تلك الليلة

36 5 1
                                    

شارفت شمس اليوم الثاني على الغروب، وبدا على الجميع التعب واليأس من العثور على الفتى او جثته، وبدأت القوارب تنسحب نحو الشاطئ معلنة استسلامها، ليكون قارب جهاد اخر المنسحبين حاملا شاهين وعلى وجهه تعابير اليأس، ربما ادرك في داخله ان نجاة الفتى اصبحت غاية صعبة المنال،.
ترجل من القارب وكانه جسد غادرته روحه تعثر وهو ينزل ليسارع الرجال القريبين منه لأمساكه وأسناده، سار عدة خطوات بعد ان ابعد ايدي الرجال عنه ثم وقف و بدا يتفحص وجوه الفتية بنظرة عميقة كأنه يحاول ايجاد سهم بينهم، حتى وقعت عيناه على رامي محمر العينين لشدة البكاء على صديقه، اغمض شاهين عينه بألم وحسرة ثم فتحهما مجددا واعاد النظر لوجوه الفتية كأنه يريد ان يستيقظ من ذلك الكابوس، استدار نحو الخليج لتبدأ الحسرات بالخروج مع زفير انفاسه كأنها عشرات الشفرات الحادة تمزق صدره، واستجمع كل قوته واطلق صرخة « ســـــهـــــم»« بني ســــــهـــم» ثم سقط على ركبتيه ليبدأ نشيجه وبكائه، صاحبه صوت بكاء النسوة وبعض الرجال من الذين لايزالون يقفون عند الشاطئ، وحتى بعض الصبية جلسوا في اماكنهم على الرمال ليشاركوا تلك اللحظه المؤلمة، في حين اقترب رامي ليجلس على ركبتيه لجوار شاهين ويشاركه الصراخ «سهــم، ســهـم».
مسح الضابط كنان دمعته بطرف اصبعه بسرية «احمم، نيابة عن اخي وصديقي شاهين ارغب بشكركم جميعا، لقد بذلتم مجهودا كبيرا، ارجو منكم العودة لبيوتكم بدأت الشمس بالمغيب، شكرا لكم، شكرا لكم» وبدا يودع القرويين وصافح بعضهم، ثم توجه نحو رامي ليساعده على النهوض وهو يطلب منه ان يكون قويا وان يعود للبيت قبل الظلام، لم يبق احد عدا جهاد وابنه نائل والصياد المخضرم والاخر الشاب وشاهين الناحب على فقدان حفيده سهم، عندما نهض رامي اخيرا مستجمعا نفسه كان يمسح دموعه بكم قميصه والضابط كنان يسنده ليتوجه للبيت، تقدم الصياد الشاب نحو شاهين و جلس القرفصاء امامه وكان باديا عليه التردد حتى قال اخيرا « سيد شاهين، انا صفوان واعمل صيادا هنا منذ احد عشر عاما» لم يعره شاهين اي اهتمام واستمر بالتحديق صوب الخليج ودموعه منهمرة، تلفت صفوان وهو يمسك بقبعته القماشية بكلتا يديه بتوتر وتردد، التفت صفوان نحوه كأنه يدقق بمن بقي معهم قبل ان يعيد نظره لشاهين ويكمل حديثه « سيد شاهين قد... يكون.. احمم.. اقول قد.. لانه ربما اكون مخطئا، ولكن ماذا لو،.. » وسكت لكن الضابط كنان بادره « صفوان قل ما لديك انت تزيد من توتر الوضع»
«حسنا سيدي،،،، اعتقد انه... هناك أمل ان... ان،، نجد سهم» ما ان نطق اسم سهم حتى انتفض شاهين كأسد انقض على فريسته وهو يمسك بكتفي صفوان «أين؟ قل، لا تسكت» كان منظر وجه شاهين الفزع وعيونه الدامعه تصف مشاعره، تلعثم صفوان قليلا قبل ان يرد« في الغابة المظلمة».
