نيموبا

19 6 0
                                    

كان الجميع ينتظر كنان بفارغ الصبر ليقول ما توصل اليه، حسب خبرته، وبعد لحظات بدأ كنان بالكلام
« منذ قرابة الثلاثين عاما، كنت في مأمورية للعاصمة، امضيت هناك ايام قبل عودتي، وفي احد الايام  وصدفة مرّ بجانبي مجموعة من جنود يقتادون رجلا كان مؤرخا، كان قد تجاوز الثمانين من عمره،  ورغم انه كان واضحا عليه العلم والعقل الا انهم اتهموه بالجنون و اقتيد لزنزانة داخل القصر الملكي، طبعا كان هذا أمر محير كيف مجنون و تبدو عليه الحكمة ولمَ يعتقل ويسجن في زنازين القصر؟! طبعا لاني كنت من قرية بعيدة لم اعر الامر اي اهتمام الشيء الوحيد الذي شد اهتمامي هو الوسم (شمس تحيط بتاج) على ظاهر كف قائد الحرس كنت انظر لذلك الوسم حتى اقترب شاب مني و همس لي« اتبعني» واكمل طريقه، تبعته في الطرقات كنت ابقي بيننا مسافة حتى انتهى الى زقاق بعيدا عن الضجيج وصل لاحد البيوت وطرق ثلاث طرقات ثم طرقتان ثم ثلاثة ليُفتح الباب ثم دخل، اقتربت من الباب وكان لازال مفتوحا عندها رأيت رجل يرتدي رداءا ازرقا غامق و على كفه وسم كتاب مفتوح وداخله موشور، اشارا لي لأدخل، دخلت معهما كان البيت يبدو عاديا وقد سكنته عائلة كان الاطفال يلعبون وسيدة تعد الطعام في المطبخ سار الرجلان نحو غرفة الاطفال وتبعتهما والغريب ان السيدة واطفالها لم ينظروا الينا كما لو كانوا معتادين على دخول الغرباء او مأمورين بعدم النظر،» تناول قدح الشاي الساخن ليرتشف وهو يحدق في نقطة امامه على الطاولة كانها نافذة للماضي « كان هناك بابا سريا في غرفة الاطفال نقلنا لمكتبه كبيرة غصت بالكتب والمخطوطات قد يحتاج المرئ عشرات او مئات السنوات ليقرأ كل ما فيها،  وكان في وسط الغرفة طاولة صغيرة وحولها بعض الكراسي جلس الرجلان واشارا لي بأن اجلس ليسألني الشاب
«هل انت من القرية نيموبا الساحلية؟»
«اجل» نظر الرجلان لبعضهما «من انتما وما هذه الكتب والمخطوطات؟»
« دعك من هذا فالوقت قصير»  قال الرجل ذو الرداء الازرق« هل ولدت في تلك القرية ام سكنت فيها»
«بل ولدت هناك، ووالدي من قبلي»
عندها بدا ان الرجلان قد وضعا يديهما على كنز ينتظرانه منذ زمن
« اخبرنا»  قال الشاب« ماذا تعرف عن الغابة المظلمة»
«انها على الجانب الاخر من الخليج الذي يفصل بين قريتنا وبينها، لا احد يجرأ على دخولها قط»
« ماذا تعرف عنها»
«لا شيء غير الاساطير، وحوش ومخلوقات، اكاذيب وخرافات»
«ليست كذلك»  قال صاحب الرداء الازرق « انها قصص حقيقية»
استغرب كنان كيف لرجلين يدفنان نفسيهما بين كل اكوام الكتب تلك يصدقان خرافات
« لا احد يعرف تاريخها بالضبط لكن كل ما نعرفه هو انها تحتوي قوة،  سلاح،  شيء ما، من يمتلكه يسيطر على العالم»
نظر كنان لهما ببلادة «احمقان»  هذا كل ما كان يفكر فيه، حتى قاطعه الشاب «ربما تظن اننا احمقان لتصديق هذه الحكايات لكنها الحقيقة»
«انت محق، انتما احمقان» ثم نهض من مكانه ليغادر لكنهما حاولا ايقافه «انتظر يمكننا اثبات ذلك لك»  «لست مهتما» وتركهما وغادر لحق به الشاب عند باب البيت نظر كنان ليد الشاب فسأله
«ما هذا الوسم الذي يحمله صديقك؟»  نظر الشاب يمنة ويسرة ليتأكد عدم وجود مارة و فتح ازرار قميصه ليكشف عن كتفه الايسر الذي طبع عليه الوسم (كتاب مفتوح وعليه موشور)«تعني هذا؟»
«اجل»
«انه وسم جماعتنا الأسياد»
نظر كنان بلا مبالاة يبدو انهم مجموعة حمقى بأسم غبي، و همَّ بالمغادرة قبل ان يسمع الشاب يقول له
« عد الينا ان اردت الحقيقة»
«دعه، فهو ليس المنشود»  نظر كنان بفضول لذو الرداء الازرق «المنشود؟»
« ليس انت ولكن ان رأيته فأخبره ان يبحث عنا» تحرك خطوة قبل ان يلتفت ويسأل
« ماذا عن الوسم الاخر اعني الشمس والتاج؟»
«انهم اعدائنا»
غادر كنان المكان دون ان يفهم شيء وربما لم يهتم اصلا،،،
« القائد داغر يحمل وسم التاج والشمس»  قال شاهين « ربما الجماعة الاخرى بل انا متأكد انهم بعكسه تماما»
«بماذا تفكر يا شاهين؟» سأل فواز وهو يحدق اليه
