ازيكم عاملين إيه
حابة اشكر كل شخص جميل بيشجعني بڤوت او بكومنت لأن ده اللي بيخليني اكمل والتزم وسط انشغالي، متوقفوش ده. الكاتب أي كاتب مش أنا بس مش هياخد أي مسكب من الرواية دي هو بيكتبها وبيتعب علشان يقرأ كلمة حلوة أو مجهوده يُقدر ويكون فيه تفاعل بينه وبين القراء لا أكتر ولا اقل
جاهزين؟؟
يلا نبدأ
قام من مكانه وأخذ يقترب منها في هدوء، وفي عقله تدور أسوأ السيناريوهات، وما إن يخطر في باله شيء مثل ذلك، حتى يستغفر ربه.. كل ذلك كان يحدث في آن واحد. وقف أمامها بالضبط ونظر إلى عينيها نظرة تحمل عدم الاطمئنان واردف وهو يبتلع ريقه: سامعك..
نظرت إلى الأرض في خجل لثواني، ثم عادت رافعة إياه ناظرة إلى عينه تارة أخرى، وتحدثت: وليد أنا عندي تروما
عقد حاجبيه في استغراب وهتف: مش فاهم!!
_ أنا عارفة إن ممكن حاجة زي كده تزعلك مني إني معرفتهلكش من الأول، بس.. بس
_ كملي بدون خوف أنا سامعك ومش هزعق ولا هتعصب بس أحكي وبلاش تعب اعصاب
أطلقت زفيرًا طويلًا وهتفت:
_ أما عمر اتهجم عليا آخر مرة ساعة ما كان خطفني وحاول يعتدي عليا، من ساعة الموضوع ده وأنا متأثرة أوي، وخايفة جدا من فكرة حد يقرب لي، غير إن أصلا الموضوع مخيف وموتر.. مش عارفه هتستوعب اللي بقوله ولا لا بس أنا مش قادرة، معنديش أي استعداد نفسي، الموضوع ده لازمه استعداد نفسي، وأنا عندي منه تروما وحاسه إنه بقى هدف الرجالة كلها دون مراعاة مشاعر أو أحاسيس البنت أي!! ممكن تكون هي غير مستعدة، محدش بيراعي.. عارفة إنه ممكن يبدو ليك إن الموضوع ده تافه أو اني بستعبط، بس أنا نفسيتي متأثرة بجد وخايفة
جذبها إلى صدره وأخذ يلمس بأطرافه شعرها في حنان لمدة دقائق دون أن يتحدث... وبعدما شعر بأنها أصبحت في حال أفضل اردف في صوت خفيض وهو يخاطب عيناها: حبيبة قلبي احنا هنتخطى اللي حصل ده مع بعض، اوعي تخافي مني اوعي في يوم تحسي إنك مش في أمان معايا، شاهستا أنا لازم اكون المكان الوحيد الآمن اللي بتهربي من الدنيا ليه تستخبي وتتحامي فيه، لو مبقتش كده وبقيتي بتخافي مني يبقى أنا فشلت إني احقق المودة والرحمة اللي ربنا قال عليهم.. انتي وصية حبيبي رسول الله وانتي حبيبة قلبي إزاي تكوني خايفة أو متوترة وانا معاكي!!
هتفت وهي تبكي: يعني انت فهمتني صح؟! يعني مقللتش من الشعور اللي جوايا صح؟!
وضع وجهها بين كفيه وهتف: فهمتك وهفضل فهمك علطول، عارف ومؤمن بأن احيانا كتير بنفشل في إننا نعبر عن شعور جوانا مأثر فينا وخافي ملامحنا الجميلة ومش بنلاقي حد يفهمنا وممكن كمان نلاقي حد بيقلل من شعورنا ده ويحكم عليه بالتفاهة.. مقدر إنك كونك اتكلمتي عن شعور معذبك ومخوفك لأنك عندك احساس كبير بيقول إن شعورك ده هيواجه رفض من اللي حواليكي ده لأنه الناس شايفه أنه مش من حقك ترفضي مثلا طلب أو حق جوزك عليكي الخ.. ومش هيراعوا شعور الخوف والتوتر اللي جواكي.. فكونك اتكلمتي حتى لو قولتي حروف متلغبطة مش واضحه ولا مفهومة لحد غير ليكي، وجب عليا انا اجمعها لكلمات واستقبلها وافهمها..
كفاية إنك قدرتي تعبري عن شعورك الداخلي ده حتى ولو بصورة مشوشة. شاهستا اللي بيعبر عن اللي جواه ده ويقول حاجة متأكد إنها هتلاقي رفض من الجميع بسبب اختلاف الرأي أو الثقافة إلخ.. ده إنسان شجاع وقوي أوي، الضعيف بس هو اللي بيفضل يكبت شعوره جواه لحد أما يتعب نفسيا. فأنا بحييكي إنك كنتي شجاعة وعبرتي عن الخوف والتوتر اللي جواكي و موافقتيش تعلمي كده وانتي خايفة أو غير مرتاحة لأي سبب. وده لأني كمان كنت ممكن ألاحظ و أحس إنك رفضاني ووده هينتج عنه سوء تفاهم لمجرد إنك خفتي تتكلمي.