اخيرا وجد سهم ملجأ ينام فيه الليلة كانت حفرة صغيرة تحت شجرة كونت جذورها العملاقة التي كانت بداياتها خارج التربة ـ كونت مدخل ذلك الملجأ تمكن سهم من الزحف خلالها واستقر في الداخل، واخذ يتفقد ملجأه الجديد لكنه قرر انه لا يريد مفاجآت ليلية من تلك المخلوقات المرعبة، فقد يحاول احداها الدخول في حال التقط حركته او رائحته، زحف مجددا للخارج وجمع بعض الاغصان القوية وبعض الفروع التي لازالت تحتفظ بأوراقها بكثرة وعاد بسرعه وخفة نحو وكره الصغير، رتب تلك الاغصان القوية بطريق متشابكة مع بعضها كما يفعل نساجو سلال القش بعدها استعمل الاغصان ذات الاوراق ليضعها بين الاغصان القوية لتكون تمويها تحول دون الرؤيا، وبعد عدة محاولات تمكن اخيرا من ادخال بوابة وكره ليثبتها من الجوانب معتمدا على جذور الشجرة العملاقه لتكون حماية اضافية له من زائري الليل غير المرغوبين.
تجمع الرجال الستة و كان معهم رامي الذي امتنع عن المغادرة بعد ان سمع بأمل لايجاد صديقه في كوخ الصيد الخشبي التابع لجهاد حيث يترك ادوات صيده من صنانير وشباك وغيرها من الطعوم وخطاطيف،
كان الليل قد حل اخيرا وكل واحد من اولئك الرجال ظهرت عليهم تعابير مختلفه تنوعت ما بين الوجوم والخوف والتردد والقلق.... والسعادة...
« لا اعرف كيف تجول بخاطرك فكرة حمقاء كهذه يا صفوان، هل جننت؟» قال الضابط كنان
« ولماذا جُن؟ انه محق، فنحن لم نبحث عن سهم عند الغابة المظلمه» اجاب شاهين الذي اشرق وجهه بمسحة امل
« اسمعني يا شاهين، هناك سبب منطقي لعدم اقتراب احد من تلك الغابة»
«خزعبلات وخرافات» رد بقوة« لن تحول تلك الشائعات بيني وبين حفيدي يا كنان»
« ماذا لو كانت حقيقة؟»
« تراهات يا كنان تراهات، لن تخيفني قصص الاطفال وحكايات الجدات» رد بعصبية
« الجميع يعلم انك لا تخاف يا شاهين» قال جهاد بهدوء« لكن المنطق يفرض علينا التروي والتصرف بحكمة»
«حكمة!! قد يكون سهم هناك وانت تتحدث عن الحكمة امامي؟» ازداد هياج الشاهين
« اخبروني يا سادة، ماذا لو كان احد ابنائكم هناك؟ هل كنتم ستجلسون للتشاور هنا والتحدث بحكمة؟»
« شاهين، لا احد هنا يقلل من حجم المك، والجميع يريد ان يساهم في انقاذ سهم» رد جهاد بعصبية «لذا لا تتصرف بلؤم»
نهض شاهين من كرسيه وواجه صديقه بنظرات غاضبة « اتصرف بلؤم؟! حسنا يا جهاد انا اتصرف بلؤم وانانية، حين يكون الامر يخص سلامة حفيديَّ ساكون لئيما وانانيا» نهض جهاد من على برميلا خشبيا صغيرا كان جالسا عليه ووقف قبالة صديقه يواجهه بغضب « منذ يومين انا وولدي وكل الصيادين سحبنا شباكنا وتركنا عملنا الذي يعيل عوائلنا لنقف معك ونبحث عن سهم، لاننا نعتبره ابننا ايضا، اهكذا ترد لنا الجميل يا شاهين؟؟»
« وهل تريد انته واصحابك مقابلا لمساعدتكم؟ أتمن عليّ يا جهاد؟» عندها تدخل كنان ليهدأ الاثنين ووقف بينهما واضعا كفيه على صدريهما ويدفعهم للخلف بلطف « توقفا ايها العجوزان الخرفان... هل علي ان اعطيكما بعض الدروس والنصائح في كيفية التعامل مع الاصدقاء؟» عاد كل منهما لمكانه وجلسا وبعد عدة لحضات من الصمت وجه شاهين نظره لصديقه « عليك اللعنه يا جهاد، انا آسف»
