لم يكن سهم ورفقته يعلمون ماذا حدث خلفهم بالضبط لكنهم تكهنوا بما حدث خصوصا بعد ان رأوا تحركات السفن، استمروا بالتقدم حسب الخريطة وهم يتواصلون بالاشارات متجنبين السير قريبا من الحشائش والاشجار، كان القرش يتقدم البعثة وبعده سهم ورامي ويامن ثم هزيم وعطوة والعرندس وقد تسلح كل منهم بسلاحه وحمل جزءا من الامتعة وهم يراقبون الاشجار والطريق، كان سهم يسير حسب الخريطة وعلى مسار( طريق الفراشات) كما اطلقوا عليه، استعاد ذاكرته عندما دخل الغابة المظلمة لأول مرة، تذكر كيف ان جده شاهين لم يفقد الامل بأيجاده حيا وبقي يبحث عنه، ثم جاء بصحبة العم جهاد وفواز وصفوان لانقاذه من الغابة، عاد لتركيزه بعد ان امسك رامي بيده فانتبه انه قد شرد بافكاره،
استمرت البعثة بالتقدم لعمق الغابة وبخطى متسارعة الى حيث تشير الفراشة الملكية،
كان القائد داغر ومن نجى معه من جنوده وحرسه قد توغلوا بالغابة، واشار لهم ان يشكلوا دائرة حوله استعد الجنود واصطفوا بشكل دائري حول قائدهم ووجهوا رماحهم نحو الخارج مستعدين لأي هجوم، استخرج داغر خارطه و اخذ يحدد طريقهم نحو موقع السلاح، اشار لجنوده وتحركوا بسرعة،، كانت الغابة صامته لم يسمع فيها غير تكسر الاغصان من مسافات بعيدة او تهشم اوراق الاشجار الميتة تحت اقدام الرجال، اشار سهم للرفقة نحو اقرب موقع حدد بفراشه نحاسية، وقبل ان يتحركوا اشار يامن لهم ان يتوقفوا واصغى جيدا ثم تقدم واشار لهم ان يتبعوه، توجهوا يسار طريقهم المحدد خلف يامن، ساروا مسافة قبل ان يجلس يامن و اشار لهم ان يكمنوا توزعوا حول يامن متقاربين وجلسوا القرفصاء يراقبون كانت لحظات فقط ومرت بجانبهم مجموعة من الشياطين البيض وهي ملطخة بالدماء وقد علقت بعض قطع اللحم للصغيرة بين انيابهم وتحت مخالبهم، كانت هذه المرة الاولى للبعثة يرون فيها مخلوقات الغابة،، عدا سهم الذي اشار لهم بانها اول المخلوقات التي رآها هنا، نظر العرندس لها وهي تتحرك بسرعة ورشاقة و تحني رؤوسها نحو الارض
تحاول التقاط اي صوت، ولما ابتعدت عنهم، همس
« كيف نجوت منها يا سهم»
اشار القرش للبعثة ليتحركوا، اكملوا طريقهم حتى وصلوا قريبا من موقع الفراشة النحاسية كمنوا خلف الاشجار وبداوا يراقبون الموقع كان عبارة عن كهف ارضي وبعد مضي بعض الوقت اشار العرندس لعطوة وتحركا بحذر نحو الكهف، تقدم عطوة رافعا ساطوره بكلتا يديه موجها اياه للامام وتبعه العرندس وهو يدّور بحربته، اقتربا من مدخل الكهف، اشار عطوة للعرندس ان ينتظر ودخل يتفقد المكان بعد عدة دقائق خرج عطوة وعلى وجهه ابتسامة كبيرة،واشار لهم ان يتقدموا، تحركت البعثة بخفة وهدوء نحو الكهف و دخلوا واحد بعد واحد حتى استقروا اخيرا شربوا بعض الماء واخذ سهم قلم وعلم على اماكن الفراشات النحاسية والبالغ عددها اربعة بدائرة، همس يامن للبعثة « لابد ان اخرج يجب ان اراقب الخارج» وافقوا على مقترحه وغادر سرعان ما لحق به هزيم وهو يتمتم « اربعة عيون افضل من اثنتين»
بقي سهم يحدق بالخريطة سأله عطوة
« بماذا تفكر يا سهم؟»
نظر اليه واعاد النظر للخريطة « لقد كان القبطان قلقا ازاء هذين النوعين» واشار لفراشة العثة والفراشة البيضاء« العثة موقعنا التالي»
« و ماذا تقترح؟»
« لا ادري يا رامي» اطرق سهم براسه قليلا « لا يمكنني ان اتمنى وجود اجوان رغم اني اعلم انها ستجد حلا او شيء ما» سكت قليلا وتذكر امرا و ابتسم « اتذكر عندما حوصرت من كلاب الغابة بمجرد ان تذكرت شقاوتها خطرت على بالي فكرة،،،» سكت وتغيرت ملامحه كانه استدرك شيئا، قلب ملاحظات القبطان وقال « لا بد انها ستنفعنا»
« تنفعنا بماذا يا سهم تكلم» تسائل عطوة ثم اردف غاضبا « اسمع ايها الشاب لسنا في نزهة كما تعلم، لذا ان خطرت على بالك فكرة حتى وان كانت غبية او مجنونة فقلها» نظر سهم للبقية الذين حدقوا به وهم يهزون رؤوسهم متفقين مع عطوة.
