استلقى سهم ورامي على الفراش بين صناديق البضائع المكدسة وهم مرهقين من العمل، بينما جلست اجوان صامته لا تنطق بكلمة، انتبه لها سهم
«ما الامر يا اجوان؟، هل انت بخير؟»
هزت راسها بهدوء ثم سألت « سهم هل تعرف عائلة امي؟»
نظر لها للحظات وادرك انه لم يلتق ابدا بأحد من عائلة امه او سمع شيء عنهم، نهض ليجلس وقال
« الحقيقة يا أجوان لم يخبرني جدي اي شيء عنهم، ولم يخطر على بالي ان أسأل» فكر قليلا « الان وقد اثرت الموضوع، اجد انه من الغريب فعلا اننا لم نلتقي بعائلة امي او نسمع عنهم»
هزت رأسها نافية وهي تنظر له « لست انا من اثار الموضوع يا اخي» ورفعت مذكرات «بل السيد كنان»
فتحت مذكرات السيد كنان وكانت اوراقه وحبره جديدة تدل على ان السيد كنان قد كتبها في وقت قريب جدا،، بدأت اجوان تقرأ من المذكرات، استلق سهم وهو يستمع لاجوان
« انا كنان غازي الضابط المسؤول عن قرية نيموبا، لا اعرف من سيقرأ هذه المذكرات لكن ارجو ان تصل للأيدي الصحيحة،،،
بعد كل هذه الاحداث الغربية منذ سقوط سهم في الخليج الى يومنا هذا اليوم الذي رأيت فيه ذلك المرتزقة داغر يأخذ صديقي السيد شاهين متجها نحو الغابة حيث يعمل سهم،،، »
تذكر سهم ذلك اليوم، واغمض عينيه وهو يتخيل الكلام بصوت السيد كنان
« منذ قرابة العامين بعد ان تم انقاذ سهم من الغابة المظلمة، عاودتني بعض الذكريات عن مقابلتي لجماعة يسمون انفسهم (الاسياد)، في وقتها لم اتحدث عنهم كثيرا فقد كانت افكارهم بالنسبة لي مجنونة لا غير لكني الان بعد تفكير عميق تذكرت شيئين، في حينها لم انتبه لهما، لكن الان اتذكرهما بوضوح كاني رايتهما البارحة، الاول الرجل الذي اقتيد للاعدام ذلك الرجل المسن الذي اتهموه بالجنون و حبسوه في زنازين القصر، اتذكر وجود سيدة شابة وقفت جانبا و هي تبكي بحرقة عليه اتذكر اني رأيت وسم ( فراشة ملكية) على كفها مطابقة للتي على كف الرجل، بعد عدة سنوات رأيت ذلك الوسم مجددا، رايته بالصدفة خلف عنق (غدق) زوجة مروان، وقتها لم انتبه او اربط الاحداث ببعضها، لكن الان وبعد جمع المعلومات اعتقد ان ذلك الرجل هو جد غدق وتلك السيدة الشابة ابنته لهذا اظن بل اجزم ان سهم هو ابن حفيدته غدق »
توقفت اجوان عن الكلام وهي تراقب الصدمة على وجه كل من سهم و رامي،.
