البطل

17 6 0
                                    

كانت البعثة تختبئ على بعد مسافة كبيرة من الجسر الممتد فوق الوادي، همس العرندس
« عطوة، سيحل الليل قريبا يجب علينا ان نتحرك»
لم يبالي عطوة لكلام العرندس، عاد يامن وهزيم اخيرا من المهمة التي كلفهما عطوة بها، جلسا وهما يهمسان
« لقد رصدنا الجنود قرب الجسر» ،
ابتسم عطوة وهمس«كما توقعت، هيا لنعد» نهض وعاد ادراجه يتبعه البقية الى حيث خلفوا سهم و رامي والقرش،
«هل انتهيتم؟» همس عطوة وهم يقتربون من بقية البعثة،
كان القرش والفتية يصنعون سلما بدائيا مصنوع من حبلين ربط بينهما اغصان قوية،
«لا اعرف يا عطوة ما المغزى من هذا!»  رد القرش غاضبا ورمى الحبال من يديه بقوة اصدرت صوتا عاليا نسبيا، فزع الجميع و وجهوا اسلحتهم وهم يراقبون ما حولهم بعد عدة دقائق اطمأنوا انه لم يتم رصدهم من قبل مخلوقات الغابة، نظر الجميع بغضب للقرش الذي ارتبك وشعر بغباء ما فعل فهمس لهم بأعتذار و أسف،
حوّل عطوة نظراته عن القرش الذي عاد لعمله بعقد الحبلين وشدهما بقوة،
«لقد ساورني الشك عندما رأيت ذلك المرتزقة يكمل طريقه مسرعا،  وحينما رايت الجسر شعرت بانه قد نصب لنا فخا هناك ليتخلص منا ويلقي القبض على سهم» ثم نظر بغضب للقرش واكمل همسا« هل عرفت المغزى من هذا الان؟  لن نتمكن من تجاوز ذلك المرتزقة وجنوده، لذا سنصنع جسرنا الخاص»
«لكن يا سيد عطوة» قال يامن بقلق « كيف سنربط الطرف الاخر بالجهة المقابلة»
نظر لهم « ما باليد حيلة،  سنقطع الوادي»
صدم الجميع « هل جننت يا عطوة يجب ان لا نخرج عن الطريق، ولا نعرف ماذا يوجد في الوادي»
« هل تظنني لا اعرف يا عرندس» رد بحنق« لكن اما ان نقطع الوادي او نواجه ذلك المرتزقة»
«حسنا اهدأا»  رد القرش « دعونا نمضي هذه الليلة ونفكر في حل اخر»
«اي حل هذا يا قرش، لا مناص من عبور الوادي، سننزل بأستخدام هذا السلم ونكمل الطريق سيرا حتى الطرف الاخر »
«علينا ان نفكر بالامر يا عطوة، نحن لن نعرض سهم و الفتية للخطر» نظر عطوة للفتية ثم هز راسه موافقا «حسنا،  سنفكر بالامر سنبيت هذه الليلة هنا»
كان سهم مستغرقا في التفكير
«سهم،  ما الامر؟»
« لا شيء يا رامي»  ثم نظر لرامي « انا لا اعرف لم لا استطيع التوقف عن التفكير بتلك الفراشات المضيئة»
«تقصد اليراعات» 
« اجل يا هزيم،  الامر كما لو ان هناك خيطا خفيا يربط بين تلك اليراعات و طريقنا و أجوان، لكني لا استطيع رؤيته»
«ما دخل اجوان الان؟»  تسال عطوة مستغربا
« انا حقا لا اعرف»  رد بخيبة امل
« دعونا نخيم الان ونفكر كيف نمر»،،،،
«هل تظن انهم سيأتون يا سيدي؟»
«اجل،  فلا يوجد طريق اخر» وعلت نظرة الخبث وجهه
«لكن ماذا لو سلكوا طريق الوادي»  نظر اتجاه الوادي وبعد لحظة صمت
« لا لن يفعلوا، لن يتجاهلوا الخريطة»
صمت لعدة دقائق قبل ان يشير لحراسه ان يجتمعوا
« اسمعوني جيدا، سأذهب للجهة الاخرى و سترافقني نصف القوات، سيبقى النصف الاخر هنا بانتظارهم، مضر،  ستترأس المجموعة هنا»
« حاضر سيدي»  نهض القائد تبعه ثلاثة من حرسه واشاروا لجنودهم  ثم عبروا الجسر الخشبي خلف قائدهم، في حين بقي مضر وباقي الجنود يترقبون البعثة،
