عطوة

20 6 0
                                    

استمروا بالتسلق رغم صعوبته بسبب افقية الصخور وغالبا لم يجدوا ما يتمسكون به فكان يتوجب عليهم الالتفاف لجانب اخر ليجدوا حواف يمسكون بها، كان عطوة يتجاهل جروح اصابعه بسبب التسلق ويتابع تقدم الجميع، فقد عقد العزم على ان لا يخسر احدهم مجددا،«لن أعود بأخبار موتهم للمرجانة» ردد في نفسه، كان الليل قد انتصف وعطوة يحثهم على المواصلة والتقدم 
« هيا يا اصدقاء لن نسمح لذلك المرتزقة ان يضع يده على السلاح،هيا من اجل من وضع ثقته بنا» وسحب نفسه يتسلق « من اجل من قتل على يده» وارتفع مجددا « من اجل من ينتظرنا بالخليج» تسلق اعلى « من اجل العرندس»  وسحب نفسه اعلى «من اجل جدي شاهين»  رد سهم وهو يتسلق بقوة، نظر اليه عطوة و قد حول مشاعر حزنه الى اصرار وغضب
« من اجل ابي عجرم» 
« من اجل خالي ادهم»
«من اجل العم جهاد»
«من اجل العم فواز و صفوان»
«من اجل السيد كنان » ردد  سهم وهو يتخيل جميع الوجوه فوقه تناديه ليستمر بالتقدم كان يتخيل وجه جده شاهين يبتسم له وهو يشير له ليتسلق اعلى فأعلى اخيرا وصلوا لربع ارتفاع الجبل حيث ظهر طريقا سويا يصل لقمة الجبل، ما ان وصلوا حتى جلسوا يرتاحوا من مشقة التسلق بعد جهد كبير، كانت مشاعر الحزن والغضب مسيطرة عليهم لذا لم ياخذوا وقتا في الراحة ونهضوا يكملون طريقها سيرا صعودا نحو اخر موقع حدد على طريق الفراشات،،   
في ذلك الوقت كان القائد داغر قد وصل برفقة حرسه والجنود المتبقين من قواته قريبا من الطريق الجبلي، ما ان حاول الصعود لذلك الطريق حتى انزلقت الخريطة منه ووقعت في شقوق الصخور صاح على احد حراسه الذين كانوا قريبين منه ان يمسك الخريطة حاول الحراس ان يصل للخريطة واضطر ان يتسلق نزولا للوصول لها اكمل القائد تسلقه، وما ان وصل للطريق الحجري اطل براسه يترقب ذلك الحارس، اخيرا تمكن من التقاط الخريطة، نظر لقائده ضاحكا وهو يلوح بالخريطة ثم بدأ بالتسلق ورفع يده ليسلمها لداغر ، عندها سمعوا صوت رفيف قريبا منهم، اخذوا يبحثون بالانحاء عن ذلك الصوت اما داغر خطف الخارطة من يد الحارس وابتعد عن الحافة ملتصقا بالجبل ، حاول الحارس التسلق وهو مضطرب يتلفت حوله، بعد عدة لحظات ظهرت سحابة سوداء تتحرك بغرابة قريبة منهم لحظات فقط و اتضح سرب الدبابير السوداء الذي كان  اكبر من الدبابير العادية وله وجه شبيه بوجه الخفافيش و ناب رفيع يعادل طول جسمه واقتربت جدا منهم وفجأة هاجمت احد الجنود اخذ الجندي يصرخ وهو يحاول التهرب من اللدغات المؤلمة ليصرخ اخر متوجعا من اللسعات ، في تلك اللحظة امسك القائد بذلك الحارس الذي جلب الخريطة وجرح يده بخنجره ودفعه بعيدا عنه وانطلق سريعا على الطريق الجبلي، كان مضر يقف لجانب القائد ورأى ما فعله داغر التفت لذلك الحارس الذي بقي متحيرا من تصرف قائده وابتسم له بخبث وقال
«الم اخبرك ان القائد سيفعل اي شيء للحصول على ذلك الكنز؟» ثم انطلق راكضا بأثر سيده داغر تاركين الحارس والجنديين يصارعان موتا بشعا، كانت تلك الدبابير تهاجم باعدادها الكبيرة ضحاياها مستخدمة انيابها لتمزق جلودهم ثم تمتص الدم النازف، سقط احد الجنود من فوق الجبل في حين وقع الحارس على الارض ميتا مغطى بمئات الدبابير الى جانب الجندي الاول،،
كان الرفقة يمشون متعبين تحدوهم عزيمتهم و اصرارهم على الوصول عندما سمعوا صراخ الجنود
« المرتزقة»  قال عطوة بغضب وعاد لأسفل الطريق عدة خطوات قبل ان يمسك به القرش
