القصاص

15 6 0
                                    

انطلقت العربة مسرعة نحو المرفأ،وكان الحزن باديا على وجوههم بعد ان اخبر سهم السيد سنان بما حدث لأصحابه،مسح السيد سنان دموعه وهو يقول « لطالما سبقوني بكل شيء، حين كنا في عمركم كنا نتسابق،كنت الاخير دوما»، ثم التفت جزئيا باتجاه سهم واردف «انت تذكرني بجدك فقد كان اسرعنا»،
ساد الصمت للحظات ولم يسمع غير صوت عدو الحصان و عجلات العربة، ليقطع سهم الصمت
«اخبريني يا اجوان، لما اخترت الابحار نحو العاصمة؟»
اجابت بعد تنهيدة «لعدة اسباب يا سهم، اولها انهم سيستبعدون رحيلنا عن طريق البحر بسبب تكلفة الرحلة وايضا السفر بالسفينة اسرع من الخيول»و ابتسمت « ثم انها فرصة لتجربة السفر في البحر» ابتسم سهم ورامي،  «انت محقة»  اطرق وهو يفكر « ارجو ان تنطلي عليهم الحيلة» وصلت العربة وترجل منها الاولاد وقفوا قليلا ليودعوا الطبيب سنان، نظر لهم « اعتنوا ببعض يا ابنائي، ارجوا ان تعودوا سالمين» تقدم سهم و عانقه « ارجوك سيدي ابتعد عن القرية في الوقت الحالي حتى يغادر المرتزقة»
«لن احافظ على حياتي و اراكم ايها الفتية تعرضون انفسكم للخطر، ساعود للقرية يكفيني تأخرا عن اصحابي»  عانقه سهم مرة اخرى، تقدم رامي وعانقه هو ايضا ثم اقتربت أجوان وعانقته لينحني قليلا وهو يبتسم بوجهها « انتظري يا عزيزتي» عاد لعربته وفتح صندوقا خشبيا مثبتا في العربة استخرج كتابا كبيرا ثم عاد ليقف امام اجوان « لقد رأيتك مهتمة به ارجوا ان تصبحي طبيبة يوما ما»  حملت أجوان الكتاب وهي تبتسم وقد لمعت دمعة في عينها،
«هيا الان اذهبوا بسرعة،  وانتبهوا لبعضكم البعض» تحرك الاولاد داخل المرفأ و هم يتجنبون الكلام مع الناس وابتعدوا عن بعضهم هم يبحثون عن اي سفينة متجهة للعاصمة،لم يمر وقت طويل حتى اسرع رامي نحو اجوان ليمسك بيدها ويركض اتجاه سهم و ما ان اقترب من سهم حتى قال « الجنود يا سهم الجنود» كان الجنود يبحثون بين المارة ويسألون عن ثلاثة اولاد قرويين يبحثون عن سفينة متجه نحو العاصمة، ابتعد الاولاد عن الطريق بسرعة لكن احد الجنود صرخ من خلفهم « توقفوا» لينطلق الاولاد بسرعة، طاردهم الجنود وهم يصرخون خلفهم ان يتوقفوا، لم يبتعدوا كثيرا حتى اصطدمت أجوان  برجل ضخم امسك بها وحملها وابتعد سريعا  نحو زقاق لحق به سهم و رامي بسرعة محاولين تخليص اجوان منه،  لكنهم فوجئوا بالرجل يشير لهم ان لا يصدروا صوتا، التفت سهم خلفه ليجد ان مدخل الزقاق قد سد ببعض السلال و وقف رجل نحيل يصيح على المارة ليشتروا منه المحار و البطلنيوس، انحنوا جميعا ليختبئوا من الجنود الذين ضربوا الرجل و ركلوا سلاله وهو يتوسل لهم وما ان ابتعدوا حتى وقف الرجل النحيف ليهمس لهذا الرجل « لقد رحلوا يا قرش»
« هل انت بخير ايها المراقب؟» هز المراقب رأسه وهو يقول « لا تقلق فضرب المخنثون لا يؤذي  » ابتسم الاثنان، وسرعان ما انطلق سهم وامسك بيد اجوان وركض مبتعدا عن القرش والمراقب ومن خلفه رامي الذي بقي يصرخ « سهم انتظرني سهم»،
عاد الجنود للقرية واستولوا مجددا على بيت السيد كنان والبيوت الاخرى وهم يصرخون على الاهالي ويضربون كل من مر امامهم دون تمييز كبيرا ام صغير رجلا ام امراءة، كانت السيدة جهينة تنظر لهم بغضب حين وصل لها شيخ كبير وهمس لها « سيدتي ذلك الكلب ومساعده لم يعودوا،»  هزت راسها «وهناك شيء اخر لقد شوهد الطبيب سنان»  نظرت اليه بسرعة ومبتهجة « واين هو؟ هل هو بخير؟»
«اجل سيدتي ولكن، هذا ليس كل شيء»
«ماذا هناك ايضا،؟ تكلم»
«لقد عرفنا من كان يساعد المرتزقة،  انه فريد زوج رولا»  اقطبت حاجبيها واصرت على اسنانها بغضب «ذلك الوغد السكير، كيف لم ننتبه له»
«ماذا علينا فعله؟»
«لا شيء دعوا امره للصبية، اخبروهم انه هو من خان القرية وساعد المرتزقة»  هز الرجل راسه وغادر وذهبت هي لبيت الطبيب سنان تنتظره لتطمئن عليه،،،،
كان يترنح وهو يعد نقوده التي حصل عليها، وهو سعيد بما حصل عليه ليفاجئه صوت « هل هذا ثمن خيانتك؟»  رفع راسه فوجد يامن يقف قبالته على مسافة ليست ببعيدة وريكان قد جلس القرفصاء لجانب اخيه وهو يمسك بقوسه، تملكه الرعب وتراجع بعض الخطوات ليهرب او يطلب النجدة من جنود الحرس الا ان ريكان وقف ووضع سهما في كبد قوسه واطلقه فاخترق ظهره ممزقا قلبه ونفذ طرفه من صدره، سقط فريد ميتا مفتوح العينين والفم والى جانبه تناثرت قطع النقود، وقف الاخوان يراقبان منظره قليلا قبل ان يغادرا ويختفيان بين الاشجار،،
كان الثلاثة قد استقروا اخيرا على متن احدى السفن المتجهة نحو العاصمة بعد ان دفعوا جزءا من المال على ان يساعد رامي وسهم بالعمل في السفينه  ورغم تعبهما جراء دوار البحر الذي اصابهما الا انهما تشجعا كثيرا كانت أجوان تقرأ في مذكرات السيد كنان وقد اتسعت عيناها وارتسمت الدهشة على وجهها بسبب ما تقرأ،،
صعد القرش والمراقب لظهر السفينة وكان القرش يسخر من المراقب « هل لازلت تتلوى؟»
«اخرس يا قرش»
«لا بأس يا رجل لا تقلق لن اقول اني حملتك حتى هنا لن اخبر احد»
«متى حملتني ايها الكاذب؟» رد بغضب
«هشش، الا تخشى ان يسمع احدهم، لو سمع الطاقم انك بكيت بسبب ركله واحدة فانهم لن يجعلوك تنسى ابدا»
«من ركل المراقب؟»  تسائل القبطان
« لا احد يا قبطان»
« الجنود يا قبطان» اجابا بوقت واحد، ابتسم القبطان « هل افتعلتم المشاكل سريعا مع الجنود»
ضحك القرش و اجاب« لا يا قبطان ولكن»  تجهم القرش ونظر للمراقب الذي بدت الحيرة عليه هو ايضا
«ماذا هناك تكلما؟»
«لقد كان الجنود يطاردون ثلاثة اولاد»
«ما الغريب؟» رد المساعد رشيد وهو يقف لجانب القبطان «قد يكونوا سرقوا شيئا»
«ومنذ متى يهتم الجنود لهذا الامر؟»  رد العرندس الذي كان يحمل الحبال ويربطها للشراع والصاري
« لا اعرف ولكن بدا الاولاد»  وامسك عن الكلام
«تكلم يا قرش» تسائل القبطان، كان هزيم يحمل الفرشاة وينظف سطح السفينة توقف عن العمل وهو يستمع لحديث القرش والقبطان
« اولائك الاولاد لم يكونوا يحملون غير صرة»  سكت قليلا وهو يفكر« والفتاة رغم انها لا تزال صغيرة الا انها حملت كتابا كبيرا بيدها» رفع راسه نحو القبطان وهو يقول،« لا، لا اظنهم سراق، اشعر ان لأولئك الاولاد قصة ما يا قبطان»
« حسنا، وبماذا يخبرك حدسك يا قرش؟»
« علينا ان نستطلع امرهم يا قبطان»
كانت الشمس قد غربت وبدأ ظلام الليل يلف القرية حين صرخ الجنود بالاهالي وهم يقتحمون البيوت ويخرجونهم ليجمعوهم في ساحة القرية، وقف احد الضابط الذي كلفه القائد داغر بتولي القيادة في القرية وقف امام تجمع القرويين وهو يصرخ بهم
« اسمعوني انا لن ارحمكم ولن اعاملكم بطيب كما فعل القائد داغر،  كان عليه ان يبيد هذه القرية الموبوءة مقابل يده، لكنه رجل طيب، اما انا فلا، تكلموا ايها الخنازير من منكم قتل فريد؟»
لم يرد عليه احد ليشير لاحد جنود فغرس سيفه في صدر احد الورجال ارتفع صراخ النسوة والاطفال
«سأسالكم ثانية ايها الحثالة من منكم قتل فريد؟»
تقدمت السيدة جهينة وهي تقول « انا ايها المرتزقة»
فصاحت امراءة من بين الحشود « انا من قتل فريد،انا من قتل زوجي»  اقتربت رولا و وقفت لجانب السيدة جهينة وهي تبتسم لها، ابتسمت السيدة جهينة و احتضنتها بيد واحدة ثم نظرت بتحد لذلك الضابط وقبل ان يشير الضابط لجنوده ارتفع صوت طفلة وهي تقول «انا» كانت رياحين المرتعبة وهي تنظر بتوتر لمن حولها وهم يحدقون بها كان احد كبار السن ينظر لرياحين بتعجب ليقول بدوره « انا من قتل فريد»  لترتفع اصوات اهالي القرية وجميعا يقولون(انا)نظر الضابط بغضب ليصرخ بهم ان يصمتوا « حسنا بما انكم جميعا مشتركون بقتله، اذا ستعدمون جميعا»  ثم اشار لجنوده الذين بداوا بدفع الاهالي نحو عدة بيوت وتكديسهم هناك في حين اخذ بعضهم الاخر الزيت ورماه على تلك البيوت، اقترب احد الجنود وهو يحمل شعلة نحو ذلك الضابط فاخذها مبتسما وهو ينظر للنسوة والشيوخ والاطفال وهم يبكون و يصرخون محاولين الخروج ، نظرت السيدة جهينة لابنتها رياحين وهي تبكي لتحتضنها هي وطفلها رافد « لا باس يا اعزائي سينتهي الامر سريعا» وتساقطت دموعها، فجاءة سمعت صيحات بالخارج القت بنظرة للخارج من خلال النافذة كان هناك رجال يهاجمون الجنود ويقاتلونهم لحظات فقط وادركت الامر لتطلق صرخاتها الغاضبة بقوة وتدفع الباب و ساعدها من حبس معها في خلع الباب، خرج اهالي القرية واخذوا يهاجمون الجنود و يقاتلونهم باي شيء وصلت اليه ايديهم حجارة او قطع خشب او شوك القش، كانت السيدة جهينة تبكي فرحا وهي ترى ان قريتها تحررت اخيرا من قبضة هؤلاء القتلة التفتت لتجد ذلك الضابط يقف على بعد خطوات منها مستلا سيفه وقد اصيب ببعض الجراح، رفع سيفه بغضب ليقطع رأسها،ولكن التفت يدا حول ذراعه تمنعه ويدا تحمل خنجر كبيرا وضعت على عنقه،  ليبدو عطوة من خلفه وهو يقول بحنق « لا اظن ذلك يا كلب الملك»  واداره للجهة الاخرى و قطع عنقه ، كانت فرحة اهالي القرية غامرة وهم يتعانقون ويساعدون بعضهم بعضا على الوقوف وكان الطبيب سنان وبعض الناس يساعدون الجرحى  تقدمت السيدة جهينة اتجاه الطبيب سنان لتخبره ان يحول منزلها عيادة لعلاج الجرحى،ثم اتجهت نحو عطوه « شكرا لك سيدي»
ابتسم عطوه « ليس انا من عليك شكره»  واشار نحو القبطان الذي اعاد سيفه لغمده وقد تجمع رجاله حوله يتفقدهم وهو مبتسم، هزت السيدة جهينة راسها و اتجهت نحو القبطان يرافقها عدد من اهالي القرية وقفت امام القبطان « شكرا لك سيدي على انقاذ قريتنا»
احنى القبطان شهاب راسه دلالة احترام « لا شكر على واجب يا سيدتي»
« نحن من علينا ان نشكركم» قال القرش ضاحكا       « كنا نتتبع هذه المجموعه منذ ايام، لقد وفرتم علينا عناء البحث»  ليضحك الجميع، اشارت السيدة جهينة نحو بيت السيد جهاد « تفضلوا معنا سنقدم لكم العشاء»
« هذا رائع» رد القرش« سنحتفل»
« انه عشاء فقط يا قرش» قال عطوه ممعتضا
« الاحتفال يا صديقي عطوه اننا لن نضطر  لتناول طعامك الليله»  ارتفعت الضحكات، بينما تمتم عطوة
« تبا لك يا قرش»
في بيت السيد جهاد اطلعت سيدة جهينه والطبيب  سنان القبطان على كل المعلومات التي يعرفونها حول الغابة المظلمة وحراس العهد الابدي بعد ان علموا ان القبطان و بحارته يبحثون عن جماعة القائد داغر، كان القبطان يجلس الى المائدة وهو يستمع بعناية لكل  كلمة تقال
« اذا فقد كنا محقين لقد عثروا على المنشود»
« لكنه هرب منهم يا سيدي» قال نائل« سهم ورامي واجوان ذهبوا الى العاصمه ليلتقوا بجماعة الاسياد، نظن ان لديهم معلومات قد تفيدنا في الحصول على السلاح الموجود داخل الغابة المظلمة لمجابهه حراس العهد الابدي»
« قلت سهم؟» تساءل القرش الذي كان واقفا قريبا من النافذه المطلة على الغابة المظلمة وهو يرتشف الشاي
« نعم سيدي سهم»
« ماذا هناك يا قرش؟» تساءل القبطان
«الاولاد الثلاثه الذين كانوا يطاردونهم الجنود اليوم يا قبطان، كان احدهم يدعى سهم»
وقف الجميع مفزوعين و تساءل نائل« يطاردوهم؟ هل تعني انهم امسكوا بهم؟»
« لا لقد هربوا لقد رايتهم يركبون احدى السفن المتجه نحو العاصمة»
« اذا فقد نفذوا» رد نائل بارتياح، هز القرش رأسه بالايجاب، دخل ريكان ويامن و القوا التحيه واقترب يامن من السيده جهينة وانحنى ليهمس لها، لكنها بادرته
« لا باس يا يامن تكلم فالسيد شهاب موضع ثقه»
« حسنا، لقد سمعت بان احد البحاره قد ابلغ المرتزقه بان سهم و من معه ركبوا احدى السفن متجهين للعاصمة»
« هذا يعني ان المرتزقه سيتجهون للعاصمة بواسطة سفينة» قال القبطان، غضب العرندس وقال بعصبية
« لو كنا نعلم لانتظرناهم في المرجانة الحمراء»
« لا باس يا عرندس» رد القبطان « سنتجه للعاصمه لننقذ الاولاد وننصب فخا لذلك الكلب»،،،،*

اسرار الظلام حيث تعيش القصص. اكتشف الآن