك؟!
_ يا شاهستا كنت محتاج ارجع ورثي، فلوسي اللي منة وعمي سرقنها.. عمتا بعدين نتكلم في الموضوع ده، يلا قومي نرقص اهلا بيكي في حياتك القديمة، شكل بالطرحة وبالبس الواسع ده كان وحش اوي بجد وغريب

قامت معه ووقفا في الساحة حيث يرقص الناس، وما إن وقفت أمامه حتى أخذ يهز كتفيه في حركات مناسبة للأغنية، ظلت واقفة لا تشاركه الرقص واستيقظ ضميرها لوهلة يُذكّرها بذلك الذي أخطأ لأنه وثق بها، ذلك الذي عاملها بالمعروف و أحبها من صميم قلبه... ولما لاحظ عمر أنها شاردة الذهن، عقد حاجبيه في استغراب وهتف:
_ إيه يا شاهستا! مش بترقصي ليه؟! سرحتي في إيه؟!!

خرجت عن شرودها على صوته وحدثت نفسها: شاهستا لازم الموضوع ده يخلص وتطلقي وترجعي بقى لحياتك القديمة، لازم تطلبي الطلاق من وليد في اسرع وقت علشان ضميرك حتى يرتاح
_ شاهستا، سرحتي فين تاني!!
_ مسرحتش يا عمر

اقترب منها بشكل مبالغ فيه وهمس جانب أذنها:
_ لمسك؟!

أغمضت عيناها ولم ترد..
كرر سؤاله مرة أخرى بلهجة أكثر حدة، لتجيب وهي تهز رأسها بالنفي
ابتسم في انتصار وهمس تارة أخرى: كنت متأكد إنك مش هتسمحي لحد تاني يلمسك غيري
_ جبت التأكيد ده منين؟!
_ علشان انتي مش بتحبي غيري يا شاهستا احنا فضلنا مع بعض سنين.. يلا بقى شقتي وحشتك...
               ******
_ حليت المشكلة ازاي يا طارق؟!!

هتفت آية وهي تتحدث مع طارق عبر الهاتف
_ وليد هو اللي حلهالي يا آية، وليد اداني وظيفته علشان اجي اطلبك مرة تانية وأنا بقول لوالدك اني معايا وظيفة
_ ازاي اداك وظيفته؟!

حكى لها ما فعله وليد وما قدمه له، وما إن سمعت آية ذلك الذي فعله وليد حتى بكت شاعرة بتأنيب الضمير
_ بتعطي ليه يا آية مالك؟! آية انتي كويسة؟!
هتف في خضة وخوف

ردت وهي تزيل دموعها بأطرافها: أنا كويسة يا طارق، بس بطني وجعتني فجأة، أقفل هروح أخد مسكن وهرجع أكلمك تاني
قالتها ولم تعط له فرصة ليرد عليها، حيث أنهت المكالمة في الحال.. وأخذت تسير في أركان غرفتها في توتر و الشعور بالذنب لا يفارقها وشردت في نقطة واحدة تتذكر ما حدث...


قبل عدة أشهر
كانت شاهستا تقف بجانب مبنى كلية الإعلام، وبين السبابة والوسطى تلك السيجارة التي كانت تستنشق دخانها في غيظ، مرتدية فستان قصير، تتحرك جهة الشمال تارة وجهة اليمين تارة أخرى في غيظ يشوبه انتظار، مرت دقائق على هذا الحال حتى ظهرت آية والتي كانت قادمة من جهة كلية الآداب، تسير في سرعة متجهة نحو صديقتها، عقدت شاهستا ذراعيها متوعدة لها، وصاحت:
_ اتأخرتي ليه كل ده يا آية؟! مش انا كلمتك من بدري وقولتلك عيزاكي!!
_ معلش يا شاهستا كنت مع منة كانت بتعمل مشكلة كالعادة
_ منة إيه وزفت إيه يا آية!! بقولك عمر شكله ساب منة وفي الزفتة اللي اسمها يارا دي عماله تتسهوك عليه وغيظاني وهتخليني اروح اقتلها دلوقتي
_ وبعدين بقى يا شاهستا مش قولنا هننسى زفت عمر ده!!!

اطرقت وهي تضع اصبعها على شفتها السفلى، ثم تحدثت في صوت خفيض: أيوه اتفقنا بس.. بس
_ وبعدين معاكي يا شاهستا؟!
_ بقولك ايه يا آية، هي منة عملت مشكلة مع مين؟!
هتفت مغيرة الموضوع حتى تهرب من أسئلة صديقتها

أطلقت زفيرًا طويلًا وهتفت:
_ مع وليد
_ مين وليد ده؟!
_ شاب متدين في حاله صاحب طارق من زمان وطارق بيقولي أخلاق إيه واحترام ايه، وخدوم وطيب.. واللي اسمها منة دي راحت جايه في وسط الناس وماسكة دراعه وحطت ايديها تحت دقنه علشان يبصلها، اتعصب طبعا وهزقوا بعض، وأنا عمالة اقولها خلاص يا منة وماصدقت إني سحبتها بعيد عنه، وهي أبدا طول الطريق تقولي والله ما هسيبه والله انا خلاص حطيته في دماغي، ولا علشان عينه ملونة وعسلية هيتقل!! وبعدها قالتلي إنه فكرها برامي وشكلها اتجننت خالص وحطته في دماغها

رفعت شاهستا أحد حاجبيها في استنتاج للأمر وردت:
_ آه يعني كده منة سايبه عمر بقالها فترة وبدور على غيره كمان وهو مجاش ولا مرة يكلمني أو يصالحني؟!!! لسه بيتقل عليا صح؟!!

ما إن استنتجت ذلك حتى جن جنونها وأخذت تتحرك في غيظ يشوبه مرارة وهي تصيح: والله حلو يا أستاذ عمر، مانت اتعودت خلاص إن شاهستا موجودة ديما، مانت ضمنت شاهستا..
وبمجرد صياحها بمثل ذلك الكلام، جال في خاطرها ذلك التفكير الجهنمي، لذلك توقفت عن الصياح واستدارت موجهة حديثها إلى آية في سرعة هاتفة:
_ آية ممكن تعرفيني كل المعلومات عن وليد ده؟!