وبينما هو يتحدث، بكت هي بكاءً هستيريًا ووضعت يدها على وجهها خافية إياه عنه، وتحدثت في صوت متهدج: أنا مستهلش كل ده.. أنا مستهلكش يا وليد
قذفت في قلبه الرعب، بمجرد أن رآها تبكي بتلك الطريقة، فاقترب منها في سرعة وأبعد يدها عن وجهها وتحدثت في خوف وهو يزيل بأطرافه دموعها: إيه يا قلبي بتعيطي كده ليه بالشكل ده!! أنا أنا أعمل إيه طيب؟؟ اطلبي بس
احتضنته بشدة خافية رأسها في صدره تزيل دموعها في ملابسه.. حملها واتجه نحو السرير وجلس ثم اجلسها على حجره ضامًا إياها إلى صدره محتويًا جسدها بأذرعه.. وصمت.. ولم يفعل شيء سوى أنه أسند ذقنه على رأسها المختفية داخل صدره ومن بين الحين والآخر كان يربت على كتفيها في حنان.. استمر ذلك الوضع لدقائق عديدة حتى هدأت وتوقفت عن البكاء ورفعت إليه عيناها وتحدثت: أنا بقيت أحسن دلوقتي شكرا من كل قلبي
_ مفيش بينا شكر، ده واجب عليا، إني احتويكي وقت ضعفك وهزيمتك، ده مش تفضل مني ده واجبي..
ابتسمت وطبعت قبلة صغيرة على خده
ابتسم واردف: الله!!
قالها وقرب إليها خده الآخر وتابع: واحدة كمان على الخد ده لعمه
ضحكت بصوت عالي وهتفت: صحيح والله بقيت عمه فعلا، وليد هو انت مثالي؟!
نظر إليها في استغراب من ذلك السؤال ورد: لا.. أنا سوي واحنا من كتر ما بنقابل مرضى نفسيين في حياتنا بقينا شايفين الإنسان الطبيعي والافعال الطبيعية مثالية!! طبعا انتي مش مصدقه يعني ازاي واحد يفضل مستني على مراته كل ده!! انتي كل الطبيعي اللي تعرفيه إن أول ما هتقوله خايفة ومتوترة هيقولها من إيه وبتاع شويه وبعد كده هيقلب عليها ومش هيراعي كتير وممكن كمان بنسبة كبيرة يسرح بدماغه إنها مخبية عليه حاجة مثلا.. مش هكدب وأقول إن ده معظمنا ودي طبيعة الإنسان البشري لكن احنا محتاجين نعمل إعادة تدوير لكتير من أفكارنا و أمورنا. نفسي المشاعر تتحس وتتفهم. نفسي الناس تقدر اللي يقول أنا خايف واللي يقول أنا تعبان واللي يقول أنا قلقان ومتوتر معظمهم بيتقالهم بطلوا تمثيل أو معلش كلنا كده..
تنظر إليه وكل أذن صاغية إلى ما يلفظه وتحدثت: وأنا نفسي يكون فيه منك تلاته أربعة مية ألف مليون..
******
أخطاء الإنسان لا تنتهي، والكلام يتكاثر كالفطر، فوق اللحم الرخيص. هنا تُقام الأعراس كسر، تفضحه الأيام لاحقًا ويظهر للناس كجنازة تسير بين الجميع. ولم تسأل نفسها حتى، ماذا سيحدث فيما بعد؟! هي لم تفكر وتجاهلت الأمر وتركت نفسها للشهوات لتصبح فريسة الصياد..
كان غارقًا في نومه قبل موعد العمل المبكر قبل صلاة الفجر.
خرجت هي من الخلاء، واخذت تسير نحوه في هدوء، ورغم أن الطقس كان شديد البرودة ألا أنها كانت ترتدي ملابس خفيفة، ترتدي ما ترتديه الزوجة لزوجها.. ولكنها لم تغفل عن أمر الطقس لذلك أشعلت المدفأة. جلست جواره واخذت تلمس بأطرافها شعره وتحدثت في صوت خفيض: أمير.. حبيبي قوم يلا علشان الفجر قرب واحنا عايزين نصور المشهد قبل طلوع الشمس، قوم بقى يا حبيبي وبعدين معاك، كنت فاكرة نومك خفيف
استيقظ من نومه وأخذ يحك عيناه حتى يفيق واردف: حاضر اهو قمت.
قالها وجلس على السرير وتابع وهو يرمقها من أعلى إلى أسفل: إيه الجمال ده كله بجد!! بقى كل ده بقى بتاعي أنا!
ابتسمت في خجل وهتفت: يلا قوم يا كسول ورانا شغل
قالتها وقامت حتى تذهب، ولكنه سرعان ما أمسكها من معصم يدها جاذبًا إياها ناحيته واردف: تعالي شوية قبل ما نبدأ
ردت في دلال ورقة: يا أمير الصبح هيطلع ورانا شغل الله!!
_ علشان خاطري شوية صغننين أد كده...
******
كانت تحافظ على الجزء الغير تالف من روحها، في صدر وسادتها الشاهد الوحيد على بكائها، والصاغٍ لشكواها. يمتد الكلام بينهما حتى مطلع الفجر تحكي لوسادتها ما جرحتها به الأيام.. تنام احيانًا على صوت زقزقة العصفور ليطمئن قلبها وتشعر حينها بالونس الذي تفتقده. وأحيانًا أخرى لم تستطع حتى أن تغفل وذلك عندما ينفجر رأسها من شدة التفكير فيما حدث معها وفي المواقف التي آلمتها.. فبعدما عادت هي وأمها من حفل الزفاف نام الجميع ماعدا هي.. كانت تحتضن وسادتها وتبكي وهي تقص عليها ما حدث حيث همست بنبرة صوت مضطربة: ماما رخصتني اوي النهاردة وكسفتني قصاد كل الناس وخلت كرامتي في الأرض، في حين إن المفروض أنها هي اللي ترفع من شأني..
قالتها وأخذت تتذكر ما حدث في الزفاف
كانت تجلس بجوار والدتها تصفق وتبتسم كالبقية، حتى خربت عليها أمها اللحظة وذلك عندها هتفت: بصي يا عاليا الست اللي قاعدة على التربيزة اللي قصادنا علطول دي
أخذت الفتاة تلتفت حتى ترى إلى من تشير والدتها وبعدما رأتها اردفت: اه يا ماما شفتها مالها؟!
