الخامس والثلاثون

4.2K 197 31
                                    

ازيكم عاملين ايه
جاهزين؟!
يلا نبدأ

لم تنتظر كثيرًا، بل جلبت الحجاب من على السرير و ركضت في سرعة جهتهما حتى تحاول أن تنقذ ما يمكن إنقاذه
_ عايز إيه انت ؟؟؟

هتف وليد في ضيق

نظر عمر إلى الباب واردف في اندهاش: إيه ده!! دي طلعت اوضة رقم ١٦؟؟ أنا كنت فاكرها ١٩..
_ لا و الله!!
قالها وليد ساخرًا منه، ليتجاهله عمر وينظر إلى شاهستا التي كانت تجاوره، نظرة تحمل في طياتها التحذير، وقد طرحت عليها عيناه العديد من الأسئلة، ولما لاحظ وليد تلك النظرات التي يرميها بعينيه إلى زوجته، غلق الباب في وجه بقوة، ونظر إلى شاهستا واردف:
_ ايه اللي جابك ورايا؟ لازم تظهري يعني؟!
_ وايه المشكلة طلعت علشان اشوف الحيوان ده عايز إيه د!!
_ ما علينا مش هعكر مزاجي، تعالي يلا يا دلوعة كنا بنعمل إيه قبل ما الحيوان يخبط؟!

نظرت إليه ولم ترد.. اقترب منها وهتف: لو مش فاكرة فأنا فاكر
_ وليد..
_ قلبه
أبعدت شفتيها عن بعضهما البعض لتتحدث ولكنها سرعان ما الصقتهما في بعضهما البعض تارة أخرى وصمتت
_ إيه يا شاهستا هو انتي الشحن بيفصل منك فجأة ليه كده!! ولا بتهنجي ولا ايه؟! ادوس على الزرار طيب؟

لا ترد، تكتفي فقط بالنظر إليه
اقترب منها أكثر مقربًا وجهها إلى وجهه، وابصرها عن كثب متأملًا ملامح وجهها واردف:
_ مش متخيل إن شوية نظرات قادرين يشقلبوا حالي وكياني كده!! انتي ايه في عيونك دول سحر؟! كنت فاكر إني علشان شيخ هعرف اتحصن من سحر عيونك ونظراتك ليا اللي كفيلة تخليني انفذلك اي طلب واعملك أي شئ تطلبيه مني.. شاهستا بجد انتي عملتي فيا إيه؟! ازاي قدرتي تجذبيني ليكي كده؟!

ابتعدت عنه موليّة، واستدارت هاربة من عينيه واردفت في توتر:
_ وليد ارجوك كفاية

ضمها إلى صدره من جهة ظهرها وقرب أنفه جهة رقبتها مغمض العينان ورد:
_ كل حاجة هتمر واحنا مع بعض هنتخطى أي ذكريات وحشة وهنتعافى ببعض وهنكتفي ببعض كمان

أبعدت يداه الملتفة حول خصرها وهتفت في مزاح: أنا بغير من ناحية رقبتي على فكرة

_ لا والله؟!
_ اه بجد صدقني
_ طب تعالي أما اشوف اماكن جديدة كده غير رقبتك ونعرف بتغيري منها ولا لا؟!
_ احترم نفسك

_ يادي النيلة .. يا بنتي أنا زي جوزك بردو..
_ ولو بردو حتى لو جوزي احترم نفسك
_ انتي عندك كام سنة يا شاطرة؟!
_ ٢١ سنة
_ طب ومأخدتيش في الكلاس أحياء ولا اقتصاد منزلي حتى؟! يعني علموكي السالسا ونسيو يعلموكي المكرونة؟!
_ انت بتقول ايه؟!
_ بصي يا دلوعة أنا صبري خلص اخرك معايا النهاردة
_ يا مامي
_ بلا يا مامي بلا يا بابي
_ وليد المتوحش
_ أيوه أنا الراجل ده، وهفترسك دلوقتي
ما إن قالها حتى خطى جهتها خطوات سريعة، ركضت وهي تضحك ووقفت خلف الطاولة واردفت في ضحك: مش هتعرف تمسكني

رد وهو يحاول أن يحاصرها خلف الطاولة: هنشوف.. مفيش هروب مني النهاردة

كانت تقف خلف الطاولة لا تستطيع أن تتحرك لا جهة اليمين ولا جهة اليسار خوفًا من أن يمسكها، هتف وهو يضع يداه على الطاولة وينظر إليها في ابتسامة: خلاص يا دلوعة فاق الأسد اللهم لا حسد.. وهيصطاد غزلته دلوقتي
_ بس الغزالة زعلانه ومش عايزة تتمسك
هتفت في استعطاف

_ نعم!! أما تبقي في الغابة وتقابلي أسد ابقي قوليله انا زعلانة وارجوك سبني في حالي أنا اللي فيا مكفيني، وشوفي كده هيعمل ايه.. وعمتا يا دلوعة البقاء للأقوى والاذكى حاولى تهربي أنا ممنعتكيش من الدفاع عن نفسك

_ مانت وحش ومحاصرني
_ وأنا مالي!! انا عايز اكسب، ده تحدي شريف بطلي غش
_ طب اديلي فرصة أجري
_ لا
_ راجل مفتري وظالم
_ ماشي أنا عارف

ما إن قالها حتى ركض جهتها من ناحية اليمين، صرخت وركضت جهة اليسار ولكنه لحق ممسكها من ملابسها التي تمزقت عندما شدها بقوة، نظر إلى بقايا القماش التي هي في قبضة يداه وهتف: عز الطلب والله
_ اوعى سبني
تقولها وهي تحاول أن تفلت من بين يديه
_ خلاص يا دلوعة انتهت حلول الأرض معاكي الأمر متروك لقلة الأدب

قالها وحملها واتجه نحو السرير، وبينما هو يسير، سمع صوت هاتفه يصدح، ألقاها في غيظ على السرير وتزامن مع ذلك صياحه في ضيق:
_ يوه هو في إيه بقى!!!! أنا هقفل التليفون ده خالص