« حسنا، اتذكر اني سمعت شيئ عن فراشات مضيئة»
«تقصد يراعات» رد القرش
« لا اعرف لم نراها قط في قريتنا»
هز رامي راسه مؤيدا كلام سهم، اكمل سهم « لقد وضع القبطان رسمة على الفراشة النحاسية تشبه السنة النار» تفقدوا الخريطة وهم يمررونها بينهم،
« هل تعتقد اننا قد نجد يراعات هنا؟» سأل عطوة
سكت سهم وهو يحدق بالخريطة «ماذا تقترح يا سهم؟» اردف عطوة
« لا ادري، انا فقط اقول ما اعرف» في تلك اللحظة دخل يامن وهزيم مرتعدين وهنا يهمسان
«المرتزقة انه هنا»
انتفض الرجال يريدون مواجهته بقتال لكن هزيم منعهم وسد مدخل الكهف وهو يقول
« دعوا امر قتله الان،» ودفعهم لداخل الكهف « اسمعوا، الان لدينا امر اهم من قتل ذلك الكلب،» توقف الرجال قليلا « مهمتنا الان ايصال المنشود لذلك السلاح» ونظر لسهم « ان تمكنا من سلبهم السلاح فذلك اكبر من قتله هنا»
«هزيم محق» رد القرش « علينا حماية الفتية لقد وعدنا القبطان بذلك»
« معه عدد ولا يستهان به من الجنود ايضا» عقب يامن، نظروا لبعضهم البعض قبل ان ينطق العرندس « اذا يجب ان لا يعثر على سهم و السلاح»
وافق عطوة على كلام العرندس « اين هو متجه يا يامن؟» نظر يامن لهزيم ثم اعاد النظر لعطوة
«قادم الى هنا، الى الكهف»،،
اشار القائد داغر لرجاله نحو الكهف وبدأوا بالتوجه اليه، دخل القائد ومساعده وخمسة افراد من حرسه الخاص المقربين اليه، اخذ قارورة ماء وبدأ يرتشف بعد ان استقروا داخل الكهف الارضي، ثم استخرج خريطته وهو يشير هامسا « لقد اثبتت الخريطة صحتها» وتبادلوا الابتسامة، اشار القائد داغر للموقع الاخر وضعت علامة خطين متوازيين يقطعهما خطين متوازيين،« اذا لابد ان هذا الموقع خطير»
« سيدي هل تظن انه بأمكاننا الحصول على السلاح من دون مساعدة المنشود»
بقي داغر محدقا بالخريطة ثم قال بغضب مكبوت
« كلا يا مضر، علينا ايجاد ذلك الوغد»
«هل تظن انه لا زال حيا؟» قال احد الحرس الخاص « اعني هل تعتقد انه نجا من تلك المخلوقات؟»
« اجل، فلولا ذلك لعثرنا على اشلاء تلك العصبة» اخذ يطوي الخريطة « علينا فقط ان نصل للمحطة الاخيرة و عندها سنقبض عليه و نستولي على الكنز»
تبادل الجنود نظرات الاستفهام، غادر داغر الكهف وتبعه نائبه مضر، لكن احد الحرس امسك بيد مضر و قال مستفهما « كنز ايها النائب؟!»
« الا تفهم؟ القائد يرى السلاح غنيمة، كنز، قوة و سيفعل اي شيء ليحصل عليه» خرج وعلى وجهه ابتسامة خبيثة، تبعه باقي الحرس ليغادروا الكهف ويكملوا الطريق، على بعد مسافة كان سهم وباقي البعثة يراقبون القائد وجنوده
«هذا غريب!» قال القرش « ظننتكم الوحيدين من لديه خريطة السلاح!»