_ عندها بسم الله ما شاء الله أربع شباب زي الورد
كمشت ملامح وجهها في انزعاج ونظرت إلى الأرض واردفت : واحنا نعمل إيه يعني!! ربنا يخلهوملها
_ إيه ده!! هو أنا بقولك علشان تدعلها؟! قومي يا بت من جمبي سلّمي عليها واحضنيها وقولي وانتي بتعملي كده اخبارك ايه يا طنط وداد عاملة إيه، فهتقوم هي تقولك مين طنط وداد دي!! تروحي رده عليها " آه معلش آسفة فكرتك هي أصل حضرتك فيكي شبه منها أوي" يلا يا حلوة قومي اعملي اللي قلت عليه
لا تصدق ما تسمعه واردفت في صدمة: يالهوي! انتي بتقولي ايه يا ماما!! أنا هتكسف أعمل كده ارجوكي بلاش، مش هقدر أعمل كده أنا والله
رمقتها بنظرات حادة واردفت: قومي يا زفتة الطين انتي عايزين نلفت الانتباه، انجزي يلا قبل ما الست ما تقوم تروح في أي داهية
_ يا ماما ارجوكي لا أنا..
نكزتها في كوعها واردفت: قومي بدل ما هوريكي الوش التاني وانتي عرفاه كويس أوي
تأوهت الفتاة وقامت من مكانها واتجهت نحو السيدة مبتسمة لها وما إن اقتربت منها حتى تحضنها وتنطق اسمها، حتى هتفت السيدة بلهجة صوت حادة: انتي تعرفيني يا حبيبتي؟!
تمنت عاليا في ذلك الوقت أن تنشق الأرض وتبتلعها وابتلعت ريقها ناظرة إلى الأرض في خجل شديد، وشعرت بثقل لسانها. ولكنها سرعان ما حاولت أن تخرج من ذلك المأزق لذلك تحدثت في صوت خفيض: أنا آسفة، فكرتك طنط وداد اصل حضرتك شبها أوي
قالتها ونظرت إلى والدتها عن بعد نظرة تحمل في طياتها اللوم والعتاب..
لا تستطيع عاليا أن تتخلص من ذلك المشهد الذي ظل يتردد ويظهر أمام عينيها مرارًا وتكرارًا كأنها تعيشه للمرة الثانية والثالثة.. وارقها التفكير فيه.. وتمتمت: ليه يا أمي كده ليه؟!!! ليه ترخصيني كده!!
تفوهت بها و هربت غارقة داخل الذكريات العبثية لتلك الليلة مرة أخرى
فبعدما عادت إلى الطاولة وجلست مكانها على الكرسي بجوار والدتها، ظلت صامتة لا تتحدث معها غارقة في التفكير في ذلك الموقف المحرج، دقائق واقترب عدد من النساء حول طاولتهما، جئن حتى يرحبن بتهاني صديقتهن، وأخذ يتبادلن القبلات ولم تنس تهاني أن تخبر كل واحدة منهن أن عاليا ابنتها لم تتزوج حتى الآن ومن لديها عريس ترشحها له في الحال. بينما لم تنس عاليا نظرة الشفقة التي قرأتها داخل اعينهن وهن يهتفن: ياه هي لسه لحد دلوقتي قاعدالك!! بكرة ربنا يبعتلها ابن الحلال يا تهاني يا حبيبتي ربنا يعينك عندك لسه غيرها وانتي لوحدك ياختي من غير راجل ابوهم مات وسبهوملك...
وكالعادة سمعت صوت زقزقة العصفور الذي دائما ما يغرد بجانب نافذتها، وما إن سمعته حتى أزالت دموعها، وابعدت الغطاء عنها، واقتربت من النافذة وفتحتها وأخذت تنظر إلى العصفور وهو يغرد مستمعة إليه شاردة الذهن، يخرج النعاس من عينيها..
*****
وفي صباح اليوم التالي ،كان فايز يسير بجانب منة في شوارع باريس، وكانت هي ترتدي معطفًا طويلًا يصل إلى ركبتيها و طاقية صنعت من الصوف و سروال ضيق للغاية ( استريتش). تحمل كاميرا حتى تلتقط كل ما يثير اعجابها أثناء تجولها، وبينما هما يسيران هتف فايز: ها يا ستي تحبي نروح فين تاني بعد ما خلصنا كل الصور والزيارة لبرج ايفل؟
ردت وهي تلتقط الصور: عايزة أفضل ماشية كده من غير تحديد اتجاه حاسة كده افضل
رد: تمام.. بس ممكن نقعد على الرصيف ده شوية علشان رجلي وجعتني من كتر المشي؟!
_ اوكيه يا فايز يا كسول
ردت في ابتسامة صغيرة
واتجها ناحية الرصيف، جلسا عليه.. دقائق وتحدث فايز: هو النهاردة ١٦ في الشهر صح؟
_ اه بتسأل ليه؟!
اطرق...
نظرت إلى ملامح وجهه التي ظهر عليها الخذلان والأسف واردفت: في إيه؟!
وما إن قالتها، حتى لاحظت تسلل دموعه على خديه..
تفاجئت وهتفت في دهشة: إيه ده؟؟!! انت بتعيط ليه؟!
رد وهو يزيل دموعه في خفة: في نفس اليوم ده من سنتين اتعرضت لأبشع حادثة في حياتي
_طب لو هيريحك إنك تقولي علشان اشاركك أنا معنديش أي مشكلة
_ هصعب عليكي اوي وهتقعدي تعيطي معايا و هبوظ الخروجة
_ متقولش كده أنا يمكن اكتر حد هيفهك اما تتكلم علشان أنا جوايا وجع وألم كفيل يخليني أحس بيك.. اللي داق من نفس كاسك هو بس اللي قادر يحس بيك
_ بتتكلمي كأنك واثقة من إن اللي هقوله انتي كمان دقتيه!