قالها واقترب جهة الهاتف وما إن حمله حتى وجد المتصل أخته، لذلك لم يتردد واستقبل المكالمة في غيظ شديد وهتف:
_ جرا ايه يا هنا، هو انتي ملاقتنيش في الشقة قولتي أما ارن عليه ابوظله أي فرصة؟!.....
استمع إليها لدقائق، ثم تغيرت فجأة نبرة صوته وملامح وجهه وصاح في عدم تصديق:
_ إيه!! ازاي الحيوان ده اتجرأ؟! أنا جاي حالا
_ إيه اللي حصل يا وليد؟!
_ انا مش عارف اتلم عليكي من ساعة ما اتجوزنا شكلي هطلقك يا شاهستا...
              ******
كان عمر يقود سيارته في غضب شديد كلما تذكر ما قد حدث، وبينما هو في تلك الحالة، صدح صوت هاتفه، استقبل المكالمة ووضع سماعة الأذن وهتف: ألو يا طنط
ردت ريناد( والدة شاهستا):
_ ايه يا عمر ازيك، عملت إيه مع شاهستا؟!
_ بنتك بتستعبط يا طنط جامد وشكلي هزعلها الفترة الجاية

صاح في غضب

_ طب اهدى بس حصل إيه طيب؟!
_ الهانم تقولي هطلق منه ورايحة تحجز ليهم هما الاتنين اوضة في فندق؟! هي عايزة تعمل فيا إيه اكتر من اللي عملته يعني!!!
هتف في صوت عالي
_ يمكن هتفاتحه في الموضوع بعيد عن أهله وكده..
_ يا طنط وجودها مع وليد كتير غلط انا مصدقت إنه لحد دلوقتي مجاش جمبها، مش ضامن بعد كده هيعمل إيه..
_ متقلقش يا عمر، شاهستا عمرها ما هتغلط غلطة كبيرة زي دي، هي عارفة أنا وباباها محذرنها أد ايه من حاجة زي كده كويس

_ أما نشوف يا طنط اخرتها معاها علشان أنا فعلا تعبت أوي
_ طب أهدى انت وانا هكلمها دلوقتي أفهم الدنيا معاها إيه
_ اوكيه باي

أنهت المكالمة وشردت في نقطة واحدة تتذكر...

قبل عدة أشهر

_ ها يا شاهستا جمعتينا ليه كلنا كده؟! وايه هو الموضوع المهم اللي انتي عايزانا فيه؟!
هتفت ريناد وهي تجلس بجانب زوجها وابنها على الأريكة في بهو فلتهم بعدما دعتهم شاهستا

_ طبعا انتوا عارفين إني مكنتش كويسة لمدة كبيرة وحتى الآن يمكن بتعافى وبموف أون من اللي حصلي، عارفين أنا أد إيه كنت متعلقة بعمر وكمان ظلم منة ليا وكل ده قهرني

_ اه يا حبيبتي الحمدلله احنا كنا فين وبقينا فين!
هتف والدها علي
_ أنا بقى قررت انتقم لنفسي من الاتنين، وانتوا هدعموني
_ عايزانا نعمل إيه يعني؟!
ردت ريناد
_ عايزاكم تثقوا فيا، وتنفذوا معايا الخطة وأي حاجة هقولها للآخر
_ ما بلاش نظام التشويق والإثارة ده يا شاهي وادخلي في الموضوع علطول
هتف أمير
_ انا هرتبط قريب بشيخ من حي الجمالية شاب في سني، وعايز يحدد معاد قريب علشان يقابل حضرتك يا بابا

صاحت أمها ناهضة في غضب: إيه العبط ده؟! بنت.. انتي بتقولي إيه انتي؟! شيخ مين ده اللي ترتبطي بيه!! وبعدين إيه المكان القذر ده؟!
_ اهدي يا ريناد من فضلك
قالها علي، ثم وجه حديثه إلى ابنته هاتفًا:
_ اشمعنى الشاب ده يا شاهستا؟! فكرك إن شاب بسيط زيه هيقدر يكيد عمر المرشدي؟!

_ هو ده اللي هيحرق دم عمر المرشدي ومنة المرشدي كمان، هو ده اللي هيشله أما يتخيل إني سبته هو وروحت لواحد في نظره أقل منه بمراحل، ثم إني أخترت الشاب ده علشان منة عينيها منه وحطاه في دماغها، انا بقى هنتصر عليها للمرة الألف وهاخده منها

_ أنا مش متفقة على الهبل ده اطلاقا، بما إن منة سابته ارجعيله وخلاص

صرخت في غضب شديد: ومين هيعوضني عن الأيام اللي عيطت فيها بالساعات ولا السنين اللي اتسرقت من عمري وانا مقهورة بحسرتي بسأل نفسي ميت سؤال عملت إيه علشان يسبني كده؟؟
قالتها وهدأت قليلًا متأثرة بما تذكرته وتابعت:
ده أنا كنت بتمناله الرضا يرضى، ده أنا مكنتش بقوله غير حاضر ونعم..
ثم صرخت تارة أخرى وبنبرة أعلى: فجأة مشي، اختفى من حياتي اختفى من غير ما يقولي ليه ليه عمل فيا ودمرني كده ليه؟؟؟؟!..
أطلقت زفيرًا طويلًا وارتمت على الكرسي واردفت في صوت خفيض ونبرة حادة: لو محدش فيكم ساعدني انا هنتحر واخلص

انتفض علي من مكانه وسار جهتها في خوف وهو يقول: لا لا يا بنتي تنتحري ايه وهبل إيه!! إيه اللي انتي بتقوليه ده يا شاهستا؟! حاضر أنا هقابل الشاب ده وهعمل اللي انتي عايزاه ادام شايفة إن دي الطريقة اللي هترجع حقك وكرامتك...


خرجت عن شرودها على صوت ابنتها ندى والتي قد عادت عليها جملتها مرارًا وتكرارًا: ايه يا ماما سرحانة في إيه؟!
_ ولا حاجة يا ندى، رايحة فين كده!!
_ رايحة النادي اقابل صحابي، عايزة حاجة؟!
_ لا يا حبيبي روحي

ذهبت ندى، بينما تمتمت ريناد: مش عارفه يا شاهستا جنانك المرادي هيقودك لأيه؟!
               ******
_ مش هتحكيلي بقى يا ستي عن اللي حصل في سفريتك مع صحابك؟!
هتفت ريهام، لترد عليها جومانة والتي قد وصلت للتو منزلها
_ حاضر يا ماما يا حبيبتي هحكيلك كل حاجة بس حتى اغير هدومي الأول
_ ماشي، بس اوعي تنسي، اصلك وحشاني أوي بجد وعايزة اقعد اتكلم معاكي كتير
_ ماشي يا مامتي يا قمر هغير هدومي وجيالك حالا

خرجت ريهام من الغرفة، بينما وقفت جومانة أمام المرآة واردفت في ابتسامة عريضة وملامح يكسوها اشتياق مُولع: لسه سيباك من ساعة بس تقريبا ووحشتني اوي...
              *****
كانت عاليا تغسل الأطباق وتتابع الطعام الموضوع على النار من آن لآخر وتضع الهاتف بين كتفها وأذنها تتحدث مع إحدى الصديقات، دخلت عليها تهاني والدتها واردفت: بطلي رغي شوية عايزة اتكلم معاكي
التفتت إليها في انتباه وهتفت في سرعة: طب يا كريمة اقفلي يا حبيبتي هكلمك تاني.. سلام.
أنهت المكالمة واردفت: نعم يا ماما؟!
_ اسمعي بقى اللي هقوله وركزي معايا كويس اوي

زفرت في ملل واردفت:
_ خير يا ماما؟!