« سهم، لا اظنك تتذكر هذا الوسم على عنق والدتي؟»
« لا،، لا اتذكر،، لكن هل تعتقدين،،، هل تعتقدين ان امي من جماعة الاسياد؟»
« لا اعرف، فحسب ما سمعت ان وسم الاسياد هو كتاب مفتوح و موشور، وليس فراشة ملكية»
«ماذا يعني هذا؟ يا سهم، هل تظنون بوجود جماعة أخرى؟»
«انا حقا لا اعرف يا رامي» سكتوا للحظات ثم تسائل «هل انتهت المذكرات يا اجوان؟ هل هذا كل شيء؟»
«لا، هناك المزيد» هزت رأسها ثم فتحت المذكرات واكملت «رغم محاولاتي لمعرفة اي شيء عن جماعة الاسياد او حاملين وسم الفراشة الا انها باءت بالفشل، الشيء الوحيد الذي عرفته هو ان سهم هو المنشود الذي يبحثون عنه، رغم اني لا اعرف منشود لأي شي او ماذا سيفعل لكن كل ما اعرفه انه يجب ان لا يقع في ايدي حراس العهد الابدي، فهؤلاء المرتزقة لا يهمهم امر الملك او المملكة من يعرف ربما يريدون الحكم والسلطة لهم وما الملك سوى اداة لهم ،، ومن يدري بعد كل هذه السنوات قد يكون ذلك الاحمق قد التحق بهم واصبح منهم، لذا فمن الغباء ان نتوقع اي تصرف من الملك ضدهم،، على كل هذا ليس مهما او ربما مهم ان اعتبرتموه نصيحة
الامر الاخر الذي تذكرته هو تغير مروان بعد زواجه من غدق فقد اصبح كثير السفر للعاصمة رغم انه لا يملك عملا يجبره على الذهاب الى هناك، اتذكر تلك الليلة التي عاد فيها بصحبة احدهم بدا انه شخص مهم ولكن قبيل الفجر غادر ذلك الشخص القرية، وقتها ظننت ان سوءا اصاب شاهين وابنه ولكن ما ان اقتربت من المنارة حتى وجدت مروان والى جانبه غدق يراقبون ذلك الغريب كأنه شخص عزيز عليهما،،
لهذا حين وصلني خبر مقتل مروان منذ شهر واحد تقريبا وبسبب وسم وجد على صدره توصلت لنتيجة، ان مروان كان من جماعة الاسياد او تلك الجماعة التي تنتمي لها زوجته غدق،،»
كان الذهول مسيطرا على الاولاد وهم يسمعون تلك الكلمات،،
«سهم، هل تظن ان والدينا كانا من حماة الغابة المظلمة؟»
رفع كتفيه اشارة انه لا يعلم
« هل سر اهتمامك بالغابة المظلمة منذ الصغر كان بسبب صلة الدم ام لانهما كانا يرويان لك قصص عنها؟»
هز راسه مرة اخرى وهو يحدق امامه
« حسنا، لماذا اذا لم يخبرنا جدي شاهين بذلك؟»
صرخ سهم بوجهها غاضبا
« لا اعلم لا اعلم يا اجوان» نهض من مكانه صمتت أجوان وهي تراقبه بحذر « لا اعرف ما المهم في الغابة المظلمة ليفضلا الغابة على طفليهما، بعد هذا الكلام اصبحت اشك بكل شيء، لم اعد اصدق ان والدتي اصلا ماتت بعد ولادتك، من يدري ربنا قتلت حين علموا انها من الاسياد»
«لا اظن ذلك يا سهم لا اظن انهم فضلوا عليكما اي شيء،،ولكن،،،،»
«وما ادراك يا رامي ؟» قاطعه بغضب « الاسياد هم عدو الملك وربما الكثيرون غير السيد كنان راى ذلك الوسم ولهذا قتلت» وجه لكمه لاحد الصناديق مفرغا غضبه
سكت للحظات ثم قال بهدوء ممزوج بندم والم « طوال عمري كنت اكره اجوان لاني كنت اظنها سبب موت امي و اكره الجيش لاني الومهم على مقتل والدي» اعاد نظره لرامي وأجوان وهما لا يزالان جالسين في مكانهما وصاح بقوة «لكن الحقيقة هي ان والداي هما من القيا بنفسيهما للموت من اجل تلك الغابة الملعونة» اشاح بوجهه جانبا ولا زال الغضب مسيطرا عليه، نهضت اجوان ووقفت امامه وهي تضع كفها على كتفه « لست غاضبة لانك كنت تكرهني ولكن سأغضب ان لم تتمالك نفسك»