ابتسمت كناية عن وجعها وردت: متقلقش هكون عرفاها . أنا جربت كل الأوجاع اللي في الدنيا
ينظر إلى عينيها التي تحاول بشتى الطرق أن تحبس دموعها.. وهتف في مزاح: انتي هتعيطي من قبل ما أتكلم؟!
ابتسمت وهي تمسح في خفة حول عيناها مانعة دموعها من ألا تسقط على خديها وهتفت: قول بقى قرفتني مكنش حادث!!
_ ماشي هقول قبل ما تغضبي عليا وتغيري رأيك
رد في ابتسامة وتابع:
_ أنا اتخانت في اليوم ده من الشهر ده من سنتين
وضعت يدها على فمها، وعقدت حاجبيها في حزن عما تسمعه وردت: اوف!!
ثم ربتت على كتفه وتابعت:
_ Iam sorry for that
اطرق..
تابعت: معلش ربنا أكيد هيعوضك بست أحسن منها في المستقبل
_ عارفة.. انا اخذت صدمتين مع بعض، لأنها خانتني اولا، واللي خانتني معاه ده يبقى صاحبي..
_ يا ربي!!!
قالتها واضعة يدها على رأسها من هول ما سقط على مسمعها
_ مش قولتلك اللي أنا مريت بيه محدش تاني مر بيه!!
اطرقت لمدة...
تابع وهو ينظر إلى تعبيرات وجهها جيدًا حتى يستوعبها وأكمل: مستحيل الاقي حد مر بكل ده لوحده وياريته حتى لقي دعم من انسان واحد بس.. بابا قالي احسن انت اللي قبلت تاخد واحدة أقل منك وأصحابي قالولي ياما قولنالك ابعد عنها، كنت لوحدي وأنا طول عمري بخاف من الوحدة..
هزت رأسها في تفهم يشوبه ألم وردت: احنا بنتعلق بالعلاقات التوكسيك ( السامة) اللي في حياتنا علشان بس بنخاف من الوحدة..
ابتسم لاستجابتها معه ورد في سرعة: ليه؟! انتي سبق ودخلتي في علاقة توكسيك قبل كده؟!
اطرقت لدقائق شاردة الذهن.. ثم اجابت: أنا فضلت مع صاحبة بتأذيني لسنين سواء بقصد أو من غير قصد علشان مبقاش لوحدي، علشان كنت خايفة اخسرها، أنا ادمرت علشان خوفت.. وعلشان كده أنا وعدتني إني عمري ما هخاف أبدا تاني وإن أي حاجة هتدايقني تاني هواجها ومش هسمح لأي شيء تاني يأذيني. يمكن الخوف كان ليه سلبيات كتير عليا.. بس ميزته الوحيدة إنه علمني مخافش تاني
_ طب انتي ليه مسبتيهاش وصاحبتي غيرها!!
_ علشان كل الشلة كانت بتحبها هي، هي الأحلى و الاشطر كله كان بيحب يتقرب منها، لو خاصمتها هبقى لوحدي.. وأنا قولتلك كنت خايفة ديما ابقى لوحدي.. بس ادي النتيجة اللي وصلت ليها.. بقيت مدمرة نفسيا وبردو بقيت لوحدي.. الشعور الوحيد اللي فضلت اهرب منه بردو لحقني..
_ ومن بعد تجربتي دي يا منة بقيت واخدها قاعدة في الحياة وهي إن أي حد بعد كده يبقى شايف نفسه في علاقة سامة أو بيتعامل مع شخص غير سوي نفسيًا، بيأذيه جسمانيا أو كلاميًا أو بأي شكل إن كان لازم يهرب وينجد نفسه قبل ما يعود عليه ده بالسلب ويخسر نفسه وطاقته..
*****
_ يا وليد يا وليد افتح
هتفت هنا وهي تطرق باب شقة وليد.. استيقظ هو على صوت طرقات الباب وأخذ يخطو خطوات سريعة جهته وهو يردد: حاضر حاضر صحيت اهو
وما إن فتح لها، حتى دخلت واردفت: عمك وجاسر جم تحت والدنيا شكلها هتتقلب تعالى يلا
_ حاضر، هغسل بس وشي واغير هدومي وجاي
اطرقت ولازالت واقفة
_ إيه يا هنا في حاجة؟!
_ بصراحة كده مش عايزة انزل لوحدي يا وليد هستنى علشان أنزل معاك
_ ماشي، ادخلي استني
****
_ انا مكنتش اتصور أبدا إني ممكن اتصل بيك في يوم من الأيام يا محرم علشان اشتكيلك من ابنك او علشان نشد مع بعض
هتف شعبان الجالس أمام أخيه في الصالة، ليرد محرم:
_ أنا جبته اهو وجيت لحد عندك علشان افهم الحيوان ده عمل كده ليه!!
قالها وصمت برهة ثم تابع وهو يوجه حديثه إلى جاسر: ليه يا بني عملت كده!! ليه هددت بنت عمك بالمنظر ده بدون وجه حق؟؟ ليه اتهمتها؟ رد انطق
رد جاسر بقليل من التوتر: أنا.. أنا شفتها واقفة فعلا مع الولد ده مش بكدب يا عمي شفتها مرة معاه في حفلة كتب الكتاب ومرة في الشارع
صاح شعبان في تهكم: وهو اللي يشوف بنت عمه بتكلم واحد ويغير على عمه وبنته، يروح يهددها يا إما تتجوزيني يا إما هقول لأبوكي إني شفتك!! هي دي الرجولة؟!!
