ليلة في الغابة

38 5 1
                                    

سيطر اليأس على الصيادين من انقاذ سهم و تحولت عملية الانقاذ الى،، عملية انتشال،،فتوقفت الصيحات المنادية بأسمه وبدؤوا بأستخدام عصي طويلة يحركون بها الحشائش المائية الطويلة التي نمت على ضفاف الخليج ونما بعضها في وسطه فكان من الممكن ان تعلق جثة الصبي بها، في حين قفز بعض الصيادين في الماء في محاولة الغوص عميقا علهم يجدون اثرا لسهم او جثته، وعلى ساحل الخليج وقفت بعض النسوة بعيون دامعة تدعو الرب ليتم انقاذ سهم وإيجاده ولم تبخل بعضهن من صنع بعض الاطعمة للصيادين الباحثين عن الفتى المفقود، كانت الساعات تمر ثقيلة على شاهين الذي بالكاد يمضغ لقمة ليعيد صرخاته باحثا عن سهم، انتصف نهار اليوم الثاني ولا اثر يذكر،.
كان الصياد الذي توقع وجود سهم على الجانب الاخر من الخليج يراقب الغابة المظلمة بصمت، حتى اقترب منه الصياد المخضرم ليقف بجانبه
« توقف»
«ماذا» دون ان يلتفت
« عن التحديق بالغابة» ثم استدار جانبا ليواجه قوارب البحث « قد يراك شاهين، عندها سيذهب هناك للبحث عن حفيده لا محالة»
نظر اليه من خلفه « ولكن قد اكون محقا، ماذا لو كان الفتى هناك؟»
« عندها سيكون ميتا» واستدار ليوجه صاحبه «حتى لو افترضنا انه بمعجزة ما وصل هناك حيا، فهل تظنه سينجو؟»
«ماذا لو كان لايزال...»
« توقف» قاطعه بنبرة حادة وتلفت يمينا وشمالا قبل ان يكمل وهو ينظر لصاحبه « لقد رأينا بأم اعيننا ما الذي يسكن هناك» ثم اقترب خطوة ليهمس لصديقه « رأينا تلك الاشياء كيف تمزق ضحاياها ام انك نسيت مالذي حصل منذ عدة سنوات» اطرق الصياد براسه كانه يستعيد ذكرى سعى للتخلص منها طويلا « لا، لم انسى» رفع رأسه بحماس « ولكن ان ذهب شاهين الى هناك لن اتردد بالذهاب معه»
« افعل ما شئت» قال الصياد المخضرم قبل ان يبتعد « ولكن احذر ان تضع الفكرة براس شاهين، لا تنسى فلا يزال لديه طفلة يعتني بها» وابتعد عن الصياد الذي اعاد نظره للغابة المظلمه،.
لم يحاول جهاد تهدئة صديقه شاهين وهو يرى الدقيقة كيف تمر عليه قاسية ومرة، وهو يتلفت بعيون ذبلت من الحزن والسهر محاولا ايجاد بصيص امل يدله على مكان سهم، وجه انظاره لقاع القارب وهو لا يعرف كيف يقول لصاحبه ان يستعد للاسوء فبعد مضي كل هذا الوقت دون ايجاد اي اثر لا يعني الا شيء واحد، ان سهم رحل.
لكن كيف سيقولها،
« شاهين» نظر اليه بعينيه التي احمرت
« فلنعد للشاطئ» اتسعت عينا شاهين و رد بحده
« اتقصد ان اتخلى عن سهم؟» ثم ارتفع صوته قليلا بغضب « اتقصد ان اتخلى عن حفيدي؟»
تلعثم جهاد وهو ينظر لابنه الذي بادله نظرات الحيرة
« لا، ليس هذا ما قصدته، ولكن دعنا ننال قسطا من الراحة ثم نعود لنكمل البحث»
اشتد غضب شاهين و صاح بصوته الاجش« نرتاح؟! وماذا عن سهم؟ هل سيرتاح ايضا حيث هو الان؟ اخبرني جهاد هل صدقت كلام الصيادين؟»
« اي كلام؟» رد بتوتر
« لقد سمعتهم يتهامسون، يعتقدون ان سهم قد مات!»
عاد جهاد ليتبادل النظرات مع ابنه قبل ان يرد بعد ان حسم امره
« شاهين، اسمعني يا صديقي القديم، انا لن اكذب عليك، انت تعرف بأننا لن نتوانا عن تقديم المساعدة للغرباء، ونبذل كل جهد لانقاذ احدهم فكيف تعتقد اننا سنتخلى عن سهم، لكن الامر» اطرق برأسه لصعوبة الامر، لكن سرعان ما قاطعه شاهين
« اذا اكملوا البحث، انا متأكد من ان سهم بخير، جهاد انت تعرف سهم، انه فتى قوي، لن يستسلم بسهولة» كانت ملامح شاهين وهو يتوسل صديقه للمساعدة تصعب على جهاد مهمة اخباره بحقيقة ان من يبقى حتى هذا الوقت في الماء لن ينجو، تنفس بعمق قبل ان يهز برأسه موافقا ثم ابتسم بحزن