« الى اين يا عطوة؟» كانت نظرات القرش الحادة تعبر عن جدية مواجهته لعطوة « ابتعد يا قرش لن ادع ذلك الكلب حيا»
«لا لن اسمح لك، لقد وعدت القبطان ان توصل سهم حيا لموقع السلاح»  انزل يده من ذراع عطوة وامسك بسيفه ونظر له « ان كان على احد ان يواجه ذلك المرتزقة سيكون انا» وتحرك خطوة نحو منتصف الطريق الحجري قاطعا الطريق على من اراد المرور، ثم نظر لعطوة وقال « خذهم عليك حماية الفتية وايصال سهم لموضع الفراشة الملكية»  و استدار مستعدا للمواجهة، كان الفتية ينظرون للقرش والصدمة تعلو وجوههم، صرخ القرش بهم بغضب
« هيا اذهبوا»
تحرك الجميع وهذه المرة بالركض السريع تاركين القرش وحيدا لمواجهة داغر وجنوده،  وصلوا مسافة وتوقفوا يلتقطون انفاسهم التي صارت ثقيلة بسبب ارتفاع الجبل و الضغط الجوي،
«لماذا توقفتم ايها الاوغاد؟  هيا اسرعوا»  وحاول ان يجبرهم على التحرك لكن الفتية كان لهم رأي آخر «كلا» رد سهم بغضب وهو منحني على ركبتيه« لن استمر بالهرب وارى من حولي يتساقطون امواتا واحدا بعد واحد» وقف بقوة وغضب « لقد قتل جدي و العم جهاد والعم عجرم والعم فواز و صفوان والعرندس لاني اهرب في كل مرة، لن اهرب هذه المرة ليقتل القرش ايضا» كان غضبه وانفعاله كفيلين بشرح عناده هذه المرة، نظر عطوة لوجوه الفتية وكان يرى فيها ذات الغضب والانفعال الذي يراه بوجه سهم،  تنفس واطلق زفير ثم ابتسم « يبدو ان من يدخل الغابة ينضج بسرعة،  حسنا ايها الاوغاد بماذا تفكرون؟»  ابتسم الصبية وبان الفرح عليهم، رد سهم بثقة « ننقذ القرش»
كان القرش قد التحم فعلا بقتال ضد جنود داغر الغاضب وهو ينظر خلفه كان يعلم ان تلك الدبابير لن تكتفي بثلاثة وستأتي لتطالب بالمزيد ولكن عناد واصرار القرش بقطع طريقهم سيجعلهم على قائمة المفقودين في هذه الغابة اصدر امره لحراسه ان يهاجوا القرش، رغم الجراحات التي تعرض لها القرش لكنه ابدى قوة لا يستهان بها لمواجهة الاربعة وهو يسد عليهم الطريق رغم تراجعه بين فينة واخرى صرخ داغر بقوة وهو يسمع رفيف الدبابير «هيا اقتلوه اقتلوه»  ابتسم القرش وهو يوجه سيفه امامه و يقول« لمَ لا تأتي الي بنفسك ايها المرتزقة»
كان تحدي القرش لداغر لا يحتمل لكن هناك ما يشغله الان فصرخ بقوته « اقتلوا هذا الوغد ايها الحمقى»  تقدم مضر لينظم للاربعة في قتال القرش لكنه وقف في مكانه وهو يرى احد الجنود يسقط صريعا بسهم اصيب به في صدره، كان يامن يجلس على ركبته وهو يسدد سهامه في حين هجم بقية الفتية بقوة وهم يصرخون ليوجهوا بعض الضربات للجنود 
غضب القرش «مالذي اعادكم؟ لماذا عدتم؟»
رد عليه هزيم « لانقاذك يا صديقي»  ومد يده ليسند القرش وسحبوه في حين كان الفتية وعطوة يصدون ضربات الجنود وهم يصرخون ويامن يسدد سهامه رغم انه لم يقتل احدا لكنه اصاب بعضهم، صاح بهم عطوة «هيا تراجعوا» ما ان ابعدوا القرش عن المواجهة حتى انطلق سهم ورامي يسندوه للهرب وعاد هزيم لعطوة يصدون الجنود واخيرا سدد يامن سهما قاتلا لاحد الحرس تمكن على اثره عطوة وهزيم من الهرب خلف الفتية، في تلك اللحظة كان داغر يقف متصنما وهو يهمس «المنشود»