_ يا عمي
_ اخرس متقولش عمي، وهنا دي أوعى تفكر إنك ممكن تكون ليها في يوم من الأيام
صاح مدافعًا عن نفسه:
_ ليه كده يا عمي!!! أنا مهددتهاش أنا بس قولتلها لو شفتك معاه تاني هقول لعمي، وبعدين طلبتها للجواز عادي، هي دي خطتها كلها علشان تلاقي حجة ترفضني بيها. بنتك بتكدب يا عمي
_ ويا ترى هتقدر تقابل ربنا بكمية الكدب والتبلي على الناس ده كله!!!
قالها وليد بمجرد دخوله الشقة، وأخذ يقترب نحوهم ويتبعه كلًا من شاهستا وهنا
زفر جاسر واردف في سخرية: المدافع الأول لأخته في أي شيء حتى لو غلط وصل..
انت شفت اصلا أي حاجة يا وليد؟! بتتكلم بقى بناء على إيه؟!
عقد ذراعيه أمام صدره ورد: اه شفت يا جاسر.. شفت اختي وهي بتعيط على سجادة الصلاة بتدعي ربنا ينجدها من عمايلك الشيطانية لأنك اتكيت على حته كبيرة أوي عندنا وهي سمعتها اللي كنت عايز تلطخها مقابل جوازها منك.. لو كانت دي مؤامرة منها هتعيط ليه وتفضل تدعي ربنا وهي مقهورة ليه!!! ومين هيشوفها وقت الفجر!! ومين هيسمعها وهي قافلة اوضتها عليها!! يا ترى بتمثل لنفسها يعني!! ملهاش تفسير تاني غير كده
نظر إليه شعبان في ضجر وغيظ واردف: رد يا جاسر على كلام وليد.. ولا انت إيه اتخرست؟!
_ يعني هو حضرتك يا عمي مكدبني أنا ومصدقهم هما!! إيه الدليل إن وليد شاف هنا بتعيط وكل ده!!! ما يمكن بيكدب علشان يدافع عن أخته
_ يا بني أحنا مش مضطرين نكدب، احنا هنقولك في وشك مش هتتجوزها زي ما قولنا قبل كده، هو انت ماسك علينا ذلة ولا إيه؟!! انت موضوعك ده اتفه بكتير من إني أضيع وقتي أنا وهي علشان نخطط ازاي نرفضك، وهي أسهل حاجة لرفضك كلمة لا
_ جاسر أنا شايف إنك بقيت بتقول أي هبل علشان اتكشفت لعبتك
_ والله يا عمي شفتها واقفة معاه
_ عرفنا دي، احنا بنتكلم دلوقتي على تهديدك ليها
_ طب يا عمي انت سايب الموضوع الأساسي وأنها كانت واقفة بتتكلم معاه وماسك في كدبتي انا!!
تدخلت هنا هاتفة: بابا هو كان جاي لوليد وأنا قولتله وليد مشي و...
_ اخوكي قالي كل حاجة
رد مقاطعًا إياها
تدخل محرم محاولًا أن يهدئ الأوضاع: خلاص يا شعبان حقك عليا أنا عيل وغلط معلش هي يمكن علشان رفضاه ديما فكر التفكير المتخلف ده، وبعدين هو يعني كان عمل حاجة!! ده بيتكلم وخلاص، ولو كانت رفضت مكنش هيقول حاجة، ده بيحبها وميقدرش يعمل معاها كده
_ انت بتقول ايه يا محرم بالبساطة دي!!!
قام محرم واقترب من أخيه وقبل رأسه واردف: حقك على رأسي من فوق يا شعبان مقدرش على زعلك والله، وهو قليل الأدب ده هينزل على إيدك يبوسها زي الكلب وهيعتذر منك كمان
_ ولازم هنا تسامح
تدخل وليد
رمقه محرم في غيظ واردف: أسكت انت خالص، رايح تتجوز واحدة أخوها مخرج!! اسم الله عليك وعلى النسب اللي يشرف اللي جايبه للعيلة
ما إن قالها حتى ردت شاهستا في سرعة: ماله النسب حضرتك!! لاحظ اني واقفة
_ نسب يعر والله يا بنتي
صاحت في غضب: عيب كده على فكرة
صرخ في غضب: عيب ايه يا بت انتي هو انتي اللي هتعلميني العيب!! ده انتي وأهلك كلهم محتاجين تعرفوه
صاح وليد في ضجر: لا... كله إلا مراتي يا عمي أنا هسمحلك تهزقني براحتك وتتكلم معايا براحتك بس هي لا استوب، مراتي تاج فوق راسي هي وعيلتها كلها ونسبهم يشرف أي حد واي غلط فيها تاني هقلب الدنيا
_ خفت أنا ياض!! لا تصدق ارتبكت أما قولتلي كده!! بقى انت يا شيخ يا محترم تقبل إن ولادك يقولوا لمخرج صايع معدتش عليه التربية هو وصوره المنتشرة دي يا خالو!! طب ازاي أبوهم بيقول قال الله وقال الرسول وخالهم ممكن ياخدهم جولة في كباريه!!
صمت وليد.. للحق هذه هي المرة الأولى التي يعرف فيها أن أخو زوجته مخرج متحرر لهذه الدرجة، كان يعتقد أنه يعمل في شركة والده كما أخبرته شاهستا..
تحدثت شاهستا في ثقة: أمير شغله الأساسي مع بابا في شركة الإرشاد والسياحة زي ما وليد وأسرته عرفوا ده أول مرة طلبوني فيها، هو مدير أعمال بابا ، الاخراج ده موهبة بيطلعها في وقت فراغه وهي تعتبر وظيفة تانية بالنسباله وظيفة فرعية كمان
_ طب وانتوا ليه معرفتوناش حاجة زي كده اول ما اتقدمنا ليكي؟!!