عقدت آية حاجبيها في استغراب وهتفت: ليه؟!
_ قولي بس
_ ليه؟؟ ليه؟!
اقتربت منها شاهستا وامسكت بيديها وردت في تمسكن و استعطاف: آية.. انتي عارفة إن منة وعمر قهروني أوي صح؟! انتي اكتر واحدة عارفة إن رامي فعلا كان عينه مني واني فعلا محاولتش اخده من منة، انتي شاهدة على تصرفاته القذرة معايا ومرة شفتيه بعينك صح؟! منة اخدت مني عمر وقهرتني سنين من غير ما أعملها حاجة وانا قولتلها كتير إني مليش يد في اللي حصل لرامي، لكنها كانت مصرة اني السبب في موته، وعمر نفسه سبني وانا هونت عليه اوي.. آية أنا نفسيتي كانت مدمرة كله قصاد عينك انتي كنتي حاضرة كل ده شفتي أد إيه هي ظلمتني يا آية
_ أنا عارفة كل ده يا شاهستا، وآه متفقة معاكي إنها ظلمتك اوي ماشي.. ده بقى إيه علاقته بوليد!!!
اخرجت زفيرًا واردفت:
_ أنا هرتبط بالشاب ده، علشان احرق دمها واخد حقي وعلشان احرق دم عمر كمان لأنه ضامني اوي و انا هفاجئه وأنا مرتبطة بغيره
_ يا نهار اسود يا شاهستا!! انتي بتقولي ايه؟!! يعني انتي اتظلمتي وعايزة تظلمي الشاب معاكي؟!
عقبت آية على كلامها في اندهاش وعدم تصديق
_ آية، ارجوكي افهميني الموضوع كله مش هياخد شهر حتى انا بس قصدي مجرد قرصة ودن للاتنين، وهو مش هيكون لحق اتعلق بيا يعني!! وبعدين منة مش بتموت فيه ولا هو فارق معاها أوي فالمسألة هتخلص بسرعة متخافيش، بس أحس بس إني أخدت ولو جزء صغير من حقي
_ شاهستا ارجوكي بلاش وليد ده شاب بيور خالص و ملوش دعوة بالقذازة دي
صاحت في وجهها:
_ عيب يا آية كده، في إيه!! بقولك جيم صغير المسألة كلها مش هتاخد شهر وده اصلا لو منة ادت أهمية للموضوع هي وعمر، ممكن ميفرقش معاها الشاب ده اوي
زفرت آية في ضيق وهتفت:
_ وايه المطلوب مني يا ست شاهستا؟!
_ أعرف الاكونت بتاعه على الفيسبوك وتيجي معايا اشوف شكله من بعيد وأعرف طباعه كويس علشان نبدا شغلنا صح
_ شاهستا اوعي تأذي وليد..
قالتها محذرة إياها رافعة سبابتها أمام وجهها
_ نزلي صباعك ده بس، وقلنا متخافيش
قالتها وهي تمسك بإصبعها تبعده عن وجهها..



خرجت آية عن شرودها بعدما تذكرت تلك المحادثة العبثية بينها وبين شاهستا، وأخذت تتمتم: يا ترى يا وليد هتسامحني؟! بس هي آخر مرة قبل فرحكم كلمتني في التليفون واكدتلي إنها هتفضل معاك وانها مش هتفكر تاني في عمر وإنها فعلا حبيتك بجد، علشان كده فضلت متكلمش واديها فرصة تانية تبقى إنسانة تانية معاك، مقدرتش كمان اجرحك وادمر فرحتك اللي شفتها مالية وشك.. كنت شيفاك طاير ومحبتش اخليك تقع على جدور رقبتك.. يا ترى انا غلطت في حقك؟!

قالتها وسافرت إلى الماضي تستحضر منه ذكرى أخرى والتي كانت اكثرهم صعوبة والتي كانت تتمنى أن تتلاشاها من ذكرياتها كلها، كلما تذكرت أنها فعلت ذلك، ربما أيضًا لأنها الذكرى التي تجعلها تشعر بالذنب وتأنيب الضمير أكثر من غيرها، الذكرى التي انهالت من بعدها الأفكار الشيطانية إزاء الشاب البريء حسن النية




_ شكلي حلو؟؛ طرحتي طويلة ولبسي واسع صح؟! بقالي يومين بحفظ الهري اللي هقوله جوا، على الله اصعب عليه ويوافق يساعدني ويديني حلول
_ انجزي يا شاهستا، وخلي بالك لا العربية تخبطك بجد
قالتها في عدم اقتناع بما سيحدث..
_ مانتي انجزي ومتأخريش عليا، خديه واطلعوا بره كإن عجبك فستان من الباترينا اللي بره واول ما اديكي الإشارة صرخي، والفتي انتباهه ليا
_ ماشي هدخل اهو، ربنا يستر واليوم ده يعدي على خير بس...

تمتمت شاهستا وهي تتبع آثار صديقتها التي اتجهت نحو محل وليد:
_ كل حاجة في دماغي هتظبط وهقهرك يا عمر انت وبنت عمك الحرباية...
              *****
استغل أسر ذهاب الجميع حتى ينفرد بزينة لبعض الوقت، وقد تركها والديها معه في غرفة استقبال الضيوف حتى يتحدثان معًا في راحة أكبر، وما إن رأى أن الوقت مناسب حتى هتف في ابتسامة عريضة:
_ اخيرا يا روحي اتجوزنا وبقيتي حلالي خلاص

كانت تسمعه ولكنها لم تجرؤ على مخاطبة عيناه أو النظر إليهما حتى، تنحنح -ولم تفارق شفتيه تلك الابتسامة- واضعًا سبابته تحت ذقنها، رافعًا وجهها إلى مستوى وجهه، وما إن فعل ذلك حتى تحدث في صوت خفيض:
_ بصي في عيني يا زينة، مالك بتتهربي من عيوني ونظراتهم ليه؟!
أبعدت سبابته عن ذقنها، وألقت بصرها على الأرض تارة أخرى
_ ليه يا زينة؟!

ردت بنبرة صوت مضطربة: مكسوفة بس شوية ومتوترة طبيعي أنا متجوزتش قبل كده

ابتسم في تفهم وتحدث: أنا مقدر ده، بس إحنا لازم نكسر الخجل ده بينا في الفترة دي علشان أما نتجوز أو بمعنى أصح أما تيجي بيتي تكوني متعودة عليا، اومال إحنا كتبنا الكتاب بدري ليه؟!
_ فهماك بس.. سبني على راحتي شوية من فضلك
_ ماشي.. سماح النهاردة، هقوم امشي وهجيلك بكرة من بدري نخرج مع بعض قبل ما أبدأ الجد في الدراسة اللي رجعت بقالها فترة وماشية مع نفسها دي!!
_ انت دراستك رجعت؟؟
_ للأسف.. بس يلا آخر ترم هانت وهبقى خريج عظيم، اصبري عليا بس
_ ربنا معاك، متهزرش بقى وارجع انتبه لدراستك ادام بدأت
_ اه مانا هعمل كده متقلقيش.. زينة..
نظرت إليه مترقبة ما سيقول
_ أنا بحبك.. كنت شايلها في قلبي علشان اقولهالك في اللحظة دي أما تبقي مراتي حلالي علشان أكون بقولها وأنا مرتاح البال مش مستحرم ولا خايف.. مش عارف ليه احيانا بحس إنك مش بتبادليني نفس الشعور، مش عارف ده مجرد احساس ولا حقيقة!! اتكلمي يا زينة انتي مش بتحبيني؟! هل انتي شيفاني مجرد واحد وخلاص اتقدملك وانتي قبلتي بيه؟!