_ اخوكي سيد كلمني وقالي إن فيه واحد من صحابه كان بيدور على عروسة وعرف إن هو عنده أخت على وش جواز واللي هي انتي يعني
_ وبعدين؟!
_ الجماعة جايين النهاردة بليل وخالك هيكون حاضر المرادي
_ ماشي يا ماما، حاضر، حفظت هعمل إيه.. هلبس حلو وهحط ميك اب اوفر ويكون اللبس ضيق علشان أعجب.. حاجة تانية أضافت للقائمة؟!!

_ آه المرادي يا عاليا مافيها رفض، اقسم بالله لو فضلتي تطلعي القطط الفاطسة في الراجل كعادتك، لو هكون قاطعة رقبتك عن جسمك، هو الواد ده اللي هناخده.... أمين يا روح ماما؟؟ ... امين إن شاء الله.. يلا كملي غسيل المواعين، وسيبك من الأكل، أختك هتابعه علشان تجهزي انتي..

قالتها وانصرفت، تتبع عاليا أثرها في غضب..
            *****
كان كلًا من شعبان ووليد يلتفا حولها وهي تقف وسطهما تحكي ما قد حدث في حرقة وغيظ، وما إن انتهت من كلامها، حتى صاح شعبان: ده نهاره اسود ومش معدي ابن محرم معايا المرادي.. اهدي يا شهد والله لاضربه قصاد عينك واهينه ولا يهمك.. أنا عارف عنوان الشقة اللي هو ساكن فيها هنا في القاهرة.. هروح حالا اجبهولك من قفاه وهعمله الادب من جديد، هعلمه ازاي يعمل كده مع أهل بيت عمه في غيابه...

قالها وسار مغاضبًا..
اقترب وليد من أخته وضمها إلى صدره واردف في حنان:
_ انتي كويسة يا حبيبي؟؟

_ وليد.. أنا ضربت جاسر بالقلم.. مش عارفه ده ممكن يضيع حقي ولا لا بس أنا كنت مضطرة أعمل كده..
_ ليه عملتي كده؟؟

_ علشان... علشان....
لم تكمل واحمر وجهها من شدة الخجل

_ علشان ايه؟ انتي بتعطلي زي شاهستا ليه؟!

اطرقت...
_ يا بنتي ردي!!

_ قالي كلام أنا أخجل اقوله بجد يا وليد...
هتفت وهي تنظر إلى الأرض
_ إيه؟؟!

وفي تلك الأثناء، صدح صوت هاتف شاهستا، سارت جهة البلكون كي تبتعد عن الضوضاء واستقبلت المكالمة هاتفة: إيه يا آية، ازيك
_ أنا كويسة يا شاهستا
_ يارب ديما يا حبيبي
_ وانتي عاملة إيه يا شاهستا ووليد عامل إيه؟!
_ الحمدلله كلنا كويسين يا حبيبي
_ طب الحمدلله.. شاهستا، اتصلت علشان أقولك إن خطوبتي أنا وطارق النهاردة بليل
_ بجد!! إيه ده يا آية، هي مش كانت بعد اسبوع؟!
_ آه.. بس قولنا نعجل في الموضوع اكتر قبل رمضان، انتي عارفة إنه قرب اوي، واحنا محبناش نعمل خطوبتنا في رمضان يعني، ففضلنا نشوف انسب وقت ليا وليه وللقاعة ورست كلها على النهاردة بليل وده المعاد اللي سامحة بيه القاعة وإلا هيكون بعد رمضان، واحنا عايزين نتخطب بقى، مش لسه هنستنى شهر..

_ آية، انتي بجد فاجئتيني، انا هجري أعمل شوبنج بسرعة اشوفلي فستان حلو
_ معلش يا شاهستا بقى.. وبعدين مش هناخدك من جوزك يعني هو كمان يفضل مع طارق بردو ويبقى كده الثلاثي خلاص كله ارتبط
ابتسمت بسمة تحمل السخرية مما سمعته، واردفت: ماشي يا آية هقول لوليد..
           ******
_ عايزة إيه يا منة عمالة ترني عليا ليه من الصبح!!
هتف طارق وهو يرتدي ملابسه كي يخرج ويجلب ما ينقصه قبل أمس اليوم

_ إيه يا طارق!! بتتقل على موني ولا ايه؟! اوعى تكون فاكر إني علشان سافرت فرنسا شوية وبعدت عن الأجواء ده معناه إني خلاص انسحبت أو اتنسيت او هرحمكم خلاص!!

_ ترجعي بقى مترجعيش، انا مش هساعدك في اي حاجة تانية تخص وليد ومش هقولك على أي معلومة تانية عنه..

_ انت نمت كويس النهاردة يا طارق، ولا التخريف ده من إيه؟!!

_ شكلك انتي اللي محتاجة تنامي كويس، أو بتحلمي باين!!

_ إيه ده إيه ده يا طارق، انت طلعك لسان من امتى؟!

_ منة، انسي بقى انسي، مش آخر مرة وعلى غلطة واحدة سحبتي مني الوظيفة اللي كنتي وعدتيني بيها وكمان مرضتيش تديني فلوس، كل ده علشان معرفتكيش إن وليد وشاهستا هيتجوزا رغم إني حلفتك ميت يمين إني مكنتش اعرف غير قبلها بيوم ووليد فعلا كان مخبي، بس انتي بردو كنتي وحشة معايا، دلوقتي بقى خلاص اللي بينا خلص
_ متأكد؟؟
_ ايوه، خلاص مبقتش محتاجك، طريقك ورد وفل سلام...
قالها وانهى المكالمة..
ألقت الهاتف في عصبية وتحدثت في توعد:
_ ماشي يا طارق اما نشوف..
              ******
_ هنا.. يا هنا
نادت شهد على ابنتها في صوت عالي حتى تسمعها، خرجت هنا من غرفتها وردت: نعم يا ماما؟!
_ مردتيش ليه تقولي لوليد جاسر قالك إيه ليه؟!
_ اتكسفت أقول والله يا ماما، وقولتله لو عايز تعرف أسأل ماما... هو سألك؟!
_ لا مراته جت وقالته حاجة ومشيوا هما الاتنين، يلا مش مشكلة كده كده ابوكي هيعلقه
_ عارفة بس بابا هيسألني ليه ضربتيه، وانا بردو هتكسف اقول فياريت تبقي تعرفيه انتي يا ماما حقارة ابن أخوه
_ ماشي.. تعالي يلا إيدك معايا
_ في إيه؟!
_ في إيه؟! رمضان قرب، يلا إيدك معايا هنشيل العفش وهنغسل السجاجيد