« اللعنة عليك يا صديقي وانا كذلك» ثم وقفا يتعانقا وتصالحا سريعا « انت تعرف ما امر به اخشى ان تتحقق اسوء مخاوفي»
« اعلم وعليك ان تعلم بأني اشاطرك ذات الشعور»
« حسنا، » بادر الضابط كنان « بما ان العجوزين قد تصالحا دعونا نعيد التفكير بالأمر» ثم تفحص الجميع بنظرة سريعة قبل ان يقف بنظره على صفوان « صفوان، لم فكرت بالغابة المظلمة رغم اتساع عرض الخليج؟ ومن المستحيل ان يصل الفتى هناك، اخبرني هل تخفي شيئا؟» نظر الجميع لصفوان المتوتر « ولماذا سيخفي شيئا يا كنان؟ هل تشك انت بشيء؟»
«اجل يا شاهين،» رد وهو لايزال يرمق صفوان بنظرات متفحصة ثم اقترب منه خطوات وهو يقول « لقد لاحظته في اليومين السابقين يطيل النظر للغابة المظلمه،كأنه يبحث عن شيئا ما، لكني لم اعرف ما الذي يبحث عنه تحديدا» وقف على بعد بضعة خطوات من صفوان، الذي تبادل بعض النظرات مع الصياد المخضرم، كان. الصياد قد جلس على صندوق خشبي وضعت فوقه بعض الحبال وقد أسند مرفقيه على ركبتيه ووضع كفيه مقابل بعضهما لتتقابل اطراف اصابعه، وكان يوزع انظاره على المتواجدين بالكوخ الخشبي، بعد ان اطال النظر على صفوان اطرق رأسه قليلا قبل ان يزفر بعض الهواء سريعا « اللعنة عليك يا صفوان لقد حذرتك» ثم رفع رأسه نحو الرجال قبل ان يبدأ
« منذ سبعة سنوات كانت ليلة عاصفة و ممطرة ورغم تحذيراتك لنا» ووجه نظره لكنان وتابع « خرجنا للبحر، فقد كانت فترة رحلة السلمون وكنا قد عقدنا العزم على صيد اكبر كمية ممكنة» نهض من مكانه واتجه نحو ابريق الشاي الذي يصفر بقوة واخذ يسكب بعضا منه في اكواب وهو مستمرا في سرد قصته و اشار للرجال واحدا بعد اخر كدعوة للشرب رفض شاهين وجهاد وتناول كنان و نائل و صفوان اكواب الشاي وهز رامي راسه بالرفض بعد ان قدم له كوب « مأخوذين بالجشع والطمع ونحن نحسب كمية المال الذي سنكسبه جراء ذلك الصيد الوفير غير مبالين لشدة عصف الرياح وقوة الامطار» جلس في مكانه على صندوقه الخشبي وارتشف بعض الشاي الساخن وهو يحدق بالبخار « كنا حمقى فعلا ودفعنا ثمن حماقتنا غالية» اطرق صفوان راسه للارض كانه يواجه ماضيه المؤلم اخيرا « كنا خمسة رجال، انا و ولدي بحر و صفوان واخيه الاكبر جسار ورجل اخر اسمه نمير كان يلقب بالمخلب لمهارته بأستخدام السكين» ارتشف الشاي مجددا بعيون جامدة كأنه يرى تلك الليله مجددا « كنا مسيطرين على القارب والشراع وكان الامر بالنسبة لنا كتحد وكانت صياحتنا وضحكاتنا تعلو غير آبهين بما حولنا حتى ساءت الامور وخرجت عن السيطرة، انكسر الشراع و احدثت الامواج القوية شروخا كبيرة في بدن القارب امتلئ سريعا بالماء، لم نتمكن من اخراج الماء او فعل شيء غير الصراخ والتشبث ببعضنا» سكت قليلا محاولا اخفاء عبرة حزن « سقط ولدي في البحر وصرخ بأسمي في كل مرة يصعد فيها للسطح، كنت احاول القفز خلفه لكن مخلب امسك بي بقوة ومنعني» و امسك عن