اطرقت...
_ سكتي يعني؟!
_ مش هكدب وأقول إني حبيتك لاني لسه عرفاك، بس أنا متقبلاك وكلي يقين إنك أنت اللي تناسبني بجد.. محتاجة وقت أعود نفسي فيها عليك، محتاجة وقت علشان أقدر اقتنع مية في المية إنك شريكي
_ ليه؟؟ انتي كان في حد قبلي في حياتك؟!

ظهر على ملامح وجهها التوتر الشديد وتلعثمت الأحرف بين شفتيها وردت بنبرة صوت مضطربة:
_ هو إيه ده؟؟ حد! حد مين؟! انت إيه اللي بتقوله ده يا أسر ؟!
_ مالك اتوترتي كده ليه!! أنا بسأل بس!
_ اتوترت طبعا السؤال وترني، حد مين ده اللي هعرفه!! احنا بيت محافظ وعيلة محترمة منعرفش الكلام ده يا أسر

_ طيب بما إنه كده، يبقى انتي المفروض تتكلمي بثقة مش تبقي متوترة كده!!
نهضت فجأة في غضب، وتحدثت في صوت عالي: انت جاي تشكك في أخلاقي النهاردة ولا إيه يا أستاذ أسر!! أنا معاك بقالي كام شهر، عمرك شفت عليا حاجة غلط لا سمح الله ؟!!

نهض هو الآخر ورد متعجبًا من أمرها: في إيه يا زينة، هو خدوهم بالصوت لا يغلبوكم ولا إيه؟!! بتتعصبي كده ليه؟! أنا مكنش قصدي أي حاجة اصلا، انا بسأل عادي
_ لا متسألش عادي
قالتها وتركته وذهبت.. يتبع أثرها وهو يشك في الأمر..
               *****
السيدة التي قتلت ضميرها في الحرب، تظن أنها تَسلّمت وسامًا كأفضل امرأه انتقمت لنفسها وحققت مرادها، تقف الآن تدير رأسَ مكتئب في كل اتجاه،  تشعر أنها قد وصلت إلى هنا بسبب غبائها. هي نفسها تلك السيدة التي تلتفت إلى كومة سنوات قد تركتها وراء ظهرها منذ كثير وشيدت مستقبل قد ارهقها صنعه منذ مدة والذي ترك لها الفرصة لتتخلص من قذارة ماضيها، أضحت تهدمه بنفسها لتخسر فرصتها الأخيرة.... 


_ ادخلي يا شاهستا، الشقة وحشتك يا قلبي بقالك كتير مش بتيجي تقعدي فيها

ما إن سمعته يقول بمثل ذلك الكلام، ورأت باب الشقة مفتوحًا على مصراعيه يرحب بها، حتى ترددت وظلت مكانها ولم تخطو خطوة واحدة نحو الأمام، ليبدأ الصراع النفسي بالظهور، وذلك عندما استيقظ ضميرها لثوان..
والجدير بالذكر أن الصراع الذي يواجه الشخص المتورط في علاقة غير شرعية أثناء الزواج يمكن أن يكون معقدًا ومؤلمًا. يشمل هذا الصراع عادة التناقض بين الالتزام بالشريك الرسمي والرغبة في الاستمرار في العلاقة السرية.
تتسبب هذه الحالات في توتر نفسي وعاطفي للشخص المعني، حيث يجد نفسه في مواجهة تحديات الحفاظ على العلاقة الزوجية وفي الوقت نفسه الاستمرار في العلاقة السرية. مما يضر بالثقة والاتصال بين الشريكين، وعلى هذا النسق يجعل الشخص يفقد راحته ويظل داخل دائرة الشعور بارتكاب الذنب حبيسًا، وتكون الخيارات التي يجب اتخاذها صعبة، حيث يحتاج الفرد إلى مراجعة قيمه وأولوياته، وفهم العواقب المحتملة لقراراته.
هذا ما شعرت به لوهلة، ولكنها تجاهلت صوت ضميرها وسمعت صوت نفسها الإمارة بالسوء والتي حثتها على اكمال الطريق الذي حاربت لأجله..

_ انتي هتفضلي واقفة باصة على الشقة كتير؟! ما تدخلي!!
هتف متعجبًا من أمرها
نظرت إليه ولم ترد.. بل سارت في بطء وحذر نحو الداخل، وما إن دخلت حتى غلق هو الباب وأخذ يحك كفيه في بعضهما البعض في ابتسامة عريضة، واقترب منها جاذبًا إياها إلى صدره في اشتياق كبير، تركت نفسها بين ذراعيه مغمضة العنين تبذل قصارى جهدها حتى تخرس صوت ضميرها، لأنها في الحقيقة اشتاقت إلى عمر، ولكنها سرعان ما نفرته بعيدًا عنها مبررة:
_ انت حاطط نفس برفيوم وليد؟!!
عقد حاجبيه في ضيق ورد ساخرًا:
_ نعم؟! بقى أنا عمر المرشدي هستخدم نفس نوع البرفيوم اللي بيستخدمه الفلاح ده اللي من حي الجمالية!!! لا..شاهستا فوقي كده وركزي في الكلام اللي بتقوليه، أنا الماركة اللي بحطها عالمية واتصنعت في فرنسا ومن أغلى أنواع العطور كمان، الفلاح ده لو عاش حياته كلها يشتغل مش هيعرف يجيب نفس ماركة البرفيوم بتاعي
اطرقت.. ثم استدارت معيطة له ظهرها واضعة يديها على رأسها، ثم زفرت شاعرة بارتباك واسرعت نحو أحد الكراسي وجلست عليه..
اقترب منها وعقد ذراعيه أمام صدره وهتف:
_ في إيه يا شاهستا مالك؟!