رد شعبان معقبًا على كلامها
_ الكلام كان عني أنا وشغل بابا بشكل اوسع وكمان عن الاتفاقيات وكده، مجتش فرصة أتكلم فيها عن وظيفة أمير التانية ومكنتش اعرف إنها هتفرق معاكم اوي كده.. أمير شخص حر وكبير كفاية يقدر يعمل اللي هو عايزه أنا مالي ومال تصرفاته؟!!
نظر شعبان إلى وليد في غيظ يشوبه مرارة، يلومه ألف مرة على ذلك الاختيار..
تنحنح وليد واردف: بابا.. شاهستا اتغيرت وبقت واحدة تانية وبعدت عن كل مداخل الشيطان وربنا أراد إنه يفتحلها باب تاني معايا، بإذن الله أنا وهي هنحاول بكل الطرق نغير امير للأفضل وإن فشلنا أنا هبعد عنه أولادي.. ثم ده لسه في المستقبل البعيد، يعني عقبال ما اخلف و اولادي يبدأوا يستوعبوا يكون ربنا هدى أمير بإذن الله أو ممكن يحصل أي حاجة تانية الغيب لا يعلمه إلا الله.. أنا متجوز أخته مش متجوزه هو، واخته هتربي أولادي على نفس النهج بتاعي، وياما سمعنا عن عائلات فيها كل الناس ملتزمة كويسة ماعدا اتنين تلاته بيبقوا عاملين مشاكل وغير اخلاقيين..
قالها واقترب من والده وواصل حديثه مبتسمًا له: ثم إن السيدة زينب ابنة رسول الله، صبرت على زوجها الكافر ورفضت أن تنفصل عنه وأخذت تدعي له الله ليلًا ونهارًا حتى يشرح قلبه للإسلام، حتى استجاب لها الله. وانا الحمدلله يا والدي مراتي ست عارفة ربنا وأخوها سندعو له الله...
******
ومع اقتراب الساعة الرابعة عصرًا كان وليد يجلس في محل الإدارة مكان والده، منهمك في العمل على الحاسوب، وأثناء عمله دخل أسر عليه وهو يهتف: وحشني يا ويل، كده يا راجل من ساعة ما اتجوزت وانا مبقتش اشوفك زي الأول
ترك وليد ما في يده من أعمال والتفت إلى صديقه واردف في ابتسامة: وانت كمان ياض يا أسر وحشني أوي تعالى أقعد
جلس أسر في الكرسي الذي يقع أمام كرسي وليد واردف: مال وشك؟! حاسك زعلان، في إيه خير؟!
_ لا أبدا في شوية مشاكل في البيت
_ خير؟!
_ عمي محرم هناك لسه وبيتكلموا في حوار هنا اللي قولتلك عليه قبل كده، وجاسر قاعد بيعتذر وبتاع و فتح حوارات أمير أخو شاهستا على أساس ازاي مقالوش إنه مخرج وعمي مش بيبطل كلام.. بابا علشان يتقي الاشتباك بيني وبينه قالي انزل الشغل وشاهستا طلعت شقتها علشان يهلل لوحده
_ ما علينا سيبك من عمك هيقول كلمتين وهيرجع بلده متزعلش نفسك
_ خير إن شاء الله
_ طب أنا عايزك معايا في كام مشوار كده بليل علشان بكمل حاجاتي خلاص كتب الكتاب بعد بكرة وأنا ناقصني لسه حاجات
_ ماشي كلمني قبلها، بس سبني اشتغل شوية علشان بابا ميقولش ساب الشغل اول ما راح
_ أيوه بقولك لسه بليل على بعد صلاة العشاء
تمتم وليد: يارب شاهستا تعديها على خير
_ طب أنا همشي بقى هعمل كذا حاجة كده قبل مشوار بليل
_ طب يا حبيبي ربنا معاك
ذهب أسر والتفت وليد إلى عمله.. دقائق ودخل عمر المحل وهو يهتف:
_ Good afternoon
رفع إليه وليد عيناه في سرعة يرمقه بنظرات حادة مليئة بالاشمئزاز والقرف، ابتسم عمر واقترب من مكتب وليد واردف: كنت عايز هدوم يعني
تذكر وليد في سرعة ما فعله ذلك الحقير في زوجته لدرجة أنه جعلها تخاف منه لهذا الحد، وتذكر كلامها، لذلك قام حتى يضربه ولكن عمر لاحظ ذلك الفعل الذي ينوي وليد عليه، لذلك تراجع إلى الخلف عدة خطوات واردف: لو جيت جمبي أو لمست شعرة واحدة مني هقول قصاد كل الناس الجميلة دي اللي جايه تشتري.. حاجات ماينفعش تتقال وانت حر
اقترب منه وليد بدرجة كبيرة وأخذت أعينهم تلتقي.. ترى داخل أعينهم الشر والانتقام والكره، الذي يبادله كلا منهما إلى بعضهما البعض.