« لا تستغرب يا قرش» اجاب عطوة وهو يراقب ابتعاد الجنود عن الكهف « فعشرات السنين من التعذيب والتنكيل لابد ان احدهم باح اخيرا بالخريطة، انا لا استبعد اي شيء من ذلك المرتزقة» قال بحنق وغضب
« هشش» همس العرندس نظر الجميع له و اشار لهم نحو الاشجار، كانت بعض تلك الشياطين تتسلق الاشجار على مقربة منهم، اشار عطوة لهم وانطلق بهدوء نحو الكهف و تبعه الاخرون، جلسوا في الكهف وبقي سهم يفكر باشارة السنة النار والفراشة النحاسية، لكن دون جدوى، استسلموا اخيرا انهم لن يفهموا تلك الاشارة،
«الان ماذا؟» تسائل رامي
« هل هناك اي علامة تدل على وجود كهف او مكان نبات فيه؟» تحقق سهم من الخريطة واجاب بالنفي « اذا علينا ان نبات هنا؟»
«هنا!؟» رد الجميع بأندهاش «ولكن يا عطوة ماذا ان عاد ذلك المرتزقة؟ ماذا لو كان الكهف مكان لاحد مخلوقات الغابة؟»
«انت محق يا يامن ولكن» رد عطوة بثبات « سيحل الليل قريبا ولا اشارة على وجود اي مكان امن اخر» « لا زال الوقت عصرا يا عطوة، ام انك كبرت ولم تعد تتحمل السهر؟» وضحك القرش كاتما صوته
« يبدو انك لا تنظر جيدا يا قرش، انظر حولك،هذه الغابة القديمة اشجارها متشابكة و عملاقة ستحجب الشمس عنا و سيحل الظلام سريعا»
فكروا قليلا، قبل ان ينهض القرش ويقول « اذا دعونا نأمن مكان مبيتنا لهذه الليلة» حاول سهم التحرك لكن عطوة منعه « اجلس انت، فعملك ليس الان» نهض القرش و تبعه يامن و رامي و العرندس وجمعوا اغصان قوية و صنعوا بابا على شاكلة باب سهم واحكموا اغلاق مدخل الكهف، ثم قال عطوة « سنوزع الحراسة، ستكون اول مناوبة لرامي والعرندس ثم يامن وانا واخير القرش وهزيم» وقبل ان ينطق سهم بحرف « انت اسكت» رد عطوة ثم اكمل« نريدك ان تكون بكامل قوتك» سكت سهم ولم يرد،، اشعل الرجال نارا صغيرة في الكهف و تناولوا عشائهم، كان سهم لا زال يقلب بالخريطة باحثا عن اي شيء ينفعهم سرح سهم قليلا وهو يحدق بالنار عندها قفز وهو يهمس بتسارع « لقد فهمت، فهمت ما يقصده القبطان انها النار انه يقصد النار»
«سهـم» قال عطوة بحدة، انتبه سهم وهدأ «ما بك؟»
« النار التي رسمها القبطان كانت تشير للتخييم»
تبادلوا نظرات الاستغراب قبل ان يتسائل العرندس
«لماذا لم يخبرنا بذلك؟»
« ربما لانه لم يكن متأكدا، ارادنا ان نكتشف بأنفسنا» اجاب عطوة
« هنا علامة النار ايضا» قال رامي وهو يشير لمكان ما قريب من فراشة زرقاء « وهنا ايضا وهنا، حسنا يبدو ان هناك ثلاثة مواقع امنه مع هذا الكهف امسوا أربعة»
« في هذه الحالة الفراشات النحاسية وعلامة النار اماكن امنه» ثم اردف «حسنا، هذا جيد ضع علامة الدائرة عند هذه المواقع» قال عطوة وهو ينظر للخريطة
«بماذا تفكر يا عطوة؟»
«انا اقدر فقط، اظننا سنحتاج لسبعة ايام حتى نصل قلب الغابة حيث السلاح، ولكن» تنهد واردف « اتساءل ماذا سنصادف حتى نصل؟»
«يمكنك اضافة ذلك المرتزقة» رد هزيم هز عطوة راسه ثم قال « هيا لنرتاح سنتحرك لفترة اطول غدا، ارجو ان لا نصادف بقية الوحوش» ونظر لسهم،
قطع القائد داغر وجنوده مسافة كبيرة قبل ان يختار مكانا منخفضا، نصبوا خيامهم متقاربة وحولها ثبتوا اعمدة مدببة كسور يحيط بخيامهم،
« هل تظن ان الخيام امنه يا سيدي؟» سأل احد الجنود النائب مضر
« لاتقلق المهم انهم لا يروننا او يسمعوا اصواتنا» ثم التفت وهو يهمس بتهديد « ان كان احدكم يشخر فسأقتله بنفسي» ثم اتجه نحو خيمة القائد،