نظر اليها، وابتسمت بوجهه « ما حدث قد حدث يا سهم دعنا نفكر با هو قادم» صرخ بوجهها وهو يبعد يدها عن كتفه
« نفكر بماذا يا أجوان نفكر بماذا؟ لقد اخطأنا بمجيئناالى هنا منذ البداية،» ابتعد عنها خطوات وهو يتمتم « لو كنت اعرف ما كتب بهذه المذكرات لذهبت بنفسي لذلك الكلب وساعدته على ان يحصل على سلاحه»
جلس متكئا على احد الصناديق « ربما لازال جدي حيا الان» امسك رأسه بيده واغمض عينيه يخفي حزنه، لكن أجوان بادرته
« لازلت احمق يا اخي» نظر اليها « هل تعتقد ان جدي لم يكن يعرف؟ انا لا اظن ذلك فجدي رجل ذكي ربما لم يساعد ابوينا على اتمام مهمتهما، لكنه حتما كان يعرف »
«اي مهمة؟»
««لا اعرف ولكني متأكدة ان جدي كان يعرف»
«ولم يفعل ذلك؟» صاح مستنكرا
نظرت للارض قليلا وهي تفكر ثم نظرت للمذكرة
«ربما كان يعرف حجم الخطر الذي قد يسببه السلاح ان وقع بأيدي داغر والحراس»
سكتوا للحظات وهم يفكرون بما قالته، تقدمت خطوات وحملت المذكرة بيدها وتصفحته ثم قالت
« الفراشة الملكية» سكتت قليلا « اتذكر اني قرأت عنها شيء، قرأت انها تولد في مكان دافئ حيث لا رطوبة ولا برودة وبعدها تهاجر لموطنها الاصلي لكن رحلتها تلك تستغرق منها ثلاثة اجيال » رفعت نظرها لسهم « اظن اننا الجيل الثالث، ونحن من سيكمل تلك الرحلة»
« انت مجنونة بلا شك يا اجوان، نكمل رحلة من؟ واي رحلة تلك؟»
«رحلة والدينا يا سهم» تكلمت بحدة وغضب مكبوت « هل ستنكر الان اهتمامك بتلك الغابة منذ الصغر؟»
«كلا» صاح بها « ولكن الم تقولي قبل قليل ان اهتمامي بها ربما كان بسبب تلقينهم أياي القصص عن تلك الغابة الملعونة؟ ربما هذا هو سبب تعلقي بها»
« و ربما هذا ما ارادوه منك، ارادوك ان تتعلق بها لإتمام تلك الرحلة» صرخت عليه
« اتمام الرحلة!» رد بهدوء ساخر، ليعود الغضب لنبرته وهو يقول « تريدين التعرض للخطر بسبب افكار اشخاص لا نعرفهم؟»
« اشخاص لا نعرفهم!؟ هل انت مجنون؟ انهم ابوينا يا سهم»
« اجل لا نعرفهم، ماذا تعرفين عنهم؟ لاشيء لا شيء» ابتعد عنها وهو يدير وجهه عنها « لقد تركونا كالعميان نسمع عنهم من اشخاص غرباء،، لا،، لم يكونوا غرباء فقد عشنا معهم ونعرفهم ولكن» نظر لها بعصبية «من تسميهم ابوينا كانوا هم الغرباء حقا كانوا هم المجهولين بالنسبة لنا تماما»
« لكنهم ابوينا، علينا ان نثق بهم كما وضعوا ثقتهم بنا»
ضحك ساخرا وهو يقول « وثقوا بنا؟! وكيف عرفت يا اجوان؟ هل اخبروك هم بذلك ام ان هذا مذكور بالمذكرات ايضا؟ لن استغرب ان اخبرني شخص عشوائي غريب اي شيء عن والداي» واستمر بالضحك ساخرا ردت عليه بقوة
« بلى وثقوا بنا، هل تريد ان تعرف كيف عرفت؟ لانهما ميتين الان ونحن لا زلنا هنا، احياء» سكت وهو ينظر لها
«اجل يا سهم فوالدينا قد ماتا ولم يعرف احد عن وجودنا،، ولولا وشاية فريد لما وصلوا اليك، هل تذكر القائد داغر كيف كان متفاجئا حين عرف انك ابن مروان، لقد اخفى والدينا هويتنا وحقيقة وجودنا لانهما وثقا باننا نحن من سيكمل مهمتهما»
سكت سهم وهو يفكر بالامر وبان الحزن عليه، اقتربت منه « انت غاضب، لا بأس، أفهمك، ولكن كل من حولك اراد حمايتك لانهم ادركوا حجم الخطر وقد دفعوا ثمن ذلك حياتهم» رفعت المذكرة امامه «الكثيرين قد راهنوا على نجاحك يا سهم وانت ربما كنت فرصتهم الوحيدة، فهل ستخذلهم؟؟!»