اقترب منه مضر بسرعة وهو يشد ذراعه بقوة «سيدي الدبابير» انطلق الجنود مع داغر باسرع ما لديهم متخلين عن رفاقهم الذين وصلتهم الدبابير،، وعلى مسافه ليست بعيده كانت الرفقه يركضون بأسرع ما لديهم ولا زالوا يجهلون امر الدبابير، كان القرش ينزف كثيرا وهم يحاولون اسناده ومواصلة الهرب امسك عطوه بالقرش واسنده الى جانب رامي في حين انطلق سهم امامهم ليستكشف الطريق وكان يامن يحرس مؤخرة الرفقة بسهامه وقوسه والى جانبه هزيم، كان سهم يبحث عن اي شيء يمكن ان يساعدهم وفجاءة لمح كهفا الى جانب الطريق كان مدخله ضيق يسع لمرور شخصا واحد زحفه سهم داخل الكهف ووجد ان داخله متسع زحف الى الخارج وعاد ادراجه اقترب من عطوه وهمس له بأنه وجد كهفا نظر عطوه خلفه رغم انه ادرك خطورة التوقف لكن حسب ظرفهم الان لا بأس بالتأخر  هز راسه لسهم و تحركوا بكل ما لديهم من سرعة وما ان وصل سهم للمدخل الكهف حتى انزلق لداخله تبعه رامي ثم القرش اخذ سهم ورامي يشدون القرش حتى دخل ليدخل عطوة ثم يامن، كان هزيم يراقب وصول الجنود وادرك انه لو دخل سيرونه لذا قرر ان يغلق مدخل الكهف وهو يشير لاصحابه ان يهداوا ولا يقلقوا، وضع حجرا لم يكن كافيا لسد المدخل لكنه كان تمويها جيدا ثم تدلى من جانب الطريق نحو الاسفل لحظات فقط وسمع صوت خطوات الجنود يركضون ثم اختفت الاصوات خمن انهم قد ابتعدوا، اطل براسه بهدوء وتحقق من ذهابهم تسلق نحو الطريق الحجري وانحنى على الحجر يحركه لكنه سمع صوتا غريبا بدى كانه خطوات متثاقله قادمة من اسفل الطريق الحجري، لحظات وظهر احد الجنود الذي غطت الدبابير السوداء وجهه بالكامل وتجمعت فوق بعضها تغطي جسده، كان منظرا مرعبا لهزيم دخل بهدوء للكهف واشار لاصحابه ان لا يصدروا اي صوت،،
بعد كل ذلك الجهد والتعب قرروا ان يقضوا تلك الليلة في كهفهم الصغير، كان عطوة يضمد جراح القرش وهو يسخر منه
« تبا لك يا قرش، حفنة اولاد يهبوا لنجدتك، اولاد بنصف عمرك ينقذوك ايها الاحمق»  ليضحك ساخرا،  لم يشارك عطوة اي احد بالضحك بل كانوا يحدقون به بصمت، سكت عطوة من ضحكه ونظر لهم
«ماذا؟ ما بكم؟»
همس يامن لهزيم « هل هذا تاريخ مميز؟»
«لا اظن، لقد كنت معه لعامين»
رفع عطوة نبرته بغضب« ماذا بكم؟بماذا تتهامسان؟»  ابتسم القرش « لا تغضب يا عزيزي عطوة فهم لم يروك تضحك من قبل» نظر عطوة لهم وقد ادرك شيء بشعوره لكنه عاد لغضبه وضغط على جرح القرش الذي تالم وهو مستمر بالضحك « ان كان انقاذ الفتية لي يجعلك تضحك فساوقع نفسي كل يوم بورطة ما»  ليضحك اعلى وضحك معه الفتية لحظات وارتسمت ابتسامة على وجه عطوة كانت قد غادرته منذ زمن طويل،،
وصل داغر وجنوده الذي لم يتبقى منهم سوى خمسه اضافة لمضر وصلوا منطقة مستنقعات طينية وكانت تلك الدبابير لا تزال تطاردهم نظر داغر يمينا وشمالا ثم دفع احد الجنود نحو المستنقع كان الجندي مرعوبا واطلق صرخة لكنه سكت
« اعطني تقريرك ايها الجندي» قال داغر متخفيا خلف رتبته،« اسرع!» 
« لا يوجد شيء يا سيدي» رد الجندي بتوتر،
« هيا جميعا للمستنقع سيبعد تلك المخلوقات القذرة عنا»  ودخل الجميع للمستنقع، اقتربت الدبابير منهم فغاصوا كاتمين انفاسهم، بعد بعض الوقت غادرت تلك الدبابير المنطقة، و خرجوا من المستنقع اخيرا وهم يشعرون بالتعب والارهاق جلسوا قليلا وحاولوا التخلص من الماء والطين العالق بهم كان مضر يجلس لجانب سيده داغر حين شرد داغر للحظات وهمس « المنشود معهم»،،،،،*

استمروا بالتسلق رغم صعوبته بسبب افقية الصخور وغالبا لم يجدوا ما يتمسكون به فكان يتوجب عليهم الالتفاف لجانب اخر ليجدوا حواف يمسكون بها، كان عطوة يتجاهل جروح اصابعه بسبب التسلق ويتابع تقدم الجميع، فقد عقد العزم على ان لا يخسر احدهم مجددا،«لن أعود بأ...

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
اسرار الظلام حيث تعيش القصص. اكتشف الآن