الفصل السادس والعشرون

11 3 0
                                    

ماذا ليفاي مجدّداً!... تتركين دروسك لتنظري لهذا! "
عقدت اليس حاجبيها بغضب وقالت: "هذا ايرين يا غبية ليس ليفاي، وما كنت أشاهده هو ترايلر هجوم العمالقة الموسم الأخير!"
رفعت أنجيلا حاجبيها بحيرة: "هل نزل الترايلر؟ هاتي أريد أن أرى!"
لطمت كريستن وجهها بهدوء: "صبرا ياربي مستقبلهما على المحك وهما يتجادلان على رسوم متحركة! "
شهقت كلا من أنجيلا واليس بغضب نحو كريستن وقالتا بصوت واحد: "اسمه أنمي يا غبية وليس رسوما متحركة!!"
وبينما هم وقوف دخلت والدة اليس تحمل بين يديها صينية بها الشاي الساخن والكعك فوجدتهن واقفات ويحدقن بها... وضعت الصينية على الطاولة وقالت
: "هيا الى أماكنكنّ لقد حضرت الشاي والكعك  أريدكنّ أن تكملوها...
ابتسمت أنجيلا وقالت:" هذا لطف منكِ شكرا خالتي"
حرّكت كريستن لسانها حول فمها بتلذذ: "سلمت يداك خالتي اكمال الصينية بما فيها من اختصاصي"
ضحكت نور والدة اليس حتى أُغمضت عينيها رموشها الكثيفة...
وضعت اليس كلتا يديها على خصرها وقالت بتفاخر: "تحضّر أمي ألذّ الكعك على الاطلاق!"
أجبرت أنجيلا ملامح وجهها بالابتسام وقالت: "أمي أيضا كانت كذلك... بل أتذكر عندما صنعت لنا كعك التفاح وانبهر بها أبي جدا، ولشدّة اعجابه بذوقها طرح عليها فكرة أن تفتح محلّ حلويات ويسيّرونه معا!... وبمأن والدتي لاتحبّ المغامرة فرفضت الفكرة خوفاً على وظيفة والدي فيما لو فشل المشروع فقد كان طبيبا جرّاحاً... "
كان الجميع يستمع لها بصمت، أحسّت نور بالحزن لما روته أنجيلا الآن... انّها لا تزال تحفظ تفاصيل حياتها مع والديها مع أنّها لم تعش معهم مدّة طويلة، فقد توفّوا وهي في سنّ الخامسة... لقد ايقنت حقاً أن الذكريات القديمة لا تمرّ بسلام بل تأخذ من صاحبها الكثير...
قطع صوت حديثهن صوت جوهري عذب يحرّك الوجدان ينبعث من الأعلى شاقاً طريقه عبر النوافذ المفتوحة لايقاظ النّائم وتنبيه الحيّ... وهل يوجد صوت أجمل من ذكر اللّه!... انّه الآذان...
”الله أكبر الله الله أكبر... أشهد أن لا إله إلاّ الله أشهد أن محمدا رسول الله... حيّ على الصلاة... حي على الفلاح... الله أكبر الله أكبر... لا إله إلاّ الله..."
ابتسمت نور وقالت: "انّه آذان المغرب، هيا لنصلي جميعا ثم أكملن المراجعة... أما أنا فسأطهو العشاء..!"  ثم وضعت يديها على خصرها ورفعت عينيها للأعلى تفكر: "سأحضر لكُنّ شيئا لذيذا"
أنجيلا بخجل: "لا عليكِ خالتي سأطبخ أنا اليوم..."
جمعت نور يديها عند صدرها وقالت: " سأتولى الطّبخ والتنظيف أسبوع الامتحانات هذا وعندما تكملن أروني صنع أيديكن... كرِّسوا وقتكن للدّراسة والمراجعة فقط...! "
في مكان آخر وبالضبط في شركة صناعة السيّارات، كان جاكلين يعمل بجد وسط كومة من الأوراق المهمّة لصفقة الغد...
وبينما هو يقوم بجدول الحسابات وسط تركيز عميق رنَّ هاتفه بصوتٍ عالٍ شتّت انتباهه جزئيا... أمسك بالهاتف وردّ باقتضاب
: "اليكس اهذا أنت!!!... هل تعلم مالذي فعلته للتَّو؟"
ضحك اليكس وردّ بلا مبالاة: "لا أعلم ولا أريد أن أعلم"