ردت ساخرة من الوضع: اه وهنشيل تحت البلاط كمان.. هو انتي انتي يا ماما كل سنة مفيش تغيير خالص بجد
_ لا نفضل في عفانة يا منتنة انتي، ده انتي أما تتجوزي بيتك هيدود وهيتحول لتربة من كتر الإهمال
_ ماشي يا ماما مقولتش حاجة ننضف بس مش نشيل الشقة نهدها ونبنيها من الأول، وعلى دخلة العيد، نشيل الشقة نهدها ونبنيها من الاول.. ورانا اشغال تانية و مذاكرة يا أمي يا غالية
_ مليش دعوه يلا معايا وأما تيجي مرات اخوكي هتساعدنا..

ضحكت في سخرية واردفت:
_ هاندا؟! انتي عايزة هاندا تبهدل نفسها في التراب، وتبوظ جمال ضوافرها في السجاد!!

_ هاندا!! هاندا مين دي يا بت، هي مش كان اسمها شاهستا!!
_ انا بقول عليها كده
_ طب يلا يا اختي انتي وهاندا هتنضفوا معايا..
                *****
دخلت هدى غرفة ابنتها زينة، فوجدتها مستلقية على سريرها ممسكة بهاتفها، اقتربت منها وعقدت ذراعيها أمام صدرها وهتفت:
_ مش قولتي هدخل البس علشان انزل مع أسر؟ كل ده ملبستيش ليه ونايمة كده ليه؟!

تركت الهاتف جانبًا وردت:
_ أسر اتصل بيا وأجل الخروجة علشان قال ايه، واحد صاحبه خطوبته النهاردة وهو يا عيني مكنش يعرف وصاحبه ده فاجئه بخطوبته..
_ أسر مش بيكدب أدام قال كده يبقى حقيقة
_ ليه اسمه أسر الصديق يعني ولا ايه مش فاهمة!!
_ على الأقل مسموش أسر الخاين

اطرقت زينة في اندهاش مما رمته أمها في وجهها، وامسكت بهاتفها تارة أخرى، لتكمل أمها الحديث هاتفة:
_ والله انتي ما تستاهليه، أنا شايفة إنه خسارة في واحدة زيك
_ ما خلصنا بقى يا ماما الله!!
_ قرف..
قالتها وانصرفت.. تتبع أثرها في غيظ وتمتمت في سخرية:
_ خسارة فيكي، ولاب لأب لاب..
               ******
عادا كلًا من شاهستا ووليد إلى المنزل، بعدما اشتريا الفستان والبدلة، وما إن سمعت شهد صوت خطوات أقدامهما، فتحت باب شقتها وتحدثت في صوت عالي: شاهستا.. يا شاهستا..

توقفت على الدرج وردت:
_ نعم يا طنط
_ تعالي أما أقولك
_ حاضر
قالتها ووجهت حديثها إلى وليد:
_ طب هنزل أنا أشوف طنط عايزة إيه
_ ماشي هطلع أنا أجهز باقي الحاجات متتأخريش ورانا مشوار مهم
_ حاضر
قالتها ونزلت.. وما إن دخلت الشقة، حتى وجدت هنا تجلس على ركبتيها ممسكة بالفرشاة، مرتدية جلابية قصيرة وقد تبللت، تغسل السجادة في عنف كأنها تنتقم منها، والمسحوق قد وصل إلى جبينها واستقر عليه. تجاهلت الشكل الذي تبدو عليه هنا، ووجهت بصرها جهة شهد، لتجدها تجلس بنفس الشكل والهيئة تفعل ما تفعله ابنتها.. عقدت حاجبيها في استغراب وهتفت:
_ هو في إيه يا طنط، انتوا شكلكم عامل كده ليه؟؟ بتعملوا إيه في السجاد!!
_ هنكون بنعمل فيه إيه يعني!! بنسرحله؟! بنغسله طبعا زي ما انتي شايفة
ردت ساخرة منها.
_ ماشي يا طنط، في ناس مختصة بتقوم بالدور ده، يعني ليه مش ودتوهم مغسلة مثلا؟!
_ ناس مختصة ومغسلة!!! ليه وأنا روحت فين؟!
_ مش فاهمة!! يعني إيه حضرتك روحتي فين!! حضرتك معانا وحوالينا اهو!!

ضحكت هنا.. لترد شهد في غيظ: سيبك بقى من العبط ده وتعالي ايدك معانا اغسلي انتي السجادة الصغيرة اللي على جنب ده
_ نعم!! أنا اغسلها؟! ازاي!! لا طبعا صعب جدا، أيدي تبوظ من المنظفات دي، وبعدين أنا عندي مناسبة دلوقتي ولازم أطلع ألبس

رمقتها في غيظ.. وفي تلك الأثناء طرق أحدهم الباب، فتحت شاهستا، فوجدت زينة تقف أمامها وهي تحمل صينية بها العديد من اطباق الارز بالحليب، رمقتها زينة من أعلى إلى أسفل في قرف وغيرة، ودخلت دون أن توجه لها أي حديث، تتبع شاهستا أثرها متعجبة من نظراتها لها بهذا الشكل، وبينما دخلت زينة، ووجدت شهد تغسل السجاد، حتى تركت الصينية على السفرة في سرعة وشهقت هاتفة:
_ يالهوي يا خالتي شهد! بقى عندك مرات ابن وقاعدة انتي تغسلي بنفسك السجاد!!! يادي العار يادي النيلة، يا عيني عليكي يا خالتي

_ في إيه يا استاذة انتي، ما تهدي شوية، إيه نار خمسة شعلة!!
هتفت شاهستا في ضيق
ردت زينة وتزامن مع ردها نزعها لعباءتها السوداء وحجابها:
_ حد وجهلك كلام يا حلوة انتي؟! أنا زعلانة على اللي خالتي الست الكبيرة فيه
قالتها ووضعت ملابسها جانب الصينية على السفرة وركضت جهة شهد وأخذت منها الفرشاة واردفت:
_ عنك انتي يا خالتي، والله ما انتي عاملة حاجة، وأنا كنت روحت فين يعني؟!
_ يا حبيبة قلبي من جوا والله يا بخت سامية بيكي والله يا بنتي كنت اتمنى
قالتها وهي تنظر إلى شاهستا في غيظ