كان داغر ينظر في تفاصيل الخريطة التي بدت اكثر تفاصيل من خريطة سهم وطبعا خلت من الفراشات كانه يحاول حفظها عن ظهر قلب
« سيدي، لقد انتهينا من وضع الفخاخ»
هز راسه بهدوء كأنه غير مبالي، ثم نظر لمضر وقال «اقترب، انظر هنا» نظر مضر حيث يشير لمكان ما على الخارطة « هنا يوجد جسر معلق فوق الوادي لن يتمكنوا من العبور الا عن طريق هذا الجسر او السير خلال الوادي»
« هل ننصب لهم فخا هناك يا سيدي؟»
« اجل» رد بثقة كبيرة،
« يامن، يامن، استيقظ، لقد حان دورك في الحراسة» «حسنا، حسنا» استيقظ وهو يتثاءب وارتدى قميصه « هل نمت جيدا؟»
«اجل»
« لا اظن انني ساتمكن من النوم» نظر يامن له
« بل ستفعل، عليك اعتياد الامر يا رامي» همهم رامي موافقا ذهب يامن ليقف بالحراسة مع عطوة ونام رامي في مكانه، كان يتقلب واحيانا يغمض عينيه لكنه يصحو مرعوبا وهو يتخيل شياطين الغابة تقف عند رأسه بعد محاولات عدة للنوم التفت ليجد سهم مستغرقا بالنوم، نظر اليه وقال في نفسه
«لقد كان سهم بالكاد بلغ الثالثة عشر من عمره وقد واجه اهوال الغابة لوحده،» شعر بالشفقة على نفسه « أليس من المخجل ان اخاف ولا انام و حولي كل هؤلاء الاصدقاء؟!» مسح دمعة صغيرة نزلت من عينه واغمض عينيه بقوة كأنه يجبر نفسه على النوم،
« هل انت نعس؟»
« كلا يا سيدي؟» همس لعطوة
« سمعت انك صياد؟»
«اجل سيدي، لقد علمنا والدي انا واخي ريكان الكثير من الامور»
«مثل ماذا؟»
« هناك الكثير من الامور تعلمناها بالصيد، لكن لن ادعي اننا نعرف كل شيء او نجيد كل شيء»
«لا احد يجيد كل شيء يا بني ولا يتوقع منكم احد ان تعرفوا كل شيء ايضا» ادار يامن راسه اتجاه الغابة يراقب « اخبرني ماذا تعلمت؟» سال عطوة
« تعلمت ان احترم ما حولي و اظهر التقدير لما بيدي»
« هذا رائع، وماذا تعلمت كصياد؟»
« عدا كيف اصطاد، تعلمت تقفي الاثر لكن لست بارع جدا»
«اجل اخبرتني لا بأس»
« وايضا كيف احتال على طرائدي لأصطيادها»
نظر اليه باستغراب «كيف هذا؟»
«حسنا، بعض الطرائد تحتاج صبرا لتقع في الشرك وبعضها حيلة،،،،،،» واستمرت الاحاديث في ظلمة الليل والغابة
كانت البعثة مستمرة بالسير اتجاه العلامة الثانية وهم يراقبون ما حولهم كانوا يعتمدون على موضع الشمس لتحديد اتجاههم ولكن كلما تعمقوا بالغابة اصبح الامر صعبا حتى بدت الغابة تغط في الظلام رغم ان الوقت كان منتصف النهار، توقفوا وهم يحاولون ان يحددوا اماكنهم، لكن سرعان ما اشار لهم سهم ان يتسلق الاشجار ليعرف موقعهم ، كان رامي يصارع الخوف بداخله لم يكن يرغب ان يشعر انه مجرد شخص اضافي في البعثة اراد ان يقدم فائده لذا اقترح ان يتسلق هو احدى الاشجار ويحدد موقع الشمس، وافق عطوة، وفعلا بدأ رامي بالتسلق حتى وصل لقمة الشجرة، حاول تمييز بعض ملامح الغابة الا انه لم يرى غير شيء واحد، حدد موقع الشمس ونزل نحو الرفقة بدأ يشير لهم ويحدد موضع الشمس ومكان شروقها وغروبها ثم اشار لهم ان على بعد مسافة منهم يبدو ان هناك وادي، اشار لهم عطوة ان عليهم ان يكونوا حذرين و سريعين وهادئين، وفعلا بدأت البعثة بالتحرك بسرعة اتجاه الوادي في عمق الغابة التي لفها ضباب غريب، ضباب دائم على طول السنة مهما اختلفت فصولها،،،،*
أنت تقرأ
اسرار الظلام
Fantasyقد ترمي بك الاقدار في مغامرة لم تعد لها العدة، فماذا ستفعل هل ستواجه ام تخضع،؟ دائما ما كان يطل من نافذة غرفته على الغابة المظلمة وهو يتخيل عالما سعيدا هناك، ولكن، تحول حلمه الجميل الى كابوس مرعب حين اخبره شاهين ان الجيش الملكي عثر على جثث الصيادين...