« حسنا شاهين، سنبحث عن سهم» ابتهج شاهين واسرع ليعانق صديقة بحرارة قبل ان يعود مكانه في مقدمة القارب ليبحث عن اشارة ما عن سهم، اما جهاد ما ان استقر في مكانه حتى بادره ابنه « كان عليك اخباره بالحقيقة»
« الامر صعب يا بني، انظر اليه حتى وان أخبرته لن يصدق»
« ما العمل الآن؟»
« سنجاريه حتى يدب اليأس في قلبه ويدرك الحقيقة بنفسه»....
كان يشعر بجسده متكسرا لكن الدفء الذي منحته اياها اشعة الشمس جعلته يقاوم التعب و يفتح عينيه ليستكشف محيطه، بدى ان الغابة انتهت عند هذه النقطة ولتبدأ السواحل الرملية التي تعانق الخليج، اخذ يراقب ما حوله بحذر فما حدث ليلة البارحه لم يغب عن باله ولعل تلك المخلوقات تظهر مجددا. استجمع قواه لقد بدأ الجوع ينهش به لم يجدشيء على تلك الرمال البيضاء ليسد جوعه عاد مجددا لينظر لتلك الغابة المخيفة انه مجبر على البحث عن شيء للاكل فيها، ولكن ماذا لو،، ونظر باتجاه الخليج، فكر انه قد يستطيع اصطياد سمكه او سلطعون لكن فكرة اللحم النيء جعلته يتخلى عن الفكرة سريعا، واعاد نظره للغابة، يبدو انه لا مهرب من دخولها مجددا، تقدم بضعة خطوات نحو الغابة ووقف على بعد. مسافه من اشجارها قبل ان يقرر العودة الى حيث استيقظ لن يجازف بالدخول بعد مشهد الليله الماضية، ما ان وصل تلك الشجرة جلس عليها مقابلة الخليج لقد ادرك الان فقط ان الخليج ينتهي بقناة مائية تلتقي بالبحر على الطرف الاخر، هذا يعني انه لو استمر بالسير بمحاذاة الخليج فسيدور حول الغابة فقط،. كان الامر محبطا وهو يرى الخليج امامه فأمله قد تلاشى.
سرح قليلا بافكاره قبل ان يلمح حركة غريبة في ماء الخليج، اعتقد ان سربا من الأسماك الصغيرة تسبح قرب السطح اشرقت ابتسامه على وجهه وقد استسلم لفكرة اللحم النيء، ولكن ابتسامته اختفت وهو يرى كائنات تخرج من الماء تسبح بأتجاه الغابة، تحرك بسرعه وهدوء ليختبئ خلف الشجرة التي كان يجلس عليها وهو يكتم انفاسه وترتعد فرائصه ثم التفت بهدوء ليرى مجموعه من تلك الكائنات قد خرجت من الماء واتجهت نحو الشاطئ وهي تسير على اقدامها، استدار ليواجه الغابة مجددا ليفكر كيف سينجو هذا المرة استمرت تلك المخلوقات بالسير حتى وصلت قرب الشجرة التي يختبئ سهم عندها، اكملت تلك المخلوقات السير عدا واحد منها اطلق زفيرا مصحوبا بصفير منخفض ليكمل طريقه ويتبع رفاقه،، رغم ان المخلوق البرمائي لم يطل وقوفه عند سهم لكن سهم شعر بأرتياع شديد ما ان ابتعدت حتى تنفس عدة مرات قبل ان يعيد نظره لتلك المخلوقات التي بدأت تجتاز الشجيرات لتتعمق في الغابة، كانت الحراشف التي تغطيها بلون الاخضر المسود وقد اختلفت احجامها، ففي بعض اجزاء من جسدها كانت تبدو كبيرة وفي اجزاء اخرى صغيرة، و ظهرت ثلاثة شقوق متوازية على كل من جانبي العنق ظهر داخلها بلون احمر قاني، واتخذت صيوان اذانها تركيبا يشبه زعانف الاسماك العظمية، اما اطرافها الكبيرة انتهت بثلاث مخالب كما كان الصفاق بينها واضحا، ولها عينين سوداوين و قد اختفت انوفها من وجوهها وفمها السمكي المدور كان مليئا بالاسنان ناعمة صغيرة. واخذت ذيولها الكبيرة شكلا عرضيا امتلئ بالحراشف القاسية كان واضحا انه يساعدها بالسباحه،،
« ساعدني، يا رب، ماذا علي ان افعل الان؟ كيف سأنجو؟»
بقي جالسا بلا حول ولا قوة في مكانه لبعض الوقت قبل ان يستجمع شجاعته فهو مجبر على التصرف فالليل قادم،« لا مفر، يجب ان ادخل الغابة مرة اخرى».

اسرار الظلام حيث تعيش القصص. اكتشف الآن