_ انتي زعلانة ليه دلوقتي!! ولا يفرق معاكي الهبل ده.. انتي كده كده هتطلقي قريب من ابنهم وتخلص الحدوتة دي، خلي البتاعة اللي بنكهة كهن الفلاحين دي تعيش الدور، انتي أساسا الدور ده مش بتاعك ولا يليق بيكي..
حدثت شاهستا نفسها..
ولكنها تشعر عكس ما يدور في عقلها، تشعر بغيرة جهة تلك الفتاة التي ببساطة سحبت حب حماتها منها في أقل موقف يذكر لها، وفى الحقيقة هي لا تعرف لماذا تشعر بكل ذلك الضيق والغيرة منها!! إذ قررت أن تترك الميدان والحرب كلها وتعود إلى حياتها الأولى!! وفجأة دون أن تشعر أو تفكر، ركضت جهتهما وهي تكرر:
_ عنك انتي يا طنط أنا هعمل واحدة تانيه
وتزامن مع تفوها بتلك الجملة، انزلاق قدميها وذلك بعدما دهست دون أن تشعر على المساحيق الموضوعة على السجادة، فسقطت على الأرض وابتلت ملابسها كلها.. ضحكت زينة في صخب عليها، بينما اردفت شهد في سخرية:
_ قومي يا حبيبتي روحي مشوارك مع جوزك، العيب عليا أنا من الأول..

ضحكت هنا في الخفاء دون أن تشعر بها شاهستا وتمتمت:
_ الناس بتوع ايجيبت دول ميعرفوش يعيشوا حياتنا فعلا، جت تساعد اتزحلقت يا عيني...
              ******
أعدت آية نفسها، حتى تبدو اليوم في أحسن صورة، وكانت شاهستا ترافقها ولم تتركها لحظة واحدة واقترب مجيء العريس، أخذت آية تنتظره على أحر من الجمر، ومن آن لآخر؛ كانت تسأل شاهستا عن شكلها وكيف تبدو طالبة منها أن تخبرها الحقيقة، وقد ملت شاهستا كثيرًا وهي تؤكد لها أن كل شيء على ما يرام..
وبينما هما ينتظران، سمعا صوت مزمار السيارة التي قد جاءت حتى تأخذها إلى القاعة، ارتسمت على شفتيها ابتسامة عريضة وهتفت في فرحة عارمة:
_ خلاص يا شاهي جيه جيه...

ضحكت شاهستا وردت:
_ يا روحي ألف مبروك، امسكي نفسك شويه يا بت مالك مدلوقة كده ليه؟!
_ حاسة إني بترعش من جوا
_ يا بنتي إيه ده؟! ده طارق عادي حبيبك من سنين ده
_ ماهو علشان كده أنا مش مصدقة إني خلاص بقيت خطيبته رسمي كده.. جم خلاص؟!

اقتربت شاهستا من النافذة حتى ترى ما يحدث في الخارج وردت: نازل اهو هو وباباه ووليد وأسر جمبه معرفش لزمتهم إيه بجد!!


_ هفكرك تاني علشان لو نسيت.. دي خطوبتك بس، واللي جوا دي خطيبتك بس بردو، فياريت متاخدكش الجلالة اوي وتحضنها علشان الناس تسقف وتبانو كيوت بقى وكده، علشان هسقف على وشك يا طارق

هتف وليد والذي كان يسير بجانبه يحذره من فعل ذلك..
_ ايه ده يا عم انت، ده ابوها نفسه مقاليش كده!!
_ احترم نفسك يا طارق وخلي ربنا يباركلكم في العلاقة اللي مكنش باينلها ملامح دي
_ ماشي


توقفا أسر ووليد، وأكمل طارق الطريق نحو مركز التجميل حتى يأخذ آية..

_ جاي جاي
قالتها شاهستا في ابتسامة عريضة
_ بجد؟!.
_ ايوه

استدارت آية، دخل هو، وما إن دخل حتى اطلقت المزينة زغرودة عالية، وقف خلفها ممسكًا بباقة الورود وتحدث في ابتسامة:
_ يا آنسة آية وريني وشك أنا حافظه صم
هزت رأسها رافضة، لتضحك شاهستا وهي تلتقط لهما فيديو تذكار
اقترب منها جهة اليمين..ابتعدت هي جهة اليسار
_ وبعدين معاكي؟!
قالها واقترب منها جهة اليسار... ابتعدت هي جهة اليمين..
ضحك من طريقتها، استدارت له وهي تبتسم، قدم لها باقة الورود واردف:
_ بميت جنيه، شوية ورد دبلان..
ضحكت في صوت عالي، وتحدثت في سخرية:
_ ده اللي انت كنت عمال تحفظه علشان تقولهولي في الفيرست لوك؟!
_ يا عم انت صاحبي، احنا واخدين بعض على حب، المحن ده بتاع العيال الصالونات..


في القاعة، كان الجميع يجلس في انتظار العروسان، وعقب مرور ساعة قد وصلت السيارة التي هما بها، ليدخلا الاثنان وهما يركضا في فرحة عارمة يلوحا إلى كل الأحبة والأصدقاء الذين كانوا في انتظارهما، ترقص آية ويرقص هو أيضًا ويتابعا ضحكات كل منهما..
اقترب كل أصدقاء طارق منه وجذبوه من ملابسه حتى يرقص معهم، وكذلك صديقات آية التفين حولها وأخذن يرقصن ويصيحن مرددين مع الأغنية..

وقفت شاهستا أمام آية وأخذت ترقص معها، وفي الحقيقة استطاعا كل منهما أن يلفتا الانتباه إليهما وذلك بسبب حركات رقصهما المتناسق والمثير للإعجاب... وبينما هما يرقصا، شعرت آية بيد أخرى تجذبها نحوها حتى تشاركها الرقص، التفتت آية إلى ذلك الشخص، فوجدتها منة.. 