«انا لا اهتم بصراع الجماعتين ولست مهتما اصلا بما تحتويه تلك الغابة الملعونة اريد فقط حماية حفيديَّ، ان كانت الجماعة الاخرى ستوفر لنا الحماية سأذهب اليهم»
«هل انت مجنون»  صاح به بغضب « ان كانت جماعة حراس العهد مدعومين من الملك فلا بد ان الاسياد اعداء الملك»  سكت شاهين متحيرا
« شاهين، اعرف انك تريد حماية حفيديك، ولكن يا صديقي، انت مخطئ» رد جهاد بهدوء
صمت شاهين لبعض الوقت قبل ان يقول
« اين مقرهم يا كنان؟»
صرخ به فواز مجددا« هل جننت؟!»
«اسمعني يا فواز،  قد احتاج لهم في يوم من الايام قد يكونون الحل الوحيد في مرحلة ما،» سكتوا قليلا  «انه محق ساحاول ان ادون لك كل التفاصيل التي اذكرها، واحاول ان ارسم خريطه لذلك المقر الغريب»
قال صفوان الذي بدا شاردا « ولكن ماذا يعني شعارهم»
«الشمس ربما الجماعة»  قال عجرم « والتاج، الملك نفسه لهذا يحظون بدعمه،  اما الاسياد فالكتاب العلم ولكن الى ماذا يرمز الموشور  ؟»
«هل يعني انهم يحاولون حماية الغابة المظلمة وسرها الكبير ومنع الحراس من دخولها؟»  كان السؤال صادما بحد ذاته،كيف يحمون غابة مليئة بالوحوش ولا يجرؤ احد من الاقتراب منها؟ والاعجب انه صادر من أجوان التي جلست على الدرج تراقب حديث الرجال،  ليسكت الجميع وهم يحدقون بها، لقد انتبهت لأمر قد غاب عنهم،
«لماذا قد يحمون الغابة او سرها بالتحديد؟  اذا كان السلاح المخبأ فيها او القوة ستفيد المملكه فلمَ يحاولون ابقائها بعيدا عن يد الجيش؟»  تسائل سهم هو الاخر،
« ان كان الملك يدعم مجموعة مرتزقه ويمنحهم سلطة أعلى من ضباط الجيش، فهل تظنه ملكا صالحا؟» ردت أجوان
« لكن تلك القوة ستخدم الشعب»
«ان كانت باليد الصحيحه فقط يا سهم»ردت ببرود وهي تنهض من مكانها تتجه للغرفة « لكن ملك يحتمي ببعض القتلة ويلقي بجيشه بين الوحوش ليملك قوة ليسيطر على العالم،  هذا الملك يجب ان يقتل»  وفتحت باب الغرفه لتلج داخلا تاركة الجميع في حيرة، كانوا يحاولون حماية من فاقهم ذكاءا و نباهة،،، 
مضى بعض الوقت قبل ان يفتح الباب ويسمعوا صوتا قادما من الخارج
« الى ماذا توصلنا من هذا الأجتماع يا سادة؟»  ليدخل القائد. داغر ومساعده مضر وبعض الجنود
نهض الجميع ولم يردوا عليه في حين توجه كنان ليرحب به محاولا تقليل توتر اصحابه خشية ان يتفوهوا بخطأ يودي بهم جميعا
«تفضل سيدي،  ليس اجتماعا مهما على اي حال»
« يبدو انكم تجتمعون كثيرا»  قال القائد داغر قبل ان يجلس ويشير اليهم ليجلسوا
«نقضي معظم نهارنا في العمل لنسرق بعض الوقت لنجتمع ونتحدث»  اجاب شاهين
«ربما عليكم بذل المزيد من الجهد اذا عندها لن تتمكنوا من سرقة شيء»  كان تعليقا مستفزا لكن الجميع سيطروا على اعصابهم  ، نهض سهم وتمنى لهم ليله سعيدة وقبل ان يدخل الغرفة
« توقف»
توقف سهم في مكانه
« هل انت ابن مروان» اخذ قلب سهم ينبض بقوة لسماع اسم والده، كان متوترا كيف يعرف هذا القائد ولده ولكن سرعان ما اندفعت أجوان من غرفتها لتسدد ضربة قوية لوجه سهم
« احمق،  غبي، سهم انا اكرهك»
صاح شاهين ليهدأها و ينبهها لوجود الحرس الملكي، لكنها لم تهتم واخذت تهاجم سهم حتى اُجبر شاهين على حملها وادخالها للغرفة، استأذن سهم ولحق بهما للغرفة وصراخ أجوان المزعج يملأ المكان،  لينزعج القائد ويغادر وهو يقول « على العجوز السيطرة على تلك المتوحشه»  غادر الجنود وبعد عدة لحظات انتهت نوبة غضب أجوان ليخرج سهم الغاضب وجده من الغرفة و يتفاجأا بمغادرة القائد داغر.
« كنت اخشى مما يريده ذلك المرتزقه من سهم لكن جنون أجوان و غضبها انقذ الموقف» قال جهاد ساخرا،  ليبدأ الرجال بالضحك عدا كنان الذي سأل «مالذي اثار غضبها؟»
«يبدوا ان احدهم مزق بعض دفاترها وكانت تظن انه سهم»  لتبدأ موجة تعليقات ساخرة من الحادث وضحك مستمر شارك به الجميع عدا كنان،،  في تلك اللحظة انفتح الباب عن شخص كان يجب ان يصل بالأمس  لكنه تأخر على ابيه وما ان قال «مرحبا»
حتى قفز جهاد من مكانه يحتضنه ويعانقه ويقبله ودموعه على خديه،  كان الموقف مشحونا بالعواطف انسى سهم وشاهين غضبهما على أجوان،،،،،*

اسرار الظلام حيث تعيش القصص. اكتشف الآن