بدأ الظلام يلف الغابة وتزداد الظلمة حول البعثة، اشار لهم عطوة فاطفئوا النار خشية ان يتم رصدهم من قبل الجنود او مخلوقات الغابة، وقبل ان تخمد النار تماما قفز سهم ليمنع العرندس من اطفاء اخر شعلة متبقية من النار، استخرج الخريطة حدق بها قليلا ثم ابتسم، وهمس للجميع الذين كانوا ينظرون اليه بترقب
« لقد عرفت، لقد فهمت ما الرابط بين اجوان واليرعات وطريق الفراشات »
«حسنا، تكلم !»  رد عطوة
« هنا حيث الفراشة الزرقاء، هنا توجد اليراعات،  اظن ان علينا تجاوز الجسر خلال الليل وليس بالنهار، هذا ما كان يشغلني، هذا ما كانت ستقترحه اجوان»  وعلت ابتسامة عريضة على وجهه
صمت الجميع وهم يفكرون بما قاله سهم واخيرا قال يامن « حسنا، جميعنا يدرك ذكاء اجوان، لكن،  لا نعرف ان كان هذا ما كانت ستفعله ام لا»
«بلى هذا ما ستفعله»  رد القرش وهو مستغرق بالتفكير « الجسر معلق فوق الوادي اي انه مكشوف، و لا توجد اشجار لنختبئ خلفها ، من يعرف اي مخلوقات نهارية سترصدنا هناك، اظن ان المرور بالليل اكثر امانا »
بعد لحظة صمت من التفكير قال عطوة
« اذا يتوجب علينا الذهاب الى هناك وجمع تلك اليراعات»
لكن يامن اعترض قائلا« هل سنذهب حقا بسبب تكهن قد يكون خاطئا؟»
« اسمعني يا يامن،  لطالما كان القبطان يثق بحدس القرش ونادرا ما كان يخطئ،  والان اجد ان القرش يؤيد فكرة اليراعات اذا سنتبع حدسه كما فعل القبطان» رد عطوة
قال العرندس« ولكن علينا ان لا نغفل وجود الجنود عند الجسر»
« لقد عبر عدد منهم» همس هزيم وهو يدخل الخيمةواردف  «لقد كان يامن محقا يجب ان نبقى نراقب تحركاتهم»
« حسنا سنقسم قوتنا لمجموعتين»  رد عطوة وهو يحسم الامر « الاولى ستقودهم انت يا يامن»
«انا؟»
«اجل، ألست انت الصياد؟ سنعتمد على خبراتك» ابتسم له « حسنا، سافعل»
« ومن ستاخذه معك ايها الصياد؟»
تفقد يامن وقال« المسلّم به اننا نستبعد سهم لا نريد تعريضه للخطر»
«ولكن،!» اعترض سهم
«هشش، اكمل» اسكته عطوة، واكمل يامن « هزيم»
«انا معك»
« والقرش»
« مستعد»
« ورامي»
«هاا، انا؟»
« اجل انت، لقد رايتك تصطاد الفراشات من قبل، ستمسك باليراعات انا واثق» وضع العرندس يده على كتف رامي « انا اثق بك، لا تقلق»  وابتسم بوجهه، بلع ريقه ثم استجمع شجاعته ورد بحزم
«حسنا، سأذهب معكم»
« حسنا، سنتحرك بسلاسة وخفة يا اصحاب»
«كيف ستجمعونها»  قال سهم والانزعاج باديا عليه
ابتسم يامن و رد «لا تقلق، سنجمعها بسوق القصب، انظر هنا يوجد نهر لابد من وجود قصب »
«ماذا ان لم يكن هناك قصب»
«سنستخدم جواربنا اذا» كان يامن يدرك سبب غضب سهم، لذا كان يحادثه بهدوء، قاطعهم عطوة
« تحركوا بسرعة وخذوا معكم الخريطة، ونحن سنعود لموقع المراقبة و ننتظركم هناك»
انقسمت البعثة بعد ان اطفئوا الشعلة الصغيرة وتحركت المجموعتين باتجاهين مختلفين، وصلت مجموعة يامن لموقع الفراشة الزرقاء، ولكنهم لم يعثروا على اية يراعة،
«اخشى اننا تصرفنا على اساس واهن»
« لا يا يامن»  رد رامي مبتسما « انظر»  وحرك بعض الحشائش بحركه خفيفة، فطارت بعض اليراعات واليعاسيب المضيئة كانوا يحدقون بها بصمت وفرح فهم لم يروا جمالا كهذا بدت وكأنها نجوم طافية في سماء شديدة الظلمة ، حركهم القرش بهدوء « هيا يا فتية لنجمعها، ليس هذا هو الوقت المناسب»