كانت آية في وضع حرج للغاية، لا تعرف إلى من تنتبه إليها منهما!! لذلك وقفت في المنتصف بينهما وأخذت تصفق وتوقفت عن الرقص.. 
اشتعلت موسيقى الطبلة الشرقية، وأخذت منة تهز خصرها وترقص في شكل مثير، مما أجبر الجميع أن يقف وينظر إلى رقصها، فقد كانت بارعة في الرقص على الطبلة.. ولما شعرت شاهستا أن منة قد جذبت الانتباه إليها دونها، وقفت أمامها متحدية إياها ورقصت هي الأخرى بشكل يجذب الانتباه ويثير الإعجاب.. كانت كل منهما تجتهد حتى ترقص وتظهر للآخرين بشكل أجمل وأفضل من الأخرى، والجدير بالذكر أنهما قد بذلا قصارى جهدهما في تلك الرقصة، وقد عادا إلى غيرتهما الأولى من بعضهما البعض، لذلك كانت كل منهما حريصة كل الحرص على أن تجذب الانتباه إليها.. وأثناء الرقصة، لم ترحم كل منهما الأخرى من تلك النظرة المليئة بالحقد والكراهية والغيرة الواضحة، كانت آية تقف بينهما ناظرة إلى ما يفعلا في توتر، حتى أنهما استطاعا أن يلفتا الانتباه إليهما عن العروس.. اقترب المسؤول عن تصوير كل لحظات الخطوبة ووجّه كاميرته جهتهما حتى يصور الرقصة..
المنافسة تشتد بين هتاتين الفتاتين، ولم تقبل أحدهما بالتوقف أو الاستسلام رغم أنهما قد ارهقا بسبب الرقص لوقت طويل على الموسيقى.. حيث تنتظر كل منهما من الأخرى أن تتوقف هي أولًا..


وعلى الجانب الآخر، كان طارق يقف وسط أصحابه الذين كانوا يرقصون في جنون ويصيحون ويقفزون كقفزات الشباب المعروفة، كان بينهما يقفز بلا بهدف وهو يصيح، بينما وقف واحد منهما في منتصف وأخذ يهز خصره كالفتيات ممسكًا بجاكيت البدلة الخاصة به أثناء الرقصة. ليجن جنون أسر ويقفز في المنتصف أمام ذلك الشاب الذي يرقص، ويهز خصره هو الآخر مشاركًا إياه.. أما وليد فقد كان يقف بعيدًا قليلًا يصفق و ينظر إليهما في ضيق تارة وفي ضحك تارة أخرى وذلك بسبب حركاتهم تلك المجنونة، غافلًا عن زوجته تلك التي جذبت إليها كل الانتباه....
               ******
انتهى الاحتفال، وتمت الخطبة على خير، ولكن طارق لم يسلم من تهديد منة له قبل أن تذهب، فقد باركت له بتلك الطريقة.. ولم يذكر أنه قد حدث اي شئ مهم أكثر من الذي ذكر.. حتى أن منة بعدما انتهت من الرقص صافحت شاهستا وابتسمت لها، حتى أن شاهستا لم تفهم ماذا تقصد بتلك الحركة السريعة والتلقائية ولكنها لم تعقب، فهي قد حفظت عن منة أنها مخادعة لذلك لا داعي للتعجب من بعض من جنونها وحركاتها الغير مفهومة..
عادا كلًا من شاهستا ووليد إلى شقتهما وما إن دخلا، حتى ارتمت شاهستا على الأريكة في تعب واردفت:
_ آه تعبت أوي النهاردة والهيلز وجع رجلي
_ مانا قولتلك متلبسيش هيلز، بس انتي مفيش سمعان كلام.
_ اومال ألبس إيه يعني؟!
_ جذمة
_ جذمة؟!
_ أيوه مالها مريحة وحلوة
_ طب خليك في حالك طيب
_ ماشي خلاص، اديها رجلك انتي اللي وجعاكي هي رجلي أنا!!

قالها ودخل غرفة النوم، وأخذ يبدل ملابسه، تابعته وأخذت ملابسها من الخزانة واتجهت نحو الخارج، التفت إلى ما يحدث في سرعة واردف:
_ خدي خدي انتي رايحة فين؟!
_ رايحة أغير بره
_ تغيري بره؟! ليه مين غريب هنا؟! ما تغيري
_ مانا بتكسف

ما إن قالتها حتى ألقى سرواله على الأرض في غضب، تفاجئت من ردة فعله، وهتفت:
_ إيه ده؟! انت اتعصبت ليه؟؟

_ ليكي كل الحق تتكسفي، ماحنا متجوزين بقالنا فترة كبيرة وعايش معاكي زي أمير بالظبط، اللوم كله عليا أنا

_ وليد.. متزعلش، أنا عرفتك مشكلتي وانت وافقت تستنى عليا ليه جاي تتغير دلوقتي؟!
_ علشان أنا استنيت مقابل نحاول، مش نفضل مكسوفين كده ونقول أصلنا خايفين!! هو الإنسان الخايف ده هيفضل طول عمره خايف؟! يعني مش واجب بردو يواجه خوفه ويتغلب عليه!! انتي مش بتعملي أي حاجة تحسسني إنك بتحاولي حتى.. أقل حاجة اهو عايزة تروحي تغيري بره أصلك مكسوفة..

صاحت في استعطاف: خلاص يا وليد أنا اهو ادامك اعمل اللي انت عايزه مش مهم أنا ولا مهم شعوري ولا أي حاجة اهم حاجة أنت بس

_ يا شاهستا مش قصدي.. بس..
_ ولا قصدك، في النهاية أهم حاجة عندك خدها يلا مستني ايه؟! ها مستني إيه؟!

اقترب منها ووضع وجهها بين كفيه ورد في حنان:
_ اهم حاجة عندي انتي.. انا مش فارق معايا غيرك، وعلشان كده زعلان، أنا بحبك وعايز أقرب منك، أنا مغلطتش أنا جوزك وانتي مراتي، ليه شايفة إني بخوفك أو بدايقك؟! يا شاهستا أنا صبرت كتير، طب على الأقل بيني لي إن صبري جاب نتيجة حتى لو بسيطة...
أنا مش عايزك تخافي خالص تمام؟! كل حاجة هتحصل براحة و واحدة واحدة اوعدك..

لم ترد... وعقب مرور دقائق على صمتها، وانتظاره ردها، صدح صوت هاتفها، ابتعدت عنه واتجهت نحو حقيبتها وأخرجت الهاتف، لتجد المتصل عمر، ابتلعت ريقها وظلت ناظرة إلى شاشة الهاتف.

_ مين؟!
هتف وليد
_ دي.. دي ماما
_ طب انتي لسه بتفكري؟! ردي
_ حاضر.. هطلع ارد عليها برة في الصالة
_ اشمعنى؟!
_ هاخد راحتي اكتر
_ تمام اتفضلي اخرجي

خرجت إلى الصالة، وردت في صوت خفيض:
_ عايز إيه يا زفت انت؟!