تحدث وليد وهو ينظر إليه بنفس الحدة: إيه اللي جابك هنا يا عمر؟ ليك عين تيجي مكاني كمان؟! انصحك تغور في داهية قبل ما ارتكب جناية
_ أنا جاي اشتري لبس
رد في برود
_ المحلات مالية الدنيا ملكش عندي لا بيع ولا شراء أمشي يلا وكفاية إني شفتك الكام دقيقه دول لأن عفاريت الدنيا بتتنطت ادام عيني دلوقتي
_ هتبعلي، وإلا انت حر، مش هخلي واحد بس يخرج من المحل ده إلا وهو عارف إني كنت مرتبط بمراتك قبل كده
اغمض وليد عينه وأخذ يقبض يده ويبسطها من آن لآخر، وتتعالى اصوات أنفاسه محاولًا أن يهدأ، نظر حوله في هدوء إلى المشترين واردف: روح عندك اللي بيشتغلوا في المحل اطلب منهم
قالها واستدار حتى يجلس على كرسي المكتب، ولكنه سرعان ما توقف وذلك بعدما افحمه عمر بما قاله:
_ لا انت اللي هتجبلي، اصل العمال اللي هنا ميعرفوش مقاس شاهستا وأنا كنت عايز لانجيري نفس مقاسها وانت اجدع واحد تبقى عارفه يعني.. وأنا كمان عارفه بس مش فاكر النمرة بالظبط
إلى هنا، وانتهت كل محاولات سيطرة وليد على نفسه، واستدار قابضًا يده واكزًا عمر الذي سرعان ما التصق بالحائط من شدة الضربة التي أصابت وجهه، وصرخ عمر وذلك بعدما لاحظ نزيف أنفه: انت بتضربني أنا كده؟؟ وحياة امك لاوريك
قالها وهجم عليه واشتد الشباك بين الطرفين، واجتمع الناس حولهما وأخذوا يفضون الاشتباك.. قام العاملين في المحل بدفع عمر إلى الخارج والذي كان يصرخ: مش هسكت أنا هاخدها منك أنا مش هسبهالك..
ارتمى وليد على الكرسي وأخذ يهدأ، اقترب منه حسن ( صبي يعمل عندهم) وتحدث: مالك بس يا مولانا اول مرة اشوفك متعصب كده، انت عمرك ما مديت ايدك على حد!! يا ترى الحيوان ده قالك إيه زعلك اوي كده؟!!
******
_ يا ماما أنا هنا اهو في السخنة زي ما عرفتك مع ألفت و رغد
قالتها جومانة والتي كانت تحدث أمها عبر الهاتف وهي تجلس على حجر أمير في غرفتهما تضع الطعام في فمه
_ قوللها اقفلي بقى يا ماما علشان رغد جعانة أوي
قالها أمير في سخرية وهو يمضغ الطعام
ابتسمت جومانة ووضعت إصبعها على فمه حتى يتوقف عن الكلام لكي لا تسمعه أمها
وتابعت كلامها: عمو محرم ده براحته يا مامي يجي أو يروح انا عند خالتو زي ما اتفقنا... هو إيه اللي بابا مصر إني اجي!!! يا ماما أنا في إستراحة انا بذاكر طول الترم حتى وقت اجازتي هتقرف!! اقنعي بابا بليز زي ما بتعملي كل مرة هي يعني غريبة عليكي؟!... حاولي سلام
انهت المكالمة، وما إن رأى أنها انتهت حتى هتف: إيه اهلك الرخمين دول!! ده احنا عرسان في شهر العسل دلوقت
_ سيبك منهم أهم حاجة احنا فرحانين...
******
ومع اقتراب الساعة السابعة في فرنسا، كانت منة تسير جانب فايز في الشارع وهما يشربان مشروب ساخن حتى يساعدهما على الدفيء
ارتشف رشفة من المشروب واردف: ها يا موني، بعد عياط الصبح تحبي نعمل إيه دلوقتي؟!
ابتسمت واردفت: نروح حساني تعبت وعايزة انام شوية
_ طب إيه رأيك نجرب ندخل أي بار أو ديسكو هنا؟!
_ اوكيه يلا
_ استني بقى نركب العربية وندور، كفاية مش على رجلينا..
******
دقت الساعة العاشرة مساءً، وكانت شاهستا تسير في أركان الغرفة تتوعد لوليد الذي تأخر حتى ذلك الوقت تاركًا إياها وحدها كل ذلك الوقت.. وعقب مرور نصف ساعة على هذا الحال سمعته يغلق باب الشقة، فعلمت أنه قد جاء، لذلك أسرعت جهة باب الغرفة وقامت بإغلاقه بأحكام بالمفتاح، حاول أن يفتح ولكنه ادرك أنه مغلق لذلك طرق الباب وهو يهتف: شاهستا، افتحي إنتي قافلة بالمفتاح ليه؟!
صاحت في غضب: مش هفتح ونام عندك بقى في الصالة
زفر في ضيق وهتف: شاهستا اخلصي افتحي أنا مش طايق نفسي النهاردة
_ ولا أنا كمان ومش هفتح، النهاردة عمك يغلط فيا أنا و أخويا وانت تسبني كل ده لوحدي، وفي الآخر انت اللي مش طايق نفسك حلو ده يا أستاذ وليد
أطلق زفيرًا طويلًا محاولًا أن ينسى عمر والذي حدث بينهما، محاولًا أن يتخلص من كل تلك الطاقة السلبية التي تهيمن عليه، واردف: حقك عليا أنا يا قلبي، معلش اتأخرت غصبن عني بجد كنت في شغل وبعد كده روحت مع أسر وسرقنا الوقت أنا آسف
_ مش هفتح قولًا واحدًا، كل الحجج دي متلزمنيش
صاح: ماشي يا شاهستا براحتك على الآخر، افضلي اتعاملي معايا المعاملة الحلوة دي كويس اوي
قالها وانقطع صوته.. اخذت تسير في أرجاء الغرفة في توتر لا تصدق أنه لم يصالحها قبل نومه وتركها حزينة.. لصقت أذنها على الباب ولكنها لم تسمع أي صوت، فتحت الباب في بطء وهدوء ونظرت بعين واحدة فلم تجده في الصالة.. غلقت باب الغرفة في قوة وصاحت في غضب شديد: راح ينام عند أمه تحت وسايبني اموت هنا بغيظي.. وبينما هي تتوعد له، رأته يقف في بلكون الغرفة لاصقًا وجه في زجاج باب البلكون وتحدث في ابتسامة: شاهستتي افتحي بقى
ضحكت رغم عنها وعادت مرة أخرى متصنعة الجدية: مش هفتح
قالتها وأخذت تقترب من البلكون
_ لا هو إيه اللي مش هفتح ده!! أنا اروح فيكي في داهية، أنا تحديتني ومشيت من سور البلكونة بتاعت اوضة الاطفال لحد اوضتي وعملت نفسي فيها روميو وكنت هقع تلت مرات كل المجهود ده مش هيتقدر!!