انتبهوا من تلك اللحظة الجميلة و توجهوا نحو النهر بالفعل وجدوا القصب، لكن الحصول على سوق قصب كان تحديا بسبب اصوات تكسر القصب، خلعوا قمصانهم و لفوها حول مكان معين بالساق وكسروه، كان هناك صوتا مكتوما لكن لم يكن لديهم حل اخر غير المجازفة، اخيرا كان القصب بحوزتهم وسريعا عادوا ليجمعوا اكبر عدد من تلك اليعاسيب واليراعات،،
كان سهم قلقا و يتلفت حوله
« اهدا، لا تقلق» كان العرندس يبتسم له « سيكونون بخير»
«انا قلق على رامي، اخشى ان يتعرض للخطر»
«هل تظن ان رامي فتى ضعيف؟»
« انه كذلك»  وابتسم بخيبة امل،  ابتسم العرندس «انت مخطئ، الشجاعه يا عزيزي سهم لها عدة اوجه ان تواجه الخطر هي شجاعة، وان تقف بوجه ظالم هي شجاعة، وان تقول رأيا يخالف المجتمع هي شجاعة، رامي يا صديقي سهم لديه شجاعة من نوع خاص، لقد حدثني عن فريد زوج اخته حين كنا نحرس سوية، لو كان شخصا جبانا لما بقي كل ذلك الوقت مع فريد واخته رغم ما فعلته به، لكنه بقي صامدا يقف الى جانبها لمساعدتها لذا» وابتسم بوجهه« لا تقلق على رامي انه  شجاع وايضا هو ليس لوحده فمعه القرش وهزيم ويامن وكل واحد منهم اثبت نفسه سابقا،لن  يتخلوا عنه» تمعن سهم بكلام العرندس وسرح قليلا يتذكر المواقف التي مروا بها، وفجاءة سمعوا صوتا يشبه النباح وهمهمة الكلاب قال سهم بخوف « انها كلاب الغابه، عطوه انا قلق على اصدقائي» كان القلق يساور عطوة والعرندس ايضا وخاصة ان تلك الاصوات قادمة من اتجاه مجموعة يامن، لحظات من الصمت والترقب تحركت الحشائش معلنة عن تحرك شيئ ما قريبا منهم امسك العرندس حربته  و وجه عطوه ساطوره وسحب سهم الخنجر الذي اعطاه اياه القبطان، وهم يستعدون لمواجهة ذلك القادم، وقبل ان يوجهوا اية ضربة ظهر يامن ومن خلفه بقيه الرفاق وكان الخوف يملأ تقاسيم وجهه وهو يقول«لقد راينا تلك الكلاب، الكلاب التي تحدث عنها سهم»
«انها باعداد كبيرة يا عطوة»  قال القرش بثبات وعزيمة على التصدي والمواجهة، كانوا ينظرون صوب الطريق الذي ستهاجم منه تلك الكلاب
« سهم، هل قلت انها تتبع الصوت ام الرائحة؟»
« الصوت يا يامن»  رد بنبرة قلق
نظر يامن للجسر وقال« ما رايكم ان نجعلها تهاجمهم وتفتح الطريق لنا؟»
«كيف ذلك ايها الصياد؟»  سال عطوة وهو يركز بوجه يامن الذي استعاد رباطة جأشه
« لنضع اليعاسيب في الجوارب»  وابتسم، لحظات فقط كانت كفيلة بشرح الخطة، تحرك الجميع وخلعوا جواربهم و افرغوا اليراعات فيها و تحركوا بهدوء الى الجانب الاخر من الطريق،  كانت الكلاب قادمة نحو الجسر وهي تهمهم وفجأة علا صوت صياح كأنه مكتوم يخرج من تحت الارض اضطربت الكلاب وهي تبحث بشراسة عن مصدر الصوت الذي لم يكف عن العلو، كان العرندس يختبئ خلف الاشجار ويستخدم ساق قصب لينقل صوته للطرف الاخر من الساق الذي دفعه قدر الامكان بأتجاه معبر الجسر حيث كمن الجنود، اقتربت الكلاب من مخبئ العرندس، نهض عطوة ومعه البقية ليرموا الحجارة واغصان الاشجار واي شيء يعثرون عليه حولهم صوب الجسر لتستجيب تلك الكلاب لذلك الصوت، كان الجنود مرتعبين ويحاولون الهرب من خلال الجسر لكن النائب مضر