هتف وهو يشرب الخمر جالسًا على الأريكة داخل شقته الخاصة:
_ مطلقتيش ليه؟! قولتي هقوله النهاردة حصل إيه؟!
_ عمر.. أنا محتاجة إنك بس تصبر عليا شوية، ارجوك
_ لا مش هصبر تاني، قولا واحدا مطلقتيش ليه!!
_ يا عمر مش عارفة اجبهاله ازاي..  هستعد وهقوله

_ هو إيه اللي مش عارفة تجبهاله ازاي؟! جبهاله في وشه، قوليله عايزة أطلق
_ ماشي، هعمل كده.. سلام بقى، ليخرج من الاوضة

صرخ في جنان: انتوا بقى قاعدين مع بعض في اوضة واحدة وسيباني أنا أموت هنا صح؟!

تتحدث كما هي في همس: محصلش والله يا بني انت احنا مش بنعمل حاجة احنا هنام بس
_ مانتي وافقتي اهو تنامي في حضنه وجمبه على سريره، اشمعنى أنا بقى؟؟!
_ عمر، ارجوك أهدى بقى شوية وبطل صريخ كده
_ بصي بقى لو مجتيش دلوقتي بأي طريقة، أنا اللي هتصل اجبهاله بمعرفتي

_ عمر متتجننش علشان انت عارفني
_ لا مش عارف، ومش فارق خلاص معايا حاجة، قولا واحدا هتيجي دلوقتي يعني هتيجي دلوقتي
_ عمر انت سكرت صح؟!
_ ملكيش فيه سكرت ولا اتنيلت يلا تعالي بدل ما والله هرن عليه.. معاكي ربع ساعة بس الاقيكي بتتصلي بيا وبتقوليلي انا تحت البيت اهو وبتحرك لعندك

_ يا مجنون انت بليز اسمعني، أنا...
قبل أن تكمل، أنهى المكالمة..
لطمت وجهها وتمتمت في ذعر:
_ يا نهار اسود.. يا نهار اسود.. اعمل ايه؟!!

قالتها ودخلت الغرفة في توتر، لتجده جالسًا على السرير في انتظارها واردف:
_ مامتك عاملة إيه دلوقتي؟! هي لسه تعبانة؟!

تنظر إليه شاردة الذهن
_ شاهستا!! .... شاهستا!!
نظرت إليه في انتباه هاتفة فجأة:
_ ها!!
_ انتي معايا؟! مالك في إيه؟!
_ اه.. اه يا حبيبي معاك، انا بس عايزة اجهز نفسي علشان ليليتنا النهاردة

_ اقسم بالله؟؟ خلاص هتدي لنفسك فرصة صح؟!
هتف في فرحة عارمة
_ اه يا حبيبي.. ممكن بس تديني وقت؟
_ يا ستي خدي الوقت اللي انتي عايزاه كله، انا قاعد اهو مستنيكي...
_ ماشي، غمض عينك، اوعى تفتحها لحد أما اقولك..

حك كفيه في بعضهما البعض في حماس واغمض عيناه في سرعة واردف وهو مغمض العينين: اهو بوسيني بسرعة يلا وأنا عامل مش واخد بالي..

_ خليك، هلبس عملالك مفاجأة
_ مغمض والله انجزي، يخربيت فئة التشويق والإثارة

خرجت إلى الصالة، ثم ارتدت فستان قصير لونه بيج في سرعة، ثم صاحت:
_ اوعى تفتح، أنا بجهزلك مفاجأة

بعدما ارتدت الفستان، دخلت إلى المطبخ وأخرجت قطرات المنوم وتمتمت في قلة حيلة:
_ أنا اسفة يا وليد .. معنديش حل تاني.. ارجوك سامحني، كنت عاملة حسابي في المنوم ده علشان كنت عارفة إني هحتاجه..
قالتها واحضرت كوب من عصير البرتقال وضعت عدة قطرات فيه وأخذت تقلبه، وأحضرت واحد كأس آخر لها.. وقبل أن تخرج من المطبخ، توقفت لحظة تشعر بالندم الشديد، وقد تسللت بعض من الدموع على خديها، ولكنها سرعان ما ازالتهما واردفت:
_ انا مضطرة، واعتقد ده أحسن ما تتصدم فيا بالشكل ده..

قالتها ودخلت الغرفة، لتجده كما هو مغمض العينين كما طلبت منه، لم يخدعها حتى في أبسط الأشياء.. ظل بالشكل الذي وعدها به...
ما إن رأته كما طلبت منه، حتى ازدادت دقات قلبها في شفقة على ذلك البريء الذي لم يلوثه شئ سوى أفعالها
_ خلاص... مسموح افتح؟! المفاجأة جهزت؟!
تحدث في صوت عالي

أزالت دموعها تارة أخرى، كأن ضميرها يعاقبها بتلك الطريقة وهي أن تبكي رغم إرادتها.. اقتربت منه وهتفت:
_ فتح يا حبيبي

ما إن فتح عينه حتى رمقها في اعجاب وأطلق صفيرًا عاليًا، وقام من مكانه في سرعة مقتربًا منها واردف:
_ يا الله!! يلا بقى والله كتير عليا كده مش قادر اكتر حرام عليكي
_ طب خد اشرب ده الأول

قالتها وهي تمد له يدها التي تمسك بها الكأس
_ إيه جو اشرب الحليب قبل النوم ده؟!

ضحكت واردفت: لا حابة إننا نشترك مع بعض في أقرب مشروب إلى قلبي قبل ما نبدأ ليلتنا
_ بس كده؟! يا ستي هاتي اشربهولك كله..
قالها وأخذ الكأس منها وسكبه داخل فمه دفعة واحدة حتى يتخلص من حججها

تنظر إليه وهو يشرب.. وأخذت تتمتم: أنا آسفة.. أنا آسفة

_ اهو شفتي انا شطور ازاي وشربته؟! سوري نسيت اشاركك وكده من الفرحة طفحته كله مرة واحدة
قالها ساخرًا من نفسه.
ابتسمت ابتسامة تحمل في طياتها القلق.. وهتفت:
_ تعالى
أمسكت بيده واتجهت نحو السرير حتى إذا سقط لا يسقط على الأرض، وما إن وقفا أمام السرير، حتى ضحك واردف:
_ يلا بقى يا دلوعة
_ حاضر، هروح احط الكاس بس في المطبخ
_ ما تسبيه يتحرق بقى!!
_ لا معلش لازم كل حاجة تكون في مكانها، انت عارف إني عندي وسواس قهري من الحاجات الغير منظمة
_ ماشي، انجزي انا مستني اهو

