الماضي 1

230 18 152
                                    

...

ظلام، وحدة.
في ذلك المشفى الكئيب، سكينة تقشعر لها الأبدان.
لا يوجد صوت سوى صرخات الأشباح المحبوسة هناك التي تطلب الرحمة، و لا أحد يسمعها.

في غرفة بعيدة عن باقي الغرف، غرفة صغيرة جدا بالقرب من مصلحة حفظ الجثث.

غرفة في غاية الظلمة لا تصلها ذرة من أشعة الشمس، كان يقبع جسد فتاة صغيرة غطته الضمادات بالكامل، لا يظهر شيء منها إلا نصف وجهها، كانت شاحبة و لا يبدو على أن جسدها فيه روح، لكنه كان كذلك، لقد كانت ما تزال على قيد الحياة.

و بمعجزة ما إستيقظت في ذلك اليوم، لكنها لم تتحرك البتة، بقيت ساكنة في ذلك السرير تتأمل سقف الغرفة الأبيض.
" من... أنا؟ "
أول كلمات نطقت بها، مرت ساعتين تقريبا منذ استيقاظها.
هي لا تذكر شيئا، و لا تستطيع التذكر.

بدأ عقلها باستيعاب حالها أخيرا، شعرت بالألم، الكثير من الألم. نظرت حولها لتجد نفسها في ظلام حالك، لا شيء ينير تلك الغرفة سوى ضوء خفيف صادر من أجهزة التنفس، كانت العديد من الأسلاك متصلة بجسدها، دماء، مغذيات، أسلاك كهربائية... لربما حتى الطبيب نفسه قد لا يستطيع استيعاب ما كل ذلك من النظرة الأولى.
هل كانت محبوسة؟ هل هي في خطر؟ هل هذا هو أين تعيش؟، هي لم تعرف الإجابة أبدا، لكنها عرفت أنه يجب عليها أن تخرج من هناك و تعرب بأي طريقة.
حاولت النهوض لكن قدميها الباردتين لم تساعداها كثيرا، كانت تترنح و بصعوبة إستطاعت المشي، فهي بالكاد تشعر بهما.

نزعت قناع التنفس و تلك الأسلاك عن جسدها واحدا تلو الآخر، مما تسبب بنشوء عدة جراح جديدة بالإضافة إلى شعور طفيف بالإختناق، لكن لا بأس بذلك ما دامت لا تزال على قيد الحياة.

تمسكت بالجدار و فتحت باب الغرفة ببطئ، من الغريب أنه لم يكن مقفلا كما توقعته أن يكون.
نظرت عبر شق الباب الصغير، رأت الضوء لأول مرة.
رواق فارغ، لا شيء فيه على قيد الحياة.
عرفت أنه عليها أن تهرب دون ترك أثر، رفعت بصرها لتجد كاميرات المراقبة في الرواق، ما الذي عليها فعلها؟
عادت إلى داخل الغرفة و أخذت فراشا أبيض اللون و غطت به نفسها، و خرجت من الغرفة متسللة.
حاولت التركيز بتمعن على مناطق مجال رؤية الكاميرا و كم تستغرق من الوقت لتغيير زاويتها، تفادتها بحذر و بخطوات سريعة و خفيفة، مع كل خطوة يزداد شعورها بالتوتر، لكنها جمعت شتات نفسها قدر المستطاع و أنهت المشي في الرواق.

الآن هي تحاول الخروج، لا تعرف شيئا عن هذا المكان، لذا تحاول جمع كل ما تستطيع جمعه و ما يفيدها لاحقا.
وجدت غرفة لا يوجد بداخلها أحد، غرفة واسعة مهجورة، فتحت الباب ببطئ و دخلت إلى هناك.

هل تذكرني، إيدوغاوا-كن؟حيث تعيش القصص. اكتشف الآن