قربت وجهها من زجاج باب البلكون مثلما يفعل هو وردت في سخرية: ارجع تاني يا سي روميو من حيث اتيت
_ تصدقي شكلك من عن قرب وانتي لازقه في الازاز كده يضحك أوي
قالها وهو يضحك
_ اسم الله عليك، تحس إن ملامح وشك دخلت في بعضها وشكلك مسخرة اصلا
_ التنمر على خلقة ربنا حرام احترمي نفسك شوية
_ إذا كان عاحبك
_ طب افتحي يا بت بقى معايا قلبظ وأكل حلو علشان السهرة يا شاهستتي
_ نو
_ طب وعلشان خاطري؟!
_نو بردو
_ بردو؟!
_ اه
_ طب وحياة ابوكي، أنا اتجمدت وربي الجو سقعة حرام عليكي افتحي هاخد برد
_ قول كلمة السر
_ طب إيه هي قولي أول حرف
_ لا بمجهودك
_ te quiero
_ إيه !!يعني إيه ده؟؟
_ يعني بحبك بالإسباني
_ إجابة خاطئة
اطرق يفكر.. وهو يشعر بالبرد وتابع: شاهستتي كم يطيب العيش بكِ يا جميلة الجميلات
هزت رأسها رافضة واردفت: إجابة خاطئة بردو
_ طب ممكن استعين بصديق!!! أو احذف اجابتين، مفيش أي وسيلة مساعدة خالص!! يخربيتك اتجمدت
_ ولا هيفرق معايا، مش هو ده الشارع اللي فضلت سارح فيه لحد الوقت المتأخر ده!! مالك سقعان دلوقتي ليه؟!
_ خلاص علشان خاطري مش هعمل كده تاني
_ قول كلمة السر
_ طب هي عبارة عن إيه؟! حرام عليكي مش هعرف ارجع تاني ده أنا جيت بالعافية
_ عبارة عن كلام حلو يدخل صميم قلبي ويخليني راضية فقوم افتحلك، يلا ادي قلبي الطيب وافق يساعدك اهو
اطرق... ثم اردف في ابتسامة:
_ ثمة مشاعر وأحاسيس باتت مختبئة في قلبي لسنين، ولم يجرؤ على امتلاكها أحد غيرك..
_ وايه كمان؟!
_ طب ادخل واقولك كل حاجة
_ لا قول هنا
_ أخاف من المستخبي ليه؟! وأنا من خلال عنيكي لسه شايف الدنيا بخير
ابتسمت وأخذت تلف بعض من خصلات شعرها حول اصبعها واردفت: وايه كمان؟!
_ قد عاهدتك وأنا لا أخون العهد، سأظل جوارك إلى الأبد..
_ ماشي عفوت عنك، علشان نجحت في الاختبار
قالتها وفتحت له الباب، دخل الغرفة وهو يرتعد واردف: كل ده سيباني في البرد لوحدي!!
_ علشان تبقى تتأخر تاني.. وتأكد يا وليد إني مش هسامحك تاني دي آخر مرة لو أخرت بره تاني للوقت ده مش هسامحك ببساطة...
*****
عادت منة إلى الفندق الذي تقيم فيه أثناء رحلتها في فرنسا، ودخلت غرفتها وهي ترتمي جهة اليسار تارة وجهة اليمين تارة ثملة لا تعي بما يحدث حولها، وما إن دخلت حتى ارتمت على السرير وأخذت تتمتم: وليد... وليد انت وحشتني اوي بقالي فترة مش بشوفك وبطلت تجيلي..
قالتها وأخذت تبحث عن جهاز الآب توب الخاص بها، تضع يدها على رأسها تشعر بالصداع الشديد اخذت تكرر في غضب: هو فين الزفت الاب توب ده هو فين!!!!
نظرت على الطاولة التي تجاور السرير رأته موضوع عليها، اردفت في سخرية: يخربيت العمى ماهو يا منة.. انتي سكرتي خالص ولا ايه؟؟!
قالتها وامسكته وفتحته وطلبت أحدهم مكالمة فيديو، اخذت تنتظر الرد، وهي تشعر بالدوار وعدم الاتزان.. استجاب لها ذلك الذي طلبته واردف: إيه يا منة بترني عليا في وقت متأخر زي ده ليه؟!
تحدثت في صوت خفيض ومتعب: طارق وليد وحشني أوي اسمع هقولك إيه علشان نخلص من الشغلانة دي وارجع علشان اخده منها لأني مش قادرة استنى أكتر...
*****
ليكم عندي مفاجأة يوم الخميس
قولوا رأيكم ومتنسوش الفوت
دمتم بخير
سلمى خالد..
أنت تقرأ
الجعة يشوبها الأخلاق
Misterio / Suspensoو كان خطئه الوحيد طيبة قلبه وعفته، الدنيا ليست المكان الذي يستحقه. الحقارة لم تعرف طريقه قط، والشك لم يطرق بابه حتى. فلما فعلوا ذلك به؟ ومن المسؤول عن الحال الذي وصل إليه ؟ هل تلك التي ستغير حياته السبب في ذلك؟ أم هي السبب في تدميرها؟ بالطبع الجمي...