خرجت من المطبخ، ووضعت الكأس وظلت تنتظر في الخارج حتى ينام... مرت دقائق معدودة وسارت على أطراف أصابعها في هدوء ورمت بصرها داخل الغرفة، لتجده غارقًا في نومه..
وضعت يدها على فمها غير مصدقة ما فعلته به فهي في الحقيقة تزداد في خداعه كل يوم أكثر من السابق، مبررة أنها تداري كذبتها البيضاء الصغيرة ولكن يبدو أن الكذبة الواحدة قد جذبت أكاذيب متتالية وشكلت طريق طويل للكذب والخداع الأبدي الذي حبست نفسها داخله...
ارتدت معطفها فوق الفستان الذي كانت ترتديه، واقتربت منه وقبلت جبينه في حنان، ثم خرجت من الشقة متوعدة لعمر ذلك الذي وضعها في ذلك المأزق العصيب..

وما إن نزلت من البيت، حتى اخذت تلتفت حولها، حتى لا يراها أي شخص من أهل الحي، وركضت كما يركض قطاع الطرق واللصوص في منتصف الليل، وحتى تظل في أمان ارتدت طاقية المعطف وخفت بها ملامح وجهها فلم يظهر منها سوى أنفها وفمها، ركبت السيارة وما إن أمسكت بعجلة القيادة حتى ارسلت لعمر رسالة نصية ، تخبره فيها أنها في طريقها إليه ولا داعي لتنفيذ ما هددها به.. وانطلقت...
               *****
لم تكن شاهستا وحدها من تخطط وترتب، فلا يمكنك أن تنسى منة التي لديها علم بكل شيء، حتى وإن لم يخبرها عمر.. تذكرت منة ذلك الحوار الذي تعده في قائمة انتصاراتها على شاهستا وذلك لأنها استطاعت ضم أخاها إلى صفها...


_ منة ارجوكي ارجعي خلي خالك يتوسطلي عند المنتج بقى
هتف أمير في ترجي
_ لا خلي وقوفك مع اختك ينفعك، انت انسان كداب
_ قولتلك هقول اللي أعرفه
_ هتكدب تاني؟!
_ لا والمرادي الكلام هيدخل عقلك وهتحسي إنه فعلا دي الحقيقة
_ قول
_ شاهستا عايزة تنتقم لنفسها، بسبب اللي انتي وعمر عملتوه معاها، انتوا صراحة قهرتوها اوي وهي كان كل هدفها تاخد منك وليد علشان تحرق دمك كتحدي مش اكتر، شاهستا مش بتحب وليد وهتطلق منه قريب، لا اهلي عايزينه ولا هي كمان هي عايزة عمر وكل المحاولات دي علشان توصله

تنظر إليه في ضيق و تحمل داخل عينيها الغل والانتقام
يكمل هو:
_ لو سبتيها في حالها شوية هي هتبعد عنه وهتسبهولك..

اطرقت لمدة تفكر في الأمر من جميع الجهات، ثم هتفت:
_ اه وماله، حقها بردو تنتقم لنفسها.. عمتا شكرا يا ميدو واعتبر علاقتك بالمنتج رجعت...



ابتسمت بعدما تذكرت ذلك الموقف ثم دخلت في ذكرياتها حتى تستحضر موقفًا آخر والجدير بالذكر أن تلك هي المرة الأولى التي تدخل فيها إلى ذكرياتها دون أن تتألم أن تتذكر شيئًا يحزنها ويعكر صفو ذهنها


_ ها يا منة إيه اللي انتي تعرفيه عن شاهستا؟!
هتف عمر الجالس بجانب منة في السيارة في طريقهما إلى المطار حتى تسافر منة إلى فرنسا
_ شاهستا فعلا منستكش يا عمر، شاهستا بتربيك
_ ايه؟!
_ زي ما بقولك كده، هي بس اتجوزت وليد علشان تحرق دمنا احنا الاتنين
_ انتي مين اللي قالك الكلام ده؟!
_ أخوها.. وفعلا الكلام يبدو منطقي جدا ادامي
_ يا بنت ال...
_ لا أهدى كده، احنا عايزين نرجعها انت ترجعها وانا اتجوز وليد بقى ده هدفنا
_ والعمل؟؟ وبعدين هي هيكون ليها لسه عين تعاملني وحش والكلام ده؟! مش كفاية بقالها شهور بتعاقبني!!!
_ معلش البنت مقهورة يا عمورة
_ يا سلام على القافية
_ شفت...
_ اعمل ايه؟؟

_ هتروح لمامتها وتفتح معاها الحوار علشان تضغط عليها وتفكرها بلعبتها وبعد كده هتقولها إنك عرفت من مامتها الحقيقة كاملة وتطلب تقابلها في الوقت المناسب وتأكد لها إنك اتربيت، بس لازم ريناد علشان تزن عليها وتفكرها أن الوقت جيه علشان تخلع بقى وتطلق وترجعلك زي ما اتفقت معاهم في الأول

_ يا بنت اللعيبة!! فكرة جامدة هعمل كده وكده كده اما شاهستا تعرف إني عرفت مش هتكمل أكيد في لعبتها علشان هتخاف أقول لوليد عليها، ففعلا هتعجل بالطلاق
_ بالظبط كده، وكمان وليد ملمسهاش خد بقى الكبيرة اللي تفتح نفسك أكتر

ما إن قالتها حتى طبع قبلة صغيرة على خدها واردف في ابتسامة عريضة:
_ تسلميلي يا أحلى موني في حياتي
_ welcome

_ طب وانتي هتعملي ايه؟!
_ لا انا ارتبطت خلاص، ده طبعا اللي هيوصلها.. والباقي... خليه مفاجأة للجميع حتى انت...


ما إن تذكرت ذلك الموقف، حتى تمتمت بنبرة صوت تحمل التوعد والانتقام:
_ أما نشوف يا شاهستا مين اللي هيضحك في الآخر..
تزامن مع تفوها بتلك الجملة امساكها لهاتفها طالبة رقم وليد، وما إن رأت أن الهاتف يرن، وضعته على أذنها تنتظر الرد...
              *****
بس كده متنساش تقول رايك وتوقعاتك
مش عارفه هنتقابل الاتنين الجاي ولا لا بردو هقول على الفيس زي ما عملت امبارح..
دمتم بخير
سلمى خالد احمد

الجعة يشوبها الأخلاق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن