كان سهم يصرخ بجنون وهو يحاول تخليص جده من قبضة الجنود، فقام أحد الجنود بتوجيه لكمة قوية لوجهه اسقطته ارضا أدمت شفته، ولكن القائد داغر تدخل ليؤنب ذلك الجندي، ثم انهض سهم وهو ينفض عنه التراب
«هل انت بخير؟ اغفر لهذا الأحمق»
« ارجوك يا سيدي، جدي ليس مذنبا، لم يحرق المنارة صدقني» بانت ملامح الحزن والشفقة على ملامح القائد وهو يقول
«ليس الأمر بيدي يا سهم، لقد بعثت ببرقية للبلدية اخبرهم ان المنارة قد احترقت. قد طلبوا مني التحقيق بالامر لأني الضابط الاعلى رتبة هنا، لا يمكنني عرقلة التحقيق وسير العدالة، لو تمكنت من مساعدة جدك فلن اتوانى، صدقني» رد بهدوء
« كيف أساعده؟، اخبرني سيدي ارجوك، ماذا علي فعله؟» سال بأنفعال
« على الفاعل ان يظهر نفسه»
«لكن لا احد كان في المنارة حين احترقت»
«اذا سيتحمل شاهين التهمة» ونظر اليه « قد يعدم نتيجة لهذا»
كان سهم مصعوقا وهو يسمع كلام القائد عن اعدام جده
«يعدم؟»
«اجل، انها جريمة كبرى يا سهم، انا اسف لخسارتك جدك»
« لا،، لا يمكن ان اقبل بهذا» ثم صرخ « يجب ان يكون هناك شيء لافعله!»
«هناك امل واحد فقط» رد القائد بخبث « أليس كذلك يا نائب مضر؟»
«بلى سيدي ، حل وحيد فقط والا سيعدم هذا العجوز»
«ما هو؟ ما هذا الحل؟» قال سهم بسرعة كأنه يخشى ضياع الحل الأوحد
« ان يتحمل احدهم التهمة، شخص ما عليه ان يعترف بأنه هو من احرق المنارة» رد القائد داغر
« لكنه سيعدم، يا سيدي» رد النائب مضر
«اوه، نعم انت محق» رد القائد داغر ثم اردف «لكن يمكن ان اجد حلا لهذا الأمر»
«كيف؟» سأل سهم مرتبكا
« لو اعترف احد ما بأحراق المنارة سيتم تجنيده مع الفرقة في مهمة استكشاف الغابة المظلمة»
«هل هذا صحيح يا سيدي؟» رد مضر بتعجب مصطنع « ولكن ماذا لو شاهين تطوع مع الفرقة؟»
«لا يا مضر لا، فشاهين ليس شابا، اتسائل ان تطوع احد بدلا عنه»، ثم غادرا وعلى وجهيهما ابتسامة مكر تاركين سهم ضائعا في دوامة افكاره،،
بعد عدة لحظات حسم سهم قراره بأن يتحمل مسؤولية احراق المنارة ويتطوع للعودة للغابة وما ان تحرك حتى ضربه احدهم على رأسه ضربة قوية افقدته وعيه.
في الظهيرة كان الرجال مجتمعين في بيت جهاد ليتناقشوا أمر حبس شاهين واتهامه بإحراق المنارة
« لا اعرف بماذا يفكر ذلك المرتزقه وهو يخيف الفتى بكلام مثل هذا؟ اعدام؟!» تسائل جهاد
« ذلك الحقير لقد تمادى حقا، كيف يجعل الفتى يختار بينه وبين جده؟» قال فواز بغضب
« اين سهم الان يا سيد كنان؟» تسائل صفوان
« انه في مكان ما عند الجبال، لقد ابقيت عنده نائل يا جهاد اعتذر اني لم استاذنك بهذا »
«لا بأس، يا كنان، لا بأس، افعل ما تجده مناسبا، ولكن هل سيتفهم سهم الامر؟»
«سيفهم، يا جهاد سيفهم، ولكن لا افهم ماذا يريد ذلك المرتزقه من سهم، هل للامر علاقة،،،،،،؟» وصمت، لكن فواز صاح به
«كنان تحدث، هذا ليس الوقت المناسب للأسرار، بماذا تفكر؟» نظر كنان للجميع
« لعله يعتقد ان سهم هو المنشود»
«المنشوود؟» تسائل الجميع،
« حسنا لن ادعي اني اعرف كل التفاصيل ولكن حسبما سمعت انه في احدى الاساطير يقال ان هناك شخص ما سيستطيع حل شفرة الغابة المفقودة، شخص ما ستخضع له الغابة، يسمونه المنشود»
بقي الجميع مذهولا مما قاله الضابط كنان
«سهم المنشود؟! كيف يمكن ذلك؟» تسائل صفوان
« قد يكون محقا» رد كنان « لا تنسوا يا سادة ان سهم تمكن من النجاة في الغابة المظلمة ولمدة ثلاث ايام » ورفع كفه يشير بثلاثة اصابع،
«بالكاد يا كنان بالكاد نجا» قاطعه السيد عجرم « جميعنا يتذكر كيف كانت حالة سهم حينما عاد، وكيف تغيرت شخصيته بعد العودة، الفتى لم يتجاوز ما حدث معه بسهولة»
«لكن هذا لا ينفي كونه نجا يا عجرم،فتى في الثانية عشر من عمرة ينجو لمدة ثلاثة ايام بينما رجال بالغون لم يصمدوا لساعات هناك»
«ولا يثبت كونه هو المنشود يا كنان»
سكتوا قليلا قبل ان يتكلم فواز
« ان كان هو المنشود ام لا علينا الان التفكير في حل ما، علينا حماية الفتى وعائلته»
« انا لم افهم بعد كيف يكون هو المنشود» تسائل صفوان «هل هناك شيء ما يربط او يجمع بين الغابة وسهم؟» نظر للجميع، لم يكن لدى احد اي رد على قوله،
«دعنا من هذا يا صفوان» قال كنان وهو يقف يريد المغادرة « لنحل كل مشكلة على حدة ثم نفكر بالبقية»
« الى اين يا كنان » تسائل فواز
«الى ذلك المرتزقة ، لدي الان دليل على براءة شاهين»
«براءة؟» صاح جهاد فرحا « لمَ لم تقل ذلك يا كنان؟»
اشار كنان بيده لجهاد ليهدأ « لا اظن ان المرتزقة سيقبل بهذا الدليل، لذا انا لست متأكدا من نجاة شاهين منهم» ثم غادر البيت متجها لمقر فرقة الحرس الملكي،،.
في المرفأ كان نائب القبطان رشيد يناول احد عمال البلدية اوراق ملكية سفينة الرعاش الاسود وقبطانها غضنفر، نظر الموظف للنائب رشيد وهو يسأل
«هل السفينة جديدة؟»
«كلا سيدي، كانت سفينة شحن، و اشتراها القبطان سيجعل منها سفينة صيد السلطعون،فكما تعرف ان السلطعون لذيذ جدا وخاصة الأحمر عليه طلب متزايد في السوق »
« وهل قبطانك غضنفر هذا قرصانا؟» وبدا الانزعاج على الموظف لرد رشيد المطول
« كلا يا سيدي كان يملك قارب صغير لصيد السلطعون، ولكنه حصل على بعض المال من ارملة اخيه لانها ترغب بالزواج منه لانه وسيم، لكنه غير مهتم بها فهي سيدة ثرثارة وبدينه وهو لا يحب،،،»
«كفى كفى» وقع الاوراق والقى بها بوجه رشيد «تبا لك من بحار ثرثار» اخذ رشيد الاوراق وغادر المكتب وهو ينظر للمراقب وتبادلا ضحكه تنم عن اتمام مهمتهم بنجاح،
« هل حصلتما على التوقيع؟» تسائل هزيم الذي يقف مع باقي البحارة، اقترب رشيد والمراقب وهما يبتسمان،« وهل كنت تشك بنجاحنا؟» وسلم الاوراق للقبطان شهاب واردف «قصة الارملة تنجح في كل مرة» ليضحك الجميع، قلّب القبطان الاوراق الجديدة وهو مبتسم «الان لدينا الاوراق الرسمية التي ستبعد عنا عيون الحراس العهد والجنود، ليس امامنا سوى الابحار نحو قرية نيموبا وتذكروا المرجانة الحمراء اصبح لها اسم اخر وكذلك قبطانكم» ليضحك الجميع وهم يقولون سوية
«الرعاش الاسود يا قبطان غضنفر» ليبدأ الضحك بصوت عال شاركهم القبطان بأبتسامة كبيرة ثم وجههم لبدأ الابحار،،.
فتح سهم عيناه وهو متألم من الضربة تلمس رأسه متوجعا و وجد على راسه ضمادة
«هل انت بخير؟»
«نائل؟ اين انا؟ مالذي حدث؟» كان نائل يجلس لجانبه واخذ يسنده ليجلس وقد اشعل نارا في الكهف الذي اختبئا فيه،
«لا تقلق انت بأمان»
«امان؟! ماذا تعني؟ ولكن،،» تذكر انه يريد انقاذ جده والضربة التي تلقاها ليفزع وهو يصرخ
«علي انقاذ جدي! نائل سيعدمون جدي علينا الإسراع»
«أهدأ، أهدأ لن يعدم، لا تقلق»
«ماذا تقصد؟» وفكر قليلا قبل ان يسال مجددا« هل انت من ضربني؟»
هز نائل رأسه بالايجاب و قال« اعتذر كان لابد من ذلك والا كنت ستذهب لذلك المرتزقة» نظر نائل لسهم وقد بانت على وجهه اثار الحيرة والدهشة «لا تقلق سيأتي السيد كنان ويشرح لك كل شيء»
«وجدي؟ ماذا عن جدي يا نائل؟»
«لا تقلق، ابي والرجال لن يتخلوا عن العم شاهين لقد اكد لي السيد كنان ذلك وسيأتي ليشرح لك كل شيء»
كانت الرياح قوية وساعدت على الابحار بشكل جيد
«على هذا المستوى سنصل بعد اربعة ايام يا قبطان»
« انت محق يا سيد رشيد» نظر نائب القبطان امامه كانه يستعيد ذاكرته ثم قال،،
« أتذكر كل اول يوم لإلتحاق كل فرد من افراد الطاقم» نظر لقبطانه الذي بقي مركزا على بوصلته والدفة « وكيف عاملت كل فرد منا» ثم عاد ببصره لينظر امامه للافق واردف« لقد جعلت منا نحن المنبوذين و السراق بحارة كفوءين، اعطيت لكل منا هدف ولحياتنا معنى» ثم اعاد نظره لقبطانه الذي لازال على حاله « جعلت منا عائلة واحدة»
«انا فقط ارد الدين يا رشيد» ثم ترك الدفة ليتوجه لمقصورته، استلم النائب قيادة الدفه ولاول مرة منذ تسعة اعوام لم يفهم ماذا يعنيه قبطانه،،،.
حل الظلام ولم يعد كنان بعد، توجس الرجال الشر وخشوا على حياة كنان
«علينا فعل شي» قال فواز «لا يمكننا البقاء دون حراك»
«وماذا علينا ان نفعل ؟» تسائل جهاد
«لا اعلم علينا فعل شيء» تلفت حوله بحيرة وقال«فلنذهب لبيت كنان اعني مقر المرتزقه»
«نفعل ماذا بالضبط؟»
«لا اعرف، ولكن علينا فعل شيء ما لا يمكنني البقاء دون حركه»
في تلك الاثناء دخل شاهين وكنان وكان يبدو عليهما انهما قد خاضا شجارا عنيفا، قفز الجميع من مكانه وهم يتسائلون « ما الامر؟ ماذا حدث؟»
«لا تقلقوا نحن بخير كان شجارا عرضيا مع جنود المرتزقه» ليضحك الاثنان
«ماذا تقصد يا كنان؟ تكلم » صاح به فواز بغضب
« لقد بعثت تقريري للبلدية اخبرهم ان المنارة متهالكه ولم تخضع للصيانه منذ سنوات وقد تسرب زيت مصباح الانارة وهو ما تسبب بأحراقها» ثم جلس في مكانه وجلس الجميع يستمعون بأنتباه شديد «كما طالبت بتعويض لشاهين وحفيديه وقد جاء رد البلدية بالموافقة كما اعتذروا رسميا لشاهين ووعدوه بتعويض مجزٍ، ولكن ما ان رأى المرتزقه تلك البرقية حتى جن جنونه» ضحك الرجال معبرين عن راحتهم وفرحتهم بالخبر، ثم اكمل شاهين
« لقد اعتبر الامر اهانة له ولم يتمكن من تجاوزه لذا اراد ابراز قوة جنود فرقته بان طلب مصارعة الايدي بينا احدنا و أحد جنوده لكنني اقترحت شيء اخر»
«ماهو؟» تسألوا مستغربين
« عراك حقيقي» لينفجر كنان بالضحك وهو يقول
«ليتكم رايتم وجهه واجهنا ستة من رجاله الحمقى تركناهم على الارض يتلوون» كان الامر صادما ومضحكا لبقية الرجال علق عليه فواز
« تبا لك جهاد لو اني ذهبت لحصلت على فرصة لضرب اولائك الاوغاد» ليضحك الجميع عدا السيد عجرم الذي قال « هل تظنون انه سينسى تلك الاهانه؟»
«كلا!» رد شاهين «ولكن كان عليه البقاء بعيدا عن حفيدي»
«انت تعرف ان الامر لم ينتهي يا شاهين»
«اعرف ولكن» ونظر لكنان الجالس الى جانبه « لقد حسمت الامر سنرحل عن القرية انا وحفيديَّ ، هذه الليله»
ما ان انهى شاهين جملته حتى تدافع الجنود للبيت والقوا القبض على الجميع شاهين وكنان و فواز وصفوان وعجرم و جهاد، حاولوا التملص وهم يتساءلون عن سبب اعتقالهم لكن ما من رد، حتى دخل نائب القائد ووقف امام الضابط كنان وهو يبتسم بخبث نظر اليه كنان بعين اسد جسور لايعرف للخوف معنى وهو يساله « ماذا هناك؟» لم يرد عليه واستمر بالتبسم، دخل القائد داغر والغضب باد عليه وهو يقول « كنتم تعلمون اننا موكلون بأستكشاف الغابة المظلمة، وقد اخفيتم علينا سر دخول سهم لها؟! ستحاسبون بقسوة ايها الحثالة» ثم غادر، كان الجميع مصدومون كيف عرف بالأمر، لابد ان هناك من اخبره، هل يعقل انه سمع الشائعات؟ اصدر نائب القائد امره للجنود بان يأخذوا الجميع حالا ما عدا كنان، لينظر له كنان بعين الكبرياء نظر اليه النائب وهو يقول « حان وقت دفع الثمن ايها الخرق» ليستل سيفه وبسرعة يغرسه في بطن كنان الذي اطلق شهيقا وسقط مقتولا غارقا بدمه وسط صيحات اصحابه عليه وتدافع الجنود لسحبهم بعيدا،
في مقر الحرس الملكي دُفع الرجال بقوة وما هي الا لحظات حتى احظر الجنود الطبيب سنان ليدفعوه معهم داخل احدى الغرف التي صيروها حبسا مؤقتا، كان الجميع لا زال تحت الصدمة وهم لا يصدقون مقتل كنان بتلك الطريقة البشعة كانت لحظاتهم مريرة وهم يفكرون بعائلته وماذا سيحدث للقرية بعد مقتل حاميها،، مضى بعض الوقت ليأتي احد الجنود ويستدعي شاهين واقتاده لمكتب القائد داغر وما ان دخل حتى وجد النائب مضر يقف خلف سيده لم يتمالك شاهين نفسه وهجم على مضر ليقبض على عنقه بكلتا يديه،كانت عينا مضر قد احمرتا وهو يشهق بصعوبة و لكن تدخل القائد داغر و وضع خنجرا على عنق شاهين وهو يقول
«فكر بحفيديك مليا قبل ان تفعل شيء تندم عليه ايها القروي القذر»
ترك شاهين عنق مضر على مضض وعيناه تلمعان بدموعهما، ثم نظر للقائد داغر
«ماذا تريد من حفيدي،؟ ماذا تريد من سهم؟»
ابعد داغر خنجره وجلس في مكانه في حين دفع احد الجنود شاهين ليقف خلف مكتب القائد
«لا شيء فقط يدلنا على الطريق»
«هل جننت؟ هل تريد ان يذهب سهم الى هناك؟»
صاح به بعصبية، بينما حافظ داغر على هدوئه كأنما يطلب امرا هينا « ولم لا ألم يذهب للغابة قبل عامين؟»
« من اخبرك بهذا ايها المرتزقة القذر؟» قال ذلك وهو يضع كفيه على مكتب القائد وينحي قليلا، كان الغضب قد سيطر كليا على شاهين، فاستشاط القائد داغر غضبا ووقف هو الاخر يواجه شاهين بذات الوقفه ويقول « لا تختبر صبري ايها الوقح ولا تنسى نفسك»
« كيف عرفت ايها المرتزقه؟» صرخ شاهين بقوة غير مباليا بتهديد القائد داغر الذي احمر وجهه من شدة الغضب فأشار لجندي يقف خلف شاهين تحرك الجندي. ما هي الا لحظات لتدخل أجوان برفقة ذلك الجندي،،،،،*
أنت تقرأ
اسرار الظلام
Fantasyقد ترمي بك الاقدار في مغامرة لم تعد لها العدة، فماذا ستفعل هل ستواجه ام تخضع،؟ دائما ما كان يطل من نافذة غرفته على الغابة المظلمة وهو يتخيل عالما سعيدا هناك، ولكن، تحول حلمه الجميل الى كابوس مرعب حين اخبره شاهين ان الجيش الملكي عثر على جثث الصيادين...