الكلام كان الحزن قد تمكن منه وهو يتذكر لحضات ابنه الاخيرة، عندها اكمل صفوان « لم يدم الامر طويلا حتى انقلب القارب بنا وكنا في الماء نتخبط من اجل بعض الهواء عندها صرخ المخلب بوجود شيء ما تمسك برجله وتسبب بجرح عميق، كنا نظن في البداية انه بحر لكن الجرح بدا صنيع شيء ما، وحش ما تحت الماء، تحتنا» رفع الصياد المخضرم رأسه ليستكمل حديثه « كنا نظن انه احد القروش او اسماك الانقليس، كنت قد قررت اللحاق بولدي لكن مخلب بذل جهده ليرفعني فوق القارب المقلوب كما قام جسار بمساعدة صفوان على التسلق فوق القارب وقبل ان يبدأا جسار والمخلب بالتسلق امسك بهم ذلك المخلوق وجرهم نحو الماء، لكن الرجلين لم يقررا الموت تلك اللحظه وقاوما بقوة حتى ان مخلب جرح احد تلك المخلوقات»
كان الجميع يستمع بأنتباه شديد كأنهم يخشون ان تفوتهم كلمة من حديث الصيادين
«مخلوقات!؟» تسائل كنان برباطة جأش تليق بضابط شرطة حافظ على هدوء القرية لمدة اربعين عاما « أيُّ مخلوقات تعني» تبادل صفوان و الصياد النظرات قبل ان يجيب الصياد « لا نعرف، لم نتمكن من رؤيتها او تحديد اشكالها، لكن كان واضحا انها تمتلك مخالب و انياب»
« مخالب وأنياب؟؟!!» تسائل نائل بخوف وتوتر
« أجل،» ورمقه الصياد بنظرة واثقه
«حسنا» قال كنان وهو يتقدم خطوة نحو الصياد «ما الذي حدث بعدها؟»
« قاوم الرجلان كثيرا قبل ان تبدأ تلك المخلوقات بسحبهما نحو الغابة المظلمة، كانا متمسكين بالقارب وكنت امسك بمخلب» واشار براسه نحو صفوان « وصفوان يشد بيد اخيه جسار،» ساد الصمت لثواني قبل ان يكمل تلك القصة الغريبة
« لم نتمكن من الصمود كثيرا، فكاد القارب ان ينقلب مجددا بنا عندما نظر جسار ومخلب لبعضهما ثم أفلتا ايدينا وسط صيحاتنا و غاصا تحت الماء، لم يكن بيدنا حيلة غير الصراخ، وما هي الا لحظات حتى بدا القارب يهتز بنا كان شيء ما يحاول ان يوقعنا عنه، كنا قد ادركنا انها تلك المخلوقات، لا اعلم كيف فكرت بهذا لكني شعرت ان صياحنا هو ما اجتذبها لذا طلبت لصفوان ان يسيطر على نفسه ويسكت لكنه استمر بالصراخ على اخيه» اطرق صفوان راسه خجلا، لكن الصياد المخضرم ضحك وقال « كان صراخه مفيدا، فقد قلبت لنا شياطين البحر تلك القارب و تمكنا من الصعود عليه مجددا ورغم الشروخ والماء المتدفق لكنه كان طوق النجاة الوحيد لنا، حافظنا على هدوئنا ما استطعنا وكانت تلك المخلوقات قد رحلت فعلا، اظنني كنت مصيبا بكونها تنجذب نحو الاصوات» توقف وهو ينهي ما تبقى من الشاي في قدحه
« اكمل،، ماذا حصل بعدها؟» استفسر شاهين متعجلا الصياد، نظر اليه الصياد ثم قال