ردت وهي شاردة في نقطة واحدة: عمري ما تخيلت نفسي ولا عمري هقبل عليها ده يا عمر

جثى على ركبتيه أمام كرسيها وأمسك كفيها ونظر إلى عينيها وتحدث في استعطاف:
_ إيه يا حبيبتي، مش أنا غلطت في حقك وكسرتك وسبتك رغم إني كنت أصلا اكتر واحد مدمر في الفترة دي، بس ما علينا، مش انتي رجعتي واخدتي حقك مني وفضلتي كتير مموتاني وقهراني بوجودك معاه؟! خلاص يا شاهستا كده اتساوينا، ناقص إيه تاني بقى!! أنا اتعاقبت بما فيه الكفاية من نفسي ومنك، حرام بقى كده

أطلقت زفيرًا طويلًا وهتفت: عمر مش أنا اللي أقبل يكون عندي زوج وعشيق.. أنا مش وحشة اوي كده، انا كان في نيتي أطلق من وليد وبعدها ارجعلك. أنا مش ناوية أذي وليد، ولا عايزة اجرحه، فأرجوك استنى عليا
_ ومين قالك إني أنا هقبل أصلا الوضع ده؟!! انتي بتاعتي أنا بس. هو اللي طرف تالت وهو اللي ضروري يغور في داهية عن حياتنا

_ عمر ارجوك اتكلم عنه بأسلوب أحسن من كده، على الأقل يا أخي قصادي..

استقام وهتف في ضيق: هو فارق معاكي أوي كده الطريقة اللي بتكلم بيها عليه؟!!
نهضت هي الأخرى وردت: اه

اقترب منها أكثر واضعًا عيناه في عينيها وهتف في غيرة:
_ ليه؟!
_ علشان هو لا يزال جوزي
صرخ في وجهها في حنق: شاهستا
مما جعلها تغمض عيناها في تلقائية وترمش مرات متتالية، ليواصل هو صراخه:
_ انتي سامعة نفسك بتقولي ايه ولا لا؟!!
صاحت في نفس النبرة التي يُحدثها بها: متزعلقيش بقولك وإلا والله أمشي واسيبك

ابتعد عنها وهو يفرك فروة رأسه في غضب شديد محاولًا أن يهدأ ويعود إلى وضعه الطبيعي.. وبعد مرور بعض من الوقت شعر أنه عاد إلى حالته الطبيعية لذلك اردف في هدوء:
_ شاهستا أنا بكره الراجل ده بكرهه، فارجوكي بلاش تمنعيني إني اشتمه علشان دي اقل حاجة أصلا ممكن اعملها، كفاية اني سكت كتير وسايبك في حضنه كل ده!! بس اللي صبرني على إني استحمل وادوس على نفسي ومقتلهوش، هو كلامك ليا آخر مرة ساعة ما منة خطفتك وطلبت مني اعتدي عليكي، حسيت إنك ممكن ترجعيلي وعلشان كده سمحت لك تمشي ومعملتش معاكي حاجة، كل ده يا شاهستا وأنا عمال استحمل وادوس على نفسي بالجذمة علشان ترجعيلي وتبقي معايا تاني، في إيه دلوقتي؟؛ حصل إيه؟! إيه اتغير؟! اتكلمي

صاحت: اللي اتغير اني حاليا على زمة راجل تاني، وأنا زوجة لواحد تاني، أنا مش حرة حاليا المفروض
هتف في غيظ وبنبرة صوت تحمل في طياتها الانتقام والشر:
_ ما تخنيه هيحصل ايه يعني؟!
_ إيه؟! لا طبعا حرام هو عمره ما آذاني كده
_ حرام!! وده من امتى ؟!
_ عمر متغيرش الموضوع

اقترب منها في شكل أشبه بالهجوم إلى حد، وجذبها إلى صدره فجأة دافنًا وجهه بين عنقها وكتفها، وهو يتمتم مرددًا: وحشتيني وحشتيني اوي
_ اوعى يا عمر، أبعد عني يا عمر، ابعد..
رددتها عليه في هدوء مرة وفي شدة مرة، ولكنه لم يستجب لأيًا منهما، لذلك دفعته في قوة صارخة: قولتلك أبعد عني انت إيه مفيش فهم؟!!
_ انتي بتبعديني عنك ليه أنا حبيبك!!
صاح في غضب
لترد صائحة: قولتلك أنا ست متنيلة متجوزة أنا متجوزة، استنى أما أطلق وبعدها براحتنا. عمر لازم تدرك اني مخلتكش تلمسني وأنا حرة وأنا حبيبتك، هخليك يا ترى تلمسني وأنا متجوزة؟!

ضرب ظهر كف يده الموضوع ما بين صدره وبطنه بباطن كف يده الأخرى معلنًا نفاذ صبره واردف: والهانم هتطلب الطلاق امتى من البيه؟!

ابتلعت ريقها وهتفت: هفتح معاه الموضوع ده بكرة أما أرجع
_ ارجوكي في أسرع وقت ممكن علشان مش قادر استنى اكتر
_ ماشي..
قالتها واقتربت منه وهتفت في تحذير: من هنا لحد أما إجراءات الطلاق تخلص وأبقى حرة، اوعى اوعى يا عمر تعرّف منة حاجة، أو تقع بلسانك ادمها وتقولها شاهستا بتقابلني او هترجعلي أو أو، المقابلة وكل اللي حصل النهاردة ده واللي هيحصل سر بينا سامع ؟!!!

_ سامع يا شاهستا، حاضر مش هعمل أي حاجة تزعلك أو تضيعك مني تاني، بس ارجوكي انجزي واطلقي منه
_ هي فين منة بالمناسبة! بقالي كتير مش بسمع عنها حاجة ولا عملت لنا مشكلة زي زمان
_ منة ارتبطت يا شاهستا.. خلاص هي مش هترجع تحاربك تاني على الفلاح ده، وهي دلوقتي في مساكنة مع حبيبها في فرنسا.

_ حبيبها؟؟!! هي قالتلك كده؟!
_ اه يا شاهستا وسافرت معاه من فترة، تقريباً بقالها هناك اسبوع
_ مين الشاب ده؟!
_ هيفرق معاكي كتير؟!
_ لا..
_ خلاص مش مهم
_ اوكيه.. يلا هروح أنام نعست اوي

قالتها واتجهت نحو إحدى الغرف التي تصطف في يمين الشقة، ليعلق هو:
_ انتي داخلة الاوضة دي ليه يا بنتي؟! ادخلي الاوضة اللي في وشك علطول

_ مش الاوضة اللي في الوش دي بتاعتك؟!
_ آه
_ طب انت غبي يا عمر؟!! ما قولنا مش هتنيل أعمل أي حاجة إلا بعد الطلاق
_ هتنامي في حضني بس
_ ولا حتى ده، أنا هدخل أنام هنا وهقفل عليا كمان
_ مش فاهم أنا إيه اللي جابك، أما هتعمليلي فيها شريفة!!

صاح في غيظ

رمقته من أعلى إلى أسفل في قرف ودخلت الغرفة واغلقتها بإحكام..
               ******
ومع العاشرة صباح اليوم التالي، كان وليد قد استيقظ واغتسل وارتدى ملابسه، وبينما هو يمشط شعره أمام المرآة، صدح صوت هاتفه، استقبل المكالمة وهتف: ألو السلام عليكم ازيك يا أسر

_ وعليكم السلام، صباح الخير يا وليد
_ صباح النور يا حبيبي، أنا نازل الجامعة النهاردة جهزت اهو
_ ليه كده يا وليد ما كنا قاعدين مرتاحين يا أخي!!
_ يا بني الترم شغال بقاله شوية مع نفسه، وأحنا كنا هنضيع ، أنا شفتهم بيصيحوا امبارح على جروب الدفعة بيقولوا إن في دكتور منهم بياخد الغياب والحضور وكده احنا هناخد صفر يا أسورة
_ قولتلك ميت مرة متقولش زفت أسورة دي يا مستفز
صاح في ضيق، ليضحك وليد من طريقته واردف:
_ قولت اقولها لك علشان تتعصب واضحك وأبدأ يومي بابتسامة حلوة محلية شفايفي
_ لا والله!! أسكت بقى علشان أنا زعلان
_ ليه؟! مالك؟ بقى فيه عريس يبقى لسه كاتب كتابه امبارح ويبقى زعلان كده يا نكدي
_ وليد..
_ سامعك يا حبيبي
_ أنا حاسس إن زينة مش بتحبني، حاسس إن في حد شاغل بالها مش عارف ليه واصلي الإحساس ده !!
_ يا شيخ اتقي الله، متتكلمش عن مراتك كده يا أسر بدون دليل عيب، صفي نيتك وخليها حسنة
_ يا وليد أنا بقول حاسس
_ لا متحسش، مراتك بتحبك ومتعرفش غيرك ولا ليها في سكة البنات اللي مش كويسة دي، عيب أما تقول تعرف غيري أو غيري شاغل بالها والكلام ده عيب، اوعى تاني مرة تشكك في أخلاق مراتك، وخلي الثقة هي أساس العلاقة بينكم، وكذب الاحساس اللي دسه الشيطان جواك ده علشان يخرب عليك حياتك الزوجية

زفر أسر في ضيق ورد:
_ انت يا وليد بتثق في الناس كلهم ولا كأنهم ملايكة
_ وايه اللي يخليك تشك في مراتك طيب ؟! شفت عليها إيه؟!
_ حاسس إنها مش معايا مش فرحانة إنها بقت مراتي زي ما أنا كنت فرحان، حاسس إنها مجبرة على الجواز ده مش عارف في إيه!!!
_ طب هو الاحساس ده وصلك امبارح بس؟!
_ لا.. من ساعة الخطوبة كنت بلاحظه ولكن كنت بقول جايز مكسوفه جايز هي منغلقة على نفسها ومحتاجة وقت عقبال ما تاخد عليا، وأحيانا هي كانت بتبرر إن مثلا مامتها متخانقة معاها علشان كده متنكدة وغيره.. أما امبارح أنا كنت جوزها وحسيت إن جسمها بس اللي معايا روحها مش حاضرة مش معايا.. وليد انت فاهمني؟!

أطلق زفيرًا طويلًا وهتف: فاهمك يا حبيبي، أنا عايزك تهدى وبإذن الله هيطلع سوء تفاهم منك مش اكتر، عمتا انزل انت كمان الجامعة ونحل الموضوع ده مع بعض بعد المحاضرة
_ ماشي يا وليد.. هنزل
              *****
_ اعتقد إني منستش حاجة مش كده يا أمير ؟؟

هتفت جومانة وهي تضع اغراضهما في الحقائب حتى يعودا إلى القاهرة
رد وهو يغلق أزرار معطفه أمام المرآة: أعتقد لا.. أنا حطتلك كل حاجتي عندك، لو ناقص حاجة فهيكون في حاجاتك انتي
_ تمام ..يبقى كده تمام
قالتها وغلقت الحقائب.. ظلت تنظر إليه في صمت، تشعر أنه قد احتل أكبر مكان في قلبها.. ايقنت حينها أن قلبها قد غدر بها وأصبح متيم بنيران عشقه، بعدما اتفقت معه على ألا تحبه..
هي لم تعد تراه ذلك المخرج الذي يساعدها حتى تصل فقط، بل باتت تراه حبيبها وزوجها ولا تعرف متى قُذف حبه في قلبها.. أخذت تقترب منه في هدوء، انتبه لخطواتها نحوه، ذلك ابتسم لها في المرآة وأخذ يتعطر.. وقفت أمامه وألقت بنفسها بين ذراعيه وهتفت وهي تضمه إليها بشدة:
_ بقيت أحس إنك بتوحشني وانت معايا، يا ترى إيه اللي هيحصلي أما نرجع القاهرة واصحى من النوم ملاقكش جمبي!!!

حاوطها بذراعيه واردف:
_ هنعمل ايه بقى!! مضطرين
_ هتعلن امتى عن جوازنا؟!
_ أما نرجع حاضر

رفعت إليه رأسها، لتنظر إلى عينه واردفت في ابتسامة: بجد!! بحبك.. بموت فيك
ابتسم ولم يرد..، بل ضمها إلى صدره مرة أخرى وأخذ يلمس بأطرافه شعرها في ابتسامة صغيرة لا تحمل النية الصافية تقريبًا..
             ****
استيقظت شاهستا من نومها، وما إن فتحت عيناها حتى هتفت في تلقائية: وليد..
ثوان معدودة وتذكرت جريمتها التي افتعلتها ليلة أمس في حق ذلك الذي لفظ اسمه لسانها للتو..
أبعدت عنها الغطاء وجلست على الفراش تستوعب ما حدث.. ثم قامت وفتحت الباب كي تخرج وقبل خروجها سمعت صوت هاتفها- الذي كانت تضعه بجانبها على السرير- يصدح، تركت مقبض الباب واتجهت نحو الهاتف لتجد زوجها من يتصل.. أطلقت زفيرًا طويلًا واستقبلت المكالمة هاتفة: صباح الخير يا حبيبي
_صباح النور يا قلبي، ماما اخبارها ايه النهاردة ؟!
_ ماما؟!
_ ايوه مالك مستغربة ليه ؟!
_ آه آه افتكرت.. هي.. هي الحمدلله أحسن دلوقتي
_ طب الحمدلله يا حبيبي يا رب ديما، منستهاش في دعائي النهاردة وأنا بصلي الفجر
اطرقت...
_ أنا نزلت الجامعة النهاردة علشان لو روحتي وملاقتنيش في البيت
_ خلاص هجيلك على الجامعة ونروح مع بعض
_ شاهستا انتي صحيتي يل..
قالها عمر في صوت عالي لحظة دخوله الغرفة، ولم يكملها وذلك بعدما حدقت له بعينيها مشيرة له أن يصمت
_ مين اللي بيتكلم جمبك ده!
هتف وليد مستفسرًا
توترت وصمتت لحظة، ثم ابتلعت ريقها وهتفت:
_ ده.. ده أمير
_ طب سلميلي عليه، يلا انا هقفل علشان وصلت وأما تخلصي ابعتيلي
_ تمام

أنهت مكالمته والقت الهاتف في عصبية وسارت جهة عمر -ذلك الذي كان يقف مسندًا بيده على باب الغرفة- في سرعة وصاحت في وجهه:
_ انت مجنون ؟!! كنت هتوديني في داهية
_ واديكي طلعتي منها زي الشعرة من العجين..
_ عمر قولتلك أنا مش عايزة اجرح وليد أنا عايزة اسيبه في سلام من غير مشاكل تمام؟!
_ يلا يا شاهستا أنا جهزت الفطار بره تعالي علشان ناكل
_ لا مش هاكل، أنا هلبس وهنزل الجامعة

صرخ في جنون: ما طبعا عايزة تروحي تفطري مع الباشا زي ما اتعودتي صح؟!!
_ عمر وطي صوتك، مبحبش الصوت العالي يا عمر
هتفت بنبرة حادة محذرة إياه
_ انتي هتجنني عمر واللي جابوا عمر واللي حطوا عمر
صرخ في نفس رتم نبرة الصوت السابق، ثم ضرب بيده الباب وذهب مغاضبًا..

تتبع أثره وتمتمت: في ستين داهيه
ثم رمت بقوة زجاجة العطر الخاصة بها على أرضية الغرفة، ليصله في الخارج صوت تحطمها، مما جعله يلتفت نحو الغرفة في سرعة وتحدث وهو يهز رأسه مرات متعددة متوعدًا لها: ماشي يا شاهستا ماشي خلي الصراع اللي انتي فيه ده ينفعك وحياة أغلى حاجة عندي وهي انتي ما هسيبك ليه...
              ******
_ انت عارف إني طول عمري بشرب الشاي سكر مظبوط يا وليد، مالك عايزني أحط تلات معالق سكر ليه؟!
قالتها منة وهي تجلس في بلكون الغرفة التي تقيم فيها في فرنسا، تحتسي كوبًا من الشاي تخاطب وليد الذي بدأت تتخيل أنه يجلس أمامها
ليأتيها الرد والذي ابتدعه عقلها:
_ بحبك يا منة وعايز أفضل باصص لعيونك كتير
_ وأنا كمان يا وليد بحبك اوي ونفسي أفضل جوا حضنك من غير ما ترميني أو تبعدني عنك كالعادة.. بس أنا متأكدة إنك أما تعرف أنها خاينة هتصدقني وهتتأكد إنها اللي خربت حياتي وهتيجي لحضني أنا وهتلاقيني فاتحة أيدي الاتنين باستقبلك  بكل حب ونعيش مع بعض ونخلف بنوتة تاخد لون عيونك علشان بحبها وأفضل اديها حب بس.. وليد في بيتنا مش هيكون فيه غير الحب.. بوس واحضان واحتواء.. كل حاجة كنت مفتقداها طول حياتي هوفرها في بيتنا و لبنتنا

وطوال ماهي تتحدث بتلك الطريقة شاردة متخيلة إياه يجلس أمامها يسمعها، كان فايز هو من سمعها وذلك لأنه كان لاصقًا أذنه على الباب مستمعًا إلى كل شيء.. 
طرق الباب مضيعًا عليها اللحظة، انتبهت إلى صوت طرقات الباب وردت في سرعة: ادخل يا فايز
دخل وهو يبتسم واقترب منها وانحنى إلى مستواها وطبع قبلة على خدها. وما إن فعل ذلك حتى وجد ملامح وجهها ظهر عليها الغضب والضيق، تراجع إلى الخلف عدة خطوات في حذر واردف:
_ إيه ده؟ مال وشك عمل كده ليه مرة واحدة ؟!
_ فايز.. اوعى الحركة دي تتكرر تاني أرجوك.. وليد بيغير

ينظر إليها لا يستوعب ما تقوله!
لم تجب على الأسئلة التي طرحتها عيناه عليها، وتركته واقفًا كما هو وخطت خطوات سريعة داخل الغرفة واقتربت من الخزانة. تبعها حتى يفهم ماذا تفعل، اردفت وهي تخرج ملابسها من الخزانة: لم حاجاتك يلا هنرجع مصر ورايا مهام كتير لازم تخلص..
               ****
كانت هنا تضع اغراضها في الحقيبة تستعد للانطلاق إلى مراكز التعليم، وبينما هي تضع الاغراض، دخل عليها جاسر الغرفة بعدما طرق الباب مرة أو مرتين، استدارت في خفة حتى ترى من جاء، وما إن رأته حتى اعتدلت في وقفتها ونظرت إليه بملامح جدية واردفت: نعم؟!

_ خلاص يا هنا بقى سامحيني، انا اتهزقت كتير من بابا وعمي مش معقول كده!!
_ بالبساطة دي ؟! جيت وهددتني وخوفتني وشككت في أخلاقي بدل المرة كذا مرة وعايزني اسامحك كده عادي!! نفسي أفهم يا جاسر ليه الشخص اللي بيجرح حد اوي ويغلط في حقه  بيكون فاكر ديما إنه كلمة آسف هتحل الدنيا؟! ليه الشخص يرتكب الغلط اللي هو عايزه براحته ولما يندم ويقوق يبقى واجب علي الجميع يسامحه؟!! ليه ها ليه؟؟
_ طب أعمل إيه يا هنا علشان تسامحيني؟!
_ تحل عني... عايزني اسامحك حل عني
_ أحل عنك ازاي ؟!
_ يعني تنساني خالص بقى وتشلني من دماغك
_ ازاي هقدر أعمل كده؟!! والله ما هقدر أنا عايزك يا هنا افهميني انا بحبك

استجمعت قواها لتلقيها مرة واحدة في وجهه كالقنبلة:
_ وأنا مبحبكش..