وضع سيفه على عنق احدهم كتحذير واشار لهم ان لا يصدروا اي صوت في تلك اللحظة لمح النائب سهم فاخذ قوس و وجه سهمه نحو سهم ليقتله، كان سهم مشغولا برمي الحجارة والحصى صوب الجنود و خلال لحظة دفع رامي صديقه بعيدا ليستقر سهم النائب في جذع الشجرة التي كانت خلف سهم، سيطر الغضب على عطوة لينهض وهو يسدد الحجارة بشكل ادق لمكان الجنود فما عاد للتخفي حاجة، مما دفع بباقي البعثة ليحذو حذوه ويخرجون من خلف الاشجار ويلقوا بقوة بتلك الحجارة مصدرين ضجيجا عاليا قرب الجنود، لم يستمر الامر سوى لحظات لتهاجم تلك الكلاب الجنود الذين خرجوا من اماكنهم مرتعدين وعلا صياحهم، توقفت البعثة عن رمي الحجارة وكانوا تحت تأثير الصدمة وهم يرون المجزرة التي احدثتها تلك الكلاب، كان مشهدا مرعبا وهم يرونها تفترس الجنود وتمزق اجسامهم بفكوكها الكبيرة، كان صراخ الجنود المستغيثين يملأ المكان، لم ينتبه الاصدقاء من صدمتهم الا والعرندس يشدهم بقوة نحو الجسر وهو يشير خلفهم، فقد استجابت الشياطين البيض والوحوش البنية ذوات الشعر لصياح الجنود و نباح الكلاب، نظر عطوة بغضب وقال « لقد نفذ ذلك الكلب»  نظر الجميع نحو الجسر كان مضر والحارسين وبعض الجنود يركضون على الجسر تاركين بقية الجنود طعما للكلاب،
«علينا التحرك بسرعة»  قال القرش وهو يراقب بقية الوحوش القادمة بسرعة، واتجه الجميع نحو الجسر بسرعة محاولين البقاء سوية وهم يضربون اي وحش يهاجمهم حتى وصلوا اخيرا لطرف الجسر وقف العرندس عند طرف الجسر وهمس للقرش ان يحمي سهم ورامي امسك القرش بالصبيين وانطلق على الجسر تبعه يامن وعطوة وهزيم،وركضوا سريعا، توقف هزيم و نادى على العرندس « هيا اسرع» لكن العرندس بقي مديرا ظهره نحوهم، وقف البقية وصاحوا عليه ان يتحرك كان يلوح بحربته يمينا وشمالا يمنع الوحوش من عبور الجسر صاح عطوة بغضب وصوت عال « اللعنة يا عرندس هياا»
التفت العرندس نحوهم وعلى وجهه ابتسامة كان وجهه شبه ممزق وبطنه قد تعرضت للنهش حتى بانت احشائه ودمه المتدفق قد كون بركة دم صغيرة عند قدميه
« انا آسف يا رفاق، كنت اتمنى حقا ان اكمل الرحلة معكم» كانت صدمتهم كبيرة وهم يرون العرندس بتلك الحالة، ثم وجه العرندس اخر كلماته لعطوة «لا تفقد احدا منهم، اذهبوا بسرعة» واستدار وهو يوجه المزيد من الضربات، سادت لحظة صمت قبل ان يدفع عطوة البقية بقوة ليكملوا الركض، كان سهم مصدوما وغير مصدق ما حدث، تحرك بخطوات بطيئة نحو العرندس الذي لا زال واقف يقاتل، امسك عطوة بذراع سهم وشده بقوة« تحرك ايها المغفل»  واجبره على الركض رفع سهم عيناه لعطوة،كانت دموع عطوة تتساقط على الارض وهو يجبر الجميع على التحرك، ومن دون ارادة كانت دموع سهم تجري على خديه وهو يودع احد رفاق البعثة،،،،*

كانت البعثة تختبئ على بعد مسافة كبيرة من الجسر الممتد فوق الوادي، همس العرندس « عطوة، سيحل الليل قريبا يجب علينا ان نتحرك» لم يبالي عطوة لكلام العرندس، عاد يامن وهزيم اخيرا من المهمة التي كلفهما عطوة بها، جلسا وهما يهمسان « لقد رصدنا الجنود قرب ال...

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
اسرار الظلام حيث تعيش القصص. اكتشف الآن