« لا اعرف، لكن العاصفة هدأت أخيرا وبعد بضع ساعات تقشع ضوء الفجر وكنا هناك، على مقربة من تلك الغابة الملعونه، عندها رأيناها، على الساحل، راينا تلك المخلوقات القذرة وهي تمزق جثة جسار ومخلب بوحشية تمزق لحومهم بانيابها بعد ان تغرسها فيهما وتشدها بقوة ليتقطع لحمهما بافواهها القذرة وتلوكها كأنه طعامها المفضل لتعود و تقضم مرة اخرى» ثم فاضت عيناه سريعا بالدموع « لقد رأيت جثة ولدي هناك ايضا، لقد اكلت تلك الشياطين ولدي بحر، لم تبقي شيء على وجهه الجميل غير بعض اللحم القليل، كانت تنتزع منه اللحم مرة بعد مرة، مرة بعد مرة، مرة بعد مرة» عندها اقترب الضابط كنان منه سريعا ليحتضنه بقوة في حين راح الصياد يجهش بالبكاء كطفل صغير وهو يقول « لقد كانت عيناه مفتوحه، كان ينظر الي، كان ينتظرني لأنقذه، لابد اني خيبت امله، لقد ابحرت بولدي للموت، لقد قتلته بنفسي بسبب جشعي وطمعي» واستمر بكائه المر لوقت ليس بالقليل في حين اتجه جهاد نحو صفوان واحتضنه بقوة بعد ان اجهش بالبكاء هو الآخر بعد ان تذكر تلك الليله المشؤومة، كان شاهين واقعا بصدمه، فلم يكن يعرف هل يكون مسرورا بأمل نجاة سهم على ساحل الغابة المظلمة ام مرعوبا ومتوقعا موته بالطريقة البشعة تلك. بعد بعض الوقت بعد ان استجمع الرجلين نفسيهما قال كنان « الآن ماذا ستقررون لنفعل؟» اجاب الصياد المخضرم
« لا ترفعوا سقف آمالكم كثيرا» ونظر لشاهين بأسف « فقد يكون الآوان قد فات لإنقاذ الصبي»
لم يجب شاهين، فبعد الذي سمعه قد يكون الصياد مصيبا، لكن صوتا قاطع تفكيرهم
« ولكن قد يكون سهم لا زال حيا ينتظر الانقاذ»
نظر الجميع لرامي الذي تقريبا نسوا وجوده، اخذ جهاد بعض الانفاس ثم اقترب من شاهين
« حسنا، غدا سنبحث على ساحل الغابة المظلمة» لم يرد شاهين فهو لا يريد المخاطرة بحياة اي شخص آخر عدا نفسه، ربما ادرك جهاد شعور صديقه فقرب رأسه من رأس شاهين رغم ان شاهين اكثر طولا لكن جهاد بدا اكثر بدانه « ألست من قال ان سهم فتى قوي ولن يستسلم بسهولة؟»
تبادل الاثنان ابتسامة خفيفة قبل ان يقول شاهين « حسنا سأذهب مع الفجر لابحث عن سهم هناك»
«سأرافقك ايها الخرف» اجاب جهاد دون تردد « فانا اجيد الابحار»
«سآتي انا ايضا يا ابتي» قال نائل وهو يحاول ان يستجمع شجاعته لكن شاهين رفض ايده جهاد
« شاهين محق،» وضع كفيه على كتفي ولده وأراح راسه على رأس نائل « انت رجل البيت في غيابي، لا يجوز ان يخلو البيت من كلانا، أليس كذلك؟»
وابتسم ملاطفا ابنه الذي هز رأسه موافقا ثم تحرك جانبا، وقف صفوان وقال «سأذهب انا ايضا» لكن الصياد رفض وقال «لا انا من سيذهب» وبعد نقاش لم يدم طويلا فاز عناد صفوان، وجه شاهين نظره للضابط كنان « كنان، اريد منك خدمة» رفع كنان يده امام وجه شاهين واطرق برأسه « أعلم، أعلم، لا تقلق سأعتني بالمنارة وبأجوان حتى عودتكم سالمين برفقة سهم» تعانقا قليلا ثم خرج كنان مصطحبا رامي بعد ان ودع رامي شاهين ووعده ان يعتني بأجوان حتى عودتهما هو وسهم وغادر نائل برفقتهما.
وقف الرجال الاربعة ينظرون لبعضهم وقبل ان ينطق شاهين محاولا شكرهم، بادره الصياد « لا تفعل، فنحن نشعر بالذنب لنجاتنا تلك الليله، لعلنا بأيجاد حفيدك نتمكن من مسامحة نفسينا اخيرا او نلحق بمن فقدناهم هناك» هز صفوان راسه بالايجاب، ثم قاطع لحظة الصمت تلك صوت جهاد وهو يقول
« حسنا لنحظى ببعض النوم قبل ان ننطلق فجرا»

اسرار الظلام حيث تعيش القصص. اكتشف الآن