أخذ يحرك لسانه داخل فمه ناحية اليسار تارة وناحية اليمين تارة أخرى وهتف:
_ بس أنا الكلام ده مش عاجبني
_ يعني ايه يعني؟!
صاحت في غيظ
_ يعني مش مهم تحبيني أصلا من امتى النبات كان ليها رأي!! طول عمر النظام في عيلتنا البنت لابن عمها وعلى هذا الأساس بابا أخذ ماما ولولا إنه مكنش فيه وقتها بنات تانيه في العيلة كان ابوكي وعمنا رمضان كمان اتجوزوا من العيلة
_ احنا مش عايشين في العصور الوسطى والجواز مش بالعافية يا أخي أنت!!
تحدثت في ضيق

_ لا يا هنا بالعافية وهبقى افكرك بالكلام ده أول يوم جواز وأنا نايم فيه معاكي وأنا شايف جسمك كله بعيني
ما إن قالها حتى أصابها بانهيار شديد ومن هول ذلك الكلام الذي سقط على مسمعها، صفعته بقوة على وجهه صارخة: اخرس.. أمشي اطلع بره يا حيوان بره أطلع بره بقولك بره

هرولت أمها جهة الغرفة على صوت صراخها ودخلت وهي تهتف بنبرة صوت عالية تحمل في طياتها الخوف و القلق:
_ ايه يا هنا مالك بتصرخي كده ليه؟؟
_ أطلع بره يا زبالة
تتابع هنا في صراخ
_ عملتلها إيه يا جدع انت
قالتها شهد وهي تقترب من ابنتها تضمها إلى صدرها تهدئ من روعها
صرخ في جنان: انا يا هنا تضربيني على وشي كده!! أنا ؟!! أما وريتك
_ أمشي غور في داهية عفرت البت يا بعيد
صرخت شهد
_ مش هغور ده بيت عمي واللي مش عاحبه هو اللي يغور

هجمت عليه فجأة وأخذت تدفعه بقوة إلى الخارج وتزامن مع ذلك صراخها الموجهة له: امشي غور ياض امشي غور بره
_اوعي يا مرات عمي متزقيش بقولك
يصرخ وهو يمسك يدها مانعًا إياها من طرده إلى الخارج، ولكنها لم تتوقف ولم تهدأ لحظة واحدة بل ظلت تدفعه إلى الخارج بشكل أقوى واعنف وبصريخ أعلى

_ بقولك اوعي ايدك دي بدل ما ارميكي في الأرض انتي في سن أمي
صرخ ممسكًا بيديها دافعًا إياها نحو الكرسي، تأوهت وهي ترتمي على الكرسي وتزامن مع ذلك صراخها: أنا هوريك أنا هعلمك ازاي تعمل كده مع مرات عمك يا كلب يا قليل الأدب
نظر إليها ولم يرد، ثم وجه بصره جهة هنا التي كانت تقف والصدمة واردف: شايفة عِنادك وقلة ادبك وصلونا لإيه؟! براحتك اعندي أكتر يا بنت عمي...
قالها وفتح الباب وخرج وغلقه خلفه في قوة...
_ ماما
قالتها هنا بنبرة صوت مرتجفة وهي تركض جهة أمها في سرعة، فتحت لها ذراعيها وضمتها إليها في قوة واردفت في حنان: بس حبيبتي متخافيش ولا يقدر يعمل حاجة، وقسما بالله أما خليت ابوكي يعلمه الادب مبقاش شهد الشِمري بنت الحاج عبد الجواد
               ******
كانت تقف بعيدًا معلقة بصرها نحوه، مترددة لا تعرف هل تسأله أم تظل صامتة تكبت فضولها داخلها؟! وبينما هي في تلك الحيرة تذكرت...

_ شاهستا، الشهر خلص يا حبيبتي وطولنا أوي كده في اللعبة بتاعتنا
_ لعبة إيه يا آية! أنا حاليًا بقيت خطوبته، وافقت خلاص وهو هيتقدملي قريب
زفرت في ضيق غير مصدقة إياها وردت:
_ يا بنتي كفاية كده على الراجل حرام عليكي
_ هو إيه اللي حرام عليا ؟ أنا خطيبته
_ مانا عارفه إنك خطيبته وعلشان كده بقولك كفاية هو معلمش حاجة وحشة علشان يستاهل كل ده منك
_الله! هو إيه اللي كفاية كفاية مالك في إيه هو أنا عملت أي؟
_ سبيه في حاله بقى هو كفاية عمال يدفع التمن على حاجات هو معملهاش وكل ده ومن دون مقابل
_ من غير مقابل؟! من غير مقابل ليه؟ مانا خطيبته وهبقى مراته
انصدمت من كلامها واسرعت قائلة: إيه ؟! قولي إنك بتهزري بالله قولي يلا 
ردت في بلاهة: لا مش بهزر أنا..
_ انتي منافقة و...
_ سميني زي ما تسميني، بس الجواز ده هيتم يعني هيتم واللي يدفع التمن يدفع أنا كمان دفعته قبل كده ومش فارق معايا حد...
( راجع الاقتباس)

_ بس يا شاهستا بالشكل ده أنا مش هسكت وهروح اقوله الحقيقة كمان
_ آية أنا اللي صاحبتك مش هو
صاحت محاولة أن تستعطفها
_ أيوة بس ده مكنش اتفقنا!!
_ اللعبة احلوت في عيني يا آية مكنتش اعرف إن منة هيفرق معاها الموضوع اوي كده، ولا كنت متخيلة إن وليد مهم عندها كده، ولا كنت أعرف إن الحرب والتحدي هيشتد كده!! اكيد مش أنا اللي هتنازل يا آية مش أنا مهما حصل
_ اوكيه يا شاهستا زي ما تحبي بس متتكلميش معايا خالص بقى من هنا لحد أما ضميرك يصحى...

أغمضت آية عيناها شاعرة بالذنب كلما رأت وليد أمامها، أطلقت زفيرًا طويلًا بعدما تذكرت ذلك الموقف واتجهت نحو وليد.. وبينما هي تسير جهته تذكرت تارة أخرى...

_ وليد انت فرحك انت و شاهستا امتى
_ كمان خمس ايام، جايه تقوليلي مبروك ؟!
_ لا جاية اقولك حقيقة عن شاهستا.. ثواني هرد على التليفون وجيالك

_ نعم؟!
_ انتي اتجننتي يا آية؟! انتي رايحة تقولي لوليد فعلا ؟!
_ مش أنا اللي اتجننت يا شاهستا، انتي اللي اتجننتي، بقى أكلمك أقولك انتي فين تقوليلي في البيوتي سنتر بعمل جلسات تنضيف علشان فرحي!!! هو ده اتفقنا يا شاهستا!!
_ آية اسمعي، ارجوكي انا حبيت وليد فعلا وغيرت خطتي تجاهه ومش ناوية اسيبه، أنا هتجوزه واعيش معاه وهنسى عمر خالص، ارجوكي بلاش تعرفيه حاجة وتخربي عليا حياتي...