ضغط جاكلين على أسنانه بغضب كيف له أن يكون بهذه البرودة: "بل ستعلم.. لقد شتّتت انتباهي وتركيزي بينما أعمل"
قال اليكس: "لقد نسيت، ان اردت اغضاب السيد جاكلين ماذا تفعل؟.. التدخّل بخصوصياته؟ لا.. أن تكون وقحا معه؟ لا.. أن تكلّمه بينما هو يعمل؟ نعم!!"
طريقة سرده هذه جعلت جاكلين يبتسم رغما عنه.. أراد أم يتكلّم لكن صديقه قاطعه مرّة أُخرى!..
: "انتظر لحضة! هل تعمل لهذا الوقت! بربّك يا رجل انّها الثامنة والنّصف!"
تفاجأ جاكلين لما قاله صديقه ثم نظر لساعة يده ليجدها كذلك، ثم رفع شباك المكان ليجد الظّلام قد حلّ بالفعل!.. وقال بصوت مسموع
: "لماذا لم يخبرني أحد من الموظفين عند الانتهاء!"
سمعه اليكس وقال: "ماذا! يخبرونك؟ أتريد أن تأكلهم أحياء! بصراحة أنا أؤيدهم"
زفر جاكلين بتعب: "هيا لنتكلّم لاحقا أيّها المزعج"
شهق اليكس بمزاح: "مزعج! هذا جزائي بعدما أيقضتك من غيبوبتك!" ثم تابع بحزن متصنع: "نعم ولكن من سيرى! هيا وداعا لقد جرحتني"
ضحك جاكلين وقال: "حسنا أيّها الممثل أراك لاحقا.." ووضع هاتفه في جيبه
أراد جمع أغراضه ثم ضرب جبينه بخفة متذكرا أن يلينا السكريتيرة الخاصّة به لاتزال تعمل أيضا مادام هو هنا...
خرج بسرعة من مكتبه متوجّها نحوها وعند وصوله طرق الباب ودخل بعد مدّة بعدما لم يجد جواباً...ليجدها نائمة على المكتب في منظر يوحي بالتعب البادي على ملامحها... لام نفسه داخليا لربطها معه كل هذا الوقت...
تنحنح ثم ناداها عدّة مرّات حتى استيقظت مفزوعة، استغرب لردّة فعلها ثم طمئنها
: "لا تخافي هذا أنا.. جاكلين"
زفرت بارتياح وقالت تلقائيا دون أن تعي: "ضننتُكَ زوج أمّي.."
قوّس حاجبيه للأعلى باستغراب لما قالته: "لم أفهم!"
انتبهت لتوّها لما قالته وعضّت شفتيها بتوتّر وخوف وكأنّها ستبكي، لم يفهم جاكلين حالتها هذه وغيّر الموضوع بسرعة
: "أردت أن أخبركِ أنّني آسف لربطكِ معي كل هذا الوقت... في المرّة القادمة عند تمام السّاعة الخامسة عند انتهاء الوقت الرّسمي للعمل غادري دون استئذاني اتفقنا!"
ابتسمت يلينا وقالت: "لاعليك فأنا أفضل البقاء في العمل على العودة للمنزل.." ثم استطردت: "أقصد أحب العمل.."
فهم جاكلين من كلامها أن لديها مشكلة تفاقمت مع مرور الوقت... لم يشأ أن يزعجها وسمح لها بالمغادرة في صمت...
قبل أن تغادر حدّقت بوجهه لثوانٍ حتى أحرج ووجه نظره لساعته... ثم قالت بصوت باكٍ
: "رغم مافعلته لك وماتسببت من مشاكل الّا أنّك مازِلت تعاملني باحترام!"
حكّ مؤخرة رأسه وقال باقتضاب: "رجاءًا يلينا هذا مكان عمل، المواضيع الجانبية لا أريدها"
مسحت دموعها بسرعة وقالت: "أعلم وأردت أن أقول أنني آسفة على مافعلته لكُما أنت والآنسة أنجيلا أتمنّى أن تقبل اعتذاري.."
نظر جاكلين في عينيها الباكيتين وقد التمس الصّدق في كلامها: "لقد نسيت الأمر واعتذاركِ مقبول.."
ابتسمت بفرح وسط دموعها: "شكرًا لك.. أوصل اعتذاري لأنجيلا أيضًا!"
وعندما ذكرت يلينا اسم محبوبته ابتسم تلقائيا وكبُر بؤبؤ عينيه الخضراواتين وقال وهو لا يزال يبتسم: "حسنا كما تطلبين!"

ما بعد الهدوء حيث تعيش القصص. اكتشف الآن