اطرق براسه وهو لا يعرف بماذا يجيب، امسكت يده
« لا بأس يا اخي، لدينا يومين بعد حتى نصل العاصمة انا متأكدة انك ستهدأ، وتتخذ القرار الصائب، من اجل جدي والسيد كنان واهل القرية ومن اجل ابوينا» نظر لها ثم ضمها بقوة
«انا خائف يا اجوان، لا اريد ان تتعرضي للخطر بسبب كل هذا، انت كل من تبقى لي»
عانقته وهي ترد مبتسمة « الحقيقة اني اخشى عليك فانت احمق» ضحكا بهدوء «لا تقلق ساكون بخير»
في العاصمة لم يكن الاولاد الثلاثة يعرفون شيء، اعتمدوا فقط على الخريطة التي رسمها السيد كنان حسبما يتذكر قبل اكثر من اربعين عاما، كان هناك الكثير من التغييرات خلال تلك السنوات لكنهم استمروا بالسؤال، حتى قاربت الشمس على المغيب، وخلال بحثهم اصطدم رامي برجل اعتذر له على الفور، لكن الرجل تحرك بسرعة وكأنه كان على موعد مهم لا يريد التأخر عنه، حدق به رامي ثم امسك بيدي سهم و اجوان وانطلق خلفه بسرعة وهو يجرهما
«ماذا يا رامي؟ ما بك؟»
«ذلك الرجل على معصمه وسم غريب» همس لهما
«اي وسم؟ الفراشه ام الاسياد؟» همس سهم وهم يسرعون الخطى خلف ذلك الرجل،
« هاا، لا اعرف لكنه وسم غريب»
وقف سهم و هو ينظر لرامي بغضب « هل انت غبي؟ هل ستجعلنا نطارد كل من يحمل وسم؟»
« لقد تصرف ذلك الرجل بغرابة، انظر هؤلاء الناس يتجنبون ان يحتكوا بنا بسبب مظهرنا ولكن هذا الرجل اصطدمت به لكنه لم ينظر الي حتى»
ضحك سهم « ربما كان مخمورا»
«لم يكن مخمورا يا سهم، وقد بدا عليه انه شخص مهم»
كانت اجوان تنظر للخريطة والى الطريق الذي اشار اليه رامي « سهم اظن ان رامي محق، انظر حسب هذه الخريطة الطريق من هنا»
«دعنا نتبعه يا سهم لن نخسر شيء»
انطلق الثلاثة مسرعين خلف الرجل الغامض حتى وقفوا في زقاق خلا من المارة، اخذوا يجولون بانظارهم بحثا عن الرجل او اي علامة، وكان رامي يفكر بتركيز
«سهم لقد كان الوسم محترقا» اقترب سهم منه
«ماذا تعني؟»
« اظنه كان وسم الاسياد لكنه احرق الوسم ليخفيه»
نظر اليه « انا متأكد مما رايته يا صديقي»
«ان كان كلامك صحيحا» والتفت يبحث في الارجاء «اذا علينا ايجاد ذلك الرجل، أجوان ابحثي جيدا في المذكرة عن اي علامة او ملاحظة تدل على ذلك البيت،ونحن سنبحث في الانحاء لكن دعونا لا نبتعد عن بعضنا» وافقوا على كلام سهم واخذوا يبحثون عن اي شيء، حتى اوشك الظلام ان يلف المكان دون جدوى، حتى صاح رامي عليهما، انطلق الاثنان نحو رامي الذي كان مبتسما ولما وصلا اليه اشار لهما نحو اصيص زرعت فيه عشبة ( الدرع الملكي) استغرب الاخوين وهما ينظران لرامي
«انظرا هذه عشبة الدرع »
« ما دخل تلك العشبة الغبية بما نبحث عنه يا رامي» رد سهم غاضبا، لكن اجوان علقت بسرعة
«انتظر يا سهم، لقد قرات عنها في كتاب الطبيب سنان انها عشبة نادرة ولها خواص طبية »
« ما دخل هذه العشبة بما نبحث عنه؟» تسائل بغضب،
«الجواب يا عزيزي سهم انها كما قالت اجوان لها فوائد طبيه، فأن كنت مطارد فستعالج نفسك بنفسك لتجنب الذهاب للطبيب» وابتسم ثم توجه للباب وطرقه، كان التوتر واضحا على سهم وأجوان
« انتظر قد تكون استعجلت بالاستنتاج»
نظر اليهما «لقد تذكرت»ثم طرق الباب ثلاث مرات ثم مرتين ثم ثلاثة ليفتح الباب الرجل الغامض،،،،،*
أنت تقرأ
اسرار الظلام
Fantasyقد ترمي بك الاقدار في مغامرة لم تعد لها العدة، فماذا ستفعل هل ستواجه ام تخضع،؟ دائما ما كان يطل من نافذة غرفته على الغابة المظلمة وهو يتخيل عالما سعيدا هناك، ولكن، تحول حلمه الجميل الى كابوس مرعب حين اخبره شاهين ان الجيش الملكي عثر على جثث الصيادين...