كانت قد وقفت أمامه دون أن تشعر بنفسها وذلك بسبب شرودها، ابتسم ما إن رآها تقف كالتائه وتحدث: مالك يا آية واقفة متنحة في حتة واحدة كده ليه ؟!
ضحك طارق والذي كان يقف بجانبه واردف: مش مصدقة باين إن باباها وافق عليا اخيرا بعد حرب شرسة

ابتسمت آية منتبه لحديثهما واردفت: وليد..
_ نعم ؟
_ إيه أخبار شاهستا معاك؟! كله تمام ؟!
_ الحمدلله كله تمام أنا وهي زي الفل شكرا لسؤالك
_ العفو
_ متقلقيش أنا نفذت وصيتك بالحرف انتي قولتيلي هي حساسة وانا راعيت ده جدا في تعاملي معاها
_ طب وهي بتعاملك ازاي ؟!
_ بتعاملني كويس والعلاقة بينا جميلة بفضل الله ماشية على التفاهم والحب بينا

ابتسمت ابتسامة عريضة وشعرت اخيرًا بارتياح ضميرها واردفت: طب الحمدلله يارب ديما
_ آمين يارب عقبالك انتي وطارق يارب
قالها وأخرج هاتفه من جيب سرواله وذلك بعدما سمعه يصدح: عن اذنكم هروح ارد على التلفون

_ آية انتي كويسة ؟!
_ آه يا طارق متقلقش

عاد وليد إليهما تارة أخرى وهتف: طب عن اذنكم أنا، شاهستا حجزت ليا أنا وهي اوضة في فندق وطلبتني اروح لها دلوقتي
_ يا بختك يا عم
قالها طارق وهو يغمز له بعينه
ابتسم وليد وذهب..
             *****
أخيرًا قد تخلصت من كل مهامها واستلقت بجانب ابنها حتى تسريح قليلًا، وما إن أغمضت عيناها حتى سمعته ينادي عليها في صوت عالي، تأففت وصاحت:
_ نعم يا سيد؟!
_ تعالي الاوضة عايزك
_ مش قادرة
_ انجزي تعالي، هو هنفضل نتكلم بصوت عالي كده وهو كل واحد في اوضة؟!!

أبعدت الغطاء عنها في غيظ وشدة وزفرت في ضيق و تزامن مع ذلك ذهابها إليه، وما إن دخلت الغرفة حتى تحدثت: نعم اديني جيت!!
_ تعالي شوية
_ لا والله يا سيد ما قادرة خلاص جسمي مكسر وهموت وانام
صاح: هو أنا كل أما اقولك تقوليلي جسمي مسكر وهموت وانام ؟! جرا ايه يا علا؟! انتي بتعملي إيه أصلا من الصبح؟!
_ أنا بعمل إيه من الصبح ؟!
صاحت في عدم تصديق، مشيرة إلى نفسها
_ أيوة
_ أقولك أنا بعمل إيه من الصبح، صحيت الساعة ستة من فجر ربنا صليت ولبست العباية روحت الطابونة جبت العيش بعد ما وقفت في طابور لا ليه أول من آخر وبعدها روحت السوق جبت كل طلبات الاسبوع ويدوب رجعت البيت لقيت الساعة حداشر وانت لسه نايم والواد جمبك بيصرخ وانت ولا هنا، شلته لقيته سخن مولع يا حبة عيني، غيرتله علشان كان عامل حمام واخدته وروحت بيه المستشفى فضلت واقفة في طابور لا ليه أول من آخر شبه طابور العيش بالظبط قطعت التذكرة وفضلت واقفة تاني في طابور طويل لحد أما جيه دوري واخيرا دخلت للدكتور كشف وكتب العلاج ، روحت آخر الدنيا للصيدلية البعيدة علشان اجيب نوع دوا ملقتهوش في المستشفى كل ده والواد على أيدي رجعت البيت كان قرب العصر وانت لسه نايم، عملت الاكل وغسلت المواعين ونشرت الغسيل واديت الواد العلاج ونيمته بالعافية وانت لسه نايم وادينا قرب المغرب اهو ويدوب أنت بقى صحيت رايق عايز تروق دماغك، وفي الآخر تقولي عملتي ايه ؟؟! يا شيخ ده أنا لو مكنة كانت اشتكت، دا انا عمالة أجري جوا وبره، حرام عليك اتقي الله فيا شوية

صاح في غضب: غوري في داهية نامي كتك القرف وجعتي دماغي...
ما صدقت باين طلبت منها طلب، فتحتلي موشح!!
              ******
وصل وليد الفندق الذي أرسلت له شاهستا موقعه، ودخل المصعد الكهربائي محددًا غرفة رقم السادس عشر

كانت هي تنتظره في توتر شديد لا تعرف كيف ستبدأ معه الحوار.. طرق الباب فتحت له ودخل.. وما إن دخل حتى جذبها إلى صدره في اشتياق وتحدث: وحشتيني يا بت أوي غبتي عني يوم واحد كان كأنه سنة وربي

كانت داخل حضنه مكتفة اليدين لا تعرف كيف تبدأ أو ماذا عساها أن تفعل! تراجعت إلى الخلف في بطء ناظرة إلى عينيه، نظر إليها في شغف وحب واردف: ايه وحشتك أوي صح؟!
اطرقت..
تابع: هفضل احبك كده لحد امتى ؟! هتفضلي قاعدة مستربعة جوا قلبي كده كتير؟!

هي لا ترد بل تنظر إليه وهي بين ذراعيه مستسلمة
اكمل: عمري ما كان ليا نقطة ضغف، بس اعتقد نظراتك دي ليا دلوقتي هي نقطة ضعفي، مش بعرف أقاوم نظراتك، مبقتش قادر أقومك اكتر ولا بقيت قادر أصبر تاني، عمري ما جزعت طول عمري كنت صابر، قدرت أقاوم الجوع والعطش وقدرت اصوم عنهم، بس يظهر تأثيرك عليا أقوى منهم... شاهستا، حاسس إني بقيت أتنفس حروف اسمك، حاسس إني بقيت اشوف في الجميع صورتك..

ما إن قالها حتى اقترب منها كي يُقبّلها، تركت له نفسها وهي لا تستوعب ماذا حدث لها.. وقبل حدوث أي شيء، طرق أحدهم باب الغرفة، انتفضت مبتعدة عنه وتحدثت في توتر تشعر بارتعاد جسدها: حد خبط على الباب
_ حد غبي، وربي ما مسامحه لا دنيا ولا آخرة

قالها وابتعد عنها متجهًا نحو الباب وما إن فتحه حتى صاح: عمر!! انت إيه اللي جابك هنا؟؟

ما إن سمعت ذلك الاسم يُنطق على لسان زوجها حتى شحب لونها وازدادت دقات قلبها الذي كاد أن يتوقف...
*****
مش عارفه هنتقابل الخميس الجاي ولا لا زي ما قولتلكم فوق ولو في جديد هكتب على الفيس للي مش عارف صفحتي سبت اللينك بره في الديسكريبشن
دمتم بخير
سلمى خالد احمد


























الجعة يشوبها الأخلاق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن